الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

دفاعاً عن الرسول الكريم : د. عبد القادر ابراهيم حماد

نشر بتاريخ: 10/02/2006 ( آخر تحديث: 10/02/2006 الساعة: 12:37 )
معا- يبدو أن حملة الاحتجاجات التي اندلعت في مناطق شتى في العالم الاسلامي احتجاجاً على المقام الكريم لرسولنا صلى الله عليه وسلم، لم تحقق الأهداف والنتائج المرجوة، والتي كان من المفترض أن تقدم الدول ذات العلاقة اعتذاراً صريحا للعالم الاسلامي عن هذه الإساءة الشنعاء، مع ضمان عدم تكرارها.

وبالرغم من ان هذه الاحتجاجات سواء كانت منظمة بطريقة رسمية ومبرمجة، أو عفوية دفاعاً عن مقام الرسول الكريم، أو انطلقت خدمة لهذه الجهة او تلك، أو لتحقيق أهداف مستقبلية، أعطت إشارات واضحة عن القوة الكامنة في الأمتين العربية والإسلامية، والتي لم تجد بعد طريقها الى النور، بفعل الأنظمة الحاكمة ومن يسير في ركبها من أحزاب وقوى وطنية أو عميلة.

ولعل ماتناقلته الفضائيات العربية والأجنبية والإذاعات العربية والدولية، حول ردود الأفعال هذه التي انطلق جزء منها ليس بغرض الدفاع عن الرسول الكريم، يعكس القدرة الهائلة على التغيير التي يتمتع بها المسلمون إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك، حتى ولو بطريقة موجهة سواء من الداخل أو الخارج.

استغرب هنا بإصرار - مع التأكيد على حقنا كمسلمين في ذلك- هذا التسارع العجيب في رد الفعل ضد دولة صغيرة مثل الدانمارك، مع أن هؤلاء الذين خرجوا يسمعون صباح مساء عن الجرائم التي تنتهك بحق قبلة المسلمين الأولى، والمكان الذي عرج منه رسولنا الكريم الى السماء، والذي أم فيه الأنبياء والرسل، وكأن الأمر لايعنيهم في شئ، أو أن الجرائم اليهودية خط أحمر لايمكن الاقتراب منه لعموم المسلمين.

بالرغم أنني لا أشكك في ردة الفعل الغاضبة التي قام بها المسلمون للذوذ عن كرامتهم التي هدرت منذ سقوط الخلافة العثمانية، الا أنني لا أصدق بالمطلق أن جميع هذه الاحتجاجات بريئة مائة بالمائة، فالبعض منها كان فرصة للحكومات للتنفيس عن الشعوب المكبوتة، والبعض منها كان فرصة لبعض الدول ذات العلاقة والمصلحة لامتصاص مايشعر به المسلمون من نقمة تجاه تلك الدول، وبالتالي كان لابد من التنفيس عن هذا الغضب بطريقة أخرى، بعيداً في تلك البلاد الباردة.

قد يكون في ذلك، الخطأ كل الخطأ، الا أن ما نشاهده على الفضائيات ووسائل الإعلام العربية والأجنبية والإسلامية، يثير في النفس مشاعر جياشة حول حقيقة الدور الذي يلعبه هذا الإعلام الموجه تجاه الأمتين العربية والإسلامية، بل والقضايا ذات الصلة بالعالم العربي والإسلامي، حتى أصبح الأمر يؤدي الى مايسمى بـ "عملية التورط " اللاواعي في الاستماع الى وسائل الإعلام هذه التي تتفنن في جذب المواطن اليها، خاصة في هذه المرحلة الخطيرة التي تعيشها الأمة العربية، بصورة عامة، والقضية الفلسطينية بصورة خاصة.

وكما يقولون " رب ضارة نافعة"، وحتى لو كان هذا الأمر تم بصورة مبرمجة ومدروسة، فإن الوحدة الاسلامية التي تجلت مظاهرها فيما تبثه وسائل الإعلام على اختلافها قد تكون بداية دعوة لتعزيز هذه اللحمة بين أبناء الأمة التي أضاءت ذات يوم حضارتها مابين المشرق والمغرب.

وقد يكون هذا الصدام " التجريبي" بين الحضارتين الاسلامية والغربية، فرصة لدق ناقوس الخطر المحدق بالأمة الاسلامية، التي نهبت ثرواتها، ودمرت حضارتها، وقتل أبناؤها، واستبيحت نساؤها تحت عنوان نشر الديمقراطية في البلدان العربية والإسلامية، وكأنه لم يبق على سطح الأرض من مشاكس سوانا.

تعجبت كثيراً وأنا أتابع الصحف الغربية التي يطيب لها أن تتشدق بحرية التعبير وهي تعيد نشر الصور المسيئة للرسول الكريم، وكنت أتمنى أن يقوم البعض بنشر صور تشكك في ما يسمى المذابح اليهودية أو معادة السامية التي أصبحت حكراً على بني صهيون، لنرى هل ستجرؤ هذه الصحف على نشر ذلك تحت عنوان حرية التعبير.

لقد آن الأوان للأمة العربية والإسلامية أن توحد صفوفها، فهذه الدول الغربية، التي تضم أمما شتى سفكت دماء بعضها البعض عبر التاريخ، والتي لايجمع بين أبنائها جامع واحد، استطاعت أن تتغلب على حواجز اللغة والوطنية والقومية، لتنطلق الى حالة فريدة من الانسجام والتضامن والوحدة.

ولتكن هذه الوحدة التي تجلت في الهبة العارمة التي انطلقت وان كان جزء منها ليس دفاعا عن الرسول، نقطة البداية، فهل تسمح الأنظمة بذلك، هذا ماستكشف عنه الأيام القادمة، وكان الله في عون المسلمين.

كاتب وصحفي فلسطيني