السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جمعية أفنان تهنئ الصحافية إيمان محمد لفوزها بجائزة دولية

نشر بتاريخ: 15/05/2009 ( آخر تحديث: 15/05/2009 الساعة: 21:07 )
غزة -معا- هنأت جمعية أفنان للثقافة وتنمية المجتمع الصحافية المبدعة المميزة إيمان محمد بمناسبة فوزها بجائزة new media award على تغطيتها الميدانية للحرب الأخيرة على قطاع غزة ،ديسمبر 2008 الماضي.

وقد أعلنت المؤسسة البريطانية Next cenury foundation" " في 11مايو الحالي نتائج الفائزين بالمسابقة، وذلك بعد مؤتمر عقدته حول "التدوين والإعلام الجديد بالشرق الأوسط" بجامعة المدينة ، تلاه مراسم حفل تسليم جوائز الإعلام الدولي تحت رعاية لورد ستون .

وكانت وكالة Demotix التي تعمل بها إيمان قد رشحتها عن فئة التصوير والمراسلة الصحفية المكتوبة لتغطيتها أحداث الحرب الأخيرة على قطاع غزة وتبعاتها في حقبة مصورة "War on Gaza & the aftermath "

وبهذا الفوز قالت جمعية أفنان للثقافة وتنمية المجتمع انها تفخر بإعلاميي الوطن الذين تميزوا وبرعوا في الحفاظ على كينونة القضية الفلسطينية ، من خلال إبداعاتهم اللامحدودة وحضورهم المرموق خلال العمل الصحفي الميداني على جميع الأصعدة".

واعتبر رئيس جمعية أفنان عمر فارس ابو شاويش ، فوز الصحافية إيمان محمد وإلى جانبها الصحفي عادل الزعنون والصحفي معين الحلو توثيقاً للإبداع الكبير الذي يتمتع به الصحافيون ، وهذا دليل على انتصار الكلمة والصورة على حدٍ سواء في كشف ممارسات الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني .

واشار ابو شاوش الى ان الصحفيّة ميرفت أبو جامع مراسلة موقع إيلاف الإخباري قد نشرت تقريراً يخصّ الصحافية إيمان محمد جاء فيه "لم تعد مهنة التصوير حكرًا على الرجال، فالكاميرا هذا المخلوق الذي يصدق دومًا ويقول الحقيقة دون رتوش أو تجميل، أصبحت في يد النواعم أيضًا، وعينهن التي يرين بها دموع الأطفال وصراخ النساء والعجائز، ويقفن خلف ثلاجة الموتى ينحتن بدموعهن صور للمعاناة وينقلن أيضًا همس الطبيعة الجذابة ولحظة الغروب، ووشوشة ربيع غزة الحزين .

وأضافت الصحافية ميرفت أبو جامع في تقريرها "الشابة إيمان محمد 21 عامًا من غزة، أحبت التصوير من صغرها وشغفت بالكاميرا التي أصبحت اليوم طفلتها المدللة ورفيقتها بل حبيبتها، وشقت الطريق الذي احتكره لفترة من الوقت الرجال، تقول إيمان: "حبي للتصوير وكيفية محاكاة الصورة لآلاف الكلمات بطريقة إبداعية مميزة، كان دافعي لإمتهان التصوير". وتضيف: "بالصورة أستطيع ان اعبر عن آلاف الجمل والعبارات التي ربما لن تستطيع صياغتها اللغة الناطقة، فالصورة تعبر عن المشاعر وما تراه العين وما قد لا تراه بحسب نظرتها".

وأشارت ان الصحافية ميرفت أبو جامع " لم تكتف إيمان بأن يكون التصوير مجرد هواية، بل استطاعت أن تطور ذلك عبر التدريب على فنون التصوير إضافة إلى دارستها للصحافة والإعلام في جامعات غزة، وتقول: "كنت أستغلّ الإجازات في تطوير قدراتي في التصوير واقترابي من الأصدقاء المصورين الصحافيين غير العرب لأكتسب خبراتهم".

واضافت الصحافية ميرفت " الحصول على كاميرا صحافية بمواصفات عالية كان حلم إيمان وقد عملت لدى وكالة بالمجان من أجل أن تبقى بالقرب من الكاميرا ، ثم اجتهدت كثيرًا من اجل تحصيلها تقول: "ساعدتني إجادتي للغة الانكليزية في العمل مع الوكالات وكتابة تقارير ومقالات من غزة ، كنت ادخر ثمنها لتحقيق حلمي في الحصول على كاميرا وتكون ملكي لا ينازعني فيه احد وها قد تحقق الحلم" .

تواصل الصحافية ميرفت " الكاميرا أصبحت جزءًا من اكسسواراتها لا تفارقها طيلة نهارها تسافر معها وتجول في الطرقات، تعلّق ايمان قائلة: "الكاميرا يستحيل عليّ أن اتركها، أينما أذهب لا تفارقني، لأني أخاف أن يقع حدث ما فجأة، فأوضاعنا في غزة متقلبة ولا استقرار فيها هذا يتطلب مني أن أكون على استعداد وجهوزية في أي وقت، لذا احتفظ بها إلى جواري كقطعة من ملابسي مع أنها كبيرة وثقيلة الحجم ".

دعم البسطاء وسخرية الزملاء
هذا المشهد يعد في غزة غريبًا لفتاة في عمر إيمان، إلا أنها استطاعت أن تشق طريقها بدعم البسطاء رغم انتقاد المثقفين لها، وسخرية الزملاء والزميلات أحيانًا وتقول: "المجتمع الغزي ما زال رهن عادات وتقاليد وموروث ثقافي، لا يجد المرأة في مهنة المتاعب، بل في مهن تقليدية، إلا أنها تستدرك قائلة: "لكن الناس البسطاء أسهل تقبلاً للفكرة وأقل انتقادًا من الآخرين، بخاصة كوني فتاة لا تشكل عائق لديهم، بالعكس أجد نوعًا من القبول أكثر من الطبقة المثقفة أو أصحاب المناصب العليا خاصة في شؤون العمل الصحافي وغيره.

وتنتقد إيمان نظرة زملاء مهنة المتاعب من صحافيين ومصورين لعملها، مشيرة الى انه لا يوجد تقدير لأهمية وجود فتاة مصورة في وسطهم , بل يعتبرونها مهنة متعبة ولا يشجع معظمهم دخول الفتيات هذا العمل ، وتردف بالقول :" بالعكس كانوا هم من يصنعون المعوقات إلا ما رحم ربي منهم", بل أكثر ما يثير استغرابها بحسب قولها الانتقاد الذي تواجهه من الفتيات أنفسهن أحيانًا ".

مواقف صعبة وتحدٍّ
مواقف كثيرة صعبة على مصورة شابة أن تلتقطها خاصة في غزة المليئة بالأحداث الصادمة التي تفوق تحمل الرجال، فما بالنا بإمراة من مشاعر وأحاسيس،"أتفهم أن للرجال مشاعر وهم في إنسانيتهم يساوون إنسانية المرأة، لكن أصعب موقف مررت فيه وما زلت أمر به يومًا بعد يوم , عند تصوير جثث الأطفال الصغار والرضع .

ما أكثر الأحداث المأسوية في غزة والمشاهد القاسية التي تفقد الإنسان أحيانًا كثيرة السيطرة على نفسه، بل وترسم خارطة للحزن في قلوب الفلسطينيين الموجوعة دومًا، بالأزمات الداخلية والخارجية، فيتطلب ذلك الوقوف مطولاً أمام ثلاجة الموتى ، تشير إيمان أنه في بداية عملها وقفت أمام ثلاجة الموتى تصور ضحايا مجزرة بحق أم وأربعة من أطفالها وقعت في منطقة بيت حانون شمال قطاع غزة، واصفة المشهد بأنه كان لا يطاق، فعجزت عن إلتقاط أي صورة، ولكن حادثة اغتيال الصحافي فضل شناعة العام الماضي قد وضعها أمام تحد وطني وأخلاقي، ولّد لديها الإصرار بأنه من المهم توثيق الحدث أكثر من التعاطف معه، لأن اللقطة التي تمضي لا تعود ،وتضم حقائق ستطمس إن لم يتم اللحاق بها، وتشير أنها طبقت ذلك في الحرب الأخيرة خلال تغطيتها للأحداث لوكالة بريطانية وأميركية تراسلها بغزة.

أما الحرب على غزة فلها قصص وتفاصيل كثيرة، كلها كانت مؤلمة وتوقفها أمام تحد كبير .

تشير إيمان أنها كانت تغطي الحرب على غزة بداية برفقة زملاء لها في الوكالة الأمريكية التي تعمل بها ثم أصبحت تنزل لوحدها وتضيف:" كثيرة المواقف الصعبة التي مررت بها كنت أحس أني بأمان اكثر لما أعمل وأرى بعيني، لم اخف كثيرًا كنا نتحرك في أول أيام الحرب في جيب مصفح ولكننا في أواخر الحرب تركناه واضطررنا أن نمشي لان التحرك بالسيارة أصبح خطرًا على حياتنا".

وتضيف أن المشاهد المؤلمة كانت تلك اللقطات الخاصة بالأطفال والرضع والدمار، إلا أن إيمان توضح أنها كانت رغم كل شيء تصور الأحداث ولا شيء كان يوقف كاميرتها ، عينها عن رصدها رغم أن قلبها كان ينزف من داخله وتشعر بالضيق .وتضيف:" الحرب جعلتني أكثر قوة وإصرارًا على مواصلة مسيرتي التي بدأتها متحدية كل شيء، وتزيد:" كنت اشعر بالحزن وأعيش لأيام لا أرغب في الحديث لأحد وأبكي أحيانًا.

مهنة المتاعب ومجتمع ذكوري
وما زالت الصحافيات يقرن بأن المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات ما زال يفضل وجود المرأة في مهن تقليدية أكثر من مهنة المتاعب، على الرغم من النجاحات التي حققتها الكثيرات في هذا الميدان خصوصًا في انتفاضة الأقصى الحالية التي فجرت إبداعات خلاقة لصحافيات أصبحن مراسلات لفضائيات عربية ودولية، لذا كثيرات مررن بانتقاد من الأسرة والمجتمع إضافة إلى أن ثمة معيقات شتى في مجال العمل .

وفي دراسة حديثة للباحثة هداية شمعون من قطاع غزة أشارت أن 53 إعلامية فلسطينية فقدت موقعها الإعلامي في وسائل الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية حتى تاريخ 30 أكتوبر2007 من مجموع 100 إعلامية وذلك نتيجة سيطرة حماس على قطاع غزة ، وإغلاقها العديد من المؤسسات الإعلامية، التي تتبع حركة فتح . وأكدت شمعون في دراستها أن 15% من الإعلاميات لديهن عضوية في نقابة الصحافيين، بينما النسبة الأعلى 85% ليس لديهن عضوية في النقابة. و4% فقط من الإعلاميات يعملن في مجال التصوير في غزة .

ولفتت إلى أن تراجعًا حادًا ومخيفًا لمسيرة الإعلاميات الفلسطينيات في قطاع غزة قد يكون له تأثيره الأكبر على تقدمهن المهني وتطويرهن ويضيف المزيد من العبء والمعوقات على الإعلاميات في قطاع غزة ويدق ناقوس الخطر الحقيقي لانتكاسة حقيقية في تاريخ الإعلاميات الفلسطينيات.

حلم بالعالمية بلا تراجع
وردًا على تساؤل حول هل تشجع إيمان أخريات بالانخراط في مجال التصوير الصحافي تقول :" لا اعتقد أن من لا تجد في نفسها القدرة على تحمل صعوبة المجال أن تقدم على هكذا خطوة فهي أبدًا غير يسيرة وبخاصة في منطقة نزاع مستمر كغزة بغض النظر عن نوع المجتمع أو رأيه".

وترفض إيمان أن تمد يد العون لأي فتاة غير كفوءة على تقدير نفسها وتصميمها على تحقيق أحلامها، بالرغم من كون وجود الفتاة في مجال يعج بالرجال يستحق المساعدة أو التعاطف معه ، وتقول :" تعلمت بأصعب الطرق، وللوصول لطموحات فتاة مصورة لا وجود للطريق السهل , كل الطرق صعبة .

وعن طموحات إيمان فتقول :" طموحي العالمية كفتاة مسلمة وفلسطينية تمتهن التصوير , واعتقد انه بالإمكان تحقيق هكذا طموح إن وجدت العزيمة والإصرار الكافيين مع الثبات على الطريق نفسه بلا تراجع .