انفلونزا الطيور ..... الخطر القادم
نشر بتاريخ: 25/02/2006 ( آخر تحديث: 25/02/2006 الساعة: 16:11 )
رام الله - معا- لم يتوان احد مربي الدواجن في منطقة رام الله، عن حمل دجاجته والتوجه الى مستشفى المدينة، وذلك بعد ان شاهد بعض دجاجاته تعطس فاعتقد انهن مصابات بفيروس انفلونزا الطيور.
وبعيدا عن طرافة الحادثة فان لها دلائل مؤلمة تضع علامات استفهام حول درجة وعي المزارعين و مربي الدواجن بحقيقة المرض، و مدى المساعدة و الارشادات التي قدمت لهم . فما هي الاجراءات التي اتخذتها وزارتا الزراعة و الصحة لمواجهة انفلونزا الطيور ؟ و كيف اثر المرض على مربي الدواجن و بائعيها ؟ و لماذا يتخوف المواطنون من شراء الدواجن على مختلف اصنافها ؟
و سيجيب التحقيق التالي على تلك الاسئلة و غيرها ، مقدما صورة حول تداعيات مرض انفلونزا الطيور في فلسطين .
البداية :
انفلونزا الطيور هو مرض فيروسي يصيب الدواجن و الطيور مسببا وفاتها في اغلب الاحيان و تم اكتشاف المرض في ايطاليا قبل مئة عام ، و كانت اول حالة لانتقال المرض الى الانسان في هونج كونج عام 1997 حيث توفي ستة اشخاص . و بين عامي 1997 و 2003 تم تسجيل اصابات في المرض في دول اوربية و افريقية و اسيوية و امريكية .
و ظهر المرض خلال الشهر الحالي في 15 دولة جديدة بينها جمهورية مصر العربية ، و يعتبر ذلك تطور مفاجئ في فيروس (اتش5ان1) القاتل الذي يخشى العلماء من تسببه في جائحة عالمية اذا اصبحت هناك امكانية للانتقال من انسان لانسان .
و حصد المرض حتى الان ارواح 93 شخصا اخرهم امراة اندونيسية ، واثر على اقتصاد العديد من الدول . اما في فلسطين ، فلم تسجل اي حالة اصابة بالمرض بين الدواجن حتى اللحظة ، و لكن هناك تخوف من ان يصل عن طريق الطيور المهاجرة التي تحمل الفيروس .
المختبر داخل الوزارة !
يقول الدكتور عماد مكركر ، نائب مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة ، " ان ظهور المرض في مصر جعلنا ننظر له بنظرة جدية جدا ، و نفكر في امكانية ظهوره في فلسطين لان المنطقة هي ممر للطيور البرية في رحلة الذهاب و العودة ، اضافة لوجود اصابات بين الطيور و الدواجن في العديد من الدول المجاورة . "
و اشار د. مكركر الى الاجراءات التي اتخذتها وزارة الزراعة لمواجهة انفلونزا الطيور : " لقد كثفنا عملية الرصد منذ بداية العام الحالي ، و اصبحنا نذهب الى المواقع بدون انتظار البلاغات من المواطنين حول نفوق الدواجن . و هناك رصد مكثف للتربية البيتية و المزارع على حد سواء . "
و اكد د . مكركر خلو فلسطين من المرض حتى اللحظة و يقول : " لم تسجل اي حالة حتى الان ، و فحصنا عينات من حوالي الف مزرعة دواجن في مختبرنا المركزي في رام الله اضافة لوجود مختبر مرجعي للتاكد . "
و ابدى العاملين في وزارة الزراعة خشيتهم من وجود مختبر الفحص داخل مبنى الوزارة ، حيث من المفروض ان يكون في منطقة بعيدة عن السكان . في المقابل ، يقول د . مكركر : " المختبر موجود في منطقة معزولة بشكل تام و لها شروط خاصة للدخول و الخروج منها ، و هي مفصولة عن باقي اقسام المختبر و فيها اجراءات وقائية خاصة لمنع التلوث و السلامة
العامة . "
هواية الصيد ممنوعة :
وشكلت لجنة و طنية لمواجهة انفلونزا الطيور من وزارة الزراعة و عضوية وزارات الصحة و الاعلام و الداخلية و المالية ، و هناك مطالب لانضمام وزارة الشؤون المدنية لتذليل اي عقبات في التعامل مع الجانب الاسرائيلي . و وضعت خطة وطنية من مرحلتين ، المرحلة الاولى تشمل الامور التوعوية و الرصد ، و المرحلة الثانية هي تشخيص المرض في حالة حدوثه .
اما بالنسبة لبرامج التوعية للمواطنين يضيف د . مكركر : " لقد تم اعداد صفحة على الانترنت لعامة الناس ، و تم طباعة ملصقات يتم توزيعها بشكل يومي خلال زيارة الاطباء للمزارعين ، مع تقديم كل التعليمات اللازمة بخصوص الوقاية . كما زودت الطواقم الطبية باطقم وقاية و معقمات و مضخات الرش حتى لا تنتقل البؤرة من منطقة لاخرى ، و للحفاظ على سلامة الموظفين و الاطباء . "
و طالب د . مكركر مربي الدواجن بعدم ايكال مهمة الاطعام و جمع البيض للاطفال ، حتى لا يكون هناك اختلاط بين الاطفال و الدواجن . وقال : " من يطعم الدواجن يجب ان يستخدم حذاء خاص و مواد تعقيم حفاظا على سلامته ، اما من لديه هواية الصيد فهي ممنوعة في المرحلة الحالية لانه قد يكون اي طير بري قام باصطياده حامل للفيروس . "
و اضاف : " بالنسبة لعامة الناس فيمكنهم استهلاك لحوم الدواجن ، و لا يوجد اي عامل مخاطرة في ذلك . اما في حالة ظهور المرض ستكون هناك تعليمات رسمية خاصة . "
و ناشد د . مكركر مربي الدواجن برفع مستوى الوقاية داخل المزرعة ، و التاكد من عدم اتصال طيوره بالطيور الاخرى حيث يجب ان تكون مزرعته بالنظام المغلق . كما يجب على المزارع استخدام الالبسة الخاصة و ادوية التعقيم داخل المزرعة .
جهود مماثلة:
و تتماثل جهود وزارة الصحة لمواجهة انفلونزا الطيور ، مع الجهود التي تبذله وزارة الزراعة . و يقول الدكتور اسعد الرملاوي ، مدير عام الرعاية الاولية في وزارة الصحة : " هناك وباء عالمي موجود حاليا بين الطيور و التخوف هو انتقال الفيروس الى الانسان ، و لذلك اتخذنا مجموعة من الاجراءات مبنية على معلومات حصلنا عليها من منظمة الصحة العالمية . "
و يضيف د . رملاوي : " لقد قمنا بزيادة عملية الرصد الوبائي ، و عممنا على مدراء الصحة ان يتم ادخال اي حالة مشتبه فيها لانسان يعاني من انفلونزا و حرارة مرتفعة و التهاب رئوي حاد و مضاعفات فيروسية ، و التحفظ على الحالة و عمل الفحوصات اللازمة . "
و يشير د . الرملاوي الى ان الوزارة زودت مختبرات الصحة بالاجهزة و المواد المخبرية اللازمة لفحص الفيروس في حال ظهوره في الضفة و غزة .
اما بالنسبة للالبسة و البدلات الواقية للاطباء يؤكد د. رملاوي : " ستصلنا خلال الايام القادمة 16 الف بدلة مزودة بكمامات تنفس و نظارات لحماية طواقمنا الطبية و البيطرية و مساعدتهم في الكشف عن الحالات . كما سنصدر نشرات توعية للمواطنين لاعطاء المعلومة الصحيحة ."
الطعم والدواء :
يؤكد د. رملاوي انه لا يوجد طعم من المرض للانسان حتى الان ، و هناك طعم للدواجن و الطيور . و لكن في حال انتشار المرض فان منظمة الصحة العالمية لديها القدرة على تصنيع طعم لوقف الفيروس .
و يضيف : " اما بالنسبة للدواء ، لدينا اتصالات و اتفاق مع دول مانحة لتزويد فلسطين بالادوية العلاجية اللازمة في حال ظهور المرض ."
و طالب د . رملاوي الاعلام الفلسطيني نقل الرسائل كما هي و عدم اثارة بلبلة بين المواطنين ، حيث ان الاجراءات التي قامت بها الوزارة كانت بناءا على توصية من منظمة الصحة العالمية ، و ما تم اجراؤه مماثل لما اتخذ في الدول الاخرى .
كما اشار الى وجود تنسيق طبي علمي مع الجانب الاسرائيلي من اجل مراقبة الحدود و المعابر و المسافرين ، لضمان عدم وصول المرض الى المنطقة .
ما تسمعه ... لا تراه :
ساهمت الاخبار التي تتناقلها وسائل الاعلام حول انفلونزا الطيور ، في انخفاض مبيعات الدواجن . كما اثرت سلبا على اصحاب المزارع و محال البيع .
يقول الحاج يحيى النتشة ، صاحب شركة مزرعة الصداقة ، : " الاخبار و الاشاعات حول انفلونزا الطيور ، ادت الى تراجع نسبة تربية الدواجن لتصل الى 20 % فقط ، و انخفضت الاسعار بشكل ملحوظ . "
و يؤكد النتشة : " لا يوجد اهتمام من وزارة الزراعة ، فلم تصلنا اية نشرات توعية او ملصقات من اي احد ، وما تسمعه لا تراه ابدا . و نحن نعاني من الوزارة منذ عشر سنوات ونطالب الحكومة الجديدة بالاهتام بالزراعة و المزارع . "
اما جمال الحموز ، صاحب محل لبيع الدواجن فقال : " الدعاية اثرت بشكل سلبي على المبيعات ، و تراجعت نسبة المبيعات 50% على الاقل ، و نطلب من المواطنين استقاء معلوماتها من مصادر رسمية حتى لا يحدث هناك فوضى و اشاعات مغرضة . "
و يقول نور الطريفي ، صاحب مزرعة و محل دجاج : " لقد تدمر المزارع و لايوجد اي مساعدة او تعويض من وزارة الزراعة . فانا مثلا اوقفت التربية حاليا و قمت بتصفية و ذبح ما لدي من طيور ، و اضطررت الى ايقاف خمسة عمال عن العمل يعيلون خمسة اسر ."
و يرفض الشاب مازن يونس فكرة التفريط بالحمام و الدجاج الذي يربيه في المنزل و يقول : " حتى لو وصلت انفلونزا الطيور الى رام الله ، لن ابيع او اذبح الدجاج و الحمام لان لهم معزة خاصة لدي . "
الموت واحد ... و لماذا الخوف !!!!
يسود تخوف كبير لدى المواطنين من شراء الدجاج و اكله ، بينما لا يخشى الاخرون ذلك .
و يقول الحاج عاطف اللولو من قرية سلواد قضاء رام الله : " كل بائع دجاج يملك تصريح خاص من الصحة للبيع ، و لم يصلنا المرض بعد . و انا لا اخاف من اكل الدجاج كغيري ، فالموت واحد و لماذا الخوف !!!!
اما الحاجة فاطمة من قرية بيت لقيا قضاء رام الله فتقول : " نحن نقوم بغلي الدجاج قبل الطهي و بالتالي تزول جميع المكروبات و الفيروسات . "
في المقابل ، يؤكد ناجح ابو علي من قرية مخماس خشيته من اكل الدجاج و يقول : " لم احضر دجاج الى المنزل منذ شهرين ، فالوقاية خير من قنطار علاج . "
النهاية:
ختاما ، يبقى مرض انفلونزا الطيور حديث الساعة ، و يثير ضجة كبيرة في مختلف انحاء العالم و نحن جزء من هذا العالم .
ولكن على الجميع تحمل مسؤولياته من وزارات و مزارعين و مواطنين حتى نبقي على فلسطين خالية من المرض تماما .