لماذا اخطأ المحللون العرب في قراءة موت شارون؟
نشر بتاريخ: 11/01/2006 ( آخر تحديث: 11/01/2006 الساعة: 19:38 )
كتب رئيس التحرير - هل يكفي ان يطلق مراسل صحافي من امام مستشفى هداسا عين كارم بعض العبارات وفي لحظة انفعالية على البث المباشر، لصياغة التحليل السياسي العربي والفلسطيني تجاه موت شارون؟
ولماذا انساقت وسائل الاعلام العربية وحتى وزارات الخارجية وجهات عديدة في السلطة الفلسطينية - ولنفترض انها الاكثر خبرة في قراءة المشهد الاسرائيلي - للقول بان حزب كاديما حزب الرجل الواحد وانه سينهار بمجرد موت شارون؟
وكيف استقبل المثقف العربي نبأ ارتفاع نسبة مقاعد كاديما الى 44 مقعداً بزعامة ايهود اولمرت بعد ان كان 39 مقعداً فقط بزعامة شارون؟
والحق يقال، انه لم يعد خافياً ان الدولة العبرية وعن طريق مخابراتها صارت تملك القدرة على معرفة اصناف وجبة العشاء التي يتناولها اي زعيم عربي، اما العرب فلا يستطيعون حتى الان الاستناد الى مركز دراسات محترف يؤهلهم لقراءة عنوان بارز في السياسة الاسرائيلية.
وبالاعتقاد ان المراسل الصحافي الذي اطلق التحليل لم يكن مخطئاً ، بل بالعكس ، كان سريع البديهة وذكياً واعطى اجابة تحليلية رداً على سؤال الاستوديو، ولكن الخطأ في هذه الحالة، عند السياسيين الذين لا يفعلون شيئاً سوى الاستماع الى نشرات الاخبار الاعلامية لصياغة مواقفهم وتكرارها على فضائيات اخرى، دون ان يكون هناك من يحاسبهم او يتابع اخطاءهم.
ولطالما ان الحال هكذا، فان حالة عبد الحليم خدام ستتكرر كثيراً في الدول العربية ، وفي السلطة الفلسطينية، لان من يقود سياسة هذه الدول، لا يدرس برامجه السياسية وهو غير مقتنع بها اصلاً ، وامام ضغط "العمل" ستتعرض شخصية السياسي العربي الى الانفصام وسيقفز من اقصى اليسار الى اقصى اليمين دون غرابة ، وسنرى - مثلما رأينا كثيراً - ان القادة الذين كانوا يطالبون الجماهير بالثورة وبان يرموا اليهود الى سمك البحر، سيصبحون هم انفسهم نجوم المفاوضات مع اسرائيل ورواد فنادق تل ابيب.
ويتذكر القراء العرب ان جهاز الموساد الاسرائيلي كان تمكّن يوماً من الحصول على عينة بول للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، ومن خلالها عرفت اسرائيل ان الاسد سيموت قريباً، واثبتت الايام صدق معلومة العدو وكذب النفي العربي.
فالسياسيون العرب لم يقرأوا موت شارون بشكل صحيح، لانهم لم يضعوا برنامج سياسي للتعامل مع شارون ولا مع من سيأتي بعد شارون.
والسلطة الفلسطينية، لم تنجح في التعامل مع شارون ويبدو انها ايضا لن تنجح في التعامل مع خليفته ايهود اولمرت!! وذلك لان الانتفاضة الفلسطينية الراهنة قد فقدت استراتيجيتها منذ نهاية العام 2002 ولم تعد القيادة الفلسطينية تسيطر على مجرى الاحداث . ففقد الشارع الفلسطيني الفرق بين النصر وبين الصمود، بين الانتفاضة وبين الفلتان الامني، بين القدس وبين قداسة المفاهيم، بين الجغرافيا وبين التاريخ.
احد الصحافيين الاسرائيليين يقدّر ان ان حزب كاديما سيحصل على 60 مقعداً في حال افاق شارون من غيبوبته. فماذا سيفعل السياسيون العرب؟ وماذا سيفعلون اذا مات شارون؟
وباعتقادي ان المشكلة ليست في موت شارون وانما المشكلة في حياة الشعوب العربية تحت قيادات سياسية غير مختصة وغير متأكدة مما تقول ولا مما تفعل .