بعد 12 عاما على مجزرة الحرم الابراهيمي: احد الجرحى يستعيد شريط الذكريات المضرج بالدماء والالام
نشر بتاريخ: 25/02/2006 ( آخر تحديث: 25/02/2006 الساعة: 20:01 )
الخليل - معا- بعد اثني عشر عاما ما زالت ذاكرة جواد ربيع السكافي تحتفظ، بجميع المشاهد التي مرت عليه فجر 24/2/1994 ، حينما أقدم المستوطن باروخ غولدشتاين على فتح النار تجاه المصلين الركع في مسجد الحرم الابراهيمي مما أدى الى استشهاد 29 مصليا ركعا سجدا وهم بين يدي الله .
ويقول السكافي الذي يعمل في احد المطاعم بمدينة الخليل مع اخوته ، " ان تناسيت ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم ، فإن قدمي التي تؤلمني تعيد الذكريات لي يومياً ، فقبل اربعة ايام ومن شدة الالم قمت بمراجعة الطبيب في مستشفى المقاصد ، وهذه ليست المرة الاولى التي اقوم فيها بمراجعة الطبيب ، فكل شهر لي زيارة لعيادة الطبيب او للمستشفى ."
ويمضي السكافي في حديثه بعد ان جلس على احد الكراسي ، وقد بدى عليه التعب من الوقوف على قدميه " كنا نصلي الفجر يوم الجمعة في الحرم الابراهيمي الشريف ، وكنت اصلي في الصف قبل الاخير ، وفجأة سمعت صوت اطلاق كثيف للرصاص وتلاها صوت ثلاث انفجارات يبدو بانها كانت قنابل يدوية ، وتلاها ايضا اطلاق كثيف للرصاص ، داخل الحرم واستشهد كثيرون وجرح ايضاً الكثيرون ، وبعد سبع او عشر دقائق وكنت لاازل مستيقظاً حتى بعد اصابتي ،جرى نقل المصابين والشهداء الى المستشفيات او للدفن ."
هنا سكت جميل وغرق في التفكير وبدا وكأنه يستجمع قواه ليستذكر اللحظات التي تلت ذلك ، لحظات نقله من داخل الحرم الابراهيمي الى المستشفى ، وقال وكأن ما حدث قبل اثني عشر عاما ، يحدث الآن " اصبت في ساقي ، وانتظرت من ينقلني الى المستشفى ولم يدم ذلك طويلا ، واذا بي اجد نفسي داخل سيارة بيجو تندر ، ونظرت الى الخلف للكبينة ، واذا بي اشاهد ثلاثة شهداء ، لم استطع التعرف عليهم ، لانهم اشلاء واجزاء اجساد ، تم نقلنا الى مستشفى عالية الحكومي ، وتم انزالي من السيارة ، ووضعي على درج المستشفى ، واذا بأحد المواطنين يقول هذا حي وهو مصاب ، حملني ووضعني في السيارة التي نقلتني للمستشفى الاهلي ، وفي المستشفى الاهلي قرر الدكتور محمد جميل الهشلمون نقلي الى مستشفى المقاصد في القدس لخطورة حالتي ، حيث كنت اعاني من نزيف في القدم مع تفتت لعظام الساق ، واصابة مباشرة في الحوض ، حيث اصبت بثلاثة رصاصات واحدة في الركبة واخرى في الفخذ والثالثة في الحوض ، ومكثت في المستشفى حوالي سنتين ، اجري لي فيهما اثنتا عشرة عملية جراحية وما زلت اعاني من قصر في القدم بـ 3.5 سم ، بالاضافة الى عدم مقدرتي على ثني ركبتي ."
واستطرد جميل مبتسما " حينما بدأ اطلاق الرصاص شعرت باني اعيش في فلم اجنبي ، ونحن المصلين في ساحة حرب والكل يطلق تجاهنا الرصاص دون رحمة ، فطلبت الشهادة من الله ، فنالها صديقي نمر مجاهد ، واصيب من اصيب واستشهد من استشهد ، كنت متوقعا طرد المستوطنين من قلب مدينة الخليل بعد المجزرة ، الا ان لجنة شمغار ، مكنتهم من الحرم والخليل ، فتم تقسيم الحرم وتقسيم الخليل ، وكأن شيئاً لم يحدث ، او كأننا نحن من قام بالمذبحة ! " ويرى جميل ان فرصة طرد المستوطنين من الخليل قد ذهبت ادراج الرياح .
اجواء ما قبل المجزرة :
وقعت المجزرة فجر 15 رمضان 1414 هـ «25/2/1994» داخل الحرم الابراهيمي عندما كان مصلون صائمون يؤدون صلاة الفجر، حيث اطلقت عليهم النار بواسطة شخص واحد اسمه باروخ غولدشتاين كما قالت الرواية الرسمية التي ثبت فيما بعد بطلانها من قبل شهود عيان مسلمين كانوا في الحرم، وجنود اسرائيليين شاهدوا اكثر من شخص يطلق الرصاص على المصلين.
وقد ذكر الدكتور عبدالحفيظ الاشهب عضو لجنة التحقيق الفلسطينية في المجزرة ان عدد القتلى كان 29 مصلياً اضافة إلى 29 آخرين قتلوا على ايدي القوات الاسرائيلية، مع 96 جريحاً، والمهم في تصريحات السيد الاشهب قوله: «ان مسؤول الوقف في الحرم الابراهيمي كان قد بعث برسالة إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير الدفاع اسحاق رابين بتاريخ اكتوبر 1993 نبّه فيها إلى افعال المستوطن باروخ غولدشتاين الذي ارتكب فيما بعد المجزرة. وان السلطات لم تتخذ اجراءات احتياطية لحماية المسلمين من هذا المستوطن بالذات، خاصة وان اسمه كان موجوداً في رسالة ادارة الوقف».
و ذكرت مجلة شيش الاسرائيلية الاسبوعية «ان مريام غولدشتاين زوجة مرتكب المذبحة ناشدت الجيش توقيف زوجها قبل عشرين دقيقة من ارتكابه المذبحة والحيلولة دون دخوله إلى الحرم. وقالت: انها ذهلت للتصرف الغريب الذي صدر عن زوجها. وكانت قد ابلغت الضابط المندوب في مستوطنة كريات اربع انها تخشى ان يرتكب زوجها عملاً جنونياً، دون توضيح طبيعة هذا العمل».