الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من صنع النـصـر لحمـاس : اسرائيل أم فـتـح أم كلاهما ؟؟

نشر بتاريخ: 27/01/2006 ( آخر تحديث: 27/01/2006 الساعة: 11:20 )
معا - كتبت مراسلة صحيفة الرأي الاردنية امال شحادة من الناصرة تقريرا يفسر فوز حماس فقالت : لا يختلف اثنان ان النتائج التي أحرزتها حركة المقاومة الاسلامية «حماس» كانت مفاجئة ليس فقط لحماس التي رفضت قيادتها الاعلان حتى ساعات من صدور النتائج الاولية عن احتمال تفوقها على «فتح»، انما الفلسطينيون الذين ادلوا باصواتهم لهذه الحركة واسرائيل واجهزتها الامنية، التي اعلنت بكل صراحة عن فشل عملها في تقييم الوضع، وايضا حركة «فتح» التي حاولت ان تظهر خلال يوم الانتخابات انها الاقوى، متجاهلة الاحداث التي عصفت بها وزعزت الاركان التي على اساسها اقيمت هذه الحركة.

والسؤال الذي طرح بحدته امس: ما الذي حصل ومن المسؤول؟
فقط قبل عدة اشهر كانت المظاهرات ستنطلق من قطاع غزة ضد مطلقي صواريخ القسام، في وقت كانت حركة «حماس» هي الرائدة في هذا الجانب من مقاومة الاحتلال . في حينه كان الحديث عن مظاهرات صاخبة واحتجاجات واسعة لان الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على تحمل الوضع. فنسبة ليست قليلة من هذه الصواريخ تصلهم عن طريق الخطأ وتسبب لهم المعاناة والخسائر الجسدية والمادية واذا اصابت الهدف ووصلت الى البلدات الاسرائيلية فانهم ايضا الضحية في رد اسرائيل باطلاق القذائف او الصواريخ ،وفي اخف انواع العقاب فرض الحواجز ومنع التجول وعدم اصدار تصاريح عمل للفلسطينيين، وكل هذا يخلق معاناة اشد واقسى ..

من هنا بدأ الفلسطينيون يعبرون عن معاناتهم ورفضهم لظاهرة التسلح واطلاق الصواريخ، وفي استطلاعات الراي ابدوا رغبتهم بالسلام والتفاوض مع اسرائيل، ما فهم رفضهم للتنظيمات المسلحة وعلى راسها حماس التي ترفض التفاوض مع اسرائيل بل لا تعترف بها وترى بالمقاومة المسلحة الطريق لتحرير فلسطين.

هذه المظاهرات، وكما علمنا في حينه، توقفت بعد تهديدات وضغوطات وتخوف من اشعال حرب اهلية ،الا ان الفلسطينيين لم يتحرروا من حالة الغضب .

الى هنا الوضع يطمئن حركة «فتح» التي كانت البديل الاقوى للفلسطينيين وكما يطلقون عليها مشروع القضية الفلسطينية. لكن هذا الاطمئنان لم يدم طويلا فالصورة اليوم انقلبت راسا على عقب وباتت الاكثرية الفلسطينية تثق بحماس ومن هنا ياتي الرد على الشطر الاول من السؤال هل فتح هي المسؤولة؟.

في استعراض سريع للاحداث التي شهدتها الاراضي الفلسطينية خلال السنة الماضية نجد ان انقلابا حقيقيا حدث داخل حركة فتح ، اتسم في مظاهر التسلح والعربدة وعدم احترام القانون .والكلمة المختصرة لكل هذه الصفات، الزعرنة. جماعات مسلحة تنتشر في الاراضي الفلسطينية. تهدد. تقتل. تتمرد. تسيطر على ابنية المؤسسات الفلسطينية وتخطف، وتشكل ايضا خطرا على حياة الناس . هذه الممارسات كانت الضربة القاضية لفتح .

فقد جعلت كل فلسطيني يرى بهذه الحركة ، ليس فقط العاجزة عن تحقيق الامن والامان له، بل انها السبب في تحويل حياة كل واحد الى معاناة وكابوس. وبالمقابل السلطة عاجزة عن مواجهتهم وحتى عن معاقبة المذنبين بينهم. هذه المجموعات هي التي سيطرت على قوائم الانتخابات وفازت في البرايمرز بدل العاقلين الذين خسروا اماكنهم وعزلوا عن الحياة السياسية. احد هؤلاء في جنين اطلق على نفسه «هتلر» وحسب انه في هذه الطريقة يقنع الفلسطيني انه الزعيم المنقذ له ومخلصه من المعاناة ومن الاحتلال.

وجنبا الى جنب فان ظواهر الفساد التي طفت على السطح والصقت التهم بالكثير من القياديين جعلت كل فلسطيني يرى بقيادة فتح المستفيدة من الحكم على حسابه.

من هنا اراد الفلسطينيون التعبير عن غضبهم وجاء ذلك في صناديق الاقتراع رغم عدم قناعة الكثيرين بانهم سلكوا طريق الصواب في معاقبة فتح، وهذا ما سمعناه من البعض الذين استيقظوا على انفسهم وهم يشاهدون نشطاء حماس يطوفون الشوارع بسلاحهم ليعبروا عن فرحة الانتصار.

اما اسرائيل ، فليس فقط الاطراف الفلسطينية المهزومة تقول انها هي التي صنعت «حماس» بل شخصيات منها . رئيس حزب ميرتس ـ ياحد كان الاقرب للحقيقة عندما قال ان خطة الانسحاب من طرف واحد هي التي قدمت الدعم الكبير لحماس. فاسرائيل بخطتها هذه ارادت ان تظهر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ضعيفا غير قادر على السيطرة على الوضع في الاراضي الفلسطينية وعاجزا امام التنظيمات الفلسطينية. وفي تكرار رفضها اعتباره شريكا للمفاوضات عززت لدى الفلسطيني الرغبة في البحث عن بديل آخر. فلم توقف ممارسات القمع الاحتلالية يوما واحدا منذ تسلم ابو مازن السلطة : فاذا اوقفت الاغتيالات لم توقف الاعتقالات . واذا جمدت عمليات الاجتياح ، لم توقف مشاريع الاستيطان.

وفي اليوم الذي مر بهدوء في الميدان ، حرصت على اطلاق تصريحات استفزازية حول القدس «العاصمة الموحدة الى الأبد لاسرائيل» وحول قضية اللاجئين ورفض الاعتراف بحقهم وغيرها . وظلت تتربص بابو مازن مع كل عملية مقاومة ، حتى لو كانت عملية فردية او حتى عملية فاشلة وجعلت من كل اطلاق صاروخ «قسام» قضية كبرى وكأنها سلاح كيماوي ...

والحكومة الاسرائيلية برئيسها المريض ارييل شارون كانت قد حسمت موقفها من ابو مازن منذ توليه منصب الرئاسة. فلم ترق لها سياسته فزعمت ضعفه ودعمه للتنظيمات المسلحة وخاصة «حماس» وعدم محاربتها وسعت الى فرض حرب داخلية ضد ابو مازن في محاولة لتأليب الجمهور الفلسطيني على قيادته الجديدة بحيث يقال ان طريق «ابو مازن» لا تجدي نفعا وهي لن تحمل للفلسطينيين الخير».

وهذا ما حصل ولكن بنتيجة ليست كما خططت لها اسرائيل. وربما بعد انقلاب امس تكون القيادة الاسرائيلية قد ادركت ذلك وليس صدفة ان يدعو المجلس الوزاري المصغر لعقد جلسة طارئة لبحث تداعيات نتائج الانتخابات.

ولعل ايهود اولمرت يدرك انه اليوم امام امتحان حقيقي وان الحاجة تتطلب تغيير سياسته. فحالة الغليان التي انعكست من خلال تصريحات مسؤولين اسرائيليين والتشديد على عدم التعامل مع حماس والسعي لاقناع الولايات المتحدة واوروبا بوقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية، اي فرض عقاب جماعي على الفلسطينيين ستؤدي حتما الى حدوث كارثة في المنطقة.

ولا شك ان على حماس ايضا تقع مسؤولية كبيرة. فوجودها في السلطة يحتم عليها ان تسلك طريقا آخر باحداث تغيير تكتيكي وربما يأتي هذا باعلانها من طرف واحد عن وقف العمل المسلح والتوجه نحو الطريق السلمي.