الإثنين: 30/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نجاح حماس حرب معلنة واخرى خفية / بقلم : رشيد شاهين

نشر بتاريخ: 03/02/2006 ( آخر تحديث: 03/02/2006 الساعة: 16:33 )
الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أدت الى صعود حماس بهذا الزخم والاندفاع، أدارت رؤوساً كثيرة و كبيرة ليس في المنطقة فحسب، بل وفي أركان الدنيا الأربعة.

مراكز صنع القرار، الدوائر الرسمية والسياسية، مراكز الابحاث والدراسات، المحللون الاستراتيجيون والمتخصصون في الشؤون الاسلامية والفلسطينية، كل هذه المؤسسات " دايخة" بتحليل الموقف ومحاولات الاستقراء المحمومة لمعرفة ماذا جرى وما الذي سيكون.

فوز حماس المزلزل أعاد وضع المسألة الفلسطينية في مقدمة الأحداث وفي رأس أولويات الاهتمام المحلي، العربي والدولي.

اسرائيل لا زالت تقف على قدم واحدة، هذا أن لم تكن لا تزال تقف على رأسها، منذ إعلان النتائج عن فوز حماس بهذا الكم الكبير من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.

وزيرة الخارجية الاسرائيلية توجهت الى مصر في زيارة متزامنة مع زيارة ابو مازن، وقيل كذلك ان خالد مشعل -رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- وكونداليزا رايس قد يتوجهان الى هناك. كما كان على رأس اجندة رايس خلال زيارتها الى بريطانيا مناقشة هذا النجاح" المذهل" لحركة حماس.

الدول العربية المحيطة لم تستوعب التغيير الجديد، ولا زالت تقف مذهولة، لا تدري ما هي الكيفية التي ستتعامل بها مع هذا الفوز، وكثير من الدول العربية المحيطة لم تزل تحاول " هضم" الموضوع، وإن فعلت واستطاعت ان تفيق من الصدمة فقد كان ذلك بعد اسبوع من إعلان النتائج، والكثير من هذه الدول لم تبارك بعد لحماس فوزها، وإن كانت قطر قد سبقت الجميع في هذا الموضوع عندما توجه أميرها بتقديم التهاني للسيد خالد مشعل، كما قامت هذه" الدولة الصغيرة" بالطلب من دول العالم أن يتعامل مع نجاح حماس بواقعية وأنه خيار الشعب الفلسطيني الحر والديمقراطي.

تردد الدول المحيطة وقلقها يأتيان على خلفية أن هذه الدول تخشى من أن تنتقل عدوى نجاح حماس، هذه الحركة الاسلامية، الى تلك الدول، وإذا ما نجحت تجربة حماس فان هذا قد يؤدي الى تشجيع الحركات الاسلامية في تلك الدول الى الاقتداء بحماس وتجربتها.

لقد كان تصريح رئيس الكتلة الاسلامية في البرلمان الاردني " أول الغيث" في هذا الاتجاه، هذا التصريح الذي لم يستقبله رئيس الوزراء الاردني بكثير من الترحاب, كما ان نجاح تجربة حماس اذا ما مارست الحكم، لا بد سوف يشجع الشعوب في تلك الدول على اختيار المرشحين الاسلاميين في أي انتخابات قادمة على اعتبار أنهم يريدون نجاحاً مماثلاً وتغييراً مشابهاً في دولهم, وهذا لا بد ينطبق ليس على الدول المجاورة أو المحيطة بفلسطين فحسب، بل قد يمتد الى الدول البعيدة عن فلسطين.

الدول الغربية كما اميركا تهدد وتتوعد، وهي لا تهدد حركة حماس فقط بل تهدد الشعب الفلسطيني لأنه اختارحماس, إن التهديد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية أو الحكومة "الحماسية" القادمة هو عملياً تهديد بتجويع الشعب الفلسطيني برمته عقاباً له على اختياره.

الدول القربية لن تكون بعيدة عن " التآمر" على تجربة حركة حماس والعمل" الجاد" ربما على إفشال هذه التجربة لأن ليس من مصلحتها بأي حال من الأحوال أن تكون التجربة ناجحة وهي غير معنية ابداً بذلك، والمنطق يقول أن هذه الدول ستبذل كل ما بوسعها لافشال التجربة.

المثير للانتباه هو ما تناقلته وسائل الاعلام عن مطالبة السيد محمود عباس لحركة حماس بنبذ أو تجنب العنف والاعتراف باسرائيل، وهو أحد شروط الدولة العبرية الذي لا زالت تصر عليه بدون توقف، هذا الموقف اذا ما كان صحيحاً فانه يطرح السؤال، ما الهدف الذي يروم الوصول اليه السيد ابو مازن؟ ولماذا لا يترك هذا الموضوع لقادة حماس وهم أدرى بتكتيكاتهم وشعاراتهم وكيف ومتى يتنازلون " إن شاؤوا التنازل" عن ثوابتهم؟ ولماذا ينصب السيد عباس نفسه مفاوضاً عن الاسرائيليين؟

قد يكون هذا النجاح وضع حركة حماس على " حد السكين" فهي لا شك ستواجه تحدياً من أكبر التحديات التي واجهتها منذ نشأتها. لا بل قد يتوقف عليه نجاح حماس أو فشلها مستقبل الحركة الاسلامية ليس في فلسطين فحسب بل في المنطقة وربما العالم.

ليس من المعتقد أن حماس لا تملك النوايا الطيبة لانجاح تجربتها, وكذلك العزيمة لاثبات نفسها كحركة ريادية, وأنها وكما أثبتت وجودها كحركة معارضة سوف تحاول شتى السبل لاثبات نفسها كحزب حاكم، لكن هل تكفي النوايا الطيبة والتمنيات لانجاح تجربة حماس كحزب حاكم؟

الشعب الفلسطيني، فصائل وأحزاب وقوى سياسية وسلطة وطنية ومشروع وطني سيدفع ثمن فشل التجربة, اذا ما تم تنفيذ التهديد من قبل الدول المانحة بقطع المساعدات، وإذا ما نجحت دوائر التآمر في الدول المتضررة من هذا النجاح في تنفيذ مؤامراتها, فإلى أي مدى يمكن للشعب الفلسطيني تحمل مزيد من تدهور الاوضاع في الأراضي الفلسطينية خاصة في ظل وضع اقتصادي مهلهل, وحالة من البطالة بنسبة جدا كبيرة, ومستوى من العيش لا يسر احدا , ومستوى من الفقر يزداد انحدارا.

السؤال المطروح بقوة ,هل لدى حركة حماس خططا لمواجهة القادم من الايام ؟ ما هي هذه الخطط ,؟ و كم يمكنها الصمود امام الضغوط العالمية والأقليمية ؟ وما هو الدور المطلوب من الشعب الفلسطيني , الفصائل , والأحزاب, وكل العناوين الوطنية والكيانات السياسية والقوى الحية, هل ستقف متفرجة من اجل رؤية حماس فاشلة؟ كما فشلت تجربة حركة فتح عندما تآمر عليها من تآمر, لا بل الى الحد الذي وصل ببعض ابنئها للتآمر عليها .

فشل حماس يعني العودة بالمسألة الفلسطينية الى الخلف سنين كثيرة , فهل ستسمح حركة حماس لمثل هذا التقهقر والتراجع الى الوراء ؟ وكيف سيكون موقف الشعب الفلسطيني اذا ما كانت هذه هي النتيجة ؟ وهل سيعض اصابع الندم ام سيكون الداعم والسند وربما الوحيد للحركة من اجل الحفاظ على اختياره وقراره؟؟