فصائل 'الصوت' في منظمة التحرير/ بقلم : رشيد شاهين
نشر بتاريخ: 01/02/2006 ( آخر تحديث: 01/02/2006 الساعة: 20:32 )
الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت الاربعاء 25/1/2006 وبشهادة كل المراقبين المحليين, والعرب, والاجانب, كانت من انصع التجارب الديمقراطية ليس على مستوى المنطقة, بل على مستوى العالم الثالث.
هذه التجربة الديمقراطية الرائدة التي اثبتت وبدون مجال للشك, القدرة العالية للشعب الفلسطيني على التميز والانبعاث, وتشكيل مستقبله السياسي بالطريقة والشكل الذي يرغب ويريد.
لقد ماهى الشعب الفلسطيني بديمقراطيته, تجارب دول مارست هذه التجربة على مدى عشرات السنين, وقد يكون وضع حدا لمقولة تفرد اسرائيل بالديمقراطية في هذه المنطقة من العالم.
اضافة الى ما تقدم فان هذه التجربة اثبتت بشكل لا يقبل التساؤل, او التوقف امامه او التفكير فيه, ان هناك عددا لا بأس به من الفصائل, لم يكن يشكل على الاقل خلال الفترة القريبة الماضية, سوى كماً رقميا في معادلة الفصائل المنضوية تحت او في اطار منظمة التحرير الفلسطينية,
وان هذه الفصائل لم تكن اكثر من يافطات معلقة على مكاتب خاوية الا من مجموعة من" الرفاق" الذين نجحوا في الاستفراد بالتنظيم واختطافه الى مبتغياتهم المريضة, مجموعة من الباحثين عن الارتزاق, المنافقين, الافاقين والمتسلقين الذين لا يتقنون سوى النفاق والتزلف والتذلل" لسيادة" الامين العام الذي كان وما زال "سعيداً" بدجلهم.
هذه التنظيمات التي لم يبق منها سوى اليافطة كما اشرنا, لم تحافظ على نفسها, ولم يحفظها الا مؤسسات منظمة التحرير, وذلك لاستخدامها عند اللزوم فيما يتعلق بالتصويت على هذه المسألة او تلك.
وكان لا بد لها ان تصوت دوما كما يفترض, او يطلب منها ان تفعل, وذلك لان الهم الاول والاخير كان,المحافظة على صرف الميزانيات المخصصة لها نهاية كل شهر, لتذهب الى جيب الامين العام او الى حسابه في احد البنوك والتي قد لا تكون بالضرورة احد البنوك الوطنية او حتى العربية.
الامين العام بدوره يقوم " بالرش" على من استبقاهم تحت ابطه من " الرفاق والمريدين" هذا ان كانوا كذلك فعلا.
الانتخابات الاخيرة اثبتت ان هذه التوليفة ضمن منظمة التحرير لم تكن كما يراد لها ان تكون,واذا كانت في مرحلة من المراحل تمثل فعلا تنظيمات لها "امتدادتها" الجماهيرية في الوطن والشتات, واذا كانت المرحلة في ذلك الوقت تحتم على الجميع ان يقبل "صاغراً" بهذه التنظيمات " مندوباً" عن الجماهير الفلسطينية, فان هذه المرحلة قد ولت.
لقد صار لزاما على الجميع ان يعاود البحث في اطار المنظمة والفصائل المنضوية تحتها, لم يعد هناك مجالا " للضحك على الذقون" والقول ان المنظمة تتشكل من عشرة او ثلاثة عشرة او اي رقم من التنظيمات, فهناك تنظيمات ضمن هذا الاطار" المنظمة" الذي حمل القضية طيلة عقود, لم تعد اكثر من امين عام وحوله مجموعة من المتزلفين والمنافقين.
وعلى هذا الاساس فان اعادة النظر في هذه التركيبة اصبحت ضرورة, لا بل ضرورة جدا ملحة, ولا بد كذلك من اعادة النظر فيما يصرف من ميزانيات لهذه " الفصائل" التي هي ليست فصائل, لانه و"بحسبه" صغيرة فان هذه "الفصائل" واذا ما افترضنا انها تتسلم ما مقداره 50 الى 70 الف دولار شهرياً, فهذا يعني ان ما يصرف لها سنوياً هو 600الف الى 800 الف دولارسنويا.
واذا ما اردنا ان نستمر في "الحسبة", فان كلا من هذه التنظيمات استلم منذ دخول السلطة الى فلسطين, مبلغا من المال لا يقل عن ستة ملايين دولار تم صرفها على مجموعة من الذين ارتضوا الارتزاق, مجموعة لا تزيد في بعض الاحيان عن العشرين او الثلاثين عضوا من الذين يلتفوا حول " سيادة" الامين العام, يسبحون بحمده, ويتراكضون لفتح باب سيارته او حمل حقيبته اليدوية, هذا المبلغ " ستة او ليكن خمسة ملايين دولار على الاقل" اذا ما تم صرفه لكل من التنظيمات الخمسة او الستة خلال تلك الفترة, فانه بهذا يصل الى خمسة وعشرين او ربما ثلاثين مليون دولار,كان من الممكن ان يتم بناء عشرين مدرسة يستفيد منها الآف الطلاب ومئات المدرسين, اليس هذه اجدى من ان يتم صرف هذا المبلغ على عدة عشرات من اولئك " الطفيليات" البشرية.
التنظيمات التي ثبت فشلها بشكل مريع خلال الانتخابات التشريعية يجب ان تغلق دكاكينها " وتروح", وان يتم اخراجها من حسبة الفصائل الفلسطينية, ومن مؤسسات منظمة التحرير, وحرمانها من الميزانيات التي تصرف هكذا هباءا , لانه ثبت بالملموس, بدون لف ولا دوران, ومن خلال شهادة " للتاريخ" انها لا تمثل شيئا في المجتمع الفلسطيني.
ان مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية لا بد لها ان تكون مرحلة جديدة بكل المقاييس , واذا كانت تلك التنظيمات قد ركبت موجة الانتفاضة الاولى على اعتبار ان لها جماهيرها , وصارت تشكل جزءا من القيادة الموحدة ومن ثم وخلال الانتفاضه الثانية ظلت كذلك جزءا من مجموع الفصائل الفلسطينية المشاركة فيها, فان الانتخابات قالت لا كبيرة لكل تلك الفصائل واثبتت انها ليس سوى صوت مدفوع الثمن ضمن اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير , وثبت بالدليل ان رصيدها في الشارع الفلسطيني " صفر كبير".
هذه الفصائل فقدت مبرر وجودها واصبحت " بضاعة غير متداولة" وكاسدة, وغير مرغوب بها , وعليه فان الواجب الاخلاقي والنضالي يحتم عليها ان " تلملم" اغراضها, وتغلق مكاتبها .
الانتخابات التشريعية التي كانت بمثابة الصدمة للجميع " برغم ان البعض اخذ يدعي بعد ان افاق من الصدمة, انها نتائج كانت متوقعة" اثبتت ان الشعب الفلسطيني لفظ هذه الفصائل, وانه يستطيع ان يعاقب في الوقت المناسب, وان فتح لم تكن الجهة الوحيدة التي دفعت الثمن, فقد استطاع هذا الشعب ان يسقط ورفة التوت الاخيرة عن عورة فصائل " الصوت" في منظمة التحرير , وصار لزاما اعادة النظر في هذه المنظمة ومؤسساتها المختلفة حتى لو تبقى نصف العدد الموجود حاليا , لانه لم يعد مقبولا ان يتمثل الشعب الفلسطيني بفصائل غير موجودة على الخارطة السياسية الفلسطينية.