الثلاثاء: 24/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

المنتدى التنويري في نابلس يعرض مسرحية "أخر العنقود"

نشر بتاريخ: 27/06/2009 ( آخر تحديث: 27/06/2009 الساعة: 16:09 )
نابلس - معا - عرض المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني "تنوير"، على مسرح بلدي نابلس، الذي اكتظ بعشرات الحضور ورواد المسرح، المسرحية الاجتماعية الكوميدية الهادفة، الحائزة على الجائزة الأولى في عروض مسرح مركز الدراسات النسوية ( مسرحية آخر العنقود ).

د. يوسف عبد الحق، رئيس مجلس إدارة المنتدى التنويري، رحب بالحضور، مؤكدا على أهمية الفن الملتزم لارتباطه الوثيق بتربية الفرد ومتطلباته الروحية والذهنية والأخلاقية، ولتمثيله الدلالة على العصر والمستوى الأخلاقي للشعوب، واعتبره زينة الشعوب الحرة لكونه يدعو للحرية والإبداع ، ويرفع العزة الوطنية، ويتسامى بالجنس البشري إلى أرقى مستويات الجمال والإنسانية.

وطالب بأن يكون لنابلس مسرح كبير على غرار المسارح القومية الكبرى لأنه دليل حضارة، وشكر أسرة المسرحية والمخرج الذين يبدعون مسرحا ملتزما في ظروف استثنائية وبإمكانيات متواضعة دون دعم يذكر.

جسد أدوار المسرحية الشاب المميز عدنان البوبلي، والزهرات الواعدة، أمل التكروري وديما يونس ورناد البزرة ومي يونس. ومن الأشبال، مثل وأبدع، جواد باكير وضياء سمارو.

الفنان طاهر باكير أخرج العديد من المسرحيات على مدار عقد من الزمن ومن أهمها، الثيران الثلاثة، صاحب الصورة، سلمى والحاكم، عائلة ح ، وطن الطائر.. وغيرها، عدى عن كونه فنانا ومخرجا، فانه كتب وألف معظم مسرحياته.

طرح باكير عبر هذه المسرحيات الكثير من القضايا الاجتماعية، والفكرية والسياسية، رافضا الفن من أجل الفن، معتبرا الفن ليس محايدا عن معاركنا المصيرية.

ومسرحية (آخر العنقود ) التي عرضت على مدى 40 دقيقة، تطرقت إلى حزمة من الأفكار والقضايا الحساسة داخل الأسرة الفلسطينية، كتهميش دور المرأة، وتكريس دور الرجل كسلطة عليا في العائلة، و تطرقت إلى الزواج المبكر وإهمال التربية والتعليم للأنثى، وقسوة معاملة البنات رغم تفوقهن، وتمييز الذكر الوحيد ( حريص ) كآخر العنقود رغم سلبيته وسوء أخلاقه وتصرفاته.

اللافت في المسرحية هو جمالية أسلوب عرضها باستخدام تقنية ( الظل ) المدعمة بأدوات الإضاءة والمؤثرات الموسيقية كعناصر دالة على وظيفة الحدث.
الحركات الإيمائية للممثلين والحوارات الحية وما رافقها من موسيقى صاخبة ودقات الساعة، كلها عناصر مشغولة بدقة وحرفية عالية خلف الظل، أبهرت المتلقي وكأنه أمام جدارية تشكيلة متحركة استحقت شد انتباه الحضور، لحظة بلحظة، مترقبا مخاض الحدث، وزودت المشاهد بلذة ومتعة روحية لم يجدها في فنون اخرى.

مساعد المخرج، مهندس الصوت والإضاءة للمسرحية، الناقد سعيد سعادة، أبان أن استخدام أسلوب (الظل ) كتقنية قصدية واضحة من قبل المخرج ( باكير) لتحريك الأحداث وإزاحتها للزمن الماضي تارة وللحاضر تارة أخرى، فلعب على عنصر الزمن ليري من خلال (الظل ) أن رواسب الماضي لا تزال فاعلة ومؤثرة في الحاضر، فكان الزمن أفقيا في المشاهد الأولى، بمعنى أنه ماضٍ معاد بالاسترجاع دون نقله بحرفية، ودون الانتماء له بشكل مباشر، وإنما استرجاعه وقراءته عبر المنولوج الظلي الذي قدم في المسرحية.

من خلال النقاش الذي جرى بين المخرج والجمهور، أجمع الجمهور على جمالية المسرحية، وأسلوبها الشائق والشائك والممتع والموجع. لقد أوصلت المسرحية رسالتها بسلاسة وعفوية، فكانت صادقة من خلال توحد العناصر الفنية في المضمون والشكل وجمالية الأسلوب وعنصر الزمن، فاعتبرها البعض بأنها جرح اجتماعي موغل في القلب والزمن لأنها استفزت وحركت الآسن في دواخلنا وعقولنا بأسلوب السهل الممتنع والمضحك المبكي.