الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أي مجلس تشريعي نريد /بقلم:لؤي عبده

نشر بتاريخ: 25/02/2006 ( آخر تحديث: 25/02/2006 الساعة: 15:51 )

عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني لمنعه من الحياة و الوصول الى الحرية و الاستقلال , لم يمنع أرادة هذا الشعب من انجاح مشروعه الديموقراطي بالانتخاب و حرية الرأي و إقامة حكم التعددية .

فإنتخابات المجلس التشريعي الثانية سببت الذعر في نفسية و عقلية هذا المحتل المعتدي , و ما حصدته الحركات السياسية و الاجتماعية في هذه الإنتخابات من أعداد متباينة لمقاعد المجلس التشريعي كانت إنعكاس لتفاعل شعبنا في الوطن المحتل و ايمانه بالتعددية السياسية و الديموقراطية.

صحيح أن صاحب الأغلبية البرلمانية كانت حركة حماس لكن ما أصر عليه الرئيس أبو مازن , من إجراء الإنتخابات بموعدها و إحترام نتائج الإنتخابات فيما بعد , و المضي قدما في الطريق , و انعقاد الجلسة الأولى لهذا المجلس المنتخب , يعتبر بحد ذاته نجاح المشروع الإصلاحي للسلطة الوطنية وإستمراريتها على الأرض في المجتمع الدولي , و ذلك مقابل المشروع العدواني الإستيطاني الإسرائيلي الذي ما زال يتصاعد بكل اشكاله الوحشية , بالإغتيال و سلب الأرض , و توسيع المستوطنات و بناء جدار الفصل العنصري و فرض الكانتونات و المعازل على شعبنا و عزل القدس و الأغوار , و غيره من إعتقالات و إعتداءات على ابناء شعبنا .

لذا فان المشروع الفلسطيني بتفوق مستمر على المشروع العنصري الإسرائيلي , بل إن ما سببه من نجاح أمام العالم زاد من عزلة إسرائيل و تخبط الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي الديموقراطية و الدفاع عن حقوق الإنسان بالعالم بل و كشف حقيقة هذا الحلف الإجرامي العدواني على الشعوب بكل المعايير و المواصفات , رغم كل محاولات تضليل العقول و الحرب النفسية و الإعلامية التي تشنهما هاتين الدولتين الإستعماريتين .

و من هنا فإن أهمية الإنتخابات الفلسطينية الثانية للمجلس التشريعي ضاعفت من حضور القضية الفلسطينية , و إخراجها من ادعاءات العدوان الإسرائيلي الأمريكي بأنها قضية أرهاب و غيره من الأكاذيب التي باتت السمة الوحيدة للعقلية الصهيونية و الأمريكية .

و كما دعا له الرئيس أبو مازن , أن تكف أمريكا و إسرائيل من إتخاذ حماس حجة تتذرع بها لمعاقبة شعبنا و سلطتنا الوطنية , الحقيقة أن نجاح المشروع الوطني الديموقراطي على الساحة الفلسطينية بكل ما فيها من عقبات و تحديات و صعوبات , هو الذي أقلق هؤلاء المنافقين أعداء السلام العادل و المتجاهلين لحقوقناالوطنية.

جوهر الحقيقة يجب أن يستكمل بدور و فعالية المجلس المنتخب و الاستفادة من هذه التطورات لحماية المشروع بعيدا عن الأسباب و العثرات التي قد تعيق من تقدمه و تطوره ووصوله إلى تحقيق بناء الدولة و دستورها و مؤسساتها و نظامها الأمني و القانوني من حقوقنا الثابتة .

فالشعب الفلسطيني يتطلع إلى بناء برلمان حقيقي مقرر و ليس برلمانا إحتجاجيا بل مشرفا و مراقبا و مشرعا بصفته السلطة التشريعية , صاحبة الحق بمراقبة السلطة التنفيذية و السلطة القضائية , حتى نحقق فعلا شخصية برلمانية قادرة على الاستمرار بالمشروع الوطني الفلسطيني , على أساس فصل السلطات الثلاث كنظام للدولة الفلسطينية المستقلة .

إن المهمات التي تنتظر كثيرة و كثيرة جدا في ظل تحديات كبيرة في مقدمتها السياسات العدوانية الإسرائيلية التي أعلن عنها كعقاب جماعي لشعبنا و مؤسساتنا و سلطتنا الوطنية . , لذا فإن هذا المجلس سيختلف كل الإختلاف عن سابقه بالتركيبة و الأداء و الجهد المضاعف و الجدية المطلق.

و بصفته المشرع الأول للقوانين الاساسية , و التي بموجبها ستحكم و تدار بها البلاد و العباد فإن نوعية هذه القوانين ستكون ذات الأهمية القصوى في مرحلة ذات تحديات كبرى , فأي قوانين ستشرع يجب أن تأخذ بعين الاعتبار إرتباطها الأساسي و الموضوعي حقنا بتقرير المصير كمبدأ تاريخي و عالمي , ثم أنه حق لكل فلسطيني, بعد ذلك فإن مجموع التشريعات سيحكم عليها شعبنا صاحب الحق الأول , و بصفته المؤسسة التأسيسية للدستور أو القوانين الأساسية التي تكفل حقوقه و نظامه و طريقة عيشه و ثقافته و حماية معتقداته و مقدساته و تطلعاته و أمانيه بالحرية و الاستقلال .

من هنا تكمن أهمية التشريعات و ضروراتها و الوظيفة الأساسية للمجلس التشريعي , بالرقابة و التشريع بعد هذا فإن التناقضات السياسية يجب أن لا تشكل معيقا لحياة البرلمان و لتشريعاته الهامة , بل إن الحكمة و العبرة توظيف هذه التناقضات لصالح القضية الفلسطينية , و مستقبلها و تنامي دعمها و مؤيديها محليا و عالميا , فإذا كانت الطريق لحلها سلميا , و من خلال المجتمع الدولي فإن الخبرة و التجربة و العبر و الدروس تؤكد أن لا عيب بالحل السلمي العادل لهذه القضية العادلة و المحترمة .

فالتعددية السياسية لا تعني التمترس خلف البرامج الحزبية و لا يعني التمنطق بالخلافات و ردود الفعل , بل العكس إن الإنفتاح الفكري و الحضاري و السياسي و الحزبي من سمات العصرو حاجات النضال الفلسطيني للوصول إلى أقدس الأهداف و أعظمها شأنا و الشئ الذي يفتخر به الإنسان الفلسطيني الملتزم و الصادق ما يسمعه من وجهات نظر و مصطلحات و دعوات صادقة متقاطعة في الخطاب الإعلامي ما عدا تلك الاراء الشخصية المأزومة و التي لا تمثل إلا مطلقيها .

هناك تقاطع عظيم نجده في تصريحات بعض القيادات و الرموز على إختلاف إنتماءاتهم السياسية و الحزبية و الفصائلية تعكس الحكمة و الوعي و المسؤولية , في مقدمتها تلك التي تدعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة إئتلاف وطني واسع بل التأكيدات المتكررة على التفاهم الذي سيسود السلطات التشريعية و التنفيذية مع مؤسسة الرئاسة و رئيسها , و إتباع طريق الحوار للوصول الى برنامج الوفاق الوطني و ما فيه مصلحة استمرار المشروع الوطني الفلسطيني كسلطة وطنية و مؤسساتها و الياتها و برامجها و تطورها نحو إقامة الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967,و رفض سياسة الاحتلال العدوانية الاستيطانية , فالايام الجارية تؤكد أن الخاسر الوحيد من مشروعنا الديموقراطي هو الاحتلال الاسرائيلي الذي أخذ بتصعيد سياساته الإجرامية بحق شعب فلسطين.
بالتالي إن رمز الوحدة الوطنية و مؤسستها المركزية تبدأ من المجلس التشريعي و حكومة الإئتلاف الوطني بقيادة مؤسسة الرئاسة و رئيسها , و نحن على يقين أن هذا النهج سينجح إذا ما أبعدنا رموز المؤامرة و المتامرين عنه , فهناك حقيقة يجب أن يدركها الجميع و هي أن الحركة الفلسطينية بكل فصائلها و توجهاتها وجدت من أجل حرية شعبنا و نيل إستقلاله و هذا أساس يجب أن يترجمه كل طرف بعيدا عن المصالح الصغيرة و الضيقة , بل هو الضمان الوحيد لإستمرارحركة لتاريخ الفلسطينيه لحضارية .

لقد ان الأوان أن نخرج من سنوات الترهل و المصالح الصغيرة , و أن نستفيد جيدا من الحالة العالمية التي تفتحت بعد تطبيق المشروع الديموقراطي الفلسطيني , و أن نعمل بجهد كبير من أجل تحقيق أهداف شعبنا العادلة و الواضحة , مما يعني أن الطرف الفلسطيني في معادلة الصراع ذات الأبعاد الدولية هو الطرف الحقيقي و الجاد بتحقيق السلام العادل في المنطقة , و ليس هؤلاء الذين وجدوا أصلا في هذه المنطقة لتحقيق مصالح الإستعمار و الغطرسة و السيطرة على شعوب الأمة و مقدراتها و مستقبلها فيمكن الجزم أن مرحلة الصبر الجديدة بدأت ليكون من بعدها تحقيق الحلم الفلسطيني بالحرية و الإستقلال .