غاضبون..ولكن..!!/ بقلم :توفيق الحاج
نشر بتاريخ: 06/02/2006 ( آخر تحديث: 06/02/2006 الساعة: 21:30 )
لا يختلف عاقلان على أن ما نشرته الصحيفة الدنماركية من رسوم كاريكاتورية ساخرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان إساءة بليدة ومتعمدة للإسلام والمسلمين ووقاحة غير مبررة مغلفة بسيلوفان مزور أسمه حرية التعبير..!!وهي الحرية المنافقة التي لاتجرؤ على مجرد الاقتراب مما هو يهودي وخاصة من صنم الهولوكوست..حيث ممنوع الهمس واللمس!!والا فالرجم باللاسامية والشنق على مذبح الصهيونية العالمية.
أما بالنسبةللسخرية من الاسلام والمسلمين فالحرية مطلقةو كاملة..!!وهذه الازدواجية وحدهاكافية لتوقع حرية التعبير الغربية في هشاشة وابتذال مكشوف وتعريها من منطقها البراق .
ولايختلف مسلمان على أن ردة الفعل الإسلامية كانت ضرورية ومحقة عدا عن كونها قوية ومتوقعة..!!ولكن أهمس لنفسي..هل تكون ردة الفعل هكذا لو حدث الامر من صحيفة أمريكية..؟!!ألا تقوم أمريكا يوميا من خلال ساستها وصحافتها ورجال دين فيها بالاساءة للاسلام والمسلمين قتلا للابرياء وتدميرا للمساجد والعتبات واغتصابا للحرائر واذلالا للمعتقلين المختطفين وتشويها للصورة والفكر وتجنيا على الحق وتحيزا للقهر..وسط صمت عربي واسلامي شبه مطبق؟!!لقد أتحفنا الاعلام الرسمي العربي مؤخرا بخبر صغير ومعتم عن "بيل هاندل" المذيع الامريكي في محطة kfiالاذاعية بلوس انجلوس يصف فيها الاسلام كدين غريب ..!! والحجاج المسلمين كقطعان الماشية ..!! وسبق للمذيع نفسه وصف المسلمين بالتخلف ومضاجعة حيواناتهم وتجنب الاستحمام والهوس بقتل اليهود..!!
ومع ذلك لم نسمع ولو موجزا من نشرة الحرب المفصلة والمعلنة على الدنمارك ..!!أنا لست من هواة الجبن الفاخر والألبان الشهية ..!!ولست في عمر يجعلني ألهث وراء الجمال الصارخ لشقراوات كوبنهاجن لكي أدافع عن الدنمارك مع أني ككاتب وقارئ مسلم وموحد بالله أفهم جيدا الظروف و الدوافع والأسباب التي تؤدي بالعالمين العربي والإسلامي إلى ابتلاع الاهانات الأمريكية وطبعا الإسرائيلية دون الاهانة الدنماركية..!!
فهنا ينطبق علينا تماما المثل القائل "مقدرش على الحمار نط ع البردعة"..!!ان هذا الغضب التنفيسي العارم والموجه خصيصا نحو الدنمارك له نقطة قصور واحدة في رأيي وهي أنه لم يحاصر الجهة المسيئة بالقوة والحكمة الرادعة منذ البداية وانما كان بمثابة عاصفة انفعالية شاملة ضد أساءة حمقى وغباءدولة كان بالامكان ان تتجنب الكثيرمن المتاعب بالاعتذار وغياب شعب لايهتم بما وراء حدوده أصلا ولكن يفترض أن له من السيادة والكرامة مثل ما لنا ،
فوط ء وحرق العلم الدنماركي وسرعة اعلان المقاطعة للبضائع الدنماركية رغم ايماني العميق بجسامة الاساءة ، لم يساهما في استنهاض حوار بناء بين العقلاء يرسخ لقناعات الاحترام المتبادل للمشاعر والمصالح ويؤدي أيضا الى تفهم الدنماركيين للحساسيه الاسلامية مما نشر ولم ينجحا كذلك في لجم الاساءة وبالتالي فقد انتقلت للاسف كعدوى انفلونزا الطيور من دولة الى أخرى حتى وصلت الى البيت العربي من خلال صحيفة "شيحان" الاردنية .. ولسه..!!فلو تحقق واتمنى ألا يتحقق مايقال عن النية في حرق نسخ من القرآن الكريم في كوبنهاجن ردا على حرق العلم الدنماركي فستحل الكارثة وتتكرس القطيعة بين دينين وشعبين وحضارتين وبالتالي فالخاسر الوحيد هو الانسانية ومنطق العقل..!!
اني أعتقد انه لو كان نبينا المعظم بيننا الآن لتعامل مع هذة الاساءة وغيرها منذ البدايةبقدر عال من السمو والتسامح والصفح لانه كرسول أفضل أمة أخرجت للناس وكقدوة للعالمين أكبر من تهزه تفاهة أو تزعجه حماقة ولما فكر مطلقا بمنطق متشنج كما رأينا ونرى،خاصة وان في الغرب من يريد عمدا بمثل هذه الاساءة الدنماركية وغيرها أن يخرجنا من سمتنا و أخلاقنا الهادئة الى حاله يريدها لنا غاية في البدائية والتوحش..لتشويه صورة الاسلام والمسلمين.
الكل بات يعرف ان سمعة الدين الاسلامي كدين انساني تأثرت سلبا في العالم الغربي بالذات بدرجة كبيرة لعدة أسباب أهمها:
1- تعاظم الصحوة والمد الاسلامي بما يتناقض و المصالح الدينية والسياسية الغربية وبالتالي تبني الغرب لحملة صليبية ضد الاسلام والمسلمين تحت مسمى شيطاني زائف هو "محاربة الارهاب" وظهور المزيد من عمليات التفجيرات الاستخباريةالمشبوهة لتشويه وجه المقاومة الاسلامية ويبدو ذلك جليا في العراق.
2-تقاعس المحافل الدينية الإسلامية في الداخل والخارج عن القيام بواجبها في التعريف بالإسلام كعقيدة توحيد تدعو إلى خير الإنسان والتسامح مع الآخر بل تقوم للأسف الشديد اما بتحليل وتبرير خطايا الحكام أو باصدار فتاوى متطرفة جدابما يعزز صورة منفرة ملؤها الترهيب والتكفير .3
- قيامنا نحن كمسلمين بالإساءة إلى ديننا وعن عمد جهارا نهارا عندما نقوم بداع الجهاد وعلى الفضائيات مباشرة بقطع رؤوس الرهائن..!! وعندما يقوم مسلم بذبح ابنته الصغيرة
كدجاجة ليوصلها الى الجنة ..!! وعندما يقوم شبابنا باللهاث وراء الجنس الرخيص في اليمن وشرق أسيا..!!وعندما تقوم حكوماتنا بالاهانات المستمرة لحقوق الإنسان ومعاملة معارضيها ككلاب ضالة بحيث يتمنى الواحد منهم ان ينال عشرا من العطف الذي تناله قطة دنماركية..!!وعندما يقوم أولادنا وأحفادنا بسب الذات الإلهية علنا دون زجر وكأنهم يشربون مياها غازية..!!وعندما يمارس أدعياء الدين وباسم الدين الدجل والشعوذة..والجبروت البابوي!!وعندما..وعندما..
مرة أخرى يجب أن نلوم أنفسنا على مهانة صنعناها بأيدينا قبل أي إنسان آخر وعلينا أن اشتقنا حقا لنفس من كرامة ان نبدأ من حيث نقف لا من حيث يقف الاخرون.
إن من حقنا ان نغضب لديننا ورسولناالكريم وكرامتنا ولكن رغم انفلات عواطفنا يجب ألا تفارقنا الحكمة ويجب ألا نكيل بمكيالين فكما غضبنا من الدنمارك..يجب أن نغضب أكثر من أمريكا وإسرائيل و أكثر فأكثر من أنفسنا..أليس كذلك أيها الغاضبون ..؟!!