دراسة أمريكية:حماس شهدت تغييرات إيديولوجية محسوبة للحفاظ على مشروعيتها
نشر بتاريخ: 07/07/2009 ( آخر تحديث: 07/07/2009 الساعة: 21:01 )
القاهرة- خاص "معا"- ثمة تغييرات جديدة لدى الادراة الأمريكية بقيادة باراك اوباما حول العلاقة مع حركة حماس، حيث صدر عن المعهد الأمريكي للسلام موخرا دراسة تشير إلى المرونة السياسية التي تتسم بها حركة حماس، حيث خلصت إلى أن فكر حركة حماس وسلوكها السياسي قد شهد تغيرات ملحوظة وأن الحركة اتسمت بالمرونة السياسية منذ نشأتها، كما أن التكوين الأيديولوجي لها قد شهد أيضا تغيرات بطيئة ومحسوبة بحرص شديد باعتبارها حركة أيديولوجية قد يؤدي المساس بثوابتها إلى العصف بالحركة والنيل من مشروعيتها أمام الرأي العام
ويقر القائمون على الدراسة أن كل أدبيات وتصريحات حماس وقادتها في السنوات الأولى من نشأتها تعكس تشوشا من جانب الحركة في كيفية تعاملها مع إسرائيل ويؤكدون أن ذلك التشوش والارتباك قد حسم بتبني الحركة موقفا واضحا حيال اليهود يقوم على عدم معاداة اليهود بسبب خلفية دينهم وأن العداء ينصب على الممارسات التي يقوم بها اليهود ضد الفلسطينيين وبالتالي فإنه من غير المنطقي وصف الحركة بأنها معادية للسامية.
يذكر أن حماس استنادا على المادة 13 من ميثاقها ترفض مسألة التفاوض وإبرام اتفاقيات سلام مع إسرائيل حيث تشير إلى أن التفاوض مع الإسرائيليين لن يحقق العدالة للشعب الفلسطيني ومن ثم عارضت الحركة عند نشأتها أي قرار دولي أو تسوية من شأنها تقديم أي تنازلات من الجانب الفلسطيني.
بيد أن الدراسة تبرهن على أن هذه القناعة تغيرت بمرور الزمن وتدلل على التغير في سلوك حماس بمواقف الحركة الحالية والتي لا ترفض بشكل مبدئي طرح حل الدولتين كمرحلة من مراحل "التحرير المرحلي" لفلسطين.
ويرى القائمون على الدراسة أن تبني الجماعة لمبدأ "التحرير المرحلي" هو في حد ذاته تغيير سياسي جوهري في فكر الجماعة من شأنه أن يفتح الباب أمام فكرة التعايش السلمي مع وجود إسرائيل.
ويخلص القائمون على الدراسة إلى أن الموقف الذي اتخذه الغرب تجاه تلك التغييرات الجذرية التي شهدها فكر حماس وسلوكها السياسي اتسم بالإصرار على إحراج حماس أمام مناصريها من المسلمين والعرب والفلسطينيين ومحاولة الضغط عليها للقبول بإملاءات غربية تتصادم مع أيديولوجية الحركة ومرجعيتها الإسلامية.
وأضافت الدراسة أنه بالرغم من أن حماس قد قدمت الكثير من القرائن من خلال مواقف وسياسات تبنتها على مستوى الواقع العملي تؤكد أنها تسير في اتجاه إمكانية التعايش السلمي مع إسرائيل والتحرر من الجمود الأيديولوجي في اتجاه المرونة السياسية، ولكن دون أن يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية.
وأشارت إلى أن حماس أثبتت من خلال المواقف التي تم ذكرها ومواقف أخرى أنها تستطيع مع عدم التنازل العلني عن الأسس الأيديولوجية التي قامت عليها أن تبذل مساع حثيثة للوصول إلى ما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني ويخلق فرصا لتحقيق إمكانية التعايش مع إسرائيل.
وأضافت الدراسة الأمريكية أن موقف الغرب المتسم بالجمود والإصرار على مطالب وإملاءات بعينها هو منحى غير عقلاني يثبت عدم قدرة الغرب على التعاطي مع حماس بالمرونة والفهم الكافيين لإنجاح مساعي التعايش السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذا كانت هذه النية متوافرة ومؤكدة من الأساس.
وعلق الأستاذ ضياء رشوان الخبير في شؤون الحركات الإسلامية ورئيس تحرير تقرير للحريات الدينية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية في اتصال هاتفي "أن أوروبا سبقت واشنطن- عمليا- باتجاه الإقرار بمرونة حركة حماس خاصة كل من فرنسا وبريطانيا تجاه التعامل مع حماس في إطار إعادة صياغة العلاقة بين الأوروبيين وحركة حماس، بل تجاه التعامل مع الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط لاحتوائها كحزب الله في لبنان، وحركة طالبان في أفغانستان".
وأضاف رشوان أن هناك تحركات أوروبية جرت بعد الحرب على غزة باتجاه حماس منها زيارة وفود برلمانية بريطانية إلي غزة، ودمشق، وتم البحث حول سبل الانفتاح على حركة حماس والاعتراف بشرعيتها، على اعتبار أنها جاءت عبر انتخابات ديمقراطية، إضافة إلى بحث إنهاء العزلة الدولية المفروضة عليها، وإعادة صياغة العلاقة بين الأوروبيين وحركة حماس.
يذكر أن وفدين أوروبيين رفيعا المستوى زارا رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في سورية في إطار تحركات تهدف إلى إنهاء العزلة عن الحركة في أواسط مارس/ آذار الماضي.
وبدأت تلك الخطوات على يد مجموعة أوروبية أطلقت حملة لرفع الحظر عن حماس، حيث يأمل القائمون على الحملة حث المرشحين لمقاعد "البرلمان الأوروبي" على فكرة تبني رفع حركة حماس من قائمة المنظمات "الإرهابية" في برامجهم الانتخابية، بوصفها مشروعاً للتحرر الوطني، وسلطةً منتخبةً من قِبل الشعب الفلسطيني.
وترى د. آن لي مور خبيرة شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة "شاتام هاوس" في اتصال هاتفي من العاصمة البريطانية لندن أن هناك توجها دوليا لفتح قنوات حوار مع حركة حماس وقياداتها خاصة بعد المصالحة الفلسطينية التي تجري في القاهرة، وقد أدرك المجتمع الدولي أن إقرار تسوية في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن بدون حركة حماس وحزب الله على اختلافهما".
وأضافت لي مور "أن هناك إدراكا أن الزيارات الأوروبية رسالة غير مباشرة إلى حماس باعترافهم بدورها في المنظومة السياسية الفلسطينية وفي مسألة إعادة الإعمار، وأن تراجع الدول المانحة عن قرار تجميد المساعدات المباشرة لحكومة حماس المقالة في غزة يعتبر خطوة أوروبية جديدة تجاه الحركة، بجانب إصرارها على نجاح تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تشارك فيها حماس بشكل مباشر".
ووصفت ريم علاف الخبيرة بشؤون الشرق الأوسط في مؤسسة "شاتام هاوس" في اتصال هاتفي التوجه الأوروبي للتعامل مع حركة حماس في إطار سياسة احتواء الحركات الإسلامية وفقا لرؤية الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأكدت أن التغييرات الأوروبية في التعامل مع حماس مرهون بها وبمدى استجابة الحركة ومرونتها السياسية للتعامل مع شروط الرباعية الدولية " الاعتراف بإسرائيل" لتصبح شريكا في أية تسوية قادمة"، ومؤكدة على وجود خطوات أمريكية وبريطانية لتذويب الجليد مع الحركة، وتشجيعها للاعتراف بإسرائيل".