السبت: 28/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أي منظمة تحرير نريد؟؟../ بقلم : ماجد عزام

نشر بتاريخ: 13/02/2006 ( آخر تحديث: 13/02/2006 الساعة: 23:14 )
إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية - هذه هي العبارة الأكثر ترددا على
الساحة السياسية في الفترة الأخيرة وتحديدا من قبل مسؤولي السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الاسلامية حماس علما أن الأمر لا يقتصر عليهما بل يتعداهما
ليشمل مختلف الأطياف السياسية الفلسطينية.

هذا الأمر أتى متأخرا بالطبع وان يأتي الشيء متأخرا افضل من أن لا يأتي أبدا
غير أن اللافت للنظر أن الاهتمام باعادة بناء منظمة التحرير جاء على خلفية
الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي حققت فيها حركة المقاومة الاسلامية حماس
انتصارا ساحقا يؤهلها لتشكيل الحكومة الفلسطينة المقبلة والسيطرة على معظم
مؤسسات السلطة الفلسطينية التشريعية والتنفيذية.

والحقيقة أن الانتخابات أفرزت واقعا سياسيا جديدا بحيث باتت كل الاطياف تقريبا
بحاجة ماسة الى منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية وطنية عليا من المفترض أن
تتولى الاشراف على الملفات الصعبة والحساسة والاستراتيجية التي اثبتت التطورات
خلال العقدين الأخيرين عجز طرف سياسي واحد أي كانت شرعيته التاريخية وخبرته
العملية عن القيام بهذه المهمة الصعبة.و يجب التذكير أن اعلان القاهرة الذي
صدر في آذارالماضي تحدث عن اعادة بناء منظمة التحرير ضمن خارطة طريق وطنية
خالصة لحظت اجراء الانتخابات التشريعية والبلدية وعقد حوارات موسعة بين مختلف
الفصائل الفلسطينية والشخصيات الوطنية الفلسطينية المعتبرة وكل ذلك باشراف
ورعاية رئيس المجلس الوطني الفلسطيني رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
للخروج بتصور أو فهم مشترك لكيفية اعادة بناء منظمة التحرير وفق أسس جديدة تلحظ التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية كما المزاج الشعبي الفلسطيني الذي عبر عن نفسه طوال سنوات الانتفاضة كما في الانتخابات البلدية والتشريعية.

للأسف فان هذه الحوارات لم تتم وبدا أن هناك ترددا في فتح ومعالجة هذا الملف
الحساس حتى جاء زلزال الانتخابات التشريعية الأخير ليعود من جديد على أجندة
العمل الوطني ولكن بشكل جاد وملح هذه المرة؟ فما الذي اختلف ولماذا هذا الحماس
المفاجىء لاعادة بناء منظمة التحرير بعد فترة من التجاهل والطغيان من قبل السلطة
على المنظمة وأجهزتها ومؤسساتها بينما لم يكن الملف مطروح بقوة ولم يكن أولوية
على اجندة وجدول أعمال حركة المقاومة الفلسطينية حماس.

الدوافع مختلفة بالطبع فقيادة السلطة الفلسطينية بعد الخسارة في الانتخابات
الفلسطينية وفقدان الأغلبية في المجلس التشريعي وجدت في منظمة التحرير المخرج
من هذه الورطة بمعنى ان رئيس السلطة الفلسطينية هو في الوقت نفسه رئيس اللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير التي تملك نظريا التحكم في الملفات المهمة والاستراتيجية في كل المفاوضات مع اسرائيل والاشراف على العلاقات الخارجية لفلسطينية مع الدول والمؤسسات الاجنبية وعندما كانت السلطة كلها بيد فتح لم يكن ثمة مشكلة في ادارة هذه الملفات من خلال السلطة ومؤسساتها أما بعد نتائج الانتخابات الأخيرة فقد تغير الواقع وباتت السيطرة على مؤسسات السلطة مجتزأة ومنقوصة وبالتالي بات المخرج المناسب هو اعادة الحياة الى منظمة التحرير وبث الحياة في مؤسساتها المختلفة التي ما زالت فتح تتحكم بحصة الأسد فيها في غياب المنافس الرئيسي أي حركة حماس التي ما زالت غير ممثلة في المنظمة ومؤسساتها وأطرها.

حماس من جهتها باتت بحاجة الى منظمة التحرير كمخرج من الورطة أو مأزق السلطة
بمعنى أن هذه الأخيرة يجب أن تعود الى طبيعتها أي الاشراف على مناحي الحياة
المختلفة للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة بينما تتولى منظمة التحرير الاشراف
على الملفات السياسية الأخرى وهذا الأمر يتيح لحماس طبعا تلافي الأسئلة الصعبة
المتعلقة بالمفاوضات مع اسرائيل وعملية التسوية بشكل عام التي يجب ان تتولاها
منظمة التحرير ويفترض أن تكون المسؤولية فيها جماعية بحيث لا يتحمل طرف بمفرده
تلك المسؤولية الصعبة والثقيلة.

أمام تلاقي الرغبات الفتحاوية والحمساوية مع غياب بقية الطراف والفصائل
الفلسطينية الأخرى والتي تنظر لمنظمة التحرير بصفتها البيت الوطني واعادة بناء
هذا البيت هو ضرورة ملحة بغض النظر عما افرزته الانتخابات الأخيرة من وقائع
سياسية وحزبية جديدة يظل السؤال عن الكيفية التي سيتم عبرها اعادة بناء منظمة
التحرير علما ان اعلان القاهرة تحدث عن انتخابات أو حتى توافق حول اعضاء
المجلس الوطني في الخارج في ضوء او على هدى نتائج الانتخابات التشريعية في
الداخل.

أعتقد ان الأمر لن يكون صعبا والتوافق في الخارج لن يكون مشكلة في ظل حاجة
الاطراف المختلفة الماسة الى المنظمة والأهم من ذلك برأيي هو البرنامج السياسي
الذي سيتم على اساسه اعادة بناء المنظمة ونهوض المنظمة هذا الأمر ليس صعبا
ايضا حيث نص اعلان القاهرة على ثوابت أو نقاط الحد الدنى المتفق عليها بين
الفصائل الفلسطينية التي تم التعبير عنها يشكل او بآخر في وثيقة 5 آب الشهيرة
او في البيانات والمواقف الصادرة عن لجنة المتابعة العليا الوطنية والاسلامية.

من الواضح أن وضع منظمة التحرير في الفترة الأخيرة لا يسر أحدا غير ان
التحولات الأخير أثبتت أن المنظمة ما زالت حاجة وضرورة وطنية ماسة لكن اعادة
بنائها يعتمد على مقاربة مختلفة سواء من حيث الشكل أو المضمون بحيث نأخذ في
عين الاعتبار مختلف التطورات على الساحة الفلسطينية بعد فشل وتعثر عملية
التسوية وتواصل الانتفاضة لأكثر من خمس سنوات تقريبا اضافة الى الحيوية
والواقع السياسي والحزبي المستجد والذي عبر عن نفسه في الانتخابات الرئاسية
والتشريعية والمحلية.

مدير مركز شرق المتوسط للخدمات الصحفية والاعلامية - بيروت