رام الله- معا- أطلق مركز إبداع المعلم والائتلاف التربوي الفلسطيني دراسة بحثية بعنوان "حماية الحق في التعليم في أوقات النزاع المسلح: الاحتلال العسكري لفلسطين كدراسة حالة" حيث تشكل فلسطين حالة استثنائية فريدة في هذا المجال، وقد تم إعداد الدراسة من قبل الباحثة تمارا تميمي.
وأفاد رفعت الصباح رئيس الائتلاف الفلسطيني التربوي ، أن الدراسة تتناول بشكل تفصيلي وتحليلي موضوع الحق في التعليم في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة. وأكد أن الدراسة تقيم الآليات المنضوية في أطر القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العرفي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الجنائي، في حماية الحق في التعليم في فلسطين، مثبتةً انطباق جميع أفرع القانون الدولي الأنف ذكرها على فلسطين. وفي هذا الإطار، يتم تداول ما إذا كانت تتمتع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التعليم، بنفس الأهمية مقارنةً بالحقوق المدنية والسياسية، وأثر غياب الحق في التقرير المصير على حقوق الإنسان برمتها.
من جهة أخرى قالت رائدة الشعيبي رئيس مجلس إدارة مركز إبداع المعلم، أن الدراسة بتسليط الضوء على أثر الاحتلال الاسرائيلي على التعليم في فلسطين بما في ذلك الاعتداء على الأطفال والمعلمين والإداريين، واعتقال وأسر الأطفال بما في ذلك الاعتقال المنزلي، واستهداف المدارس والمنهاج، وفرض قيود على منح تراخيص البناء والتوسع في المناطق المصنفة "ج"، وذلك من منظور توافر البرامج التعليمية والبنية التحتية الضرورية، وإمكانية التحاق الطلبة في نظام التعليم، وإمكانية قبول نظام التعليم، وقابلية تكيفه.
وحيث أن الدراسة تعترف بأثر السياسة الاستعمارية الإسرائيلية على التعليم في القدس نتيجة ضمها وفرض السيادة غير القانونية فيها وعلى قطاع غزة نتيجة الحصار المدمر المفروض والاعتداءات المستمرة على القطاع، تقوم الدراسة بالتركيز على وضع التعليم في هاتين المنطقتين.
وأعربت الباحثة تمارا تميمي أن الدراسة تأتي ضمن مساعٍ مشتركة مع مركز إبداع المعلم والائتلاف التربوي الفلسطيني وتسعى إلى إعادة التفكير بالاستراتيجيات الموظفة لحماية الحق في التعليم في فلسطين في إطار الاحتلال العسكري وغياب المساءلة الدولية، لتحاجج أن الحلول يجب أن تكون مملوكة محلياً وتسعي إلى بناء الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال بما يكفل تمتع الشعب الفلسطيني بجميع الحقوق الذي يكفلها القانون الدولي.
واردفت قائلة ان الدراسة مقسمة إلي 3 أجزاء أساسية، الجزء الأول يناقش الحق في التعليم في فلسطين والنزاع المسلح، بما في ذلك مفهوم الاحتلال الإسرائيلي كنزاع مسلح، وأثر إجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي على الحق في التعليم، وانطباق مختلف فروع القانون الدولي على الحالة الفلسطينية.
أما الجزء الثاني فيطرح فيناقش القانون الدولي وحماية الحق في التعليم في فلسطين، بما يشمل القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي العرفي، القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الجنائي.
في الجزء الثالث والأخير يركز على الاستراتيجيات والطرق الحالية والخطوات التي يجب اتخاذها، ويوضح هذا القسم من الدراسة الجهود المبذولة من قبل دولة فلسطين والمجتمع المدني الفلسطيني والمؤسسات الدولية العاملة في فلسطين في مجال انتهاك الحق في التعليم على أيدي السلطات العسكرية الإسرائيلية، حيث تعالج مختلف الجهات الدولية والوطنية - بما في ذلك المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني- هذه القضية من خلال توظيف مختلف الاستراتيجيات والإجراءات.
وتخلص الدراسة إلي أن أحد الحقوق الكثيرة التي ينتهكها الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين هو الحق في التعليم، فسياسات الاحتلال وإجراءاته انتهكت المعايير الأربعة التي قامت بتحديدها اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتعليم، وهي: "التوافر"، و"إمكانية الالتحاق"، و"إمكانية القبول"، و"قابلية التكيف". وتشمل العوامل المتقاطعة التي لها تأثير مضاعف على بعض الفئات الاجتماعية دون فئات أخرى: النوع الاجتماعي، والخلفية الاجتماعية، والإعاقة، والعمر، ومكان الإقامة، وحالة اللجوء.
كما تؤكد الدراسة في توصياتها على أنه في ظل المعوقات البنيوية والمعيارية؛ وتلك المتعلقة بإنفاذ القانون يصبح من الواضح أن القانون الدولي ليس الوسيلة الأمثل لحماية الحق في التعليم وبالأخص في أوقات النزاعات المسلحة، لكن من الممكن استخدامه كوسيلة مساندة لجهود ومساعٍ أخرى، إذ إن حماية الحق في التعليم يتطلب إعادة ترتيب الأولويات، على أن يتم ترجمتها لسياسات تعطى المخصصات الضرورية من خلال إعادة توزيع الثروات.
وهذا النموذج من الممكن أن يمتد بعد ذلك للمستويات الإقليمية والدولية.
وبشكل أساسي، تعتمد حماية الحق في التعليم على مستوى الدولي إلى حد كبير على إصلاح النظام القانوني الدولي لإدراك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ووضعها على قدم المساواة مع الحقوق المدنية والسياسية، إلى جانب تعزيز الإرادة السياسية لإنهاء النزاعات والاحتلال العسكري بما يترتب عليه من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.