فخ فتح الـ6 - سر زيارة دمشق ومحضر الثوري الخلافي والمكان عقدة المنشار
نشر بتاريخ: 18/05/2009 ( آخر تحديث: 19/05/2009 الساعة: 16:03 )
بيت لحم- تحقيق محمد اللحام- خاص معا- سر زيارة الرئيس لدمشق، ومحضر الثوري المختلف عليه، الرئيس في اجتماعات عاصفة امس الاحد المح الى خيارات صعبة، وبلعاوي يواصل هوايته ويشن هجوما لاذعا اتجاه التحضيرية، والاصطفاف يزداد ويتسع اتجاه محور الداخل والخارج، والقاعدة ساخطة على القيادة. وما هي الخيارات المتوفرة للحركة، ومتابعة حماس لما يجري. كل هذه الامور سنستعرضها في هذا التحقيق التحليلي عبر رؤية ومتابعة وجملة مقابلات وتصريحا خاصة بـ "معا".
"معا" تكشف عقبات المؤتمر السادس:
فيما يتعلق بالمؤتمر السادس فقد عبّر عنه الرئيس أبو مازن في اجتماعه مع قيادات الحركة في الأسبوع الماضي عندما قص نكتة السائق الطاجيكي.
وهذا قد يكون وصفا دقيقا لحجم الاهتمام بالمؤتمر كما يقول عضو المجلس الثوري لفتح السيد غازي الحسيني، بأن كافة أجهزة المخابرات في العالم كانت تحاول أن تسترق السمع والبصر لمؤتمرات فتح وتقلق الولايات المتحدة الأمريكية ومن لف لفها، وكذلك الاتحاد السوفياتي العظيم بمجريات المؤتمرات الفتحاوية لما للمؤتمر وقراراته من أثر على خارطة المنطقة والعالم.
في الأسابيع الماضية تواصلت البيانات والتصريحات لتعزز حالة اصطفاف واضحة المعالم، ففي حين يريد الرئيس عباس عقد المؤتمر في الوطن بتشجيع من كادر وقيادات عديدة مثل حكم بلعاوي ومحمد دحلان وحسين الشيخ وغيرهم، بينما تقف قيادات وكوادر عديدة مع انعقاده في الخارج مثل فاروق القدومي وأبو ماهر غنيم ومعظم أقاليم الضفة الغربية ( الخليل الاربعة وبيت لحم والقدس ورام الله وطولكرم) وهذا لا يعني أن من هم مع انعقاده في الخارج يقفون مع القدومي ومن هم في الداخل ضده والعكس ليس صحيح ايضا.
فلكل جهة حسبة معينة مع تفكير سطحي يذهب اليه البعض بأنه إذا عقد في الوطن فإن حظوظه ستزداد وإن عقد في الخارج فإن حظوظه تقل وتزداد حظوظ غيره، وهؤلاء قد نسوا على ما يبدو أن أعضاء المؤتمر هم أنفسهم إن كانوا بالداخل أو الخارج واللعبة الحقيقية قد انتهت في عملية التنسيب الذي قيل إنها جرت وفق الأنظمة والمعايير، مع أن أرقام عدد أصحاب حق العضوية مثل البارو ميتر في صعود وهبوط.
فمن جانبه أكد أبو علاء قريع أنها 650 عاد حكم بلعاوي- المختلف حد الطحن- مع التحضيرية ليتفق معها على 1550 بينما اعلن الرئيس عباس في أكثر من مناسبة أنها لن تتجاوز 1200 وعاد في آخر اجتماع له مع الكادر ليقول أنها أكثر من 1200 ويتضح ان الكادر معني برقم أكبر ليمثل شريحة أوسع ويتسابق القادة لخطب ود هذا الكادر في المطالبات العلنية بتوسيع رقعة المشاركة ولا مشكلة من خلق مسميات مثل أبطال الانتفاضة الاولى والثانية والمخيمات والمحميات والريف وغيرها ما يفصل على مقاسات البعض، كما يقول رائد رضوان امين سر فتح في إقليم رام الله.
وعلى صعيد محاولات حسم جزء من الخلافات المتصاعدة بطريقة تشير الى سوء الحالة الإدارية داخل الحركة، حاول بعض أعضاء المجلس الثوري عقد اجتماع للمجلس كأعلى سلطة تشريعية بالحركة وقراراته ملزمة للمركزية وللرئيس وللتحضيرية ولكل الهيئات المنبثقة، ولكن لم تنجح الأمور بعقد مثل هذا الاجتماع ليرحل اللقاء لتاريخ قريب على 2/ حزيران أي بعد عودة الرئيس من زيارته للولايات المتحدة على أمل أن يحسم الثوري جملة الخلافات فيما يتعلق بمكان المؤتمر وعدد أعضائه، وإن فشل في ذلك فإن التداعيات ستكون خطيرة على حاضر ومستقبل الحركة.
وفي حديث لنا مع د. جمال محيسن عضو المجلس الثوري لفتح وهو المحافظ القوي في نابلس، قال إن الحركة معتادة على الحالة الخلافية وفق أصول واجتهادات ومن غير المسموح به أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة وأكد انعقاد اجتماع للثوري مطلع حزيران القادم.
وعن مكان المؤتمر والنقطة الخلافية في صياغة المحضر السابق قال د. محيسن أن قرار الثوري كان بالتوجه لمصر ثم الأردن ثم الوطن، ولم يكن هناك قرار بان تكون مصر ثم الأردن ثم تكلف المركزية بالقرار في حال فشل خيارات مصر والأردن.
ولم يؤكد أو ينفي د. محيسن أن هنالك صياغة مخالفة في محضر اجتماع الثوري تقول بتكليف المركزية باقرار مكان المؤتمر.
فاروق القدومي (81 عاما) الشخصية الأبرز كانت في حركة فتح بعد الراحل ياسر عرفات وكان يتوقع لها أن تلعب دورا محورياً إلا أنه وفي لقاء سابق لنا معه في العاصمة الأردنية عمان، قال إن خلافه مع الرئيس عباس ليس شخصياً بل هو خلاف حول البرنامج السياسي وعن إمكانية المصالحة قال إن قربي من أي شخص مهما كان هو مدى التقارب مع البرنامج السياسي الذي وصفه بالمقاوم.
أحد قيادات فتح وخلال حديثنا معه في إعداد هذا التقرير شن هجوماً كاسحاً على القدومي، واصفاً إياه بالمستعين بالخارج للاستنصار الداخلي مشيراً للقاءته مع خالد مشعل وحضوره لمؤتمرات وجلسات مناكفة لشخصيات واحزاب متناقضة مع حركة فتح وعدم انتقاده لحماس وممارساتها بحق ابناء الحركة في غزة.
وعودة على لقائنا مع القدومي فقد رفض الإفصاح بشكل واضح وقاطع عن موقفه من الترشح للمركزية أو عدمه مع إشارته بالقول ( إننا لن نأخذ دورنا ودور غيرنا ويجب فتح فرصة للشباب).
التسابق لوسائل الاعلام علناً او سراً وعبر التسريبات مثلما هو حاصل بين حكم بلعاوي من جهة وفاروق القدومي واللجنة التحضيرية برئاسة ابو ماهر غنيم، من جهة اخرى هي عادت متأصلة بدافع الشخصنة على حساب سمعة الحركة حيث لا يعرف تحديدا اي اهداف مراد لها ان تتحقق من مثل هذا السجال الذي يصل حد الردح احيانا مما يفقد الطرفين المتصارعين ثقة واحترام ابناء الحركة ويفتح المجال للنقيض السياسي للاستثمار حتى وصل الامر بالكاتب المغالي بالتجريح ضد حركة فتح ابراهيم حمامي لبعث رسالة نصح وارشاد لفاروق القدومي يدله فيها على الاساليب العصرية للاطاحة بخصومه في فتح.
سألنا معظم كادر فتح في الأقاليم/ محمد طه أمين سر إقليم بيت لحم وهاني جعارة عضو إقليم الخليل ومصطفى طقاطقة أمين سر إقليم طولكرم. أين تفضلون عقد المؤتمر، أجمعوا على أن المكان غير مهم بل المهم أن تتفق القيادة ومثلما قال محمد طه (نحن جاهزون لحضوره في سفينة بعرض البحر على ان تتفق القيادة).
عمر شبلي امين سر فتح في القدس قال لنا ان فتح على مستوى القاعدة بخير والدليل حالة الالتزام والرضى التي عشناها في عرس ديمقراطي داخل كافة الاقاليم التي افرزت نخبة قيادية للعمل الجماهيري في الاقاليم دون اي اشكالية وبمباركة من كافة الجهات الا ان هذا المستوى الطيب للاسف لم يجد حالة تقابله لدى القيادات التي بقيت تتصرف حتى اللحظة وكأن فتح مزرعة خاصة وهذا ما لن نسمح به وسنستنهض الحركة بعزيمة المخلصين والغيورين على فتح وفلسطين ولن نسمح بالمس ببنية الحركة.
عوني المشني احد قيادات فتح ومسؤول ملف العضوية في التعبئة ومعتقل سابق لمدة 15 عاما كان من بين الكادر الذي رفع صوته وعبر عنه من خلال رفعه قضية لدى المحكمة الحركية لفتح ضد الرئيس كقائد عام للحركة وزملائه في اللجنة المركزية.
وعبر معظمهم عن تخوف شديد على الحركة امام الخلافات الشخصية الحادة التي تتغلب على مصالح الحركة بشكل واضح للعيان.
ويتضح من مواقف الكادر الوسط في الوطن والخارج ان القاعدة التنظيمية للحركة لديها انضباطية ومسؤولية اعلى من قيادتها.
جبريل الرجوب احد القيادات العسكرية السابقة وقيادي كبير في انتفاضة 1987 وعضو في المجلس الثوري ينشط هذه الايام في مجال الرياضة وحقق انجازات وصدى على هذا الصعيد وهو في حالة تناقض مع زميله في الامن الوقائي سابقاً النائب محمد دحلان عضو الثوري ايضا صاحب القاعدة العريضة في غزة وله نشاط ملموس في الضفة الغربية وحتى على صعيد الساحة الخارجية والسفارات وبجانبهم اخر عناقيد الامن الموحد عضو الثوري اللواء توفيق الطيراوي الذي اختلف مع الرئيس عباس ومكتفي بإدارة الكلية الامنية في اريحا وله امتداد واسع على المستوى القيادي في الحالة التنظيمية وهذا الثالوث العسكري صاحب اسهم كبيرة للفوز في المركزية القادمة رغم التناقض بينهم ورغم انعدام المحاولات للاصلاح بينهم على المستوى القيادي بالرغم من ان هناك اجتهادات على مستوى قيادات الاقاليم لتقريب وجهات النظر وردم الفجوة بينهم.
د. سمير الرفاعي امين سر حركة فتح في سوريا قال لنا ايضاً انه لا يهم مكان انعقاد المؤتمر ولكن الاهم ان لايسبب الاعلان عن المكان حالة خلافية وفي النهاية اللجنة التحضيرية للمؤتمر (وهو عضو فيها) تصدر التوصيات للمركزية والثوري اصحاب القرار.
وعلى هذا الصعيد علمنا من مصادر موثوقة بأن الرئيس عباس قد طرح موضوع مغادرة اصحاب حق العضوية من كادر فتح في سوريا ولبنان الى الاراضي الفلسطينية لحضور المؤتمر والعودة دون اشكاليات وذلك في لقائه قبل ايام مع الرئيس السوري بشار الاسد ومن المعلوم ان اجهزة الامن السورية تتحسس من القادمين اليها من مناطق السلطة وهذه قد تكون اشارة لاصرار الرئيس عباس لعقد المؤتمر في الداخل واصراره على تذليل العقبات حتى لو كان ذلك بطلب من الرئيس الاسد الذي وافق على الطلب حسب مصادرنا.
حسن فرج مسؤول ملف طلبة الجامعات في التعبئة قال ان للقيادة في الحركة الطلابية عبرة فان شبيبة فتح تكتسح وتتقدم و المؤشرات العلمية والمنهجية ماثلة امام الجميع ولكن للاسف البعض لا يريد ان يرى ولا يكتفي بذلك بل يحجب الرؤية عن الاخرين واكد فرج ان قطاع الشباب والمراة ما زال مظلوم بالرغم من انه الوقود الحقيقي للحركة مطالبا القيادة بابداء حالة من الاحترام للجماهير الشاخصة على الخلافات التي بمجملها شخصية مضيفا انا لا اقتنع بان الخلاف بين ....على امور محورية وان كانت فأطر الحركة مكانها الطبيعي وليس الشارع ووسائل الاعلام كما هو حال الخلاف بين فتح وحماس في جانبه شخصي وحزبي والناس تدرك ان لا فرق بين طرح حماس السياسي اتجاه حل الصراع مع الاحتلال عنه لدى فتح.
وفي الاجتماع الاخير مع الكادر وبعض القيادات يوم امس الاحد اظهر الرئيس عباس اصرار كبير على المضي قدما في انعقاد المؤتمر في الداخل ومعظم اعضاء الاقاليم كانوا حريصين على التهدئة والموضوعية والعقلانية الا ان الرئيس وفي اجتماعات اخرى المح الى امكانية اتخاذه قرارات مصيرية من منطلق رؤيته كقائد اعلى لمصلحة الحركة وقد تتعلق بمستقبله السياسي وبمستقبل الحركة.
الكاتب بلال الحسن وهو شخصية مستقلة ومطلع على الشؤون الفتحاوية حذر قبل ايام في مقال صحفي له من انشقاقات قد تشهدها الحركة في اشارة لحجم الخلافات المشتعلة داخل فتح.
وفي محضر تشخيصنا للخلاف نجد انه حالة صراع تمر بها كافة الاحزاب والحركات ولكن هذه المرة فتح تفتقد للضوابط خاصة لغياب الحراك الديمقراطي لسنوات طوال ليبرز معسكر الشباب من جهة ويقابله الحرس القديم الرافض على ما يبدو لفكرة التوريث الديمقراطي ومتمسك بكل الوسائل المبقية على وجوده ولو كان ذلك على حساب الحركة مع اندفاع شبابي نحو دور ومكانة دون نسيان ان الثقل تاريخيا كان في الخارج ومن هنا تاتي مسألة الاستعصاء في تقبل فكرة انعقاد المؤتمر بالداخل بالرغم من ان الثقل انتقل للداخل ليس لفتح وحدها فمعظم التنظيمات الفلسطينية عقدت مؤتمراتها الاخيرة في الداخل وباليات مختلفة مثل الاستعانة بالربط التلفزيوني مع الخارج على طول المؤتمر او جزء منه واستمراره متزامنا في اكثر من مكان مع جمع الخلاصات والتوصيات وحتى نتائج الانتخابات في النهاية ضمن الية رقابة وادارة موحدة.
ابرز الاسماء المرشحة لخوض الانتخابات المركزية القادمة من اعضاء المركزية السابقين هم: محمود عباس، ابو علاء قريع، ابو ماهر غنيم، زكريا الآغا، اللواء نصر يوسف، حكم بلعاوي، الطيب عبد الرحيم ( الحديث يدور عن معظم اعضاء المركزية باستثناء هاني الحسن وصخر حبش بسبب المرض) ومن الثوري: جبريل الرجوب، محمد دحلان، توفيق الطيراوي، جمال محيسن، محمد المدني، الحاج اسماعيل جبر، مروان عبد الحميد، مروان البرغوثي، جمال الشوبكي، ابراهيم ابو النجا، احمد نصر، ابو علي مسعود، ربيحة ذياب، عدنان سمارة، نبيل عمرو، رفيق النتشة، صائب عريقات، سلطان ابو العينين وأسماء أخرى مثل عوني المشني وسري نسيبة ودلال سلامة (وهذه الاسماء متداولة بين الكادر الفتحاوي ولم يتسن لنا التأكد شخصيا من كل واحد فيهم).
قد نستخلص ان واقع فتح صعب والخارطة ضبابية وقيادات فتح تتحمل وحدها مسؤولية هذه الضبابية التي قد تؤدي لنتائج وخيمة. ومن اهم الملاحظات في هذه المرحلة هو انعدام المبادرات التي اعتادت عليها الحركة مع توسع لرقعة الاصطفاف هنا وهناك ومحاولة استمالة قيادات الصف الثالث وحتى الرابع.
مع تأكيد فشل الحركة حتى اللحظة في استثمار طاقات قاعدتها وكادرها والابقاء على حالة الخلافات الداخلي كعلامة مميزة للحركة تستنزف قدراتها التي لو سخرتها لحالة الصراع مع الاحتلال لكانت النتائج افضل وفي حالة الخلاف مع حماس لكانت اسهمها اعلى بكثير.
ولن تفوت هذه الوقائع من امام حركة حماس التي ستحاول استثمار الوضع المزري وقد تفاجئ الجميع وتقبل الذهاب لانتخابات مبكرة كما تستثمر هذه الايام تصريحات عزام الاحمد وقيادات فتح ضد سلام فياض وتشن عليه هجوما لاذعا في سجال سياسي ترتفع وتيرته نحو تجذير الخلافات لاتبديدها بالرغم من حوار القاهرة الذي هو اقرب للمفاوضات منه للحوار.
قد يكون المطلوب جملة مبادرات خلاقة ومسؤولة من مجموعة الكادر لإعلاء الصوت امام حالة "الهرتقة والهمبقة" كما وصفها وسام عواد.
فالبعض المتصارع ينظر للمؤتمر على انه وسيلة لعلاج حاجاته وليست غاية تخدم المجموع في ظل ازمة حقيقية وجملة امراض يتجاهلها البعض وهنا يكمن العقم في التفكير والسلوك واذا كان التشخيص خاطىء فمن المؤكد ان النتائج ستكون خاطئة وستحول المؤتمر الى فخ يفجر نفسه بدل ان يكون منصة انطلاق وتالق.
ويتضح انه لا خيار ثالث امام فتح سوى التوحد او التشظي والانقسام في مرحلة مخاض عسيرة تمر بها الحركة قد تطلب عملية قيصرية وهي ليست المرة الاولى فسبق لها ان دخلت في ازمات كبيرة خرجت منها بخسائر متفاوتة. فمعالم الازمة واضحة ومعالم الحل والتوحد واضحة فاي الخيارات ستختار فتح وبمحض ارادتها وبيدي لا بيد عمرو؟؟