بداية باسمي وباسم زوجتي وأبنائي الثلاثة، أتمنى لك وللعائلة وللصبيتين الرائعتين كاتيا وتيا الصحة والعافية والسعادة؛ ولأنك مبدع، فقد كنت رائعًا أنت والأسرة في استقبال وردتين عائدتين من سفر، وغياب، وعذاب مغلف بحرص شديد على مستقبل الصبيتين ومعهما جيل من الشباب الفلسطيني، بناة المستقبل الواعد.
فلا ضيرٌ من الانتظار قليلا من الوقت، لنضم الى صدرنا فلذات أكبادنا، وقد قدمت المثال الجميل الى شعبنا في كل مدينة وقرية، وكأني بك تقول للجميع، في رسالة هادئة بمضمونها، عالية الصوت واضحة المعنى للجميع، مستقبل ابناءنا يستحق أن نتخذ خطوات صعبة، ولكن هامة لحمايتهم والآخرين.
كثيرة هي البلاد المبتلاة، اختلفت فيها طريقة التعامل، تمسك البعض بعاداته وتقاليده في دول مثل إيطاليا التي نتشاطر معها شواطئ البحر المتوسط، كما نتقارب معها في بعض عاداتها الإنسانية والاسرية، وندعو لها الآن بالشفاء العاجل والخروج بأقل الخسائر من هذه المصيبة الصحية. وبعض الدول مثلنا نحن الفلسطينيون، حيث المواطن قيمتنا ومستقبلنا، اتخذت قيادتنا خطوات حكيمة، لدرء المخاطر، ونحن بدورنا تعاملنا مع تلك القرارات غاية في الحرص، وأنت أخي سمير وعائلتك كما الكثيرين تعاملت بأهمية وحرص شديدين مع تلك التعليمات بل وأكثر، كونك عشت في أوروبا، وتعلم أن الضرورة تقتضي التعامل بدرهم الوقاية، وللأسف كان هناك البعض، أقول البعض، لأنهم كذلك، بعض أو بضعة من الناس، قليلو المسؤولية، وطريقة تعاملهم مع الوضع تطيل فترة الشفاء. هؤلاء الأنانيون، الذين ينظرون لغيرهم بمنظار التأويل والاشاعة، وهم من عليهم الخجل من أنفسهم وتصرفاتهم، لأنهم يخلقون حالة من البلبلة.
سمعتك أخي سمير تتحدث بحرص شديد، ونبرة عشق ابوي، فيها لحن حنين حزين، وأنت تستقبل عن بُعد، عيون ترقرقت بالدمع يغمرهما الحنين ايضاً؛ وشعرت وأسرتي معي، بل وكثير من أبناء شعبنا في الوطن والشتات، شعرنا جميعاً، بنبرة الحزن والأسى في صوتك مرة أخرى، وأنت توضح حرصك مرة أخرى، على ما ثار من اشاعات وأقاويل غير مسؤولة فيما بعد، عبر كثير من وسائل التواصل الاجتماعي، همها الإثارة، وهي جزء من طابور خامس، الوطن والشعب ليس في حساباتها، وحتى اللحظة لا ترى ولا تريد أن تسمع حقيقة الأمر وخطورة الوضع؛
ويقيناً أخي سمير، لم تكن بحاجة لذلك، لأننا جميعاً، وأجزم أن الغالبية من الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، كانت فخورة بحرصك والتزامك، لأننا باختصار، وجهنا رسالتنا للعالم بأسره، من بيت لحم، مدينة المحبة والبشارة، وميلاد يسوع، وجهتها ايادي أحمد وعيون مريم، وضمير جورج، قلب أم أنطون وأم عبد الله، مفادها أننا الشعب المظلوم منذ أكثر من قرن من الزمن نشعر بالآخرين، حتى في أصعب اللحظات، لأننا جزء من الحضارة البشرية الإنسانية، بل بداية الحضارة الإنسانية على وجه البسيطة. قبل أكثر من عشرة آلاف عام.
لا تيأس ولا تجزع اخي العزيز سمير، فالتزامك عنوان وطن، نرفع له القبعة، وحرصك وحسك عالٍ، يُمثلُ الكثيرين منا، وتعاونك يعبر عن احترام عالٍ، للمواطن والوطن والمؤسسة، لقيمة الفنان الانسان في وطنه وبين شعبة، كيف لا، وانت ذلك الفنان، جزء من الثلاثي العالمي جبران الذي مثل فلسطين، من شمالها لجنوبها، ومن بحرها لنهرها، انطقت اناملكم الوتر لتحرك ضمائر البشر من كل الجنسيات، بانسجام ولحن وحس، نتمنى ان يستمر، وأن نسمع بعد هذه الازمة معزوفة فلسطين للإنسانية والبشرية جمعاء.
وكما ادعو المولى عز وجل أن يخرجنا جميعاً من هذه الازمة، فإنني أتمنى الصحة والعافية لجميع أبناء فلسطين شيبها، وشبابها، ومستقبلها، وللوردتين كاتيا وتيا، الصحة والسعادة، واثق ان معنوياتهن العالية، ستبقى عالية، لأن لدينا كادرنا الطبي المهني، الذي نفخر بمهنيته وقدرته، وتعاون الجميع على تجاوز هذه المحنة، باقتدار وتناغم عال بين جميع مكونات المجتمع ومؤسساته.
* سفير فلسطين في جمهورية بولندا