الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اولمرت حي افضل من شارون ميت

نشر بتاريخ: 13/01/2006 ( آخر تحديث: 13/01/2006 الساعة: 13:13 )
كتب رئيس التحرير - تعتبر ميتة شارون مناسبة جدا لهذا الرجل ، فقد اعطاه الله الميتة التي سيتذكر الجميع بانها تليق به ، فشارون كان امام اربعة اشكال من الموت:

.ان يموت على يد مستوطن يهودي متطرف يقتله مثلما قتل اسحق رابين ، فيقع المجتمع العبري في اشكالية الحرب الاهلية وفقدان الثقة بالذات.
.ان يموت على يد رجل فلسطيني ينتقم لدماء ضحايا شارون فيقع المجتمعان في معارك انتقامية ويفتح من جديد باب الاغتيالات السياسية .
.ان يجري اعتقاله في احدى عواصم اوروبا وان تجري محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين او الاسرى المصريين .
.ان يموت بجلطة دماغية تحطم قلبه وتنسف دماغه وتعطيه الميتة البطيئة وعلى الهواء مباشرة امام مئات ملايين المشاهدين في المعمورة .

ومهما يكن شكل الميتة فان شارون انتهى سياسيا ، والارجح ان ايهود اولمرت سيكون هو الخليفة الشرعي له ، وبما ان الاضواء الان مسلطة على تاريخ الزعيم الجديد فان اصحاب المصالح السياسية لا بد وان يستخدموا مقاييسهم في استقبال اولمرت .

وايهود أولمرت (60 عاما) رجل سياسة انتخب لاول مقعد يشغله في البرلمان الإسرائيلي عام 1973 حين كان عمره 28 عاما وخاض الانتخابات ببرنامج يدعو للعدالة الاجتماعية.

ورغم انه كان نائبا في البرلمان لحزب ليكود اليميني في السبعينيات انشق اولمرت عن زملائه الاكثر تشددا وأيد اقتراحا يساريا عن الحكم الذاتي الفلسطيني.

واستطاع اولمرت هزيمة رئيس بلدية القدس الشهير تيدي كوليك عام 1993 وبقي في المنصب عشر سنوات واقام على الفور صداقة مع نظيره رئيس بلدية نيويورك في ذلك الوقت رودولف جيلياني.

وبعد أن انضم إلى حكومة شارون كان عادة ما يكشف عن مبادرات دبلوماسية لوسائل الإعلام قبل ان يتبناها رسميا رئيس الوزراء مثل اقتراح الانسحاب من الاحياء الفلسطينية في القدس المحتلة ما اثار حفيظة المستوطنين ضدّه .

و انضم اولمرت لحكومة شارون في عام 2003 و أصبح أقوى وأقرب حليف لشارون في حزب ليكود اليميني الحزب السابق لرئيس الوزراء أثناء مناوراته لاحتواء تمرد داخلي بسبب خطته للانسحاب من غزة.

واشتهر اولمرت بأنه المبادر لأفكار معتدلة بشأن نزع فتيل الصراع مع الفلسطينيين مثل انسحاب أكبر من الضفة الغربية. وسارع باللحاق بشارون الذي انشق عن الليكود ليؤسس حزب كديما الأكثر ميلا إلى الوسط في نوفمبر تشرين الثاني الماضي .

ويعيش اولمرت في القدس مع زوجته اليزا تنتمي الى أقصى اليسار ولديهما اربعة اطفال ورغم انه ليس بشهرة شارون الا ان اولمرت يشكل خيارا مريحا لواشنطن والعواصم العربية واوروبا لانه لم ينغمس في الجرائم العسكرية التي ارتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين مثل ارئيل شارون .

السلطة الفلسطينية تبدو وكأنها مسرورة من خيار اولمرت لانها في النهاية ستتخلص من الاحراج العربي والاسلامي ولن تعود مضطرة للدفاع عن نفسها حين يلتقط الصحافيون صور اللقاءات بين محمود عباس وبين شارون، وعلى ما يبدو ان الفلسطينيين نسوا بسرعة - او غفروا عن قصد - لاولمرت انه كان المبادر لاقتراح اقامة النفق الذي افتتحه رئيس الوزراء الليكودي ايهود اولمرت عام 1996 تحت المسجد الاقصى .

ويتوقع ان اولمرت يأتي لسدة الحكم الاسرائيلي في اوضاع داخلية اسرائيلية مريحة حيث كان شارون نجح في تذليل معظم العقبات امامه، فقد هزم شارون المستوطنين وطردهم من قطاع غزة، وخاض مغامرة الميزانية التقشفية وعمل على تثبيتها، وهزم المتمردين في الليكود وحطم الحزب فوق رؤوسهم، كما نجح شارون في تحجيم نتانياهو ودفعه للدرك الاسفل، وعصف بالسلطة الفلسطينية حتى جعلها في موقف محرج وتدافع عن نفسها امام الفلتان الامني والفساد، كما سيستفيد اولمرت من جهود وزير الخارجية الاسرائيلي اليهودي التونسي سلفان شالوم في اعادة توثيق العلاقات مع العواصم العربية والاسلامية .

اما المنافس الاضعف لاولمرت وهو عمير بيرتس ، فلن يحظى بثقة اليهود الاشكناز وسيتعامل معه المجتمع كمواطن من الدرجة الثانية، وسيكون قريبا ذلك اليوم الذي يكتب فيه مذكراته ويعترف بان المجتمع نظر اليه باعتباره مجرد يهودي مغربي لا اكثر .

السلطة الفلسطينية ستجد نفسها الان امام شكلين من امكانية التعامل مع اولمرت، ولمزيد من التوضيح فان السلطة، لن تملك اكثر من شكلين لهذا التعامل، فاما ان تملك برنامجا سياسا وتتمكن من اقناع اولمرت به، واما ان توافق على برنامج اولمرت السياسي بعد محاولة التعديل عليه .

وعلى كل حال فان اولمرت لن يأخذ الكثير من الفرص، ولربما ان المئة يوم القادمة ستكون كافية لتكوين الانطباع، فيكون لزاما على رئيس السلطة الذي سيلتقي اولمرت في شهر فبراير القادم ان يعلن بوضوح امام شعبه، هل هناك شريك اسرائيلي ام لا ؟ وهل طاولة المفاوضات لا تزال متوفرة ؟ ومهما بلغت قدرات الدكتور صائب عريقات التفاوضية البارعة فانها لن تغني عن موقف سياسي ناضج وواضح ومعلن للشعب الفلسطيني المنتفض .