والدة المبعد محمد:اللهم اعده لي سالما ولا تمتني قبل ان احظى باحتضانه
نشر بتاريخ: 10/05/2009 ( آخر تحديث: 11/05/2009 الساعة: 10:16 )
بيت لحم- علا سلسع- معا- قدر لشعب فلسطين ان يعيش مغتربا وهو داخل وطنه وحتى داخل نفسه، محمد خليف احد مبعدي كنيسة المهد الذين ابعدهم الاحتلال الاسرائيلي قبل سبع سنوات من بيت لحم الى غزة ليفرقه بذلك عن اهله واحبائه، نعم هو داخل وطنه لكنه في كل لحظة يحس بالم الفراق ومرارة الغربة.
ام المبعد محمد، التي باحت لي بشرتها السمراء وعيناها المثقلتان بالهموم قبل ان يبوح لسانها، فهي تنام كل ليلة قبل صلاة الفجر محتضنة صورة ابنها المبعد، داعية الله ان يعيد لها "محمد" لتحتضنه قبل وفاتها.
تلك التجاعيد التي ارتسمت على وجه "ام محمد" وكانها طريق مشبعة بحزن عميق، تعكس المها على فراق ابنها، وخوفها من ان توارى الثرى دون ان تكحل عينيها برؤيته، فتقول" جرحي كبير ولا احد يسمع صوتي او يحس بالمي، فلا مجيب ولا مغيث، ابني مبعد منذ سبع سنوات، وكل صباح منذ يوم ابعاده انتظر على شرفة بيتي علني اراه قادما الي، لينتهي حزني ويتحقق حلمي"، وتابعت رافعة كفيها الى السماء والدموع تغطي وجهها "اللهم اعده لي سالما ولا تمتني قبل ان احظى باحتضانه".
وعندها رفعت" ام محمد" صورة ابنها المبعد بيدين اتعبهما الدهر لتقول: "اولاد ابني كبروا ليجدوا انفسهم دون اب، حرموا منه وهو على قيد الحياة، وهم في هذا السن يحتاجون الى والدهم ليحتضنهم ويوجههم، فحين ارى زوجة ابني تعاني الامرين في تربية ابنائها يعتريني حزن عميق، فما ذنب هؤلاء الاطفال الذين لا يتجاوز اكبرهم التسعة اعوام، حتى يحرموا من والدهم وهم في هذا العمر؟".
وهنا قاطعت اخت المبعد فادية خليف حديث امها لتقول "اخي الذي ابعد قبل سبع سنوات يعيش الان في حي تل الهوى في غزة، يعاني من الم في الظهر والغضاريف سببه الاغتراب والشقاء والوحدة، فقد ابعد وهو في سن ال23، وما اصعب ان ارى اخي من لحمي ودمي مريض عاطل عن العمل ووحيد، بعيد عنا وعن زوجته وابنائه الاربعة الذين لم يستطيعوا زيارته منذ اكثر من عامين بسبب الحصار الاسرائيلي والحرب الاخيرة على غزة".
وتصمت فادية وتنهمر دموعها لتتابع فتقول "اخي محمد كان رجلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد كان كريما متحملا للمسؤولية ويتابع عمله كأي رجل في سنه، وذلك قبل ان يحرم من ممارسة عمله في غزة، حيث انه ممنوع على المبعد ممارسة اي مهنة في البلد التي ابعد اليها، فهو يعتاش فقط من الراتب الذي تصرفه له السلطة"، وتابعت في مرارة وحرقة طغت على صوتها "ماذا يفعل هذا الراتب لرجل حرم حتى من التفكير في مستقبله؟!!".
وقبل انهاء حديثنا الذي قاطعته اصوات الاغاني الوطنية معلنة عن ابتداء فعاليات الذكرى السنوية السابعة لمبعدي كنيسة المهد، ناشدت "ام محمد" وابنتها فادية السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الانسان الاهتمام بابناء وعائلات المبعدين، وبذل المزيد من الجهد لاعادة جميع المبعدين الى بيوتهم واحبائهم، منتهزة فرصة زيارة قداسة البابا لمدينة بيت لحم لتوجيه نداء له من اجل اعادة من التجأوا الى مهد السيد المسيح، الى ديارهم وذويهم.