الترخيص بغزة: سوط حكومي أم ضرورة لتصويب الأوضاع ؟
نشر بتاريخ: 11/05/2009 ( آخر تحديث: 11/05/2009 الساعة: 20:02 )
غزة- "تقرير خاص معا"- في غزة أو أي مكان بالعالم يمكن لأي شخص يمتلك جهاز بث إذاعي " الترانسميتر" ان يبث ما يريد لمجتمعه المحلي إن عثر على تردد شاغر عبر أثير FM.
ما يتم بثه عبر الهواء يخضع لطول الموجات التي يرسلها الجهاز وهذه تتراوح بين الكيلو والكيلوات المتعددة، في غزة مثلاً هناك إذاعات محلية بدأت البث بجهاز ترانسميتر كيلو واثنين وأخرى يصل مداها إلى سبعة كيلومترات وأكثر، وبعضها وجد شاغراً على تردد لإحدى الإذاعات المحلية بالضفة الغربية والتي لا يصل بثها إلى قطاع غزة فشغل هذا التردد وأرسل إذاعته الخاصة من غزة.
على هذا الحال توالدت الإذاعات بغزة بدأت بإذاعة محلية واحدة منتصف التسعينات من القرن الماضي وهي إذاعة الحرية كإذاعة خاصة بالطبع بعد إذاعة صوت فلسطين البرنامج الثاني، ثم تتالت الإذاعات الخاصة لتصبح خمسة عشرة في قطاع غزة، أغلقت أربعة منها بعد سيطرة حماس على القطاع - دون الخوض بتفاصيل من أغلقها- وبقيت أحد عشر أخرى، وهي تواجه اليوم مطلباً حكومياً من الحكومة المقالة بضرورة الترخيص لتصويب أوضاعها.
مطلب قانوني أثار الأقاويل بغزة، البعض وصف الحكومة المقالة بأنها نظام جباية، آخرون اتهموها بتعمد تكميم الأفواه، والبعض الآخر قال انه استعراض عضلات وفرض للقوة و" قرصة أذن" لمن لا يطيع.
الكثير من الإذاعات المتواجدة بغزة "الأقصى- القدس- الأقصى مباشر- الأسرى- ألوان- الشعب- الإيمان- القرآن الكريم- غزة fm – فرسان الإرادة والمنار" اجتازت مرحلتين أو ثلاث من مراحل الترخيص وتوقفت عند المرحلة الرابعة وهي وزارة الاتصالات المقالة وما استوقفها هو المبلغ المطلوب للترخيص.
وحسب ما علمت "معا" فإن كل جهاز بث قدرته ألف واط أي مداه كيلو متر يجب على الاذاعة حينها دفع مبلغ 4000 دينار أردني بالاضافة إلى الف دينار مع تخفيض 50% لمرة واحدة.
إذاعة القدس مثلاً التي تتبع حركة الجهاد الإسلامي قال مديرها المسؤول بغزة صالح المصري انه ليس ضد القانون أو ضد الترخيص بل ان الترخيص على حد تعبيره هو مطلب الجميع لتنظيم العمل الإعلامي بشكل عام والإذاعي بشكل خاص، ولكن المستغرب بالنسبة له هو المبلغ المطلوب للترخيص بشكل سنوي.
المصري قال لـ"معا متعجباً:"هل هذا هو الجزاء لدورنا المميز خلال الحرب على غزة وحين تقول الحكومة بغزة أنها تحت الحصار فهل نحن جزء من هذا المجتمع أم لا ؟ نحن جميعاً تحت الحصار فمن أين نأتي بالمبالغ المطلوبة للترخيص؟".
ويقدر المبلغ المطلوب للترخيص حسب قوة جهاز البث الإذاعي فكل كيلو متر واحد مطلوب منه قرابة ستة آلاف دولار سنوياً ويتضاعف هذا المبلغ حسب قوة الجهاز، فإذاعة القدس مثلاً تبث بجهاز قوته اثنين كيلو ونصف أي مطلوب منها قرابة اثني عشر ألف دولار سنوياً.
المصري أضاف:" نحن ضد الانفلات الإذاعي ومع مبدأ الترخيص ولكن ليكون مرة واحدة مثلا وليس سنوياً أو بهذا المبلغ الضخم".
إذاعة الأقصى المحسوبة على حركة حماس والتي يديرها إبراهيم أبو ضاهر بغزة يصل مداها إلى خمسة كيلومترات ولكنها تعمل بقوة ثلاثة فقط وطلب منها استكمال إجراءات الترخيص التي استوقفها المبلغ المطلوب للترخيص وحسب وصف أبو ضاهر فالمبلغ باهظ ويقدر بـ تسعة آلاف وستمائة دينار أردني.
أبو ضاهر قال لـ"معا:" لو كان هذا المبلغ مطلوب لمرة واحدة يمكن أن يكون مقبولاً وهو أيضا باهظ ولكننا نرفض أن يكون سنوياً فهو يشكل عبئا كبيراً على الإذاعة".
بعد يومين من بيان صادر عن سبع إذاعات محلية رافضة لمبلغ الترخيص يلتقي ممثلون عن هذه الإذاعات بالقائمين على الأمر بوزارة الإعلام بالحكومة المقالة.
وحسب ما يقول أبو ضاهر فإن ممثلي الإذاعات سينقلون للوزارة بغزة استياءهم من المبلغ المطلوب، معربا عن أمله بأن يصل هذا المبلغ إلى الصفر.
إذاعتا القدس والأقصى اجتازتا ثلاث مراحل وهي وزارتي الداخلية والإعلام في الحكومة المقالة وقرار من مجلس الوزراء يمنح الإذاعة حق الإنشاء ولم تجتازا المرحلة الأخيرة وهي وزارة الاتصالات في الحكومة المقالة.
مدير إذاعة القدس المصري تساءل عن الدور الذي تقدمه هذه الوزارة للإذاعات بغزة، مؤكدا أنها لا توفر أي حماية للإذاعات ضد القرصنة أو التشويش أو حماية جهاز الترانسميتر أو حمايتها من الإذاعات المحلية ذاتها.
وهو الأمر ذاته الذي أكده مدير إذاعة الأقصى، مشيرا إلى أن هذا الموضوع سيتم طرحه خلال لقاء اليوم وأنه سيتم المطالبة بأن تقوم هذه الوزارة بدورها.
ويختلف معهما مدير إذاعة ألوان المهندس وائل العاوور الذي أكد لـ"معا" أن وزارة الاتصالات المقالة تقوم بدورها وانه غير مطلوب منها أن تكون "سوبرمان " على حد وصفه كأن تقوم بحماية الإذاعة من التشويش سواء من الاحتلال أو من القرصنة، مشيرا إلى التشويش الذي قامت به إسرائيل على قناة المنار الفضائية إبان حرب حزيران 2006 وعدم مقدرة لبنان أو تلك القناة على محاربة هذا التشويش، ولكنه أكد على أن المطلوب من وزارة الاتصالات هو ان تستكمل دورها الذي تقوم به بتنظيم قطاع الاتصالات.
ويتفق العاوور مع مديري إذاعتي القدس والأقصى من حيث مبدأ الترخيص مشددا على ان الترخيص وتنظيم قطاع الاتصالات والإعلام مطلوب بحد ذاته ولكن الخلاف هو رسوم الترخيص التي أكد أنها باهظة، مشيرا إلى أن أي إذاعة على الأقل يعتاش من وراءها عشر أسر عدا عن القائمين عليها مؤكدا ان الدخل المالي لأي إذاعة لا يتناسب مع رسوم الترخيص المطلوبة.
وتساءل العاوور: ما هي المعايير التي وضعت على أساسها الرسوم؟، مشددا على ضرورة ان يتم الترتيب بشكل كامل لقطاع الاتصالات والإعلام، وأن يعطى كل ذي حق حقه، مطالبا بأن يتم حماية الحق التجاري للإذاعات الخاصة وأن تمنع الإذاعات الحزبية الممولة من أحزابها من التداخل مع السوق التجاري وبث إعلاناته.
وقال:" من حق الإذاعات الحزبية أن تعامل معاملة خاصة وأيضا من حق الإذاعات الخاصة ان تراعى خصوصيتها".
مديرا إذاعتي "ألوان" و"المنار" أبديا استياءهما البالغ من تضمين اسمي الإذاعتين في البيان الصادر عن سبع إذاعات بغزة حول الترخيص.
وقال العوض انه لم يستشر في أمر البيان فيما هاجم مدير إذاعة المنار طلال أبو رحمة من صاغ البيان، قائلا ان لغة البيان مرفوضة ويحمل تصنيفا شخصياً للإذاعات.
وعن موضوع الترخيص قال أبو رحمة أن المطلوب من اذاعته مبلغ 7200 دينار أردني وأنه قدم اعتراضاً لوزارة الاتصالات المقالة مطالباً بتخفيض الرسوم ولكن اعتراضه رفض من قبل الوزير.
ولم يتسن لـ"معا" التوصل لموقف وزارتي الاعلام والاتصالات بالحكومة المقالة لانشغالهما باجتماع مشترك مع ممثلين عن الإذاعات حول ذات الموضوع.