بنان أبو الهيجاء- فرحة غير مكتملة بليلة العمر لغياب الوالد خلف قضبان
نشر بتاريخ: 05/07/2009 ( آخر تحديث: 06/07/2009 الساعة: 10:52 )
جنين- معا- اختلطت مشاعر الفرح عند بنان أبو الهيجاء ليلة زفافها بمشاعر المرارة والألم لغياب الوالد القسري خلف قضبان السجن، فهي لم تكن تتوقع أنها ستزف إلى بيت زوجها ووالدها في الأسر، ولا تريد أن تصدق أن هذا سيحدث بالرغم من أن زفافها سيكون بعد ساعات وتقول منذ أن كنت صغيره كان أبي يقول لي مداعباً أريد أن أزوجك وافرح فيك ويوم عرسك راح أجيب إلك أفضل هديه زواج وأريد أن اشبك ايدي بايدك وأوصلك لبيت زوجك.
ففي بيت والدها الذي طالما ظل عامرا بالزوار والمحبين في مخيم جنين، وقفت بنان أبو الهيجاء ابنة الثالثة والعشرين عاما ممسكة بصورة والدها، مستذكرة معه شريط الذكريات التي لا يكاد يغادر مخيلتها، وخاصة أن بنان تخط الخطى يوما بعد يوم وتسابق الزمن لتجهيز بيت الزوجية قبل موعد الزفاف الذي يصادف يوم 8 من تموز.
وتتابع بنان لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن الوالد الذي تغيبه سجون الاحتلال منذ العام 2002 والمحكوم بتسع مؤبدات على خلفية قيادته للمقاومة في مخيم جنين من نفس العام كان يمني "بنان" بالأمنيات في يوم فرحها، بأن يجعله يوما مميزا في حياتها ويمازحها ويعدها بأجمل الهدايا فروح الشيخ جمال أبو الهيجا معروفة بالدعابة مع كل من عاشره وهو الآن يعيش في معزله منذ 7 سنوات في سجون الاحتلال.
وتقول المحامية بنان جمال أبو الهيجاء أمنية كل فتاه تريد الزواج أن يكون والدها بجوارها وهو من يوصلها لبيت زوجها لا استطيع أن أتخيل هذا اليوم من دون وجود أبي بجواري ولكنه قدر الله ولا حولا ولاقوه إلا بالله.
وتتابع بنان وها هي الأيام مرت وها أنا كبرت وها هو اليوم الذي وعدني فيه والدي بأجمل الهدايا وأفضل عرس يأتي وهو بعيد لا استطيع ان أضمه ولا ستطيع هو أن يودعني ولو بقبله صغيره تنسيني فراقه كل هذه السنين فهو لم يفرح بنجاحي في الثانوية العامة ولا دخولي الجامعة ولا تخرجي من كلية القانون وها هو اليوم لا يستطيع أن يكون موجود يوم زفافي الذي انتظره طويلاً كأي أب؟؟.
وتقول أبو الهيجاء لا تستطيع الأم ولا الأخ أن يسد هذا الفراغ حلم والدي زفي لبيت زوجي تبدد وانتظاره هذا اليوم الذي كان يحلم فيه من يوم ولادتي انتهى مع إصرار الاحتلال عدم الإفراج عنه وإبقاءه في العزل كل هذه المده وحرمانه من رؤيتنا وهو مبتور اليد ويعاني من مشاكل عده نجمت جراء إصابته وعدم تلقيه علاج مناسب وعدم رؤيته للشمس كل هذا يقلل من فرحتي يوم زفافي, كيف لي أن أنسى أو أتناسى وكيف لي ان ابتسم او أتظاهر في الابتسامة ووالدي بعيد عني.
وتقول زوجة الشيخ جمال ابو الهيجاء ام العبد (43)عاماً وهي أسيره محرره أمضت في سجون الاحتلال تسع شهور "بالرغم من الإفراج عن ولدي عبد السلام وعاصم بعد أن امضيا عدة أعوام في سجون الاحتلال إلا أن خروجهم من سجون الاحتلال لا يغني عن وجود والدهم وأن الفراغ الذي تركه الشيخ الأسير جمال لا يستطيع أن يسده أحد وفي مثل هذا اليوم وهو أول فرحه لنا منذ اقتراني بالشيخ الأسير وها هو يتركنا لوحدنا لتبقى الفرحة ناقصة وغير مكتملة".
وتتابع زوجة الأسير جمال لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان لقد ترك لي الشيخ فرج الله كربه حمل كبير ومسؤولية كبير وأنا احاول جاهده ان أسد هذا الفراغ وأن احاول أن أعوض الأولاد شيء مما حرمهم الاحتلال منه ولكن ما لا استطيع سده هو وجود الوالد في مثل هذه المناسبة ومنع بنان من البكاء وقت خروجها من بيت أبيها الأسير لبيت زوجها الجديد.
وبعد تنهيده طويلة وبكاء متقطع وحشرجة بالصوت تابعت ام العبد قائله" البركة بإخوتها الحمد لله الذي فرج عنهم من سجون الاحتلال والبركة بزوجها المهندس عبد الله رصرص وهو أيضا خرج مؤخرا من سجون الاحتلال بعد قضاء 6 سنوات في سجون الاحتلال آمل من الله ان يكون قادر على تعويضها حرمانها من والدها وان يكون لها نعم الزوج.
من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أن عائلة الشيخ جمال أبو الهيجاء بكل ما عانته من ظلم الاحتلال أصبحت تمثل درسا في الصمود الفلسطيني والإصرار على الحياة ومواصلتها، فالبرغم من قسوة المشهد الجمع بين فرح الزفاف وغياب الوالد المأسور إلى أنه يعكس روحية عالية في الصبر والتضحية لهذه العائلة، فالمحامية بنان أبو الهيجاء أسيره محرره وابنة أسير وأسيره وشقيقة ثلاثة أسرى وزوجة أسير أي أن الأسر ومعاناته جزء من حياتها وساهم بشكل كبير في تشكيل شخصيتها وهو حال العديد من الأسر الفلسطينية المناضلة التي قلما تكتمل الفرحة لديهم بالتمام شمل العائلة ول في مناسبة واحده.
ويقول الخفش لا شك انه من الصعب من الناحية السيكولوجية على أي فتاه استيعاب خروجها من بيت أبيها من دون وجود أبيها بسبب السجن ولكن بإذن الله إيمان بنان والفتاه الفلسطينية بعدالة القضية ونبل ما اسر من اجله أبيها سيكون مصدر تخفيف وتصبير لبنان ولكل بنت أسير أو أسيره في مثل هكذا مناسبات.