الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

جامعة بيرزيت تنظم مؤتمراً حول "نساء فلسطين فكراً وممارسة"

نشر بتاريخ: 29/04/2009 ( آخر تحديث: 29/04/2009 الساعة: 20:25 )
بيرزيت-معا- افتتح نائب رئيس جامعة بيرزيت للشؤون المجتمعية، د. غسان الخطيب يوم الأربعاء ، المؤتمر النسوي الأول حول "نساء فلسطين: فكراً وممارسة"، والذي ينظمه معهد دراسات المرأة، بالتعاون مع عدد من المراكز والمؤسسات نسوية التي تعنى بالبحث الإجتماعي والنشر، والذي ركز على تقديم وتحليل جملة من الدراسات والأبحاث الصادرة عن مؤسسات فلسطينية في الوطن حول قضايا المرأة الفلسطينية، بهدف التعريف بهذه الدراسات والأبحاث لتكون جزءاً من خطاب الحركة النسوية الفلسطينية، وموجهاً لراسمي السياسات في مواقعهم، ساعياً إلى ربط الفكر بالممارسة على صعيد الرؤى والسياسات المتعلقة بالنساء.

وأوضح د. الخطيب أن هذا المؤتمر يعبر عن روح العمل المجتمعي الذي تتميز به جامعة بيرزيت، والذي يشكل واحداً من الأعمدة الثلاثة لرسالتها، فهو يهدف إلى العمل على ربط الفكر بالممارسة على صعيد الرؤى والسياسات المتعلقة بالخطاب النسوي الفلسطيني، وطرح قضايا النساء الفلسطينيات على المستوى الاكاديمي والممارسة الميدانية في نفس الوقت، بحيث يساهم في جسر الفجوة القائمة بين العمل الاكاديمي والفكري من ناحية، والنشاط الميداني من ناحية أخرى.

وأشار الى ان هذا المؤتمر هو بداية لسلسلة من المؤتمرات التي تسعى إلى طرح القضايا المتعلقة بالنساء والتنمية في المجتمع الفلسطيني، والتي تقوم على نفس المبدأ من ربط النشاط الميداني بالفكر والعمل الأكاديمي، والحد من النخبوية التي تترتب على العمل البحثي المنفصل عن الواقع المجتمعي، مشيداً بدور معهد دراسات المرأة الذي يعمل على طرح قضايا النساء الفلسطينيات ضمن رؤية نقدية لجميع أشكال القمع وعلاقات القوة المختلفة التي تؤدي إلى قمع النساء، وتشكل معوقات أساسية للنهوض بالمجتمع الفلسطيني ككل، حيث يقوم المعهد على طرح نقدي ومنهج يربط بين أشكال القهر التي تعيشها النساء الفلسطينات في مجتمعهن وبين القهر الناتج عن الإحتلال الإسرائيلي وعن نظام عالمي يقوم على الهيمنة.

من جانبها أكدت مديرة معهد دراسات المرأة د. إصلاح جاد على أهمية المؤتمر لتبادل المعرفة وما تنتجه الدراسات والأبحاث عن حال وأوضاع النساء الفلسطينات في اماكن تواجدهن المختلفة، ونقاش أهم الاطر والمداخل النظرية التي إحتوتها تلك الدراسات والأبحاث، والعمل على إنتاج خطاب نسوي وتنموي وسياسي أصيل مبني على معرفة رصينة وجهد علمي خلاق.

وأشارت الى ان هذا المؤتمر يأتي كدليل على التزام الجامعة ومعهد دراسات المرأة بتأسيس وإدامة علاقة خلاقة بين مجتمع الجامعة وطاقاتها والمجتمع الفلسطيني بشكل عام، حيث تناقش وتوظف أبحاث أكاديمي الجامعة بطابعها المستقل والمحايد من قبل المجتمع الفلسطيني والسلطة الفلسطينية على حد سواء، فتراث وحاضر الجامعة يقوم على الإستقلالية والإلتزام والتفاعل المستمر مع المجتمع المحلي والسعي الحثيث للتعاون الدولي.

وتم خلال الجلسة الاولى التي ترأستها وكيلة وزارة شؤون المرأة سلوى هديب وعقبت عليها د. ريتا جقمان، استعراض أهم المؤشرات الإحصائية عن علاقات النوع الإجتماعي، حيث عرض أشرف حمدان من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أهم نتائج تقرير المرأة والرجل لعام 2008 الذي أعد من قبل معهد دراسات المرأة، والذي هدف إلى تعزيز الوعي لدى صانعي السياسات والمخططين والمنظمات غير الحكومية ومراكز الأبحاث حول أهمية استخدام إحصاءات المرأة والرجل في عمليات صنع السياسات وإعداد الخطط والبرامج وتعزيز ومراقبة التغيرات في هذا المجال.

وقدمت لينة معاري من معهد دراسات المرأة مشروع بحثي متعدد الجوانب بعنوان "العيش تحت الاحتلال" نشر في كتاب عام 2006، من تحرير د. ليزا تراكي، و يضم الكتاب خمس دراسات تتعلق بديناميات وأنماط إعادة الإنتاج الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة استراتيجيات الأسر المعيشية والعائلات بهدف البقاء والحراك الاجتماعي.

ويتناول المشروع البحثي الطرق التي يقوم من خلالها كل من الأفراد والأسر المعيشية والعائلات بمفاوضة حياتهم وبناء الإستراتيجيات للوصول إلى أهدافهم، وتثير الدراسات أسئلة نقدية حول الحداثة والتقليد وحول الهجرة وإسقاطاتها الاجتماعية والثقافية، كما تتطرق الدراسات إلى معنى المكان بالنسبة لخيارات، وأنماط، ومشاريع الحياة وبالنسبة لبناء الهويات والذاتية، مع الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي، كالاستعمار وممارساته، والاتفاقيات السياسية، وعولمة البضائع والرموز كخلفية مؤثرة على أنماط الحياة اليومية.

فيما استعرض فتحي السروجي من معهد أبحاث السياسات الإقتصادية الفلسطينية "ماس" نتائج دراسة أعدت حول مشاركة المرأة في سوق العمل أوضح خلالها نسبة تباين المشاركة الفعلية في القوى العاملة لعام 2008، حيث تشير الإحصاءات الى ان معدل مشاركة الذكور في القوى العاملة وصلت إلى 66.8% مقارنة مع معدل مشاركة الإناث البالغة 15.2%، وتدني مشاركة المرأة في القوى العاملة في قطاع غزة فقد بلغت نسبة الإناث من مجموع القوى العاملة 11.7%، الامر الذي يعكس إنخفاض مشاركة النساء في فلسطين عن غيرها من الدول المتقدمة والدول متوسطة التقدم، ودول الجوار، والدول العربية.

وعزا السروجي أسباب تدني مشاركة المراة إلى عدم مقدرة سوق العمل على استيعاب العرض من القوى العاملة النسوية، وتدني الاجور وانخراط النساء في العمالة المهمشة، بالإضافة إلى مجموعة من العوامل الإجتماعية والثقافية.

وقدم أمين عاصي من وزارة شؤون المرأة عرضاً لنتائج دراسة حول "المرأة في مستويات الإدارة العليا في القطاع الحكومي 2005"، التي هدفت إلى قياس حجم مشاركة النساء في مؤسسات القطاع العام في فلسطين وتصنيفاتهن داخل الفئات والدرجات الوظيفية المختلفة، بالإضافة إلى دراسة النصوص القانونية ذات العلاقة بالتوظيف وشروط ومعايير التقييم والترقيات والإستفادة من الإمتيازات والحوافز وتطبيقاتها العملية.

وأشارت الدراسة الى ان نسبة مشاركة النساء في الخدمة المدنية تبلغ في الضفة الغربية 43% وفي قطاع غزة 29%، كما بلغت النسبة العامة لعدد النساء العاملات في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية 37% من مجموع الموظفين، كما أشارت الدراسة إلى أنه كلما ارتفع المسمى الوظيفي تقل نسبة النساء فيه.

وناقشت الجلسة الثانية من المؤتمر والتي ترأستها د. زهيرة كمال وعقب عليها أ.جميل هلال، الدراسات والابحاث التي تسعى لرسم السياسات وفهم الاطر الفكرية والنظرية التي أثرت على رؤية ماهية السياسات الانسب او الأحدث "الاكثر عصرية" التي يجب تبنيها. حيث قدم صالح الكفري من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ورقة حول منظور المساواة بين الجنسين وحقوق العمال، أوضح خلالها قضية العمل اللانظامي في الضفة الغربية وقطاع غزة، مبيناً الأسلوب الأنجع لفهم هذا العمل وأبعاده في هذا السياق، مسلطاً الضوء على المجتمع غير المحمي من منظور المساواة بين الجنسين والذي يشمل العاطلين عن العمل والمنشغلين بأعباء الرعاية "إقتصاد الرعاية"، والذي يعزز من دور المرأة في المجتمع.

في حين قدمت مديرة مركز الدراسات النسوية ساما عويضة عرضاً حول الاوضاع الإجتماعية والإقتصادية للنساء المقدسيات، اشارت خلالها إلى الواقع الصعب الذي تعيشه المرأة المقدسية حيث تلتقي العوامل الإجتماعية والثقافية والمجتمعية مع الواقع الذي خلقه الإحتلال الإسرائيلي لتكرس تهميش المرأة ومراكمة أعباء وضغوط ضخمة في غياب فرص داعمة ومساندة لها، كما اوضحت الدراسة الكثير من الامثلة التي تدل على سيطرة الذكور وعدم المساواة بين الجنسين في الوصول للموارد المجتمعية والتحكم فيها كالحصول على فرص للعمل والتعليم والتدريب.

وعرضت مديرة مركز تطوير الإعلام نبال ثوابته نتائج دراسة حول "إعلاميات فلسطينيات: تجربة وإبداع"، التي أشتملت على عينة قصدية تألفت من 12 إعلامية من الضفة الغربية وقطاع غزة، في مجال الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة بمستويات الإعلام المحلي والعربي والدولي، وتأثرهن بمجموعة من العوامل كالمجتمع، الدين، العلاقة مع رؤوساء التحرير، الإنتهاكات والرقابة، الحياة الإجتماعية للصحافية.

وأشارت ثوابته إلى دور مركز تطوير الإعلام الذي يعمل على تنظيم الدورات التدريبية ذات العلاقة بالجندر والنوع الإجتماعي، وذلك بالتعاون مع المؤسسات النسوية والإجتماعية ذات العلاقة.

وأوضح د. نصر عبد الكريم في ورقته حول الموازنة العامة الفلسطينية ما بين 1994-2005 من حيث توازنها إزاء النوع الإجتماعي والتنمية، ان البيئة العامة السائدة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية قد لا تكون بيئة تنموية أو مواتية لجندرة الموازنة التي تحتاج إلى إرادة سياسية عليا نحو الإصلاح والتغير، كما ان الموازنة الفلسطينية وعبر تطورها الزمني هي موازنة "محايدة" تماماً بإتجاه النوع الإجتماعي وسياسات التنمية بحد ذاتها، مؤكداً على ضرورة المباشرة فوراً وبمبادرة من وزارة شؤون المرأة بإستصدار مرسوم رئاسي او قرار من مجلس الوزراء بتشكيل " لجنة توجيهية عليا، أو مجلس وطني لجندرة الموازنة"، تكون مهمتها الإشراف على عملية التحول في نمط إعداد الموازنات ووضع الخطط والسياسات اللازمة لذلك وتنسيق الجهود على ذلك الصعيد.

وفي الجلسة الثالثة التي ترأستها ريما ترزي وتناولت الحركات النسوية الفلسطينية، قدمت الاخصائية النفسية والإجتماعية من مركز غزة للصحة النفسية ابتسام دلول عرضاً للأثار النفسية والاجتماعية للحرب الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة من خلال دراسة أجريت على عينة تألفت من 121 شخصاً من الوالدين تراوحت أعمارهم ما بين 17-58 عاماً، وعينة من 141 طفل بلغت نسبة الذكور فيها 52.3% فيما بلغت نسبة الإناث 47.7%، مشيرةً أن الأطفال تعرضوا لحالة من الاكتئاب والقلق وعدم الراحة أو الشعور بالأمن والأمان، بالإضافة إلى مشكلات وإعاقات جسدية.

من جانبها أوضحت الباحثة د.فيحاء عبد الهادي المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية في الثلاثينات والأربعينات، مشيرةً ان المرأة الفلسطينية ساهمت في العمل السياسي سواء في المدينة (العمل السياسي) أو الريف (العمل العسكري) . قائلة: "شاركت المرأة الفلسطينية في ثورة 1936 مشاركة واسعة وفاعلة، حيث جمع هذا الدور المرأة المدينية والريفية، فقد عملت المرأة على نقل اخبار عن تحركات الجيش، ونقل السلاح والطعام للثوار، كما حاولت المرأة المدينية أن تنظم عملها من خلال الجمعيات والإتحادات النسائية، مما أتاح لها المشاركة في المؤتمرات العربية والعالمية، وجعل لها حضوراً سياسياً واجتماعياً مؤثراً."

فيما استعرضت نداء أبو عواد من معهد دراسات المرأة في جامعة بيرزيت ورقة حول "الحركة النسائية الفلسطينية: بعض القضايا المنهجية والاستنتاجات الأولية"، حيث سعى البحث إلى تحليل وضع وواقع الحركة النسائية الفلسطينية منذ مفاوضات أوسلو وما تلاها في محاولة لفهم التغيرات التي طرأت على الحركة النسائية الفلسطينية خاصة مع غياب الدور المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، وتنوع المرجعيات الممثلة للنساء الفلسطينيات مع نشوء السلطة الفلسطينية ومؤسساتها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وانعكاس ذلك بشكل خاص على الحركة النسوية خارج الأراضي الفلسطينية.

كما ناقشت تشكيل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وعلاقة الحركة النسوية بالحركة الوطنية والنضال من أجل تحرير الوطن.

واستعرضت د. إصلاح جاد دور الحركات النسوية بعد اوسلو، من حيث التقاطعات والتأثيرات المتبادلة بين الكولونيالية والوطنية والإسلامية والنسوية في فلسطين المعاصرة، مسلطة الضوء على وضع الحركات النسائية في إطارها التاريخي بالعلاقة مع تطور الكيان والانتماء الوطني للفلسطينيين. وأشارت د. جاد أن الصراع وتفتت وضعف الحركة النسوية المعاصرة في فلسطين يتطلبان فحص من خلال المضمون الأوسع لتشكل السلطة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وما بدأ معه من مرحلة بناء شبه الدولة الذي برهن أنه وهمي، موضحة تأثير السلطة الفلسطينية على الحركات النسائية والتي بدى واضحاً فيها تفكيك وإضعاف للمنظمات الجماهيرية لصالح إنشاء المنظمات غير الحكومية.

وقدمت الكاتبة جنان عبده قراءة نقدية حول "التاريخ الشفوي كمنهجية وآلية مقاومة"، أشارت فيها إلى الادوار الهامة والمتميزة التي قامت بها النساء الفلسطينيات لقطاعاتهن المختلفة كشريكات فاعلات في عملية النضال القومي التي سيطرت على أجندتهن، منذ بداية طريقها في أوائل القرن الماضي، وإلى كيفية إنعكاسها بالكتابة التاريخية والإشكاليات القائمة، حيث بينت الورقة أهمية وخاصية التاريخ الشفوي للشعب الفلسطيني، والصعوبات القائمة في عملية توثيق التاريخ الفلسطيني والعقبات التي يواجهها الباحثين والباحثات، مشددة على اهمية البحث الذاتي في تاريخ النساء، وأن لا تقف النساء مكتوفات الأيدي أمام عملية كتابة تاريخهن.

وفي ختام جلسات اليوم الاول من المؤتمر قدمت د. نادرة كيفوركيان من مؤسسة مدى الكرمل ورقة بعنوان: "فيزياء القوة وتحديات الطرح النسوي الفلسطيني" استعرضت فيها مناورات القوة وودورها في حماية نفوذ ايديولوجيات واستراتيجيات السيطرة والضبط الموجودة تحت نفوذ اصحاب القوة.