مساجد وكنائس القدس تبكي حال مدينة بدت مهجورة (صور)

القدس- معا- القدس... زهرة المدائن...عاصمة العواصم... أرض المحشر والمنشر... تبكى حالها اليوم... سكون قاتل... هدوء ممل... شوارع خالية من وسائل النقل العامة والخاصة... والمحلات التجارية مغلقة وكذلك أبواب صالات الأفراح والأتراح والأندية والمؤسسات والمدارس والجامعات... إجراءات احترازية متعاقبة اتخذت للحد من انتشار جائحة كورونا.

هذه الجائحة التي حصدت أرواح ما يزيد عن مئة وعشرين ألف شخص وأصابت ما يقارب مليوني من سكان العالم، جعلت منه عالما منغلقا منعزلا وهو المطلب البارز الذي جعلت من مدن العالم تفرض منع الحركة وتقيدها مقرونة بقوانين الطوارئ.

القدس تبكي مسجدها الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث المساجد الذي لا تشد الرحال الا إليها...أغلقت أبوابه وعلق دخول المصلين إليه منذ فجر الثالث والعشرين من الشهر الماضي.

القدس تبكي كنيسة القيامة، أعظم كنائس العالم المسيحي، تبكي أجراسها التي قرعت دون حجاج ودون احتفالات، خاصة هذه الأيام التي تصادف الجمعة العظيمة وسبت النور وأحد الفصح.

والسؤال اليوم والذي يشغل بال الأهالي هل سيعاد فتح أبواب الأقصى قبل شهر رمضان الذي تبقى لحلوله عدة أيام؟؟ قلق كبير لدى الأهالي خاصة وأن أعداد المصابين المقدسيين بتزايد خلال الأيام الماضية خاصة في بلدة سلوان الحاضنة الجنوبية للأقصى. فيما يتسابق المجاورون للأقصى على نوافذهم وأسطح منازلهم لمشاهدة المسجد يوميا، فيما أصبح أهالي الأحياء القريبة منه ينتظرون سماع الآذان عبر مآذنه .. كما يحرص موظفو الأوقاف على تصوير أجزاء من مصليات الأقصى الداخلية وساحاته الخارجية.. وانتشار الحمام والقطط والطيور في ساحاته.

لم يقتصر الأمر على الحجر المنزلي الصحي وعدم التنقل والتواصل الاجتماعي والزيارات العائلية بل انعكس سلبا على واقع الحياة وظروف المعيشة وبوادر البطالة والفقر الزاحف، والذي يهدد قطاعات واسعة من العاملين والموظفين والتجار.

أحمد دنديس عضو لجنة تجار البلدة القديمة قال لوكالة معا أن مدينة القدس تعاني من ركود اقتصادي منذ حوالي 5 سنوات، فتحويل مداخل البلدة إلى ثكنات عسكرية والمواقف مدفوعة الاجر، ونقل السفارة وصفقة القرن، وصولا الى كورونا وسبق ذلك بسنوات الجدار العازل الذي فصل المدينة عن قراها، كلها أثرت على الحركة الشرائية وأعداد المتسوقين من البلدة القديمة.

وأضاف دنديس منذ منتصف الشهر الماضي أغلقت أبواب المحلات التجارية، ورغم ذلك التزم التجار بدفع الضرائب المفروضة عليهم من قبل البلدية، مما شكل عبءً عليهم، لأن دخلهم من هذه المحلات يعدّ مصدر قوتهم اليومي.

ولفت دنديس أن أكثر من 30 تاجرا فرضت عليهم مخالفات، كل مخالفة قيمتها 5 آلاف شيكل، بحجة مخالفة تعليمات وإجراءات الوقاية من الفيروس، علما أنهم كانوا يفتحون جزء من باب المحل لإجراء الترتيبات داخله فقط.

وشدد دنديس على ضرورة تقديم الدعم للتجار المقدسيين فهم خط الدفاع الأول عن البلدة القديمة والمقدسات.

أما الحاج أبو علي وخلال مقابلته ماشيا ومتخذا الإجراءات الوقائية (كمامة وقفازات)، قال:"الصورة التي تبادرت الى ذهني اليوم أيام هبة تموز 2017 "هبة البوابات الالكترونيةٍ" كيف كانت الشوارع مكتظة بالجموع الزاحفة، تكبيرات وهتافات من كل مكان للأقصى..حياة زاخرة بالعطاء والحب والصمود بالشهامة والشجاعة..شتان بين اليوم والأمس، فاليوم الكل منعزل على ذاته يفكر بالمستقبل كيف سيكون بعد زوال هذه الجائحة".

ورغم توقف الحركة التجارية وإغلاق معظم المحلات أبوابها وخروج آلاف العمال والموظفين لعطلة إجبارية، لم تتوقف حركة الاعتقالات والمداهمات التي تنفذها الشرطة والقوات الخاصة، في عدد من أحياء المدينة، وملاحقات لحملات ومبادرات الوقاية من الفيروس من اعتقال شبان خلال تعليق ملصقات تعريفية عن الفيروس وشبان قاموا بتعقيم مرافق عام في أحيائهم ومصادرة الطرود الغذائية المخصصة للعائلات المحتاجة وصولا الى اعتقال محافظ القدس وويزرها وكل ذلك بحجة "خرق السيادة الاسرائيلية على المدينة وتنفيذ نشاطات للسلطة في القدس"، ووصف أهالي القدس الأمر ب "وباء الاحتلال" والذي لم تراعي القوات تراعي الاجراءات الصحية الملزمة بقرار من وزارة الصحة للوقاية من فيروس كورونا، كذلك لم تتوقف المخالفات والغرامات التي تفرض على التجار والشبان خلال وجودهم في محلاتهم أو في الطرقات.