يوم القضاء:إقرار شعبي ورسمي بنجاح القضاء وتحذيرات من المس باستقلاليته
نشر بتاريخ: 13/06/2009 ( آخر تحديث: 13/06/2009 الساعة: 22:48 )
رام الله - معا- أقر المتحدثون في فعاليات يوم القضاء الفلسطيني في رام الله اليوم أن القضاء قد أقلع فعلاً في طريق الإصلاح والتطوير، محذرين من مغبة المس باستقلال السلطة القضائية أو استقلالية القضاة .
جاء ذلك خلال فعاليات احتفال السلطة القضائية في فندق جراند بارك بمدينة رام الله اليوم، بيوم القضاء الفلسطيني، والذي جاء تحت عنوان "المحاكم عنوان العدالة"، وذلك بمشاركة وزراء وأعضاء من المجلس التشريعي ومحامين وقضاة وممثلين عن الشعبية والمنظمات غير الحكومية وشخصيات اعتبارية، إضافة إلى هيئات إعلامية ومؤسسات ودول مانحة.
واقيم الاحتفال تحت رعاية الرئيس محمود عباس حيث استهلّ بالنشيد الوطني الفلسطيني ، تبعه عرض لفيلم وثائقي تناول إنجازات السلطة القضائية والتطورات التي حصلت على عملها، حيث ترك الفلم انطباعات ايجابية عن وضع القضاء الفلسطيني.
الرئيس يشيد بدور مجلس القضاء:
وفي كلمة الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي ألقاها نيابة عنه صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اشار سيادته الى الدور البناء لمجلس القضاء الأعلى في إدارة السلطة القضائية في فلسطين، وخص بالذكر الانجازات التي تحققت في العام الماضي بالرغم من كل العراقيل التي يضعها الاحتلال الاسرائيلي في طريق بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، مشيرا في ذات الوقت إلى الظروف الاستثنائية الناجمة عن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة الأمر الذي اعتبره قد أثر بصورة سلبية على حق المواطنين في التقاضي.
وقد أكّد الرئيس التزام السلطة الفلسطينية بما جاء في القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية ،وفي قانون السلطة القضائية بأن السلطة القضائية يجب أن تبقى مستقلة ويحظر على كافة المسؤولين التدخل في القضاء وشؤون العدالة.
وتطرق إيضا إلى الدور المفقود لعمل المجلس التشريعي ، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على مجمل الوضع الفلسطيني بما في ذلك تشريع القوانين وعمل القضاء بشكل عام.
ابو شرار يعرض الإنجازات:
ومن جهته استعرض القاضي عيسى أبو شرار رئيس المحكمة العليا ، رئيس مجلس القضاء الأعلى ، الانجازات التي حققتها السلطة القضائية مثنيا على الدعم الذي تلتقته من الرئيس محمود عباس ومن الحكومة الفلسطينة ممثلة برئيسها الدكتور سلام فياض والتعاون من بعض الجهات الرسمية في تنفيذ أحكام القانون ومن قبل الشرطة الفلسطينية في تنفيذ قرارت القضاء ما أسهم في تعزيز ثقة الجهور بتحقيق مبدأ سيادة القانون.
وتطرق القاضي أبو شرار إلى جهود مأسسة السلطة القضائية قائلا بأنها مستمرة في هذا النهج، في حين لم يخف أبو شرار أن القضاء الفلسطيني لا يزال منقوصا موضحا أن القانون الأساسي شأنه شأن الدساتير الحديثة اعتبر في أحدى مواده أن القضاء الفلسطيني هو سلطة وليس مجرد وظيفة .
وأكد في هذا الإطار أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بحيث لا يجوز لأي من هاتين السلطتين التدخل في أعمالها أو الانتقاص من وظائفها أو الحد من استقلالها ، وقد تطرق أبو شرار أيضا إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني الذي أقر في عدد من نصوصه مبدأ استقلال القضاء كسلطة ووضع الضمان لاستقلال القاضي.
وفيما يتعلق بإنجازات السلطة القضائية فقد استعرضها أبو شرار بادئا بالفصل في القضايا الذي وصلت نسبته إلى 168% من القضايا الواردة إلى المحاكم، ووصف الاختراق الذي حققته المحاكم قائلا "إن المحاكم نجحت في نهاية العام الماضي بالدخول إلى مرحلة الاستقرار، وفي هذا العام دخلت في مرحلة التعافي".
و تطرق إلى تعزيز الرقابة الداخلية على أعمال المحاكم، وتواصل سياسات أتمتتها، ومواصلة الجهود في توفير بيئة ملائمة للتقاضي، إضافة إلى مواصلة التعيينات القضائية ،وأخيرا إعادة ثقة الجمهور بالقضاء.
كما وأعاز حماية استقلال القضاء إلى أربعة مؤيدات لهذا الاستقلال : الأول دستوري،والثاني جزائي،والثالث شعبي،والرابع ذاتي.
مناشدة الرئيس لإقرار التشريعات:
وفي نهاية كلمته ناشد أبو شرار الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض من أجل تمكين مجلس القضاء الأعلى من تطوير القضاء للعمل على إقرار مشاريع القوانين القضائية المقترحة من مجلس القضاء الأعلى الذي مارس حقه باقتراح هذه القوانين وفقا، للصلاحيات المخولة له بموجب المادة 100 من القانون الأساسي، واعتبر أن إقرار هذه التشريعات يشكل عاملا مساعدا لتطوير القضاء ويمكّن القاضي من السيطرة المبكرة على الدعوى كما يؤدي إلى سرعة البت في القضايا ويعالج العيوب التي اعترت تشريعات العدالة.
ومن جهة ثانية تناول علي خشان وزير العدل الفلسطيني تحسين نوعية وكفاءة تطوير العدالة والقضاء في فلسطين من خلال تبسيط وترشيد القوانين وإجراءات القضاء وقال أيضا أن تطبيق العدالة خدمة تقدمها الدولة للمجتمع وأضاف في هذا المضمار أن ذلك يهدف للحفاظ على الأمن الوطني والسلم المجتمعي.
نقيب المحامين يعترف بإقلاع القضاء نحو الإصلاح:
من جهته قال تحدث المحامين علي مهنا عن العلاقة الجدلية ما بين النهوض بالعدالة في فلسطين وما بين الانجاز الوطني وعلاقتهما المركبة معتبرا أن القضاء لم يصل إلى مرحلة الكمال، مشيرا الى أن القضاء قد أقلع واستطاع أن يحقق العديد من الاختراقات العامة في مسائل القضاء وفي سياق حديثه عن النواقص أوضح أنها كثيرة خاصة فيما يتعلق بالرزم القضائية وقانون العقوبات والاجراءات الجزائية، وفي نهاية كلمته قدم علي مهنا الشكر للقضاة على جهودهم في تنفيذ ما قد تم انجازه.
العلاقة مع المجتمع المدني:
وفي كلمة أخرى ألقاها الدكتور عزمي الشعيبي مفوض عام ائتلاف "أمان" تناول فيها جوانب عدة اكد في احداها من مصلحة المجتمع المدني بناء سلطة قضائية قوية تخضع لمعايير وأسس واضحة وأن تتمتع بالشفافية.
وبين الشعيبي أن السلطة القضائية يجب أن تخضع للمساءلة وتقدم التقارير وتنشر المعلومات وتسمح للصحافة بمراجعة هذه التقارير التي تصدر على اعتبار أنها حق للمواطنين.
قاضي القضاة : اعتزاز بانجاز
واختتم الإحتفال بكلمة من فضيلة الشيخ تيسير بيوض التميمي، قاضي القضاء في المحاكم الشرعية، أعرب فيها عن سروره بالإنجازات التي حققها القضاء النظامي، ووجه انتقادات لادعة الى استمرار تهميش القضاء الشرعي، وعدم اعتباره في التشريعات كجزء من السلطة القضائية.
وادار الاحتفال الناطق الإعلامي في السلطة القضائية ماجد العاروري، وحظي الإحتفال بتواجد مميز لوسائل الإعلام.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس عباس :
الأخ العزيز الأستاذ عيسى أبو شرار المحترم.
رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى.
الأخوة والأخوات أعضاء مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ، وأعضاء محاكم الاستئناف والبداية والصلح – المحترمات والمحترمين.
أيها الحفل الكريم،
بداية أود أن أنقل إليكم تحيات سيادة الأخ الرئيس محمود عباس ( أبو مازن)، واعتزازه وتقديره لدوركم في بناء وإدارة السلطة القضائية في بلادنا، ونخص بالذكر الانجازات الجمة التي حققتموها العام الماضي 2008، وذلك رغم كل العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في طريق بناء وعمل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك في ظل الظروف الاستثنائية الناجمة عن سيطرة انقلابيي حركة حماس على قطاع غزة؛ بما في ذلك على المجلس القضائي وتشكيل ما يسمى " مجلس العدل الأعلى" الأمر الذي أثر بصورة مباشرة على حق المواطنين بالتقاضي أمام المحاكم الفلسطينية في قطاع غزة.
في هذا اليوم الذي تحتفلون فيه بيوم القضاء الفلسطيني، نؤكد لكم ولكل شعبنا على التمسك الحازم بما جاء في القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية وفي قانون السلطة القضائية بأن السلطة القضائية في بلادنا يجب أن تبقى مستقلة ويحظر على كافة المسئولين التدخل في القضاء أو شؤون العدالة، وأن القضاة، كذلك، مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.
وإن السلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس وحكومته ستواصل العمل من أجل بناء دولة العدالة والقانون، وصون حقوق وحريات المواطنين وممتلكاتهم، والتعاون الكامل مع السلطة القضائية وتعزيزها ورفدها بالموارد المالية والبشرية وكل ما تحتاجه من إمكانيات واحتياجات لوجستية لإعداد وتأهيل وتدريب الكادر القضائي وإنشاء المحاكم وتجهيزها، وعلى كل أجهزة ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية الأمنية والمدنية أن تلتزم بسيادة القانون وتحترم القضاء، وأن تمتنع بشكل كامل عن التدخل في القضاء وفي مجرى القضايا المدرجة أمام المحاكم، وعدم تعريض الأحكام التي تصدر عنها لأي تأخير أو عرقلة في التنفيذ.
وإننا ندرك أن الدور المفقود للمجلس التشريعي، منذ وقوع الانقلاب الحمساوي في قطاع غزة، أدى إلى تأثير سلبي على مجمل الوضع الفلسطيني بما في ذلك على تشريع القوانين وعلى عمل القضاء، ولذلك نحن مصممون على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفقاً للاستحقاق الدستوري قبل يوم 25/01/2010، حتى يتم الحفاظ على شرعية مؤسسات السلطة الوطنية، وليكون لدينا مجلس تشريعي فاعل وقادر على إقرار قوانين عصرية ترسخ الديمقراطية وتحقق المساواة والعدالة في المجتمع الفلسطيني وتمكن السلطة القضائية من ممارسة مهامها بشكل موحد في قطاع غزة والضفة الغربية ومعالجة كل القضايا التي تطرح عليها.
وإننا نتطلع إلى مواصله الحوار الوطني الفلسطيني الشامل في مطلع تموز المقبل برعاية القيادة المصرية في القاهرة وبدعم من جامعة الدول العربية، وندعو جميع القوى والشخصيات التي ستشارك في جلسات الحوار إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق على إنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة من خلال التوافق على تشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها القوى السياسية والشخصيات المستقلة؛ تلتزم بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها وفي مقدمتها بمبادرة السلام العربية، وبحيث تتعاون هذه الحكومة مع اللجنة المركزية للانتخابات للإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل يوم 25/01/2010، وتعمل على إعادة توحيد المؤسسات الأمنية والمدنية للسلطة الوطنية في قطاع غزة والضفة الغربية، وايلاء اهتمام خاص لإعادة بناء قوات وأجهزة الأمن الفلسطينية في قطاع غزة وبمساعدة عربية من أجل توفير الأمن للمواطنين وكذلك للعملية الانتخابية، وإعطاء الأولوية لإعادة إعمار قطاع غزة.
إن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة لمؤسسات السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية وتفعيل وتطوير مؤسسات م.ت.ف سيعزز الموقف الفلسطيني والعربي في مواجهة سياسة الحكومة الإسرائيلية المستمرة في هدم المنازل في القدس وتوسيع الاستيطان في عموم أنحاء الضفة الغربية، والتهرب من تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها وفقاً للاتفاقيات الفلسطينية-الإسرائيلية وقرارات الشرعية الدولية بما فيها خطة خارطة الطريق التي أصبحت قرارا لمجلس الأمن الدولي رقم 1515.
إننا ندعو المجتمع الدولي وفي المقدمة أعضاء اللجنة الرباعية الدولية الممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي والسكرتير العام للأمم المتحدة، إلى عدم الاكتفاء بالإعلان عن مواقفهم الايجابية بشأن عدم شرعية الاستيطان، والتمسك بحل الدولتين؛ بل وندعوهم أيضا إلى ممارسة الضغوط الفعلية واتخاذ القرارات ووضع الآليات الكفيلة بإلزام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ كل الالتزامات المترتبة عليها في المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق وفي مقدمتها وقف كل أشكال العدوان والحصار على شعبنا، وكل أشكال التوسع الاستيطاني في سائر أنحاء الضفة الغربية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشرقية، وعلى أن يشمل ذلك ما يسمى " النمو الطبيعي للمستوطنات "؛ وذلك حتى يتم تهيئة الأجواء لاستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية حول قضايا الوضع النهائي من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ومبادرة السلام العربية.
أكرر في الختام تحيات سيادة الأخ الرئيس وكل أركان القيادة الفلسطينية لكم وتقديرها العالي للانجازات التي حققتموها والجهد الكبير الذي بذلتموه، ومعا وسويا ويدا بيد سنبني دولة القانون والمؤسسات: الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ولن تذهب دماء الجرحى والشهداء وعذابات المعتقلين سدى، ونتوجه لكل هؤلاء المناضلين الأبطال بالتحية، وسنبقى الأوفياء لنضالاتهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.