مخاوف اسرائيلية من سياسة اوباما الجديدة "ديمونا مقابل نتاز "
نشر بتاريخ: 07/05/2009 ( آخر تحديث: 08/05/2009 الساعة: 13:57 )
بيت لحم- معا- قال الكاتب والمحلل الاسرائيلي "الوف بن" في مقال نشرته صحيفة "هارتس" بان موظفة بدرجة متوسطة في الخارجية الامريكية دعت امس الاول الهند والباكستان وكوريا الشمالية واسرائيل التوقيع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي مستخدمة التعبير " adhere" .
وكان التفسير والتحليل الفوري في وسائل الاعلام الاسرائيلية لهذه الدعوة بانها تعبير اخر لابتعاد ادارة اوباما عن اسرائيل برئاسة نتنياهو ويمكن الفهم منها بانه في حال لم تستمع اسرائيل للتعليمات الواردة من واشنطن في المجال السياسي فانها ستعاقب في المكان الاكثر حساسية لديها والمتمثل بنزع الخيار النووي من يديها فيما ضاعف عدم تنسيق الدعوة الامريكية مع اسرائيل قلقها و مخاوفها .
وسارعت الخارجية الاسرائيلية لاصدار بيان تهدئة وهي محقه في ذلك مؤكدة بان الاعلان الامريكي ليس جديدا وان اسرائيل سمعت مثله فيما سبق حتى خلال فترة حكم بوش الصديق .
واضاف بن " صحيح ان الرئيس اوباما لا ينوي اغلاق مفاعل ديمونا خاصة في ظل تهديد ايران بمحو اسرائيل عن الخارطة ولكن علينا ان نفهم بانه وعلى العكس من سلفه يسعى الى تعزيز انظمة الرقابة على الاسلحة في العالم وستجد اسرائيل نفسها مجبرة على المساهمة بنصيبها في هذا المجهود العام ".
ويقسم ميثاق " NPT" العالم الى مستويين حيث تتربع في المستوى الاعلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن، والمسموح لها حيازة اسلحة نووية وهي روسيا وامريكا وبريطانيا وفرنسا والصين فيما تجلس بقية دول العالم اسفل القوى العظمى الخمس والمطالبة بتوقيع معاهدة حظر نشر الاسلحة النووية ويحظر عليها حيازة مثل هذه الاسلحة ويتوجب عليها اخضاع منشأتها النووية للتفتيش الدولي فيما نصت المعاهده مقابل ذلك على تحلي القوى العظمة عن اسلحتها النووية تدريجيا .
ومنذ دخول المعاهدة حيز التنفيذ عام 1970 وقعت عليها جميع دول العالم تقريبا فيما اصرت اسرائيل " المحسوبة في العالم كقوى نووية" والهند وباكستان " اللتين اجريتا تجارب نووية " على عدم توقيع المعاهدة فيما وقعتها وكوريا الشمالية وعادت وانسحبت منها فيما عمدت دول اخرى مثل العراق وايران على اخفاء مشاريعها النووية حتى تم اكتشافها وتصر ايران على سلمية مشروعها وتضع منشأتها تحت الرقابة الدولية.
وقال " بن " في مقاله بان السياسة النووية الامريكية عانت منذ سنوات طويلة من " انفصام الشخصية " حيث دأبت اعلاميا على تأكيد التزامها بتحقيق انضمام جماعي وشامل للمعاهده يشمل دول العالم كافه وهذا ما يشكل خلفية الاعلان الاخير وما سبقه من اعلانات فيما قال خبراء اسرائيليون بان الصيغه هذه المرة كانت معتدلة، بحيث لم يتم دعوة اسرائيل وزميلاتها في مجموعة الرفض للتوقيع على المعاهده والتنازل عن قدراتهن النووية وانما تمت دعوتهن لحمل لوائها والاسترشاد بها وهو مصطلح اقل الزاما ويمكن تفسيره على سبيل المثال على شكل ترتيبات تخلق علاقة واتصالا بين اسرائيل و NPT تضعها امام مستوى التزام اقل من التوقيع الكامل عليها .
وعمليا تعترف الولايات المتحدة بوضع اسرائيل والهند وباكستان الاستثنائي اللواتي يعتبرن في العالم كحليفات ذات مستوى مهم للولايات المتحدة ولكن السياسية الامريكية تؤثر ايضا فالادارات الديموقراطية التي تتبنى الدبلوماسية متعددة الجنسيات عملت على تعزيز منظومة الرقابة العالمية فيما عمدت الادارات الجمهورية على التلاعب بهذه المنظومة .
وتعتمد سياسة الغموض النووي التي تتبعها اسرائيل حسب التقديرات على تفاهم غير مكتوب تم عام 1969 بين رئيس الوزراء غولدامئير والرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون القاضي باعتماد اسرائيل سياسة غير واضحة فيما يتعلق بالسلاح النووي وتمتنع عن اجراء تجارب نووية فيما تمتنع امريكا عن ممارسة الضغوط عليها للانضمام لمعاهدة حظر الاسلحه والمعروفه بالاختصار " NPT" والتزمت كافة الحكومات الاسرائيلية التي تعاقبت على مدى العقود الاربعه الماضية بهذا التفاهم ولكن نتنياهو وخلال فترة حكمه السابقة لم يكتف بالتفاهم الشفوي وطلب من الرئيس كلينتون دعما امريكيا مكتوبا مقابل موافقته على اخلاء مناطق ضمن اتفاقية واي بلانتيشن وفعلا وقع الرئيس كلينتون تعهدا مكتوبا بالتزام امريكا بالحفاظ على قدرة الردع الاسرائيلية الاستراتيجية وذلك كثمرة لمفاوضات اجراها مستشار نتنياهو "عوزي اراد" مع موظفين امريكيين وستضمن عدم مس منظومة رقابة الاسلحه بهذه القدرات وحصل الامر ذاته مع اهود باراك الذي طلب عام 1999 كتابا مماثلا وحصل عليه وبهذا يكون نتنياهو ذاته هو من خلق العلاقة بين التنازلات على المسار الفلسطيني والاتفاقيات في المجال النووي .
واختتم بن مقاله بالقول " ان المشكلة في عام 2009 اكثر خطورة وكل تقدم تحرزه الولايات المتحدة مع ايران سيحي مطالبات جديدة بنزع سلاح متبادل مثل معادلة " ديمونا مقابل نتاز " والاهم من ذلك التزام اوباما بنزع شامل للسلاح النووي على مستوى العالم كما اعلن في خطابه الشهير في العاصمة التشيكية براغ قبل شهر تقريبا .
النووي سيختفي من العالم حين يعود المسيح وهذا الامر يدركه اوباما جيدا ولكن حتى يحدث هذا الامر سيحاول القيام ببعض الخطوات العملية والتي تهدف الى تعزيز ودعم دور NPT والذي تراجع خلال السنوات الماضية بسبب رفض القوى العظمى التجرد من سلاحها النووي وسعي بعض الدول الاخرى لكسر القواعد والانضمام للنادي النووي .
ويتحدث اوباما عن خطوتيين الاولى توقيع ميثاق حظر التجارب النووية واقامة نظام عالمي جديد يضمن وقف انتاج مادة البلوتونيوم واليورانيوم المخصب وهي المواد التي تدخل في انتاج الاسلحه النووية ولاسرائيل لا يوجد مشكلة مع قضية حظر التجارب النووية وهي وقعت هذه المعاهدة على 1996 ورفضت اقرارها رسميا دعما للموقف الامريكي الذي رفض التوقيع عليها ومع ذلك ينوي الرئيس اوباما اقرار اتفاقية حظر التجارب " CTBT" وعرضها على الكونغرس ويتوقع ان تذهب اسرائيل في اثره وتقرها رسميا .
ولكن المشكلة الحقيقية التي ستواجه اسرائيل تكمن في اتفاقية " التجميد " اذا ما استوفيت صياغتها وعرضت للموافقه عليها عملا بان نتنياهو وصل فيما سبق لدرجة الازمة مع كلينتون الذي حاول اقرار مثل هذه الاتفاقية ومنذ تلك اللحظة ادركت اسرائيل وفقا للخبراء بان مثل هذه الفكرة ستنهض من جديد في اي وقت .
واخيرا سيحاول نتنياهو تأجيل او التخفيف من حجم الضرر والسوء الكامن في هذه الاتفاقية او ان يتلقى شيئا محددا مقابل التوقيع عليها وسيكون مجبرا في هذه الفترة لمتابعه اخر التطورات في هذا المضمار.