السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في الذكرى 45 لتأسيسها- منظمة التحرير ما لها وما عليها

نشر بتاريخ: 28/05/2009 ( آخر تحديث: 28/05/2009 الساعة: 18:16 )
رام الله- بيت لحم- تقرير خاص معا- في الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيس منظمة التحرير، وتحت عنوان "المنظمة هي البيت الكبير لكل الفلسطينيين"، أكدت دائرة العلاقات القومية الدولية في المنظمة، ان المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وان الوحدة الوطنية هي السياج الحامي والجدار الصلب أمام التعنت الإسرائيلي الرافض للاعتراف بالحقوق الوطنية الشرعية للشعب الفلسطيني.

وقالت الدائرة في بيان صدر عنها، لمناسبة الذكرى 45 لتأسيس منظمة التحرير التي تصادف اليوم "ان الشعب الفلسطيني ضحى بمئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى في معارك التحرير لتثبيت هويته الوطنية، واستطاع خلال سنوات نضاله انتزاع الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا له في كافة أماكن تواجده".

وأشار البيان إلى "أن القضية الفلسطينية, تمر الآن بمرحلة خطيرة من تاريخها في ظل تعنت حكومة اليمين الإسرائيلية، الرافضة لمبدأ حل الدولتين، والقائمة على توسيع الاستيطان ووقف المفاوضات، لذا فنحن بحاجة الى وحدة الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام الداخلي فورا، والعودة لوحدة الأرض والشعب، للحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني، وتوسيع قاعدة منظمة التحرير لتشمل كافة التنظيمات والحركات العاملة على الساحة الفلسطينية".

ودعت الدائرة أبناء الشعب الفلسطيني في كافة بقاع الأرض للالتفاف حول المنظمة وتعزيزها، وأضافت "أن هذه الذكرى مناسبة لدفعنا إلى المزيد من الصمود والنضال من اجل إحقاق كافة الحقوق الشرعية لشعبنا الفلسطيني وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وتنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية والعربية، لتبقى المنظمة البيت الكبير لكافة أبناء شعبنا الفلسطيني".

ولكن يبدو ان "م ت ف" هذه الايام ضيّّقة مثل الاحوال التي نعيش فيها، وان محاولة دبّ الحياة فيها ممكنة من الناحية النظرية ولكن ليس بهذا الشكل البسيط الذي جرى تقديمه، فالمنظمة مثل اية مؤسسة ادارية اخرى لها بعدها الزماني الذي يجب احترامه واعطاءه حقه، وقد فقدت المنظمة بريقها ولألأتها فاصبحت مثل قطعة نحاس عتيقة في متحف فاخر- لا أحد ينكر قيمتها ولكن لا احد يرغب في التخلي عن احدث المقتنيات التكنولوجية من أجلها.

وأهم خطر يواجه المنظمة هو توقف خط الانتاج فيها، اي ماكنة التفريخ التي تلم الاجيال تحت مظلتها، فهي أشبه بمصنع قد توقف عن الانتاج، يمكن الحديث عن قيمتها كعقار لكن لا يمكن الحديث عنها كمصنع للرجال وللثورة وللافكار.

في الانتفاضة الاولى كان الشبان الفلسطينيون يقفون في وجه الدبابات الاسرائيلية بمجرد ان يسمعوا اغنية لمنظمة التحرير، وكان السجانون يكسرون العصي الغليظة فوق عظام الاسرى في سجن "كتسيعوت" النقب الصحراوي لانهم رفضوا التخلي عن "م ت ف"، وكان ان قام رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين بزيارة للسجن وطالب قادة الاسرى التخلي عن "م ت ف" فصرخ الاسرى في وجهه يهتفون عاشت المنظمة ويسقط الاحتلال.

اما اليوم، فلا يوجد من يغنّي للمنظمة، لا يوجد عازف جيتار واحد يدندن لحنها، ولا مغني يحشرج اغانيها، ولا جامعة ترفع شعارها ولا عامل يفكر فيها، فخط انتاجها متوقف تماما وهي مجرد اكبر تجمع للمتقاعدين في الشرق الاوسط.

لا يمكن معاندة التاريخ، ولا يمكن تغطية الشمس بغربال، وحتى من يؤيدها لا يراها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، فهي الممثل الشرعي ولكن غير الوحيد- ومن ناحية نظرية يمكن اعادة احياء دورها، ولكن من ناحية عملية لا يمكن ابدا اعادة الماضي الى الوراء لذلك على القائمين عليها ان يفكروا بطريقة لترميمها ديناميكيا بعيدا عن الميكانيكية.

يمكن انهاضها عن طريق أخذ خلية حية من "D N A" منظمة بهدف انجاب اجسام جديدة وحيّة وشابة من ظهرانيها، فهي الاب البيولوجي للهيئات القادمة لكنها لا تستطيع ان تكون الاب والابن في ان واحد مهما قمنا بعمليات تجميل وشد للوجه.

اما محاولات التركيز على الماضي العظيم للمنظمة فلا يكفي، والمطلوب القيام بخطوة عملية باتجاه تخصيبها وتزويجها من الاجسام الادارية الوليدة للوصول الى اغضان خضراء في شجرتها.

ففي الواقع ان اعضاء فتح ينشدون الاغاني لفتح، ويستقطبون الاعضاء الجدد لفتح، ويفتحون المواقع الالكترونية لفتح ويكتبون الشعارات لفتح، كما الجبهة الديمقراطية تغني لنفسها وتعمل لنفسها والجبهة الشعبية التي لم يعجبها اداء المنظمة تاريخيا ستؤيد الفكرة ولكنها لن ترمي بنفسها في سلة منظمة عجوز كانت رفضتها ايام المجد والقوة.

حركة فتح نفسها لم تهتم باعادة احياء منظمة التحرير في السنوات العشرة لوجودها في السلطة وانما هي منشغلة بمؤتمرها السادس، وباستثناء ابو عمار الذي كان يولي رموز وقادة الفصائل الاخرى بعنايته، كانت قواعد التنظيمات الاخرى تعاني من التفرد الفتحاوي، وخصوصا اداء اجهزة الامن التي تعاملت مع قاعدة الفصائل الاخرى وكأنها خصم لدود لها ما يجعل من عملية اقناع قاعدة التنظيمات الاخرى بالاستثمار من جديد في المنظمة امرا صعبا، فالمطلوب اعادة استرجاع الثقة وليس بناء الثقة، وبناء الثقة اسهل بكثير من اعادة الثقة.

فاذا كانت فتح تريد فعلا -وبصدق- اعادة منظمة التحرير فانها يجب ان تقبل بميدأ المشاركة وان تعرف ان المشاركة هنا تعني اداريا وماليا وسيكولوجيا وسياسيا.

مع ان قناعة غالبية المحللين تقول ان بناء هيكل اداري جديد واسم جديد ينبثق عن منظمة التحرير اسهل بكثير من اعادة امجاد المنظمة العجوز- التي تشبه الاتحاد السوفييتي- سابقا.