رام الله - معا - عقد الائتلاف التربوي الفلسطيني أولى ورشات عمله عبر المنصة الالكترونية زووم في تاريخ 14/4 والذي يهدف تعزيز الحق في التعليم في حالة الطوارئ وخلق التعاون و التشارك حول الوضع العام فيما يتعلق بالقطاع الصحي والنساء والتعليم وأهمية الارشاد النفسي والاجتماعي في ظل جائحة كورونا، هذا وقد شارك 25 شخص من ممثلي مؤسسات أعضاء الائتلاف في الضفة وغزة، حيث بدأ اللقاء بالترحيب بالحضور من قبل منسقة الائتلاف أمل البرغوثي وشكرهم على أهمية مشاركتهم لإبراز الدور المطلوب في هذه المرحلة من مؤسسات المجتمع المدني وما بعد الأزمة.
وقدم د. مصطفي برغوثي ممثل جمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية مداخلته الأولى حول وضع القطاع الصحي مشيرا الى الضعف والتحديات التي ظهرت في هذا القطاع على المستوى المحلي والدولي ، وأشار إلى قلة الموارد خاصة فيما يتعلق باجراءات الفحوصات للمواطنين مقارنة بالدول المتقدمة نظرا ً لمحدودية الموازنة المخصصة لقطاع الصحة في فلسطين من جهة ومن التمييز العنصري الممارس من قبل سلطة الاحتلال في بعض المناطق خاصة في القدس، وأكد على أهمية اتباع جميع الاجراءات الوقائية كالتباعد الاجتماعي والالتزام بحظر التجول لمنع تفشي المرض، وأكد على ضرورة أن تقوم الحكومة بدورها في توفير الموارد المالية للعمال الذي يعملون في مناطق 48 لتأثرهم اقتصادياً جراء انقطاعهم عن العمل وتواجدهم في الحجر الصحي، ودعا إلى ضرورة رفع الموازنات الخاصة بالقطاع الصحي.
كما قدمت ماجدة المصري ممثلة جمعية مدرسة الأمهات مداخلتها حول الوضع الراهن للنساء وما يعانين في ظل الأزمة، فأشارت الى ازياد حالات العنف الأسري الممارس ضد النساء وذلك بسبب الضغط داخل الحجر المنزلي للارتفاع عدد أفراد بعض الأسر، وزيادة الأعباء المنزلية على النساء وهذا يشمل المعلمات، والأزمة الاقتصادية لبعضهن اللواتي تضررن من عدم الاستمرار في العمل لاعتمادهن على الدخل بالمياومة أو العمل داخل المستوطنات وذلك لمنع انتقال المرض لهن، كما أوضحت طبيعة الحراك التي تقوم به الحركة النسوية بكل مكوناتها من أطر، ومؤسسات وأحزاب من أجل دعم النساء وتأمين الأمان لهن كتوفير الخط الساخن لاستقبال شكاوي حالات العنف ورصد تلك الانتهاكات، إضافة الى المعونات العينية التي تلبي احتياجتهن في ظل الأزمة خاصة للأسر المنكشفة مع جائحة كورونا، وفي ختام مداخلتها أشارت الى ضرورة مشاركة النساء في اللجان المحلية المساندة والمركزية حتى لا يتم اقصاؤها بعد انتهاء الأزمة.
وقدم الاخصائي النفسي خضر رصرص من مؤسسة تأهيل ضحايا التعذيب TRC مداخلة حول أبرز المؤشرات التي ظهرت خلال هذه الأزمة بناء على استمارة متخصصة أعدت لجمع المعلومات حول الوضع النفسي للناس في هذه الفترة، والتي تضمنت حالة الخوف العامة وانعكاسها في سلوكيات الافراد داخل المنزل ومنها الشعور بالاعياء الجسدي كمشاكل الجهاز الهضمي أو فقدان الشهية أو آلام المفاصل، ونزعة الانطواء لدى الأطفال وتجنبهم الحديث مع الآخرين في محيطه الأسري، واللامبالاة من بعض الأفراد في المجتمع واهمالهم الالتزام بالإجراءات الوقائية ذات الأهمية للحفاظ على صحتهم وصحة الآخرين، والقصور الذهني وتراجع التركيز وارتفاع التشتت خاصة لدى الطلبة لارتباكهم في التعامل مع آلية التعليم عن بعد ولعدم استعدادهم لذلك، وقد اكد السيد رصرص على الخطوات الواجب العمل عليها في هذه المرحلة واشتملت على رفع مستوى التوعية لإدارك ما يحصل مع مراعاة الاختلاف في لغة الخطاب حسب الفئة العمرية، فالأطفال الأقل من 10 سنوات يجب أن تبسط لهم المفاهيم ليتم هضمها واستيعابها، هذا بالإضافة الى تعزيز الايجابية وزرع الامل في القلوب على ان الأزمة ستنتهي، واخيراً أكد على ضرورة استثمار وقت الحجر المنزلي في تعزيز التقارب الاجتماعي بين أفراد الأسرة وممارسة الحوار والهوايات المختلفة والتعاون في الأعمال المنزلية التي من شأنها أن تخفف من الضغط النفسي.
أما فيما يتعلق بوضع التعليم في فلسطين وفي العالم ،أشار رفعت صباح، رئيس الحملة االعالمية للتعليم والمدير العام لمركز ابداع المعلم، في مداخلته على حالة الارباك التي انتابت العالم والمؤسسات الدولية تحديدا ً، حيث اتجهت معظمها الى تجميد المشاريع وعدم توفير مخصصات لدعم التعليم في حالة الطوارئ وخلقت فجوة بين المؤسسات الدولية والمحلية، ورغم التباين في الامكانيات المادية للدول المتقدمة (دول الشمال) وبين الدول النامية (دول الجنوب) إلا أن دول الجنوب أثبتت قدرتها على الاستجابة مع تلك الأزمة مثل فلسطين. كما اوضح طبيعة التباين الذي حصل في وصول الطلبة والمعلمين للتعليم عن بعد، حيث لا تتوفر شبكات الانترنت في المناطق المهمشة، وضعف القدرة لدى الكوادر التعليمية في التعامل مع المنصات الالكترونية لاستمرار التواصل مع الطلبة، وحجم الضغط الممارس عليهم وخاصة المعلمات لتحملهن الأعباء المنزلية، وكذلك ضعف قدرات بعض المؤسسات في التعاطي مع التكنولوجيا الأمر الذي يحتاج الى طرح التساؤل حول النفقات التي تمت في السنوات الماضية على قضايا التكنولوجيا وشراء المعدات والأجهزة كالحواسيب وهناك بعض الدول التي لم تستخدم هذه الأجهزة في ظل الأزمة ، وبناء على آخر إحصائيات عالمية بأن 3,00,2000 (ثلاثة مليار ومائتا ألف) شخص فقدوا حصتهم الغذائية منهم طلاب كانوا يحصلون على وجبتهم الغذائية من خلال مدراسهم. كما أشاد بالآليات والطرق التي قامت بها منظمة اليونسكو بشكل عقلاني ومهني حيث اعتمدت على اللامركزية وإعطاء صلاحيات التحكم لكل مكتب اقليمي مع توفير موازنات لذلك.
وفي ختام المداخلة وضع صباح عدة تساؤلات منها هل ستسقط الأزمة على المضامين التي وضعت في المناهج، هل ستسقط المركزية؟، وما هي التغييرات التي ستحدث على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد تلك الأزمة، وما دور المجتمع المدني في هذه المرحلة.
وقدم بعض المشاركين مداخلات ارتكزت على ضعف التعليم الاكتروني المتوفر كبديل للتعليم الوجاهي في ظل هذه المرحلة الحرجة، ففي قطاع غزة لا تتوفر شبكات الانترنت في كل المناطق وضعف قدرة بعض الطلبة في التعامل مع هذه المنصات الالكترونية، وارتأوا على أهمية ان يلعب الائتلاف الجسم الضاغط نحو التأثير في تغيير السياسات التعليمية التي تضمن تحسين نوعية التعليم لضمان تفادي الاشكاليات في أي مرحلة طارئة بالمستقبل، وأكدوا على مبدأ الشراكة لمؤسسات المجتمع المدني في تطوير هذه السياسات.
وختاماً اوصى المشاركون والمشاركات بضرورة عمل استطلاع حول مدى نجاعة التعليم عن بعد من قبل الطلبة والمعلمين والمعلمات وأولياء الأمور ، بالإضافة الى أهمية وجود وقفة تضامنية مع اهلنا في القدس للظروف الصعبة التي يمرون بها وممارسات التمييز العنصري من قبل سلطة الاحتلال وتحديداً في هذه المرحلة الحرجة.
هذا وسيعمل الائتلاف التربوي الفلسطيني في الفترة القادمة على تنظيم سلسلة من اللقاءات مع أعضائه باستضافة خبراء تربويين وشبكات متخصصة في التعليم على المستوى المحلي والإقليمي.