الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

فروانة: معاناة الأسرى خلال عامي الإنقسام تفوق معاناتهم خلال 40 عاما

نشر بتاريخ: 14/06/2009 ( آخر تحديث: 14/06/2009 الساعة: 14:26 )
غزة- معا- أكد الأسير السابق، الناشط المختص في الدفاع عن الأسرى عبد الناصر فروانة، اليوم الاثنين أن الحركة الأسيرة عانت خلال عامين من الانقسام وتعرضت لجملة من القوانين المجحفة والإجراءات التعسفية والإنتهاكات الجسيمة يفوق ما عانته وتعرضت له خلال أربعين عاماً من الإحتلال منذ النكسة ولغاية اليوم.

واكد فروانة في بيان وصل "معا" نسخة منه في الذكرى الثانية للإنقسام بأن الإنقسام وما ترتب عليه من نتائج سلبية كان من الأسباب الرئيسية التي أدت الى تفاقم معاناة الأسرى، ووفر لإدارة سجون الاحتلال أرضية خصبة وفرصة غير مسبوقة للإستفراد بهم و التمادي بانتهاكاتها واجراءاتها وتصعيدها وسن بعض القوانين الظالمة.

وأوضح فروانة أن انجازات الحركة الأسيرة آخذة بالتقلص والتلاشي، فيما كانت تزداد وتتسع قبل الانقسام مبينا ان الانقسام أدى إلى تحقيق ما عجزت عن تحقيقه إدارة السجون خلال أربعين عاماً بنسب متفاوتة من خلال محاولاتها المستمرة لتشويه صورة الأسرى أمام الرأي العام العالمي والإنتقام منهم من خلال منظومة اجراءات وقوانين تشريعية ووزارية، ومحاولة تحويل السجون لأماكن للإستثمار والربح، وإهانة الأسرى والتعامل معهم وكأنهم سلعة أو بضاعة دون أية قيمة إنسانية أو حقوقية.

وقال: "الإنقسام أتاح لإدارة السجون الأرضية للتعامل معهم والفصل فيما بينهم وفقاً للسكن والانتماء الحزبي والتهمة أحياناً، وتغذية الإختلافات والتعارضات الداخلية ما أفقدهم وحدة القرار في المواجهة والتصدي، فتَسرَب الإحباط واليأس الى نفوسهم، وتسلل لديهم شعور بالعجز وعدم القدرة على الرد على انتهاكات السجان والدفاع عن الإنجازات السابقة، فشكَّل ذلك خطورة واضحة على حياتهم وعلى كل ما أنجزته الحركة الأسيرة طوال أربعين عاماً".

ورأى فروانة أن أبرز ما ميز الحركة الأسيرة خلال أربعة عقود سبقت الإنقسام كانت وحدتهم ووحدة من يقف خلفهم ، وتسلحهم بمعنويات عالية وشعورهم بالقوة والقدرة على مواجهة السجان والتصدي لإستفزازاته وانتهاكاته في أي وقت ،مبيناً أن الحركة الوطنية الأسيرة استطاعت بوحدتها وتماسكها أن تنتزع حقوق أساسية وأن تحقق انتصارات عدة وأن تحدث تغييراً جذرياً على ظروف الحياة الإعتقالية وآلية التعامل معهم من قبل السجان وحتى من قبل الجهات السياسية الإسرائيلية.

وأكد أن كافة الأسرى في المقدمة منهم الشهداء الأسرى ضحوا وناضلوا واعتقلوا وأفنوا زهرات شبابهم وسنوات طويلة من أجل قضية مقدسة موحدة غير قابلة للتجزئة أو القسمة من أجل وطن واحد ودولة مستقلة واحدة عاصمتها القدس الشريف وليس من أجل وطن مقسم ، ونسيج اجتماعي مفكك بشكل غير مسبوق، ومجتمع ممزق يتشاجر فيه الإخوة ويتقاتل فيه المقاتلون.

وأعرب فروانة عن خشيته من استمرار الإنقسام واتساع خطورة تأثيره وتوابعه الى ما هو أكبر وأخطر من ذلك بكثير على الحركة الأسيرة، وأن يقضي على كل ما حققته من انجازات طوال أربعين عاماً مضت، وأن يعيد أوضاعها الى ما كانت عليه عام 1967 بل واسوأ.

وقال : "إذا لم يتحرك الجميع من الآن وقبل فوات الأوان لإنهاء الإنقسام والوقوف كرجل واحد خلف الأسرى، فان الانتهاكات ستستفحل، وربما حينها تضطر الحركة الأسيرة للبدء من الصفر في خوض نضال جديد وتقديم قوافل جديدة من الأسرى شهداء".

وأوضح فروانة بأن الإنقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية منذ الرابع عشر من حزيران عام 2007 ، مزقّ الوطن والمجتمع، وفتت وحدة النسيج الإجتماعي للشعب الفلسطيني لاسيما في قطاع غزة الى جزيئات قائلا: "الانقسام أضعف نضالنا وأدى لتراجع مقاومتنا، وامتد ومزقَّ وحدة أسرانا وأذاب متانتها ولين صلابتها وأحدث شروخات كبيرة بين صفوف ذويهم ووحدة من يقف خلفهم".

ورأى فروانة أن قضية الأسرى لم تعد على سلم أولويات الفصائل وانحصرت قضيتهم داخل الدائرة الاجتماعية الأولى للأسرى ونفر قليل من المهتمين والنشطاء والأسرى المحررين، منوها إلى أن الانقسام كان من الأسباب الرئيسية في تراجع اهتمام مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين بقضية الأسرى بشكل ملحوظ ، لصالح القضايا الخلافية والإنتهاكات الداخلية والإعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال: "هذا الوضع المؤلم أضعف قدرتنا على الضغط والتأثير على المؤسسات الدولية التي هي بالأساس صامتة وغير مبالية لما يجري في سجون الإحتلال، ما أدى الى ترسيخ غياب الملاحقة والمحاسبة لمرتكبي تلك الإنتهاكات والجرائم، فاستفحلت بعضها وباتت جزء ثابت من واقع الحياة الإعتقالية، والبعض الآخر متوقع أن يكون كذلك إذا بقيت الأحوال على حالها"، مشددا أن الانقسام أدى لتغييب قضيتهم على المستوى العربي والإسلامي، وانعكس سلباً على اهتمام وسائل الإعلام بقضيتهم ، وغدى هذا الإهتمام موسمي وذلك لصالح قضايا ناتجة عن الإنقسام.. الخ.

وأكد فروانة أنه لا يمكن للحركة الأسيرة داخل الأسر أن تدافع عن انجازاتها التي تحققت بدماء شهدائها ومعاناة وعذابات مئات الآلاف من المعتقلين، ولا يمكن لها أن تنتصر دون إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الجغرافية لشطري الوطن والوحدة الوطنية المتينة للشعب الفلسطيني وإعادة الاعتبار لقضية الأسرى.

وبحسب فروانة فان خلال عامين من الانقسام اعتقلت قوات الاحتلال قرابة 13000مواطن ومواطنة بمعدل 18حالة اعتقال يومياً، منهم قرابة 2600من قطاع غزة والباقي من الضفة الغربية والقدس، وسجل خلال نفس الفترة قرابة 4000قرار اعتقال إداري ما بين اعتقال جديد وتجديد الإعتقال موضحا أن تلك القرارات طالت أطفال ونساء وشبان وشيوخ، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، ووزراء في حكومات فلسطينية سابقة، فيما أبعد خلال نفس الفترة العديد من الأسرى والأسيرات الى الأردن والى قطاع غزة لأسباب مختلفة.

وفيما يتعلق بالأسرى القدامى فبعد عامين من الإنقسام ارتفع عدد عمداء الأسرى ممن أمضوا أكثر من عشرين عاماً ليصل الى مائة "100أسير" أمضوا ما مجموعه 2289 سنة، بعدما كان عددهم "64 أسير" في 14 حزيران من عام 2007، فيما دخل كافة الأسرى القدامى المعتقلين قبل أوسلو وعددهم "327" أسير إلى قائمة من أمضوا أكثر من 15 عاما.

وأوضح فروانة بأنه وخلال عامين من الإنقسام إلتحق "7 أسرى" بقائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة أربعة من الضفة الغربية واثنين من قطاع غزة، وسابع من القدس ، ومن بين هؤلاء خمسة أسرى استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي وهم شادي السعايدة، عمر المسالمة، فادي أبو الرُّب، فضل شاهين ، جمعة موسى ، هذا بالإضافة الى الشهيد محمد الأشقر الذي استشهد في معتقل النقب بعد إصابته بعيار ناري في الرأس في أكتوبر 2007، والشهيد فواز فريحات من جنين الذي أعدم بعد اعتقاله مباشرة، لترتفع بذلك قائمة الشهداء الى ( 196 ) شهيداً منذ العام 1967 ولغاية اليوم فيما تفشت الأمراض الخبيثة والسرطانية بين صفوف الأسرى.

وتابع فروانه: "هذا لا يعني بأنه لو لم يكن هناك انقسام، لما كان هناك إعتقالات وانتهاكات بحق الأسرى ، ولكن كان بالإمكان بوحدتنا صون مكانة قضية الأسرى ومساندتها ووضع حد لما يتعرضون له، وبدلا من أن تفقد الحركة الأسيرة إنجازاتها وأن تتمادي إدارة السجون في انتهاكاتها كان بالإمكان الحفاظ على تلك الإنجازات، وتحقيق المزيد من الإنتصارات وتحسين شروط الحياة الإعتقالية".

وناشد فروانة الفرقاء المتخاصمين الى التحلي بالمسؤولية وبصدق النوايا وبروح الإخوة وبسماحة تعاليم الإسلام، والعمل الجدي لإنهاء حالة الإنقسام والتشرذم، وعودة الوحدة لشطري الوطن وللنسيج الإجتماعي الفلسطيني، وفاءً لدماء الشهداء، ومعاناة الأسرى ونضالاتهم، واحتراماً لتضحياتهم وصوناً لكرامة الشهداء منهم.