الخميس: 21/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مفتاح تنشر تقرير خاص حول أداء تلفزيون فلسطين - القناة الفضائية

نشر بتاريخ: 16/05/2005 ( آخر تحديث: 16/05/2005 الساعة: 17:52 )
مقدمة:
يأتي هذا التقرير الخاص ضمن عمل "وحدة الرصد الإعلامي" في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، التي تهدف بالأساس إلى رصد أداء الإعلام الفلسطيني وطريقة عمله في محاولة لاستقراء وتشخيص وضعه الحالي من أجل الخروج برؤية عملية لإمكانية التدخل من قبل المجتمع المدني والجهات المعنية لتحسين الأداء وبناء قدرات الطواقم العاملة فيه.

وقد خصصت وحدة الرصد الإعلامي هذا التقرير ليغطي أداء تلفزيون فلسطين لما تمثله وسيلة الاعلام هذه من أهمية في صياغة الرسالة الإعلامية الرسمية الموجهة للمواطن الفلسطيني، وكذلك باعتباره نافذة فلسطين التي نتواصل بها مع العالم وعبرها نبث رسائلنا الموجهة له.
من هذا المنطلق، يصبح من الضروري قراءة أداء تلفزيون فلسطين، و تقييم محتوى ما يبثه، والإجابة عن الأسئلة الهامة التي يطرحها الإعلاميون الفلسطينيون حول هوية تلفزيون فلسطين من حيث كونه حكومي يروج للسلطة الحاكمة وينطق باسمها، ام انه يتبع للدولة وبالتالي هو صوت لكل مواطنيها على اختلاف مشاربهم، وماهية الدور، اذا ما وجد، الذي يلعبه في تشكيل الرأي العام الفلسطيني ومدى مصداقية المعلومات التي يبثها وواقعيتها؟

لا يمكن الإجابة عن هذا الأسئلة بتقديم إجابات انطباعية، وهو ما درج على تقديمه بعض المعنيين، بل يجدر أن يتم رصد الرسائل التي يبثها التلفزيون بعناية وتسجيلها لاستقراء موقف المشرفين على وضع سياسيات التلفزيون، ومن ثم مقارنتها بالتصريحات والمواقف التي تصدرها الحكومة؛ بمعنى مجلس الوزراء، وأيضاً ما يصدر عن مؤسسة الرئاسة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب رصد المحتوى والشكل الذي تظهر فيه المادة الاعلامية للتأكد من قدرة تلفزيون فلسطين على بث رسائل مجتمعية وسياسية، وبالتالي المساهمة في تشكيل الرأي العام، مدركين تماماً أن قياس تأثير تلفزيون فلسطين في تشكيل الرأي العام لا يتوقف على رصد رسائله، وإنما بحاجة لاستطلاع رأي أو إجراء بحث علمي مهني تقوم به مؤسسة ومتخصصة كجهاز الإحصاء المركزي.

لقد قامت وحدة الرصد الإعلامي في "مفتاح"، برصد وتوثيق يومي لبث تلفزيون فلسطين في الفترة الواقعة بين 10 كانون ثاني 2005 حتى 15 آذار 2005. وقد جرى تدوير فترات عملية الرصد في الفترة ما بين 10 كانون الثاني و 7 شباط، حيث جرت عملية الرصد في الأسبوع الأول للفترة الصباحية من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشر، وفي الأسبوع الثاني من الحادية عشر صباحا حتى الثالثة عصراً ، وفي الأسبوع الثالث من الثالثة عصرا وحتى السابعة مساء. ثم جرى تثبيت عملية الرصد للتغطي الفترة ما بين السابعة مساء والحادية عشر ليلا. والهدف من تدوير ساعات الرصد جاء للتعرف على طبيعة البرامج التي يجري تقديمها للجمهور، ولمعرفة إن كان هنالك حاجة لرصد برامج محددة. وقد وتبين أن البرامج الحوارية الأساسية ونشرات الأخبار الأٍساسية تقدم في هذه الفترة (السابعة مساء حتى الحادية عشر ليلاً).

وقد قام الفريق برصد التالي:
. نشرة أخبار الساعة السابعة مساء ( نشرة الأخبار المحلية)، وأخبار التاسعة مساء ( نشرة الأخبار الرئيسة).
. البرامج الحوارية (أنا والآخر، جوهر الحوار، السلطة الرابعة، آخر الكلام )
. خطبة الجمعة يومي 21/1/2005 و 28/1/2005

وبالإضافة لهذه البرامج تم رصد بعض البرامج الترفيهية والثقافية التي ستكون محور تركيز تقرير لاحق.

الاستنتاجات العامة:
منذ ان بدأت "مفتاح" برصد أداء تلفزيون فلسطين في شهر كانون أول 2004 بغرض تحليل التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية، تطرقت لمجموعة من القضايا الإشكالية في أداء تلفزيون فلسطين، حيث لاحظت وحدة الرصد الاعلامي أن تلفزيون فلسطين يبذل جهداً لتطوير أدائه، كما بدا واضحاً أنه يجد صعوبة في المحافظة على طريقة عمله وسياساته القديمة مرتبكاً في التقدم باتجاه التغيير في ظل عدم اليقين العام بأن النظام السياسي الجديد جاد وحازم في مشروعه الإصلاحي، التدرج في التغيير بدا واضحاً منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية وصولاً لتاريخ هذا التقرير والتي تقارب الثلاث شهور حيث يمكن مقارنة الأداء في كيفية التغطية التي حظيت بها الانتخابات الرئاسية، والبرامج التي قدمت في ذات الفترة بالتغطية التي تلت إعلان النتائج ودخول برامج جديدة ذات تقنية جيدة ومحتوى.
لقد أخذت وحدة الرصد الاعلامي بعين الاعتبار عند تقييمها، صعوبة الانتقال والتحول والحاجة إلى التدرج نحو التغيير، وكذلك عدم كفاية مدة ثلاثة لتغيير السياسيات وتنفيذها في أي مؤسسة، ولكن ما سيتم عرضه من امثلة تم رصدها، تبرز أهميتها في ظل المتغيرات الأخيرة من نقل تبعية هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى وزارة الإعلام، بعد أن كانت لسنوات ومنذ تأسيسها تتبع مؤسسة الرئاسة.
قد تكون هذه الخطوة هي الأولى في طريق ترتيب بيت الهيئة، ولكنها خطوة لن تكتمل إلا في إطار وجود تقييم شامل لأداء المؤسسة، وهيكليتها، والوصف الوظيفي لها وللعاملين فيها، وبالتالي وضع خطة تتناسب والدور المرجو منها، بحيث تكون فاعلة وقابلة من اجل الارتقاء بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون وتطوير دورها وأدائها.
وسنعطي أمثلة لما قامت وحدة الرصد الإعلامي بتسجيله:

تناول تلفزيون فلسطين لتصريحات أبو مازن "الرئيس المنتخب":
بعد انتخاب الرئيس محمود عباس وإعلان فوزه تعاطى تلفزيون فلسطين مع تصريحات الرئيس الجديد بانتقائية، وصلت إلى تدخل مقص المحرر(أو مقص آخر لا ندري هويته) وحذف كلمات من تصريح نشر بالكامل على صفحات الجرائد اليومية، وبث كاملاً في الفضائيات العربية. فبتاريخ ( 15/1/2005)، وفي نشرة أخبار الساعة السابعة صباحا ، بث التلفزيون خبراً حول استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني مستشهدا بما قاله الرئيس "أبومازن" "وقتل تسعة فلسطينيين في الأسبوع الماضي لا تساعد عملية السلام" ، وقد صيغ الخبر بمعزل عن السؤال الذي وجه للرئيس بعد تأديته لصلاة الجمعة في يوم 14/1/2005 والذي كان : "ما هو رأيكم في عملية كارني؟ وكان جوابه " هذه العمليات وقتل تسعة فلسطينيين في الأسبوع الماضي لا تساعد عملية السلام". لكن التلفزيون فضل وضع إطار وسياق مغايرين لتصريحات الرئيس، عكس من خلاله عدم القناعة بتوجهات المؤسسة الجديدة، فهو تجاهل السؤال، وتجاهل إشارة الرئيس لعملية كارني، وقام بشكل متعمد بعملية مونتاج لتصريح الرئيس ليبدو التصريح وكأنه يدعم سياق الخبر حول الإعتداءات الإسرائيلية فقط.

لقد ساهمت أجواء اتفاق التهدئة مع الفصال الفلسطينية، وانتشار قوات الأمن الفلسطينية في غزة ومحاولاتها منع إطلاق صواريخ القسام وإغلاق الإنفاق، ساهمت في إعطاء انطباع بأن النظام السياسي جاد في البرنامج الذي طرحه، وتحديدا فيما يتعلق بالشق الأمني. نتيجة لذلك بدأ تلفزيون فلسطين ببث برامج تدعم هذا التوجه وتغطي قضايا مثل فوضى السلاح، والتعدي على الأراضي الحكومية، مدعومة بمقابلات مع المواطنين في الشارع الذين يعبرون عن دعمهم وتمنياتهم بنجاح التوجهات الجديدة للسلطة الوطنية.
وفي ظل إعلان التزام الفصائل بالهدنة، والإشارات التي صدرت عن السلطة الوطنية الفلسطينية بأنها جدية في الالتزام بها، لوحظ تطوير التلفزيون لبرامجه الحوارية، التي عكست محاولة إدخال الجديد إلى الشاشة لاستقطاب مشاهدة أوسع قطاع من الجمهور، ورغبة في إخراج التلفزيون من دائرة الاتهام بعدم المهنية، أو بأنه لا يقوم بالدور المرجو منه في تشكيل رأي عام. ولقد رصدنا برامج معدة جيدا وضمن الإمكانات المتاحة وهي برامج جديدة لم نعهدها سابقا، تتسم بالجرأة في عرضها للقضايا التي تمس المواطن، وفي عرضها للسياسات موضع الخلاف داخل المجتمع الفلسطيني، وذلك من خلال إدارة الحوار مباشرة مع شخصيات تمثل قوى ترسم سياسات، ومحليين سياسيين يشكلون مواقف الرأي العام، ونذكر من هذه البرامج على سبيل المثال: برنامج "السلطة الرابعة" وبرنامج "آخر الكلام"، "أنا والآخر"، و"جوهر الحوار" .
لا يمكن اعتبار هذا التطور تمثيلاً لإستراتيجية جديدة ينتهجها التلفزيون، وذلك لاستمراره في انتاج برامج دون المستوى المهني من حيث الإعداد، ويغيب عنها بشكل شبه كامل المواطن، فهي برامج تشبه بعضها من حيث الشكل، بمعنى الثالوث الذي ينتهجه التلفزيون (الاستوديو، الضيف والمذيع) مع غياب التقارير الميدانية، كما أن هناك برامج قد يعتبرها المراقبون برامج تحمل دعوات للتخلف الاجتماعي والسياسي، فعلى سبيل المثال نذكر برنامج "في رحاب الإسلام"، الذي يستضيف بشكل دائم وجهة نظر واحدة في إطار يغلب عليه التلقين والوعظ والإرشاد.


دعوات للعودة إلى السلفية:
في ذكرى الهجرة النبوية التي صادفت يوم 11/2/2005 وضمن برنامج " في رحاب الإسلام" الذي ييث في الساعة 7:30 مساء استضاف أحد الدعاة الإسلاميين. في البرنامج جرت دعوات لاستعادة نظام الخلافة، ولاستعادة دور المساجد في الشؤون الحياتية، وللتعامل بالتاريخ الهجري بدل الميلادي في المعاملات الحكومية ولطاعة الأمير المسلم.
بالطبع لسنا مع تكميم الأفواه، ولكن طبيعة هذا البرنامج في الأصل هو برنامج تعليمي تثقيفي ديني وليس برنامجاً سياسياً، وفي التعليم تكون الرسائل مدروسة مسبقاً ولا تخضع لأهواء المجتهدين، ومن هنا يطرح السؤال كيف يتم اختيار ضيوف البرامج في تلفزيون فلسطين؟ هل هناك مواصفات لمن يتحدثون في موضوع بعينه؟ هل يوضع هدف للموضوع محل النقاش وبالتالي يتم الإعداد لتحقيق هذا الهدف عبر أسئلة ذات بنية مهنية منطقية؟ أم أن الأمر يتم حسب أهواء ورغبات مقدم البرنامج؟ وهل تستضاف وجهة النظر الأخرى في برامج الاجتهادات؟
قد يستضيف أحد البرامج ضيفاً يخرج عن الموضوع ويقدم رسائل سياسية تحريضية ضد مجموعات ومؤسسات يختلف معها الضيف، والمضيف لا يستطيع وقف البرنامج أو الضيف، ولكنه إن امتلك المهارة في إدارة الحوار وسرعة البديهة لتأثير الرسائل الخارجة عن المضمون على الجمهور، ستكون لديه القدرة على إدارة الحوار بطريقة أفضل وتوجيهه بطريقة تخدم تحفيز ذهن المشاهدين على التفكير فيما هو جزء من ثقافة موروثه وسائدة أكثر مما هو قناعة يقينية من قبلهم، اخذين بعين الاعتبار بأن محتوى النظام الديمقراطي يجب أن لا يكون عرضه للمصادرة بدعوات صادرة من تلفزيون الشعب الفلسطيني وأن القضايا الحياتية، اليومية يجب أن تترك للقانون الذي عليه أن ينظم حياة الناس في فلسطين باختلاف مشاربهم السياسية والدينية محترماً التعددية الدينية التي يتمتع بها الفلسطينيون تاريخياً.

"القدس".. حاضرة، غائبة
لوحظ في رصد البرامج التي تتعرض لمدينة "القدس" - عاصمة الدولة الفلسطينية التي تتغنى بها الأطياف السياسية والاجتماعية كافة، تقدم في تلفزيون فلسطين عبر برامج يجري إعادة بثها بشكل دائم مما افقدها قيمتها الفنية، مثل "الأقصى تحفة معمارية"، الذي رصدنا فيه العديد من مشاهد المواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال مقحمة على البرنامج بدون سبب فني أو جمالي أو ضمن السياق. هنالك برامج أخرى مثل برنامج "القدس تناديكم"، و"هذه هي القدس"- بثت في فترة سابقة لهذا التقرير وتعرضنا لها في تقرير سابق - هي برامج متدنية المستوى، أسلوبها تلقيني وتقدم معلومات لا يمكن التأكد من صحتها ومصداقيتها، وهي تقدم القدس للعالم وللداخل أيضاً بصورة منقوصة، ولا تواكب التطورات التي تحدث على الأرض حيث خلت من التقارير والبرامج الوثائقية المعاصرة التي تركز على ممارسات الاحتلال داخل القدس، وبالتالي غابت معاناتها ومعاناة أهلها الذين ندعوهم إلى الصمود والمقاومة، وبذلك غابت القدس اليوم عن تلفزيوننا، وحضرت عبر تسجيلات قديمة مكررة.
بالطبع تنبغي الإشارة لبرنامج من إخراج "يوسف الديك" وإعداد "إبراهيم فني"، الذي يقدم القدس بطريقة مختلفة وبجودة فنية وتقنية جيدة، ولكنه لا يكفي لتقديم مدينة القدس بصورة تتناسب مع أهمية هذه المدينة وأهمية وضعها في الصدارة والتركيز على المقدسيين والصراع الذي يخوضونه ضد حصار وسرقة المدينة وتفريغها من أهلها ومن محيطها العربي الفلسطيني.
هناك أهمية كبرى على أن يعمل تلفزيون فلسطين على إيجاد طاقم قادر على تغطية الفعاليات في المدينة المقدسة، وتغطية الممارسات الإسرائيلية في القدس والنشاطات التي يقوم المقدسيون الفلسطينيون ليس فقط في إطار مواجهة الاحتلال وإنما في الإطار الوطني العام الاقتصادي والثقافي والتنموي والاجتماعي: مؤتمرات، فعاليات مجتمع مدني، نشاطات دينية إسلامية ومسيحية

الجدار.. وغياب البعد الإنساني
لاحظت وحدة الرصد الإعلامي أن قضية جدار الفصل العنصري هو موضوع موسمي يثار في التلفزيون في فترات متباعدة مما قد يعطي الانطباع بأن تلفزيون فلسطين يقلل من أهمية ما يلحقه الجدار من تدمير لمجمل المشروع الوطني الفلسطيني ومن تدمير ممنهج للنسيج الاجتماعي والوطني، وحرب معلنة لإلحاق الأذى اليومي بالفلسطينيين.
طريقة التلفزيون في التعاطي مع الجدار يتم عبر تغطية الأخبار التي تتحدث عن ممارسات الاحتلال وانتهاكاته ويظهر في نشرات الأخبار تحت عنوان "صدامات بين قوات الاحتلال ومتظاهرين ضد الجدار"
وبالتالي يتوقع من تلفزيون فلسطين أن يعد برامجاً تركز على الجدار وآثاره على التنمية الاقتصادية الاجتماعية السياسية في فلسطين، تأثير الجدار على نتائج الحل الدائم، كذلك التركيز على البعد الإنساني الغائب فيما يتعلق بالجدار، حيث تخلو التغطية من إجراء مقابلات حية مع العائلات التي تضررت منه وسجنت داخله، كما خلت من الرد على الادعاءات والأكاذيب الإسرائيلية عبر تقديم حقائق ومعلومات موثوقة تدحض ادعاءات اسرائيل، وتقدم رواية فلسطينية بديلة.

نشرات الأخبار.. أخبار من؟
تمت الإشارة سابقا الى التقدم الذي حدث على بعض البرامج التي يقدمها التلفزيون، كما تمت الإشارة إلى بعض الإخفاقات في طريقة التعاطي مع قضيتي القدس والجدار، ولكن رصد نشرات الأخبار التي يقدمها التلفزيون أبرزت أن الخلل الأكبر الذي لم تجر معالجته هو نشرات الأخبار، فقد بقيت كما هي دون محاولات للمراجعة أو التطوير، وبقي التلفزيون فعليا يراوح مكانه في تقديمها.
قامت وحدة الرصد بتحليل نشرة أخبار محلية واحدة مساء يوم 12/3/2005 كدراسة حالة لنشرات الأخبار المحلية التي تقدم الساعة السابعة مساء، وقد تم اختيار هذه النشرة تحديداً، لأن اليوم الذي بثت فيه شهد أحداثا مهمة ولكن طريقة عرضها جعلت من المادة الإعلامية التي توفرت لطاقم التلفزيون، مادة بلا قيمة فعلية، وفيها استخفاف كبير لعقل المشاهد وتعكس عدم اكتراث بالمنافسة التي يحدثها وجود العديد من الفضائيات التي تقدم المعلومات للجمهور بطريقة أسرع وبتفصيل أكبر.

الأخبار المحلية، الساعة السابعة، 12/3/2005
1. ترتيب الأخبار العشوائي: لا يتبع ترتيب الأخبار أهميتها فمثلا، (ندرك أن تحديد أهمية الخبر هي أيضاً قضية نسبية وغير محايدة) الحدث الأهم خلال ذلك اليوم كان المؤتمر الصحفي الذي عقدته حماس وأعلنت فيه عزمها المشاركة في الانتخابات التشريعية، ولكن ترتيب بث هذا الخبر جاء في الترتيب الثالث من أخبار النشرة، وقد جاء بعد خبرين، الأول كان ترحيب الرئيس "أبومازن" والثاني ترحيب نائب رئيس مجلس الوزراء "نبيل شعث" بمشاركة حماس مما أفقد الخبر أهميته عندما تم عرضه، قد يتفق بعض الإعلاميين أن الأصل يتم في عرض الخبر ومقاطع من المؤتمر الصحفي لحركة حماس وتقرير يعرض أسباب مشاركتهم ثم الترحيب الذي يأتي على شكل ردود فعل حول قرار حماس. لكن لا يمكن عرض ردود الفعل قبل عرض الخبر نفسه.
أما الحدث الرئيس الثاني في ذات اليوم - والذي برأيينا لا يقل أهمية عن خبر مشاركة حماس- فكان مظاهرات العاطلين عن العمل في غزة والذي تم عرضه في آخر النشرة المحلية، حيث عرض بطريقة مجتزأة فلم يأت ذكر اقتحام المتظاهرين للمجلس التشريعي، ولا مقابلات مع جمهور الغاضبين توضح أسباب تظاهرتهم، ومطالباتهم، وقد تعامل التلفزيون مع الخبر بشكل يقلل من أهميته وبلغة أن هذا "تلفزيون السلطة" ولا يجوز أن يعرض فيه احتجاجات الجمهور ومطالباته للسلطة.
2. الانتهاكات الإسرائيلية المفرغة من محتواها: لا زالت الاعتداءات الإسرائيلية تغطى بطريقة غير مهنية فهي تخلو من التقارير، ولا يوجد فيها صور من مكان الأحداث ولا يجري أي عرض لظروف الاعتداءات. فقد ورد في النشرة، الخبر الرابع عن " نية المستوطنين الاعتداء على الأقصى" لكن لم يصاحب ذلك أي تقرير توضيحي او معلومات تفصيلية بحجم الخبر وإنما تصريح منقول عن مفتي الديار المقدسة، كذلك الخبر السابع والثامن والتاسع والعاشر بالترتيب " اعتقال مزارع فلسطيني، اجتياح لبلدتي "علار" و"صيدا" شمال طولكرم، مواصلة قوات الاحتلال منع التجول على مدينة الخليل، ومواصلة مستعمرين "قدوميم" منعهم الفلسطينيين الوصول الى أراضيهم الزراعية"، جميع هذه الأخبار لم تغطى بأية تقارير أو صور او حتى مكالمات تلفونية إذا افترضنا أن منع الصحفيين من الحركة هو السبب الذي يمنع وجود الصور المرافقة للأخبار لإعطاء المزيد من المعلومات حولها. حتى الخبر المتعلق بالخليل تم عرضه على خلفية خارطة فلسطين التاريخية دون الإشارة لمكان مدينة الخليل عليها.
3. أخبار منقولة من مصادر إسرائيلية كما هي: ورد في ذات النشرة، الخبر الحادي عشر كان حول رفض مستشفى "هداسا" تقديم المساعدة لإسرائيلية مصابة في حادث طرق بسبب نقلها في سيارة إسعاف فلسطينية، وبرغم أهمية الخبر ودلالاته الا أن الخبر نقل تماماً كما ورد في صحيفة "يديعوت أحرنون الإسرائيلي" دون أن يكلف التلفزيون نفسه بتحرير الخبر أو بالاتصال هاتفياً مع سائق سيارة الإسعاف الفلسطيني لوضع المشاهد أمام تفاصيل لم توردها الصحيفة الإسرائيلية.
4. نشرة الأخبار المحلية.. نشرة من؟ في واقع الأمر إن نشرة الأخبار المحلية هي نشرة لأخبار السلطة الوطنية ولمسئوليها وهنالك هامش قليل لعرض للنشاطات التي تمارس بعيدا عن فعاليات السلطة وفي حالة تغطيتها فإنها تعرض بعد الانتهاء من تغطية نشاطات السلطة مثلا الخبر الخامس والسادس في هذه النشرة كان عن تفقد اللواء نصر يوسف لكلية الشرطة في غزة، وتفقد وزير العمل لمديرية الشؤون الاجتماعية في غزة. أما الفعاليات الأخرى التي تقوم بها قطاعات أخرى من الشعب الفلسطيني فهي غير موجودة.

إن هذه النشرة هي مثال يستحق التوقف عنده للاطلاع على حقيقة ما يقدم في تلفزيون فلسطين، وهي أيضاً مثال واضح لإعطاء مؤشرات لما يجب أن يتم البدء به من أجل إحداث تغيير جذري بشأن نشرات الأخبار بشكل خاص وبرامج وسياسيات برامج تلفزيون فلسطين بشكل عام.

نشرة الأخبار الرئيسة :
بالنسبة لنشرات الأخبار الرئيسة مثل نشرة أخبار التاسعة مساء (اليومية) فهي نسخة معدلة لنشرة الأخبار المحلية مضافا إلها بعض الأحداث العربية والعالمية، ولفحص هذه النشرات نورد واحدة من نشرات الأخبار الرئيسة وما رصدناه فيها:

الأخبار الرئيسية، الساعة التاسعة مساء، يوم 12/3/2005

عرضت نشرة الأخبار بالترتيب التالي:
ترحيب عباس بإعلان حماس مشاركتها في الانتخابات التشريعية القادمة، إعلان حماس عزمها المشاركة في الانتخابات، خبر عن وزير الإعلام، خبر عن وزير الخارجية وتعليقه على مؤتمر لندن، اجتماع وزير الداخلية بالقادة العسكريين، استنكار دار الفتوى محاولات المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، اجتياح علار، وصيدا شمال طولكرم، رفض استقبال مستشفى هداسا لإسرائيلية بسبب قدومها بسيارة إسعاف فلسطينية، انسحاب القوات السورية لسهل البقاع، تظاهرات في لبنان لمعرفة حقيقة اغتيال الحريري، العراق ومقتل أربعة، طهران وتصميمها على متابعة مشروعها النووي، اسبانيا تحيي ذكرى ضحايا التفجير.

الاستنتاجات:
بالإضافة لمشكلة ترتيب الأخبار حسب أهميتها- ما أشرنا إليه بخصوص الأخبار المحلية- تخلو النشرة من التركيز على مجموعة أحداث رئيسة تشكل المادة الإعلامية، فالخبر الرئيس هو إعلان حماس مشاركتها في الانتخابات التشريعية، ولكنه لم يحظ بالاهتمام المطلوب لا من حيث المعلومات المقدمة ولا من حيث حجم التغطية وتم التعامل معه كخبر ثانوي فعليا، فخبر اجتماع وزير الإعلام مع مراسلين تلفزيون فلسطين أو الخبر المتعلق بوزير الخارجية ( وهو جزء من مادة كانت ستعرض في برنامج مستقل في اليوم التالي) احتل جوهر النشر وحصل على الوقت الأكبر فيها. الخبر التالي كان يفترض أن يكون عن لبنان وانسحاب القوات السورية، أو تقرير عن ممارسات جيش الاحتلال في الضفة والقطاع، لكننا لم نشاهد هذا التركيز في الأخبار وجرى تشتيتها على العديد من المواضيع.

الموضوع الآخر الذي يتكرر بشكل يومي وبنسبة كبيرة هو الأخطاء الفنية واللغوية في ذكر أسماء البلدات الفلسطينية. في نشرة أخبار السابعة والتاسعة سجلنا عشرة أخطاء فنية تتراوح بين صورة بلا صوت، أو البدء بالحديث عن خبر معين بينما الصورة المرافقة، لها علاقة بخبر آخر، او ارتجاج في الصورة او عدم وضوح في الصوت أو تلعثم من قبل المذيع وغيرها. بشكل عام كل ما هو متعلق بالتصوير الخارجي فيه خلل فني كبير، صورة مشوهة أو صوت مشوه أو كلاهما معا.

التوصيات:

1. إعادة النظر في طريقة تقديم قضايا وطنية مركزية مثل قضية القدس والجدار
2. ضرورة أنسنة الأخبار المحلية والتأكد من وجود بعد إنساني اجتماعي للتغطية
3. توثيق الاعتداءات الإسرائيلية بالصوت والصورة بدلا من سردها كحدث يومي عادي
4. معالجة الأخطاء الفنية التي تتكرر بصورة كبيرة حيث أن هنالك خلل دائم في الصوت تحديدا وأحيانا في الصورة عند نقل الحدث من خارج الأستوديو.
5. إعادة النظر في مقدمي البرامج ونشرات الأخبار ووضع مواصفات ومعايير لاختيارهم/ن بناء على التعليم والخبرة، وأيضاً الحضور التلفزيوني
6. تقييم شامل للكادر العامل في التلفزيون وعلى ضوئه وضع معايير جديدة لضخ دماء جديدة وشابة للتلفزيون في انتظار تطبيق قانون التقاعد
7. هنالك ضرورة لتغيير نوعي في طريقة إعداد وبث نشرات الأخبار تأخذ بعين الاعتبار المواضيع التالية:

. ترتيب الأخبار والبرامج حسب الأهمية وبطريقة لا تترك الانطباع بأن هذا التلفزيون هو تلفزيون الرئيس أولا، والسلطة ثانيا والشعب الفلسطيني ثالثا.
. إعداد الأخبار بطريقة مهنية بحيث تشتمل على التقارير المدعمة بالصورة من أماكن الأحداث
. تركيز الأخبار الرئيسة حول موضوعات رئيسة تحدد عبر أهميتها لأوسع قطاعات من الشعب
. التخلص من الأخطاء اللغوية العديدة خصوصا تلك المتعلقة بذكر أسماء البلدات الفلسطينية في نشرات الأخبار، عبر مرور النشرة على مدقق لغوي قبل قراءتها
. هنالك ضرورة لتشكيل مطبخ إعلامي من المهنيين في تلفزيون فلسطين وإعطائه الصلاحيات الكاملة لتحديد نوعية البرامج التي يجب إنتاجها وبثها، كما أن هنالك ضرورة لبناء قدرات وتأهيل المسئولين والعاملين في دائرة الأخبار من أجل العمل بمهنية أكبر وبرؤية إعلامية واضحة للتمكن من تحديد مواضيع النشرة بطريقة تخدم تقديم رسالة إعلامية ذات مضمون.
. تدريب المذيعين والمذيعات على قراءة النشرة بطريقة تتناسب مع نشرة تلفزيونية وليست إذاعية، كذلك تدريبهم على لفظ مناطق جغرافية محلية وعالمية وأسماء شخصيات معروفة بطريقة صحيحة وبالذات الأجنبية منها.
. مراسلتنا في رام الله