الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

سكان شمال قطاع غزة .. بين الخوف من استمرار بناء المنطقة العازلة وبين الأمل في إفشالها بالمقاومة

نشر بتاريخ: 18/01/2006 ( آخر تحديث: 18/01/2006 الساعة: 08:03 )
غزة معا- مع تكرار محاولات الحكومة الاسرائيلية السيطرة على قطاع غزة و إقامتها المنطقة العازلة شمال القطاع يشتكي سكان الشمال من سوء الوضع الذي آلت إليه تللك المنطقة مؤكدين وكذلك قوات الأمن الوطني أنهم لايزالوا في مواقعهم ويتحملون الكثير في سبيل تفويت الفرصة على العدو في محاولة منهم لافشال قيام المنطقة العازلة.

سعيد أبو صلاح "43 عاماً" يروي لنا قصته قائلاً: "عائلتي عانت الكثير طوال السنوات الخمس الماضية جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلي المحاذي للحدود الفاصلة, وقد كانت قوات الاحتلال تهدف إلى تهجيرنا عبر استهدافها لأرضي حيث قامت بإبادة قطيع من الأبقار تعود ملكيتها لي ولأخي أمام أعيننا والتي كانت مصدر رزقنا الوحيد".
ويتابع أبو صلاح :"واليوم تعود إسرائيل لإكمال ما بدأت به من عدوان ضد مزارع بيت حانون ببنائها الجدار الفاصل حول المدينة , حيث التهم ما يقارب 12 ألف دونم باعتبارها أراضي ساخنة إذ عملت على جعلها حقول ألغام ممنوع الاقتراب منها, معتبراً أن إسرائيل تحاول تعويض خسارتها جراء انسحابها من القطاع خاصة وأن الجدار الفاصل تعدى حدود ال67 المتفق عليها".

أما عائلة سويلم فلا تقل معاناتها عن عائلة أبو صلاح فمن جهته قال يوسف سويلم أنه لجأ إلى ترك منزله الذي يجاور الحدود الفاصلة نظراً لعدم قدرته هو وأسرته على العيش في الأجواء التي تفرضها قوات الاحتلال عليهم من قطع الكهرباء والمياه والإطلاق المتواصل للرصاص والقذائف و ذلك بعد أن تحمل الكثير من الممارسات الاسرائيلية.
أما السيدة روحية جمعة عفيفي صاحبة إحدى الأراضي الزراعية المحاذية للمنطقة العازلة أبدت تخوفاً واضحاً من أن تفقد أرضها الزراعية جراء استخدامها من قبل الفصائل لإطلاق الصواريخ, معربة عن معارضتها الشديدة لإطلاق الصواريخ من داخل المزارع والمناطق المأهولة بالسكان.

هذا و تعتبر المنطقة المشمولة بالقرار الإسرائيلي من الأراضي الزراعية المؤهلة من الدرجة الأولى حيث تتميز بزراعتها التصديرية, إضافة إلى وجود أكثر من خمسة آلاف عامل يعملون في أراضيها مهددين بتركهم لاماكن عملهم خوفاً من استهداف طائرات الاستطلاع والمدفعية لهم و ذلك باقامة المنطقة العازلة بطول عشرة كم وعرض ثلاثة فيما وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في تلك المنطقة نحو 20 ألف دونم.

و أيدت كل من المواطنة والمواطن علاء أبو عودة هدى الكفارنة "أم حسام" والتي فقدت منزلها إضافة لإصابة ابنها شادي "28 عاماً العمليات المقاومة داخل إسرائيل والتي توقع خسائر فادحة بدلا من اطلاق الصواريخ من المنطقة القريبة من الأماكن السكنية في الشمال حتى لا تتخذها اسرائيل ذريعة لضرب محافظة الشمال واقامة المنطقة العازلة .

و قال النقيب عبد القادر ماضي احد أفراد الأمن الوطني المرابطين بالقرب من المنطقة العازلة, بأن صمودهم يأتي في سياق المحافظة على كيان السلطة الوطنية الفلسطينية ,إضافة إلى أن هناك أوامر عسكرية من قبل وزارة الداخلية تقضي بضرورة بقائهم في أماكنهم, إلا انه أكد على إتباعهم لبعض إجراءات السلامة محافظة على حياتهم تتمثل في تشكيل فرق تستطلع تحركات الجيش الإسرائيلي مما يجعلهم في عملية كر وفر أو ما يسمى بعملية إعادة الانتشار في حالة استهداف المنطقة العازلة بالقصف مضيفا نحن على الاتصال والتواصل مع الفصائل لحثهم على المحافظة على أرواح المواطنين في حين تصويب الهدف للصواريخ لضرب المستوطنات من منطقة الشمال .

وقال توفيق أبو خوصة المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني صمود أهالي الشمال بأنه عامل أساسي لأنه يعتمد على البعد الذاتي فهم أصحاب حق, ولكن هناك عوامل أخرى لتعزيز الصمود تقع على عاتق السلطة والشعب والمؤسسات,نظراً لأن أهالي الشمال لا يستطيعوا مواجهة الأزمة منفردين.

وأكمل قائلاً:" هناك تقصير واضح على الصعيد الشعبي والجماهيري خاصة في ظل إصابة الفصائل بحمى الانتخابات وتناسيها لمعاناة أهلنا هناك, أمّا على الصعيد السياسي والأمني فما تزال القضية مطروحة نظراً لخطورة الوضع الذي سينعكس سلباً على قطاع غزة بأكمله في حال إقامة المنطقة العازلة".

ووفي رده على الاتهامات الموجهة لمطلقي الصواريخ من منطقة الشمال صرح قائد كتائب شهداء الأقصى في شمال قطاع غزة سالم ثابت أن موضوع إطلاق الصواريخ يقرأه كل شخص حسب مزاجه ومصلحته الخاصة, مؤكداً على أن الفصائل نجحت في تحقيق نتائج عسكرية وسياسية قريبة وبعيدة المدى, تجلت في الانسحاب الإسرائيلي من غزة بفعل التضحيات التي قدمها الفلسطينيون طوال سنوات الانتفاضة, وحالياً يتم الحديث في أروقة مكاتب الأمن الإسرائيلي عن خطة لإخلاء مدينة اسدروت من ساكنيها بفعل صواريخ المقاومة, موضحاً أن الصواريخ أوجدت نوعاً من التوازن في الرعب بين الفلسطينيين والصهاينة خاصة في ظل خروج العديد من المظاهرات داخل إسرائيل للمطالبة بإيقاف إطلاق الصواريخ.

ويرى ثابت أن إسرائيل لا تقدم أي تنازل بدون ضغوطات, أو قوة عسكرية, وهذا تم ترجمته في جنوب لبنان حيث انسحب الإسرائيليون بفعل ضربات حزب الله, وهذا ينطبق على القطاع, فإسرائيل هي حكومة موت وقتل ولا تفهم غير هذه اللغة لذا فالخيار المسلح هو الخيار الوحيد معها.

وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة من أهالي الشمال لمطلقي الصورايخ ووصفهم لهم بأنهم سبب معاناتهم, رد ثابت بأن أهالي الشمال لم يحملوا المقاومة سبب معاناتهم داعياً كل من يحاول ترويج وتسويق المفاهيم الإسرائيلية بما فيها تلك المتعلقة بصورايخ المقاومة والتي حسب رأيهم تلحق الضرر بأهالي الشمال, وبمصالحهم الفعلية أن ينظروا إلى الممارسات الإسرائيلية في طولكرم وجنين والخليل ونابلس وهي مناطق لا ينطلق منها اى صاروخ لافتا إلى أن خطة إقامة المنطقة الأمنية في الشمال خطة قديمة تغنى بها وزير الحرب في أعقاب عملية نتانيا علما أن منفذها ليس من الشمال.

ورفض ثابت بشدة كل ما يتردد حول تلقي مطلقي الصورايخ أجورا مادية لقاء عملهم, واصفا هذه الاتهامات بأنها دعاية إسرائيلية يتم ترويجها للنيل من المقاومة فلا توجد أموال يمكن أن يراهن عليها المرء مقابل حياته فإطلاق الصواريخ ليس باللعبة خاصة في ظل استهداف طائرات الاستطلاع والمدفعية الإسرائيلية للمواطنين وأن المقاومة مستمرة , وستستمر الصواريخ التي تنطلق من الشمال تحديدا نظرا للطبيعة الجغرافية, فالشمال هو الأقرب للمدن الإسرائيلية إضافة إلى انطلاق الصواريخ من جميع أنحاء القطاع.

وللتعليق على ما يتناقله أهالي الشمال من أن صواريخ المقاومة لا تخرج من الضفة الغربية, نظرا لقدرة ساكنيها على منع الفصائل المسلحة إذ يرون فيها ضرراً على مصالحهم رد ثابت بأن هذا مفهوم مغلوط عند البعض فالمقاومة لم ولن تدخل في حرب مع شعبنا من اجل تحديد مدى ضعفها أو قوتها في غزة والضفة, فالمقاومة لاتقبل أن يصاب احد المواطنين بالسوء موضحا أن ما يمنع إطلاق الصواريخ في الضفة هو مسألة فنية لا أكثر تتعلق بتصنيع الصواريخ وأن تقنية تصنيع الصواريخ وصلت هذه الصواريخ احد أدوات المقاومة هناك.

ويتساءل أهالي شمال القطاع هل ستجبر الصواريخ التي تطلقها الفصائل على الاحتلال من محافظة الشمال اسرائيل على عدم استمرارها في بناء المنطقة العازلة ؟