اميركا وديمقراطية ''الهمبرغر''/ بقلم: رشيد شاهين
نشر بتاريخ: 05/02/2006 ( آخر تحديث: 05/02/2006 الساعة: 17:55 )
الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في 25/1/2006 كانت على مدار السنوات الماضية مطلباً اميركياً واسرائيلياً وغربياً بشكل عام.
فجأة وبدون مقدمات , وبشكل فاجأ الكثيرين, بدت الديمقراطية غير جيدة, ومتغيرة, فهي" الديمقراطية" لا يمكن ان تضمن بشكل مسبق ان تحقق نتائج بعينها, بفوز هذا او فشل ذاك, الا ان هذا المطلب الاسرائيلي الاميركي والغربي عموماً, بدا كمن نصب لنفسه فخاً.
فأسرائيل كانت اول " المولولين" من هذه الديمقراطية التي طالما نادت وتنادت بها, وشعرت انها سوف تكون حبلاً حول عنقها فيخنقها, فاستنجدت باميريكا التي لم تتردد في ارسال كوندا ليزا رايس وزيرة الخارجية الى المنطقة وعملت رايس كل ما بوسعها لالغاء الانتخابات الفلسطينية او تأجيلها, ونجحت في حينه اي في شهر 7/2005.
اميركا التي تحاول منذ اكثر من ثلاثة اعوام الحديث عن نشر الديمقراطية في العالم, اصبحت فجأة كارهة ومعارضة لهذه الديمقراطية,اميركا التي احتلت افغانستان وبعد ذلك العراق وتفاخرت دوماً بأنها قضت على نظامين من اكثر النظم فساداً وديكتاتورية في هذين البلدين.
الرئيس الاميركي بوش عندما يتحدث في كل مؤتمراته ولقاءاته, يتحدث" بكل صخب" عن انجازاته في فترته الرئاسية, واول ما يتحدث عنه لا بل يسهب في الحديث عنه مفاخرا الدنيا, هو الانجاز العظيم لهذه الانتخابات " الديمقراطية" التي جرت في العراق, وان التحول في العراق لا بد ستظهر نتائجه ويصبح نموذجاً للعالم المتخلف.
بنيامين نتانياهو هو صاحب الشعار المسبق فيما يتعلق بتحويل المنطقة الى منطقة " ديمقراطية" وان هذا التحول نحو الديمقراطية لا بد ان يكون احد الشروط الاساسية لاستمرار التفاوض مع العرب والفلسطينيين, وهو ما تبنته الادارة الاميريكية في حينه واثنت عليه.
عندما تم انتخاب السيد محمود عباس في انتخابات شهد العالم انها " ديمقراطية" اشادت اميركا واسرائيل والعالم بتلك الانتخابات وبالطريقة "المتحضرة والراقية" التي تمت بها وتم الاعتراف بالسلطة كسلطة نزيهة ولا علاقة لها بالارهاب " كان يتم وصفها بالسلطة الارهابية عندما كان " المغدور" الراحل الشهيد عرفات على رأسها".
النتائج والافرازات للعملية الديمقراطية هي التي تحدد ما اذا كانت هذه ديمقراطية ام لا بنظر اسرائيل واميركا والدول الغربية, فهم يريدون ديمقراطية جاهزة , كما مأكولاتهم السريعة, الجاهزة والمسبقة التحضير" الهمبرغر".
ان هذا هو ما لا يمكن وصفه الا بقمة الخداع وجوهره, اذا لم يكن هذا هو قمة النفاق السياسي والكيل بمكيالين, فماذا يمكن ان يسمى.
المثير للانتباه هو ان اميركا واوروربا بشكل عام ومن خلال ما انتدبوه من مراقبين على تلك الانتخابات اشادوا بشكل لا لبس فيه بالعملية الديمقراطية وانها كانت شفافة,ديمقراطية حرة ونزيهة.
فاذا كانت هذه هي الحقيقة, واذا كان الفلسطينيون قد قبلوا بتلك النتائج وربما سعداء بها, فما الذي يضير ادعياء الديمقراطية بالعالم.
ان المواقف الغربية المتشنجة, وهذا التدخل السافر وغير المقبول في الشأن الفلسطيني, وتهديد السلطة بقطع المساعدات, انما هو عقاب جماعي ضد الشعب الفلسطيني الذي لا تجيزه المواثيق الدولية كما انه يثبت هذا النفاق الدولي وسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها تلك الدول, وعليه فان الفلسطينين مطالبون اكثر من اي وقت مضى الى التكاتف والعمل صفا واحدا من اجل افشال مخططات تجويعهم وارضاخهم.