"مسلسل الفريق" قراءة من داخل النص والعقد الدرامية
نشر بتاريخ: 29/06/2009 ( آخر تحديث: 29/06/2009 الساعة: 16:37 )
بيت لحم- معا- كتب حسن عبد الجواد- في خروج عن النص شاركت وزيرة السياحة والآثار الدكتور خلود دعيبس، في أداء مشهد درامي في مسلسل "الفريق" الذي تنتجه شبكة "معا" التلفزيونية بدعم وتمويل من المؤسسة الأمريكية البحث عن أرضية مشتركة.
وتم تصوير المشهد التلفزيوني في المركز الثقافي الاجتماعي في مبنى البوبرية، والذي كان يستخدم خلال القرون الثلاث الماضية كمحطة لاستقبال التجار من مختلف إنحاء فلسطين، واخذ قسط من الراحة فيه، من عناء السفر.
وتضمن المشهد الذي يتميز بواقعيته حوارا بين الوزيرة دعيبس، والممثلة المعروفة إيمان عون التي تلعب دور زينة "أم كرم" وهو دور رئيسي في مسلسل الفريق، الذي وفق مدير عام شبكة "معا" رائد عثمان سيتم عرضه على الشاشة الصغيرة خلال شهر رمضان المبارك.
دعوة للتعلم وكسر التقاليد
وخلال الحوار بين الوزيرة وزينة، حثت الدكتورة دعيبس "أم كرم" على مواصلة تعليمها الجامعي في مجال الحقوق، كإحدى الحلول الواقعية لمواجهة عادات ومفاهيم العائلة التقليدية، التي تقيد وتحاصر بناء شخصية المرأة الفلسطينية ، وتمنع تطورها ، وأداء دورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.
وتطرح الدكتورة دعيبس في سياق الحوار فكرة أن المرأة الفلسطينية تستطيع أن تكسر الحصار المضروب حولها بمجموعة من المفاهيم و التقاليد و القيم ، عندما تقول " لام كرم " أن الحقوق يتم انتزاعها و أخذها ، وبمعنى أخر انك ستبقين تعانين من حصار تقاليد العائلة ، إذا لم تقرري الشروع في استكمال تحصيلك العلمي الجامعي ، و فتح آفاق واسعة نحو العمل و الوظيفة و حقوق المرأة.
و تمثل أم كرم التي تعمل مدرسة تاريخ ، و تحمل شهادة دبلوم، ولديها مقومات الوعي لواجباتها و حقوقها، وهي شخصية رئيسية في المسلسل، وتمثل دور المرأة التي تكافح من أجل حقوقها في مجتمع ظالم، وغارق في العادات ، وقيم الحياة التقليدية المجحفة بحق المرأة ، تتصدر فيه القيم الذكورية في إدارة و سلطة الحياة الاجتماعية و الاقتصادية ، و السياسية.
وتقول أن فكرة المسلسل التي تدور حول الفريق الرياضي مقنعة، وهي انعكاس لتنوع المجتمع و تناقضاته الاجتماعية بكل مظاهرها و تجلياتها ، مشيرة إلى أن هذا التنوع هو أساس استمرارية و تكامل و تطور المجتمع، الذي لا يمكن أن يتطور بدون حركة الخصائص و العناصر الأخرى ، و بدون انتزاع حقوق للمرأة.
وتضيف أن مسلسل الفريق حافل بنماذج من النساء المثابرات و الفاعلات و الخانعات ، و الأدوار التي تعكس واقع المرأة الفلسطينية، مؤكدة أن المسلسل الذي تنتجه شبكة معا يؤسس لخطوات قادمة في صناعة المسلسلات التلفزيونية.
الحلم ومغزى الحياة
المخرج نبيل الشوملي، وهو كاتب سيناريو و حوار مسلسل الفريق يقول: أن فكرة المسلسل تعزيز لمقولة أن تحت هذه السماء و على هذا الأرض ما يستحق الحياة ، فالحياة بدون حلم تصبح شيئا مؤلما، في ظل حياة أصبح الألم و المعاناة و التشرد فيها هوية ، مؤكدا أن الحلم سلاح ماض و رئيسي في مقاتلة هذا الواقع الأليم و تغييره .
ويقول الشوملي أن لدينا مشكلة أساسية في ثقافة معالجة الأمور و القضايا الفكرية ، و الثقافة السائدة ، التي نتغنى بها في الصالونات الثقافية تصطدم بالواقع في التطبيق ، ويتحول المثقف إلى طبل أجوف جراء هذا الاصطدام ، ما يعكس درجة تخلف عالية في الإدارة و الممارسة.
وقال أن مجموعة من العقول النيرة اجتمعت لخلق مسلسل تلفزيوني بهدف مخاطبة عقل و قلب المشاهد ، من خلال طرح فكرة فريق كرة القدم ، الذي يمثل بالمعنى الواسع للكلمة فكرة الوطن ، مؤكدا أن المسلسل محاولة جادة لخلق دراما تلفزيونية أكثر نضوجا و احتراما ، و لهذا تكاتفت الجهود ، من أجل إعطاء دراما نوعية متقدمة تحمل فكرا متقدما، بمستوى فني و تقني ، و إداري لإنجاح هذا العمل.
110 شخصيات درامية
وقال الشوملي أنه متفائل بهذا العمل المليء بالعقد الدرامية ، وهو محاولة جادة لتحقيق دراما فلسطينية أكثر احترافا ، وبعيدة عن الثرثرة ، و يشارك فيها 110 شخصية ، بشخصيات درامية لفنانين محترفين لديهم خبرات لها خطوط واضحة في المسلسل ، من بدايتها و حتى نهاية العمل الدرامي ، كما أنه ليس هناك خروجا عن النص في مختلف الأدوار التي تطرحها فكرة المسلسل .
وبين أن الفكرة الرئيسية المباشرة لمسلسل "الفريق" هي تطوير مؤسسة النادي "نادي القدس" ليحتل مركزا مرموقا على المستوى الوطني والعربي والعالمي ، ويؤسس لنجاحات أخرى، عبر أدوار يقدمها 110 أشخاص من بينها 45 شخصية درامية فاعلة ، لها خطوط واضحة في المسلسل من بدايته، وحتى نهاية العمل الدرامي، والملتزمة بالنص و روحية الفكرة ، و تحمل أفقا مفتوحا تصاعديا بدون خاتمة تقليدية ، مشيرا إلى أهمية تكامل الأدوار في المسلسل، والابتعاد عن مفهوم البطل الأوحد ، حيث العديد من الأبطال و التنوع في الأفكار.
تنوع في الأدوار والعقد الدرامية
ويقول علاء العبد مسؤول الإنتاج في شبكة معا التلفزيونية، أن فكرة المسلسل تسلط الضوء على فريق كرة قدم في مؤسسة " نادي رياضي ثقافي اجتماعي، والجهود المبذولة لتمكن قدرات الفريق والمؤسسة، وفي سياق ذلك يمكن تسليط الضوء على جوانب أخرى مثل قصة حب إنسانية، والصراع مع الاحتلال، ومشاكل الحياة اليومية لقطاع الشباب، كما يقدم المسلسل النموذج الفلسطيني بصورة غير تقليدية، من حيث تنوع القضايا، التي يعاني منها الشباب الفلسطيني.
وأشار العبد أن المسلسل مكون من 30 حلقة و يتم تصويره في " 59 " موقع تصوير في مدن و مخيمات و قرى مختلف أنحاء المحافظات، ويشارك فيه حوالي 110 أشخاص بينهم 45 يمثل أساسي ، العديد منهم ممثلين محترفين، إلى جانب أدوار لممثلين من الشبان والشابات من الجيل الجديد، بالإضافة إلى مشاركة 13 شخصية نسائية ، و تبلغ ميزانية المسلسل نصف مليون دولار ممولة، من مؤسسة البحث عن أرضية مشتركة.
وأضاف كجهة منتجة فإننا نسعى من أجل تفعيل الدراما الفلسطينية، وتوفير الأجواء لتعزيز و تمكين القدرات الفنية للممثلين الفلسطينيين من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية، مشيرا أن هذا العمل هو الرابع لشبكة معا في مجال الدراما الفلسطينية، والذي يركز على القضايا الشبابية.
الأعلام وجدل الثقافات
وقالت سوزان جون ماركس نائبة رئيس مؤسسة البحث عن أرضية مشتركة، وهي مؤسسة تختص في حل النزاعات في العالم و التقارب بين الشعوب، وإيجاد ما هو مشترك بين الثقافات والحضارات، أن مؤسستها تقدم الدعم والتمويل لهذا العمل الدرامي، في أطار برامج الدعم التي تقدمها لشبكة "معا"، منذ سنين، والتي ساهمت في تطوير الشبكة، من حيث تدريب وتأهل الكوادر والتطوير التقني والإنتاج الدرامي، مشيرة أن مؤسستها تقوم بدعم المحطات التلفزيونية المحلية العاملة في إطار شبكة "معا" ودعم هذه البرامج، والتي هي جزء من برامج التطوير والدعم التي تقدمها لمؤسسات مثيلة في أنحاء مختلفة من دول العالم.
من جهته عبر رائد عثمان مدير عام شبكة "معا"، الذي قدم شكره لمؤسسة البحث عن أرضية مشتركة، عن أمله في انجاز المسلسل الدرامي الرابع، الذي تنتجه الشبكة خلال السنوات الماضية، حتى تتمكن من بثه في شهر رمضان المبارك، على الفضائيات العربية التي سيتم التعاقد معها لهذا الغرض.
وقال إن الشبكة ماضية في تطوير برامجها الإعلامية والدرامية، بما يعزز من مكانة الإعلام و الدراما الفلسطينية ، ورسالة فلسطين الحضارية و الثقافية على الخارطة الدولية.