الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مخترة حركة فتح وترهل اليسار/ بقلم : نصير فالح

نشر بتاريخ: 07/02/2006 ( آخر تحديث: 07/02/2006 الساعة: 16:32 )

اخترت الانتظار وأعطيت عقلي وقلبي إجازة بعد نتائج الانتخابات التشريعية، ليس من باب الصدمة والذهول بل لاتحسس الحكمة والعبرة.

هنا لا أريد جلد حركة فتح التي عصاها أبناؤها، لكن تشخيص الحالة وجهة نظر تعتمد على الظاهر في كثير من الاحيان وتحتاج الى وصفة طبية" إن نجحت في العلاج كان به وإن لم تنجح فانها تحتاج الى تغيير الطبيب علّ طبيباً جديداً يكون المداويا."

فمنذ رحيل الرئيس ابو عمار بدأت حركة فتح بالتقهقر وبدا ابناؤها أشبه بالايتام متفرقين لا جامع لهم يبحثون عن تقسيم التركة، عندها قلت أن الساحر رحل وأن فتح بحاجة الى معجزة تلم شملها، هذا ما تجسد بفرقة فتح من خلال قائمتين انتخابيتين ومن ثم توحيدهما في واحدة، لكن القلوب لم تتوحد، وذهبت الحركة مهزومة الى صناديق الاقتراع قبل الاقتراع.

كان الرئيس ابو مازن في موقع المراقب الذي لا حول له ولا قوة أمام تناحر ابناء جلدته وتفرقهم، وعليه هنا مسؤولية كما على مؤسسات واطر الحركة مسؤولية لا تقل أهمية سواء اللجنة المركزية أو المجلس الثوري أو لجان الاقاليم والمواقع الذين كانوا أشبه بجيش مسرح في الشوارع.

لم تكن حماس هي المخلصة، فالشعب أراد معاقبة فتح بتصويته الاحتجاجي فعاقب نفسه قبلها، وهنا لن اعذر الشعب على ما فعل ولن أبحث له عن مبرر، لأنني شاهدت الصدمة بعد يومين من نتائج الانتخابات، فطاب لي أن اشبه الشعب برجل ثمل ذهب يوم الخامس والعشرين من كانون ثاني الماضي الى صناديق الاقتراع وبعد يوم أفاق من سكرته دون أن يعرف ما فعل بالأمس.

وبما أن الحديث في الماضي ليس سوى هراء إلا أنه لا يمكن قسمة الزمن، ففتح اخفقت داخلياً رغم الفرصة الطويلة التي كانت متاحة أمامها فقلة من الفاسدين وصمحوا الحركة بوصمة الفساد واستنزفوا مقدرات الشعب واستبدوا وعاثوا في الأرض فساداً.

فئتان من فتح اجهضتا فتح، الأولى : اؤلئك المستنفذون الذي اعتقدوا للوهلة الأولى أن أموال السلطة ومناصبها ملك لهم فتصرفوا فيها مثلما أرادوا ووفق أهوائهم ومصالحهم الشخصية. والثانية : صغار القوم كرجل أمن في الشارع، أو مسلح من هذه القبيلة أو تلك مارسوا لغة الزعرنة والعربدة، أو مدير في تلك المؤسسة لم يعمل لصالح الشعب بل اعتقد أنه مخلد على كرسيه وبين هذه الفئة وتلك ضاع شرفاء فتح ودفعوا ثمناً باهطاً يوم الانتخابات.

أما الخيارات التي كانت متاحة أمام الناخب الفلسطيني أو تعذرت، فلا أريد إبداء النصائح بعد أن فات القطار، فلربما أن اليسار لم يكن مقنعاً من خلال فرقته أولاً ومواقفه الخجولة ثانيا، فجزء كبير منه كان شريكاً في الحكومات المتعاقبة ولم يشهد له بفاعليه أو بمواقف تشكل طوق النجاة له في أية منازلة ديمقراطية، فتارة ترى هذا الفصيل فتحاوياً اكثر من فتح وتارة أخرى ترى ذلك الفصيل غير عقلاني لأنه يريد غزو الفضاء بأدوات قديمة.

غير أن الجهالة فعلت فعل السماء بارضه، إذ يعتقد الكثيرون أن كل متعلم هو مثقف أم مسيس وبالتالي يمكن التعويل على الشعب الفلسطيني الذي لديه نسبة متعلمين كبيرة، لكنني صدمت بحكم الطبيعة عملي الصحفي أن الجهل مستشر في أوساطنا، فغياب الرؤى والأفق، واللجوء الى الشعوذة السياسة والدينية والشعارات الطنانة والرنانة كالقول :" صوتك أمانة تسأل عنه يوم القيامة". هذا الشعار إما استخفاف بعقول البشر، أو استهبال لاستمالة الحجر، وبين هذا وذاك لعبت النزعة الدينية دوراً لدى الكثيرين وجمهور الغاضبين على حركة فتح وأحياناً على اليسار انطلاقاً من الاعتقاد بأن فصائل اليسار هي ذات توجه ماركسي، أخطأنا أم أصبنا فهذا ما فعلت ايادينا.

وما سعيت الى الوصول اليه هو نتيجة واحدة لا تنازعها أخرى إننا ماضون نحو الأصعب وفي طريق وعرة وغير محددة الملامح على الجبهتين الداخلية والخارجية وفي العلاقة مع الاحتلال كمن في عرض بحر متلاطم الأمواج أو في صحراء قاحلة وينشد المطر في حزيران.