الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

متخصصون في القانون والاجتماع والفلسفة الإسلامية يدعون إلى التسامح وحشد كل الجهود لنبذ العنف

نشر بتاريخ: 28/02/2006 ( آخر تحديث: 28/02/2006 الساعة: 16:10 )
غزة- معا- دعا متخصصون في الاجتماع والقانون والفلسفة الإسلامية إلى التسامح وتعزيز السلم وتجنب ردات الفعل العنيفة والمساهمة في القضاء على ثقافة الثأر وحشد كل الجهود لنبذ العنف ومساعدة السلطة في تطبيق القانون.

جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته مؤسسة صوت المجتمع في مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بغزة بعنوان" السلم الأهلي ونبذ العنف.. أبعاد وتحديات" بمشاركة العديد من الأكاديميين والكتاب والمحللين السياسيين وممثلي العديد من المؤسسات والمخاتير ووجهاء العشائر.

ودعا المشاركون السلطة إلى بذل المزيد من الجهود والعمل على تطبيق القانون من أجل القضاء على ظاهرة الفلتان الأمني التي لا يزال المجتمع الفلسطيني يعاني منها في ظل عجز السلطة عن تنفيذ القانون.

وتحدث بسام أبو حشيش رئيس الجلسة الأولى عن ظاهرة العنف قائلا: إنها ظاهرة إقليمية ومحلية, داعياً لمواجهتها من خلال اتباع آلية جديدة وهي السلم الأهلي على حد تعبيره.

وعبّر ابو حشيش عن تخوفه من تحول العنف والثأر إلى سلوك ونمط وثقافة تسود بين المجتمعات, مستشهداً بما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي أرائيل شارون" ما لم نتمكن من الحصول عليه بالقوة يمكن الحصول عليه بمزيد من القوة " واستذكر ما قاله الرئيس الأمريكي جورج بوش" من ليس منا فهو ضدنا" مؤكداً أن هذه الاقوال تشجع ثقافة العنف متهماً كتاباً امريكيين واسرائيليين بالتأسيس لهذا التوجه.

واستعرض محمد عبد الواحد أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر موقف الشريعة الإسلامية من ثقافة السلم الأهلي ونبذ العنف قائلا:" أيها المثقف: إن لم تعتز بكرامتك وعلمك وحبك للوطن فانك ستداس بأقدام الجهلة ".

ودعا عبد الواحد إلى تفعيل الحديث عن السلم ونبذ العنف ليشغل حيزاً واسعاً في السلوك والقلوب لتعميق ثقافة الحوار.

وأعاد عبد الواحد ما قاله سيدنا جبريل عليه السلام للرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه " إني أتيتك بآية جمعت مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين وأوصل من قطعك وأعط من حرمك و أعفو عمن ظلمك" كما استشهد بالقرآن الكريم في هذا المحل بقوله تعالى:" يأيها الذين آمنوا لا تقولوا مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون".

واستعرض عبد الواحد كيفية معالجة الرسول والصحابة لظاهرة العنف ضارباً العديد من الأمثال للاستفادة منها في التغلب على العنف وتعزيز السلم ونشره بين داخل الأسرة وخارجها, "كان أبرزها أن رجلا شتم الأحمد بن قيس فسكت عنه فعاد فشتمه فسكت عنه حتى قال الرجل: ما يمنعه من الرد إلا هواني منه", مرجعاً انتشار العنف إلى انعدام المعرفة الشاملة بأحكام الدين ومقاصد الشريعة, داعيا إلى استيعاب الآخرين, والفهم الواعي للدين الإسلامي وعدم الاستماع للآراء الفرعية التي وصفها بالضانية.

ومن جانبه تحدث صلاح عبد العاطي من الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عن السلم الأهلي ونبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان مبينا أن المادة رقم (6) من القانون الأساسي الفلسطيني تنص على أن سيادة القانون هي أساس الحكم وأيضا على ضرورة التزام السلطة بكافة القوانين الدولية واحترام الحريات وحقوق المواطنين.

وأضاف عبد العاطي أن اتفاقية جنيف الرابعة نصت على أن دولة الاحتلال التي تملك السيطرة من حقها أن تكفل الأمن داعيا الجميع إلى تفعيل دور النيابة العامة والشرطة في حفظ الأمن وحشد جميع الجهود من أجل نبذ العنف, كما دعا الحكومة الجديدة بقيادة حماس إلى حل ازدواجية التنازع على الصلاحيات.

واستعرض عبد العاطي ما ورد في آخر دراسة للهيئة لرصد عدد القتلى على خلفية الثأر والانتقام خلال الثلاث سنوات الماضية مبينا أن عدد القتلى في عام 2003 بلغ 56 حالة وأنه ازداد ليصل في عام 2004 إلى 93 حالة واستمر في الزيادة ليصل عام 2005 إلى 176حالة قتل, فيما فاق العدد خلال الشهرين المنصرمين من العام الحالي أكثر من 27 حالة قتل.

وبدوره تحدث موسى حلس عميد كلية الدراسات المتوسطة بجامعة الأزهر عن القيم الثقافية والاجتماعية السائدة وعلاقتها بالسلم الأهلي ونبذ العنف في المجتمع الفلسطيني معربا عن تخوفه من أن يتحول العنف إلى ظاهرة اجتماعية, مبينا أن الخطر يبرز في المجتمع من خلال ظهور ما أسماه بحالات عصبيوية تؤدي بدورها إلى تخلف المجتمع سواء على مستوى الفرد أو الجماعة.

وأكد حلس أن العنف يرتد على صاحبه سواء من الناحية الشخصية أوالسياسية أو الاقتصادية, داعيا الى أن يتقبل كل فرد في المجتمع الآخر.

كما دعا حلس إلى ضرورة السعي من أجل وضع الدواء للداء والعمل الجاد للقضاء على ظاهرة الفلتان الأمني والاقتتال الداخلي للوصول إلى مجتمع يعيش أفراده بكرامة في ظل سيادة قانون يعلو ولا يعلى عليه.