فتح ..الديك والبقرة...والاخطاء العشرة / بقلم : محمد عبد النبي اللحام
نشر بتاريخ: 05/02/2006 ( آخر تحديث: 05/02/2006 الساعة: 19:41 )
معا- سرق الديك فقال العجوز لاولاده ابحثوا عنه ولا تستكينوا ولكنهم لم يفعلوا وبعد حين سرق الجدي فقال العجوز ابحثوا عن الديك وسرق الجمل فقال العجوز ابحثوا يا اولاد عن الديك وسرقت البقرة الحلوب وعاد العجوز يستصرخهم في البحث عن الديك فقالوا له ذهب كل شيء وانت مسكون في الديك ! فقال لهم من سرق الجدي والجمل والبقرة هو من سرق الديك ولن تجدوا شيئاً ان لم تجدوا الديك.
25/1/2006يوم عظيم بكل المقاييس في تاريخ الشعب الفلسطيني عامة وفي تاريخ فتح وحماس وليس لنفس السبب فالفتح لان من حقها أن تفخر بانها صاحبة الطلقة الاولى والاسير الاول والشهيد الاول في الثورة وها هي تسجل ريادية في الديمقراطية بعد ان ضختها في اوصال م. ت. ف عام 1969وانتخابات التشريعي 1996اما حماس فلها الحق ان تفخر بالنصر الكبير الذي حققته في هذا اليوم ايضا عبر الفوز بغالبية مقاعد التشريعي.
واذا ما اردنا ان نشخص حقيقة ما حدث فهو امر ليس بالصعب فهل كانت فتح بحاجة الى تشخيص مخبري؟ وهي التي مرت بثلاث تجارب انتخابية في البلديات ولم تستوقف نفسها ولم تفيق ولم تحاول حتى الاستفاقة! رغم توفر الهامش من الزمن للنشادر.
اليوم تلقت فتح الضربة الكبيرة في الليلة الكبيرة فهل فوز حماس سيشكل الضربة القاضية ويدفعها الى التقلص والاضمحلال والتلاشي كما حدث مع الكثير من الاحزاب العالمية والعربية وحتى الفلسطينية منها فاحزاب اليسار وخاصة الجبهة الشعبية التي تراجعت عام 1991 تقريبا واستمر المؤشر في التراجع حتى عامنا هذا ام ان الفتح ستجيد التعامل مع هذه الضربة وتجد المقومات والاليات التي تستنهض عزيمتها وتعيدها من جديد حيث كانت؟.
في اعتقادي ان هذا هو السؤال الكبير امام فتح والواجب عليها الاجابة عليه من خلال الاشهر او السنوات القادمة وذلك لان الاجابة لن تاتي مع الايام المعدودة القادمة ولا بالانفعالية والردود العاطفية التي ترجمت بعد الضربة.
وفي هذا المقام رؤيةلاسباب الضربة وسبل معالجتها بعد ان تعذرت الوقاية منها مع التنويه ان كل العوامل هي نتيجة وليست سبب فحركة فتح عوملت كالبقرة الحلوب التي تسابق اصحاب الحق ودونهم للارتواء منها دون توفير العلف اللازم لضمان بقائها ففقدت من مخزونها في الجولة الاولى للانتخابات البلدية وفي الجولة الثانية استمر الحلب وكذلك الثالثة حتى خارت قواها وهطل الدم بدل الحليب في 25/1/2006كنتيجة طبيعية لما كان من استنزاف دون عناية واكتراث من اصحابها ومد عيين ذلك فقبل ان نشرع سهامن في المستقلين المحسوبين عل فتح كاصحاب سبب مركزي في الضربة علينا ان نتسال ما هي الاسباب التي اوصلت هؤلاء للقيام بذلك؟ .
العامل الاول والاساس كان البنية التنظيمية الوهمية الهلامية لحركة فتح ودعونا نعترف ان ما يسمى تنظيم لا يمت الى التنظيم ولا للنظام بصلة ولا وجود لحياة تنظيمية وهل يصدق احد ان مركزية فتح وهي اعلى سلطة تنفيذية في الحركة لها القدرةعلى التاثير في قرار موقع صغير ولنتذكر كم مرة طارد اعضاء فتح المركزية واطلقوا النيران باتجاه بيوتهم واحرقوا سيارتهم ورشقو هم بالبيانات.
فاي تنظيم هذا؟ اي تنظيم هذا الذي يعمل بعض اعضاء مركزيته ضد الحركة ومرشحيها بالسر والعلن مروراباعضاء من الثوري والاقاليم وصولالامناء سر المواقع الذين قسموا انفسهم لتقاسم الشواقل الرخيصة من بعض المرشحين المستقلين وكانوا بوابتهم لجمهور الموقع.
وهذا السلوك نفسه مورس في الانتخابات البلدية بمراحلها الثلاثة وتسبب في خسارة دون عبرة او مراجعة او علاج. هنا يصبح المطلوب اعادة دراسة كيفية اعادة البناء على اسس منهجية علمية وعملية مع ضرورة ايجاد ادوات للقياس لامتلاك القدرة على التقييم اول باول دون انتظار المفاجئات .
العامل الثاني غياب المحاسبة والمساءلة الذي كان بمثابة عبوة الاوكسجين التي تنفس منها كل من استقل وعمل مع المستقلين لانه استكان للتجارب السابقة والمفهوم التاريخي ان فتح لم ولن تحاسب احد واذا ما دققنا في حقيقة الضياع المتمثل باصوات الدوائر المهدورة للمستقلين المحسوبين او المقربين على فتح والذين لم ينجح منهم احد فمثلا سلفيت ذات المقعد الواحد حيث يصوت المواطن فقط لشخص حصل مرشح حماس على6762ومرشح فتح على 5632وحصل احمد الديك عضو المجلس الثوري فتح على 4957وشاهر حسونة محسوب على فتح 1389 وبحسبة بسيطة فقد حصلت فتح والمحسوبين عليها على 11978 ومع ذلك ذهب المقعد الى حماس وفي طوباس خسرت فتح المقعد لصالح حماس التي حصدت 5784 بينما حصل بسام ضراغمة المرشح الرسمي على 5146 وكان بحاجة الى حوالي 600 صوت في حين حصل علي برهم وهو مستقل قريب من فتح على 2988 صوت وبنفس الحسبة 8134 صوت محسوبة لفتح والمقعد طبعا لحماس ويبدو ان ارقاماعديدة في اكثر من دائرة هي قريبة لهذه الحسبة وجاءت خطوة فصل المستقلين بعد خراب مالطا فمنطق المحاسبة والمساءلة لا بد ان يسود ليس بالعقاب فقط بل بالثواب ايضا وبعدالة ونزاهة وشفافية من خلال محكمة حركية تمتلك صلاحيات لكي لا تصل الامور الى ما وصلت اليه مثلا مع موسى عرفات وكم مثله ما زال .
والعامل الثالث بعد غياب النظام والمحاسبة ياتي الفساد الذي مورس باسم فتح واستغله كل الخصوم .حتى( مارق الطريق) وجده وجبة دسمة قابلة للنقد والتشريح والتجريح فكان من الصعب بمكان الدفاع عنه او حتى تشخيصه بحجمه وشخوصه بل نجح ان يكون صفة شمولية لكل ما يمت لفتح بصلة فحتى لو كان هناك مئة او الف فاسد فقد تعمم على200 الف فتحاوي وكما هي حبة البندورة المتعفنة في الصندوق والتي تسيء الى كل المحتوى مما يحجب الناس عن شراء الصندوق وما فيه. فيجب ان يكون عنوان المرحلة القادمة تنظيف الصندوق فهل تستطيع فتح فعل ذلك؟ فهي بحاجة لحالة مراجعة متائنية لشروط العضوية والتنسيب واستثمار الامكانيات المادية والبشرية لبناء مؤسسات فتحاوية ومجتمعية مع العلم ان كل السرقات التي ارتكبت باسم فتح ودفعت ثمنها غاليا كانت لاشخاص في حين ان فتح لا تمتلك مقرات خاصة بها ولا حتى بنية اقتصادية خاصة تؤمن دخل لها ففي ما سبق سمعنا عن مؤسسة صامد والملايين التي يجب ان نعرف اي (كرش )هو صاحبها اليوم . فقد اخطأت فتح مرتين الاولى عندما ذابت في م ت ف والثانية عندما ذابت في السلطة مما يدفعها اليوم الى ضرورة انشاء مؤسساتها الخاصة .
والعامل الرابع عدم الاستعدادية وغياب الادارة الانتخابية لدى فتح لهذ الانتخابات والذي تمثل بعدم الجاهزية الادارية والفنية والاعلامية وكأنهم كانوا يراهنون على عدم جدية اجراءها حتى كان خطاب ابو مازن قبل ايام من الموعد ليحسم الامر بلغة قاطعة ان الانتخابات قائمة في موعدها فظهر الارباك بتعين قوائم عشوائية وانتقائية وعزلها واستبدالها حتى وصل الامر لاتلاف الاف البوسترات لانها مغلوطة او تجاهلت صور بعض المرشحين او اخطاءت في اسماء البعض الاخر مما جعل مصير الاف الدولارات حاويات القمامة.
وكيف نفسر ان تحصل قائمة فتح في جنين على حوالي 34 الف صوت بينما تحصل حماس على 28 الف والنتيجة 2 لفتح و2لحماس الا يدل ذلك على وجود الجيش وغياب ادارته التي لم تكن على قدر المسؤولية وهنا تحتاج فتح لدمج الكفاءات الادارية العلمية والكادر المختص وليس الكادر (المتفذلق) بطل كل المراحل الذي يريد ان يحتكر القرارات ويدعي الفهم في حبة الدواء وحبة الرصاص وما بينهما.
والعامل الخامس والذي لا يقل اهمية عن ما سبق هو غياب الديمقراطية داخل الحركة مما ادى الى التخبط والتكلس بلا حراك ديمقراطي منذ حوالي 17 عام فالديمقراطية لا تعني صندوق اقتراع بل منهاج حياة والم يكن الاجدر بقيادة الحركة ان تاخذ برأي ابنائها في البرنامج السياسي مثلا ؟ وهل اوسلو مدعاة للتغني في الحملة الانتخابية ام حان الوقت للانفكاك منه؟ وجاء البرايمرز ووجدت كادر فتح يحج اليه افواجا متناثرة وكأن النصركان هناك فكانت بذرة الهزيمة هناك حيث هزمت فتح نفسها عبر قارب مثقوب كان المطلوب منه ان يحمل بضاعة غير قابلة للتحميل اصلا ويقطع بها بحر الانتخابات فما بنى على باطل فهو باطل وكان الاجدر بفتح عقد المؤتمر السادس قبل التشريعي والاسراع في حصر العضوية فلا اساس لتنظيم لا يعرف حتى نواته واذرعه من انصاره واعدائه والمارقين فبه او عليه وحتى لو عقد المؤتمر فهو ليس هدف بحد ذاته ولكي لا تتكرر تجربة البرايمرز يجب حصر العضوية وتحديد المراتبية بشكل منصف مبني على الوثائق والحقائق والبيانات.
والعامل السادس كان الجغرافية البغيضة والمقيتة التي تلوث بها هذا التنظيم وكانت كما السم لتخرج علينا مسميات (عائد ومقيم)و(فلاح ومدني)و(لاجىء ووطني) وغيرها, والا كيف نفسر ان يحصل مرشح فتح في دائرة ما على مئة صوت في مدينة زميله الفتحاوي والذي حصل فيها على5000 صوت وقد اثبتت الانتخابات ان الجغرافية ماركة مسجلة ومصنعة خاصة بفتح فقط وشاهدنا زوجة احد المرشحين من تنظيم اخر تقول للناس من لاينتخب زميل زوجي على الدائرة لا يشرفني ان ينتخب زوجي.
اما العامل السابع فكان المرشحون انفسهم فبعضهم لم يكن مرغوب لدى الناس ولهم تجارب سلبية معه اثناء وجوده على راس عمله السابق ولم ينجح في تجاوز البرايمرز الداخلي مثلا وكذالك سلوك المرشحين الذين مارس بعضهم الغدر والخيانة ضد زملائهم من خلال التحالف مع المستقلين على حساب زملائه وهذه ظاهرة اجتاحت معظم المحافظات ولهذا يجب على فتح دراسة مزاج الحالة التنظيمية وحالة الشارع العام وتقديم الشخوص المؤهلين للرضى لدىالاغلبية .
والعامل الثامن كان المرأة التي كسرت اصواتها ظهر فتح فهذا القطاع الواسع من اصحاب حق الاقتراع لم يتم رعايته وعنايته فالمرأة في فتح هي مجموعة من الديناصورات التاريخية اللواتي لم ينجحن في تفريخ جيل نسوي قيادي شاب وكانت اصواتهن صيدا سهلا لدى خصوم فتح وخاصة حماس في حين تختلف قيادة العمل النسوي الفتحاوي على من يستلم موازنة هذا القطاع اهي لجنة المراة للعمل الاجتماعي ام المكتب الحركي ام....
فعلى فتح ان تعيد المراة لاولوياتها بطريقة محترمة في اطار واحد وموحد ومحترم قادر على الرعاية والعناية وتلبية الاحتياجات للمراءة التي تشكل 3/4 المجتمع وليس نصفه فحسب لعددها ومالها من اثر على محيطها.
والعامل التاسع كان الفلتان الذي اوصل الشارع لحالة من الرعب حين تعممت الظاهرة والتي تورط بها محسوبين على اذرع فتح العسكرية خاصة في قطاع غزة فلم تعد قادر على معرفة هل هذه المجموعة تابعة لفتح ام عليها وهي تسيء لهيبة السلطة من خلال اختطاف الاجانب او اقتحام المقرات الامنية والمدنية واطلاق النار في الهواء بمناسبة وبدونها وفي الليل او النهار ومما زاد الطين بله تزلم بعضها لاجندة هذا القائد او ذالك مما اشاع الخوف وحتى الكره احيانا بعد ان كانت الظاهرة تحوز على احترام وتقدير عالي .
فمعالجة الحالة المسلحة في فتح ضرورة تنظيمية ومجتمعية من خلال احتوائها بطريقة تعطي اصحاب الحق ممن قدم و ضحى مكانته المناسبة التي تليق بتضحياته وتوفر سبل العيش الكريم له ولاسرته واجتثاث العابثين والمارقين بكل حزم وثبات.
والعامل العاشر غياب التربية والتثقيف ففي 12 سنة سادت تربية الوساطة والمحسوبية والقرابة والجغرافية وكذلك ثقافة الاخذ دون مقابل فكتب الصرف والوظائف والترقيات اضحت نهج حل مكان مفاهيم التضحوية والايثارية والتطوعية وترجم ذلك بالتهافت على بطاقات الهاتف والموازنات بدل ا لمهمات في الحملة الانتخابية وقبلها.
ومن عايش بداية العمل التنظيمي العلني في فتح عبر لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي عام 1983و 82 يذكر الاشتراكات الشهرية والاعمال التطوعية رغم فقر الحال في حينه فالتربية هي اساس السلوك السليم وهي المصنع القادر على التفريخ السليم فانشاء المدارس والكليات الحركية الخاصة بالتعليم والتثقيف والارشاد عبر ورشات العمل العلمية والدورات والابحاث والدراسات من خلال تاهيل كوادر مختصة.
هذه جملة العوامل الداخلية التي ادت الى الضربة .واستمرارها سيجعل المشاهد والحكم يقتنعا ان فتح تلقت ضربة قاضية غير قابلة للعودة كما كانت اما العوامل الخارجية فهي متمثلة بحركةحماس التي كانت اكثر تنظيما واقل اخطاء وجمع مرشحيها ما بين المصداقية والتدين والعلمية والاكاديمية رغم غياب الخبرة بالعمل السياسي والعمل مع الجمهور لدى بعضهم .
والعامل الذي قد يوازي كل ما ذكر سابقا هو عامل الاحتلال وممارساته التي دفعت كبار المثقفيين والصحفين والكتاب في اسرائيل الى تحميل قادة الاحتلال وسياساتهم اتجاه الشعب الفلسطيني والسلطة مسؤولية وصول حماس للسلطة ومثلها كانت الولايات المتحدة الامريكية التي تساند وتشد من ازر الاحتلال وممارساته مما اوصل المواطن الفلسطيني الى البحث عن خيارات بديلة وجدها في حماس. هذه عوامل ومعاول الخسارة لفتح التي استكانت مياهها وركدت 12عاما مما جعل الطحالب تنمو وتخنق حتى الازهار الجميلة النامية والقديمة الشامخة وتشوه المنظر.
فهل تبحث فتح عن الديك وسارقه لتسترد النعجة والبقرة ؟ ام ان ذلك سيحتاج لمعجزة ؟؟