*المقال الأخير للكاتب الشاعر الفلسطيني* (مقيم في النمسا) *نائل بلعاوي* قبل وفاته بيوم
لم اسمع حتى اللحظة من يقول :- شكراً للحكومة على هذا الأداء البارع ، لا في النمسا ولا في جارتها الكبيرة ، المانيا . على إعتبار أن الجارتين قد حققتا إنجازاً لافتاً خلال الأيام الماضية في الحرب المفتوحة ضد الوباء .
لا احد يقول شكراً لميركل أو كورتز ، و لا احد يمدح ’’ القيادة الحكيمة ’’ ، للمرحلة الحرجة ، و أقصى ما يمكن ان يقوله النمساوي أو الالماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين : ’’ لقد قامت الحكومة بما عليها أن تقوم به ’’ . أو : ’’ يبدو أن الإجراءات التي اتخذوها كانت صحيحة ’’ .
اليوم ، قلت لصديق نمساوي هاتفياً : ــ اعجبتني الحرفية العالية لحكومة كورتز خلال الازمة ، فأجاب : ـــ هذا دورها المنتظر و إن لم تحققه فعليها ان ترحل .
ــ و لكنها حققته ، الا تستحق الشكر على ذلك ؟
ــ لا، و لماذا نشكرها ؟ كورتز و أعضاء حكومته يتقاضون أجوراً شهرية عالية للقيام بمثل هذه الأدوار و في مثل هذه الأزمات تحديداً .
لقد وجدوا في مناصبهم لأجل هذا بالضبط ، هم يعملون على خدمتنا يا صديقي ، هذا شغلهم .
ــ اعرف ، ولكن شكراً صغيرة لا تعني الشيء الكثير .
ــ شكراً تعني ان الحكومة قد قدمت هدية من عندها لنا ، وهذا غير صحيح . لو شكرناها اليوم فعلينا ان ننحني أمامها غداً و نردد مثل القطيع : شكراً لكم على كل شيء تقومون أو لا تقومون به .
عند نهاية المكالمة أخبرته بأنني ساكتب نصاً عن الكيفية التي تتم عبرها صناعة ثقافة العبودية و تحويل { القادة } إلى آلهة ، وأن شكراً الصغيرة هذه هي فاتحة جيدة لقراءة كتاب الاستبداد الكبير والكريه . فأعجبته الفكرة ، و شكرته أنا بصوت مرتفع : شكراً شكراً ، و ضحكنا.