الأحد: 13/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

جلسة ثقافية حول"تأثير الاقتصاد العالمي على الوضع الاجتماعي العربي"

نشر بتاريخ: 17/06/2009 ( آخر تحديث: 17/06/2009 الساعة: 14:26 )
نابلس- معا- نظم المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني "تنوير" جلسة ثقافية بعنوان "تأثير الاقتصاد العالمي على الوضع الاجتماعي العربي"، تحدث فيها الدكتور فيصل الزعنون، المحاضر في جامعة النجاح الوطنية، واشرف على إدارتها الدكتور وائل التكروري.

وتطرق التكروري في مستهل حديثه إلى الحلم لمختلف دول العالم في تحقيق معدل للنمو الاقتصادي العالي، وتحقيق مستويات عالية من العمالة، والوصول إلى أسعار مستقرة، وتوازن في العلاقات الاقتصادية الخارجية، لكن ما نشاهده هو الفوضى الإقتصادية العارمة التي قوضت البنى الاجتماعية، ولم تلبِ الحاجات الأساسية لغالبية السكان، وزادت من نسبتي البطالة والفقر في العالم العربي.

بدوره د. فيصل الزعنون أكد أن النظام الرأسمالي قائم على الحراك الاقتصادي والطبقي السريع جدا، وربط هذا الحراك في مظاهر انتعاش مؤقتة وليست دائمة، لأن الاقتصاد والمال والسياسة تتمركز في يد قلة مهيمنة عليها، وتتلاعب بها، ولم تتبع الاقتصاد، المخطط، والممنهج، وإنما تقوم على قوانين المضاربات والمنافسة وفوضى الإنتاج.

وذكر الزعنون أن الأزمة العالمية تنعكس سلبا على العالم العربي لأنه مرتبطا وتابعا بالنظام الرأسمالي، لذا فهو يتفاعل معه بما يريده المركز الرأسمالي ولم يتفاعل معه باستقلالية، موضحا ان هذه التبعية كان لها أثر مدمر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي العربي مما زاد من نسبة الفقر المدقع، والبطالة الاجتماعية، وزاد من تقيد الحريات العامة والقمع لأي احتجاج على السياسة الاقتصادية، خلافا لدول المركز التي تطلق العنان للديمقراطية الهامشية ولم تقمع المظاهرات الاحتجاجية لأنها دول قانون ودستور وما عليها إلا أن تسمع لمواطنيها دافعي الضرائب.

وتطرق د. الزعنون للبنية العشائرية في العالم العربي التي تطورت الى بنية طبقية، مبينا الفارق في طرق معالجة الأزمات بين الدول العربية والرأسمالية. ففي الوقت الذي تلجأ فيه الدول العربية للقمع العسكري والاستخباراتي تلجأ الرأسمالية للحلول العقلانية، فتراها دوما تجد الحلول الجزئية للتعايش الطبقي الداخلي في حالات الطوارئ ومن ثم تصدر أزماتها إلى الدول الأخرى وفق سياسة عسكرة الاقتصاد وتصدير الحروب وخلق بؤر توتر عالمية.

وبين د. الزعنون أن الدول الرأسمالية فتحل مشاكلها الاقتصادية والمالية على حساب دول العالم الثالث وخاصة على حساب خيرات المجتمعات العربية التي تملك أكبر احتياطي نفط في العالم، ففي الوقت الذي يصل فيه احتياطي بريطانيا من النفط 4666 مليون برميل فإن احتياطي العراق وحدها حوالي 125800 مليون برميل والكويت ( المحرر) لديه 99000 مليون برميل.

ثم اضاف د. الزعنون أن الأزمة المالية تحل على حساب الفقراء الذي اعتبرهم ضحايا، سواء كانوا في الدول التابعة أوفي الدول الرأسمالية. فبدلا من أن يتم دعم العاطلين عن العمل والفقراء وزيادة حصصهم في الانتعاش والرفاه والعلم والصحة تقوم الرأسمالية بدعم الشركات الاحتكارية الكبرى مقتطعة الدعم المالي من حصص الضمان الاجتماعي والضرائب والتقاعد كما فعل بوش الابن الذي اقتطع 50 مليار $ وقدمها دعما للبنوك والشركات الكبرى.

وتحدث د.الزعنون عن اتساع الفجوة بين الرأسمالية وبين العمال وبين الأنظمة العربية وشعوبها، واتساع الهوة بين الراسمالية والدول النامية، مبينا انخفاض الاستثمارات العقارية في دول الخليج الى النصف، أي أنها فقدت 62 مليار دولار في الجانب العقاري وحده في نصف العام 2008 و30 مليار في منتصف العام 2009، معتبرا هذه الخسائر أرقاما فلكية تم استدرارها من جيب المواطن العربي بطرق الاحتيال والالتفاف على حساب تنميته ورفاهه وصحته وقضاياه الوطنية والقومية.

وتساءل الزعنون لماذا وصلت الأزمة إلى هذا الحد علما أن الرأسمالية هي اللاعب الوحيد في الميدان ولم يعد أمامها أي منافس كما حدث وقت الحرب الباردة؟.

واستخلص د. الزعنون من ذلك كله افتعال الرأسمالية للأزمة لشفط الاحتياطي من العملات لدى الدول الأخرى كالصين والدول العربية وغيرها، ثم خلص الى أن انتخاب الرئيس أوباما لم يتم الا لتجميل الصورة الرأسمالية في وجهها الديمقراطي. وتنبأ بحتمية زوال الرأسمالية بعد ذبول وإفلاس الأطراف، أي الدول التي تدور في فلكها.

وخلص المتحاورون في الجلسة إلى رفع التوصية التالية استشرافا للمستقبل؛ إن التنمية في الدول العربية لا تتم إلا بفك التبعية مع الخارج والانتباه الى السوق العربية التكاملية، واستخدام العقلانية والتنوير لعلم الاجتماع التطوري، وذلك باستخدام سياسة التدرج في الحلول وفق خطط سنوية وعشرية.

ودعا الى إعادة الاعتبار للقطاع العام بدل الملكية الخاصة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، لأن الملكية الخاصة تعظم الربح معتبرة العالم العربي كازينو قمار كبير والعمل على تحفيز الديمقراطية الشعبية بدل ديمقراطية رأس المال.