معا- من المشاهد المجازية التي تتكرَّر في أفلام هوليوود، مشهد الموت المفاجئ لأحد الرجال الكبار في السن، أثناء ممارسته للجنس بحماس مع فتاة في نصف عمره. لكن في الحياة الحقيقة، من النادر جداً أن يؤدي النشاط الجنسي للسكتة القلبية، وهذا وفقاً للتقارير المُطمئنة لإحدى الدراسات الجديدة.
تمَّ ربط الجنس ب34 حالة فقط من أصل أكثر من 4.500 حالة سكتة قلبية، حدثت بين 2002 و 2015، في بورتلاند (أوريغون)، وهي منطقة حضرية كبرى، ويشير الباحثون إلى أنَّ هذا معدل 0.7 بالمئة فقط.
من تلك الحالات، حدثت 18 حالة خلال الجنس و15 مباشرة بعده، ولم يكن بالإمكان تحديد الوقت بالنسبة للحالات الأخيرة.
يقول كبير باحثي الدراسة الدكتور سوميت تشو ” Sumeet Chugh”، وهو مدير الشؤون الطبية في مركز إيقاع القلب “Heart Rhythm Center”، في مركز سيدارز سيناي الطبي في لوس أنجلوس: ” أنا متفاجئٌ بعض الشيء من الرقم الضئيل جداً، ولكنني أشعر في المجمل أنها معطياتٌ مطمئنة.”
يقول تشو أنَّ الأخبار تلقى ترحيباً كبيراً من قبل مرضى القلب الغير متأكدين ممَّا إذا كان الجنس يُشكل خطراً عليهم أم لا.
ويتابع تشو قائلاً: ” في السابق كنا نقول أنَّ الخطر ضئيلٌ على الأرجح، ولكن لم نكن نعرف مقدار ضئالته. أمَّا الآن فنحن نملك معطيات تمكننا من طمأنة المرضى أنَّ الخطر ضئيلٌ للغاية.”
الاكتشافات الجديدة هي جزءٌ من دراسة استغرقت 16 سنة، تمحورت حول العوامل الخطرة المُؤثرة على القلب، وشملت الدراسة حوالي مليون شخص يعيشون في بورتلاند وحولها.
ويضيف تشو: ” النشاط الجنسي هو عاملٌ واحد فقط من مجموعة واسعة من العوامل الخطرة المسببة لأمراض القلب، ولكنه أحد العوامل التي لم تدرس بعمقٍ بعد.”
الرجال أكثر عرضة من النساء للإصابة بسكتة قلبية نتيجة الجنس، فقد أظهرت النتائج أنَّ اثنين فقط من أصل 34 مريض بالسكتة القلبية كانتا من النساء.
ولكن بشكلٍ عام، تمَّ ربط الجنس بواحد بالمئة فقط من جميع حالات السكتة القلبية التي حدثت عند الرجال، وقد صرَّح خبراء جنس آخرون أنَّ النتائج لم تفاجئهم.
إنَّ الجنس ليس مرهقاً للدرجة التي يعتقدها الناس، فالنشاط الحيوي المقترن بالجنس يعادل صعود طابقين فقط على الدرج، هذا ما وضحته الدكتورة نيكا جولدبيرج “Nieca Goldberg”، وهي مديرة مركز صحة النساء في جامعة نيويورك.
الدكتورة مارثا جولاتي “Martha Gulati”، وهي مديرة طب القلب في جامعة أريزونا للطب، تقول: ” بالرغم من أنَّ الكثير منا يعتقد أنَّ الجنس يتطلب بذل مستوى عالٍ من النشاط، لكنه ليس مرهقاً للدرجة التي يتخلها الناس، وذلك حتى في أقصى حالاته.”
تقول جولدبيرج وجولاتي: إنَّ موضوع السلامة الجنسية يُطرَأ من وقتٍ لآخر من قبل الناس الذين عانوا من سكتة قلبية، أو الذين تمَّ تشخيص إصابتهم بمرضٍ قلبي.
يُشير خبراء القلب إلى أنَّ الجنس آمنٌ بشكلٍ عام بالنسبة لمعظم مرضى القلب، إلا في حال عدم قدرتهم على تحمُّل حتى المستويات المنخفضة من النشاط، أو إذا عانوا من أعراضٍ تمنعهم من القيام بالأعمال اليومية، كترتيب السرير أو تنظيف المنزل.
تقترح جولدبيرج قائلة: ” يجب على الأطباء أن يناقشوا هذه المعلومات مع مرضاهم، لتخفيف مخاوفهم التي قد تراودهم بعد تشخيص إصابتهم بمرضٍ قلبي، وأن يخبروهم أنَّ معظم الناس يعودون بأمانٍ إلى ممارسة نشاطهم الجنسي.”
يقول تشو أنَّ هناك بصيص أمل لمرضى السكتة القلبية الناتجة عن الجنس، وهو أنَّ فرصة نجاتهم من السكتة أكبر بمقدار الضعف تقريباً مقارنة بغيرهم، فحوالي 19 بالمئة من مرضى حالات السكتة القلبية المرتبطة بالجنس نجوا من محنتهم، مقارنة بمعدل النجاة الوسطي لحوالي 10 بالمئة على المستوى الوطني.
يقول تشو: ” يوجد حالياً شهادات أدلى بها الكثير من الباحثين تؤكد أنه في حال وُجِد شخصٌ بقربك أثناء تعرضك لسكتة قلبية، وتمكَّن من تنفيذ التنفس الاصطناعي إلى حين وصول سيارة الإسعاف، فمن المحتمل أن يُنقذ حياتك.”، ويضيف: ” وإنَّ تواجد شاهد برفقتك هو أمرٌ مضمون في حال حدثت السكتة بسبب النشاط الجنسي.”
ولكن مع ذلك أشارت الدراسة إلى أنَّ نسبة الشهود الذين قدموا التنفس الاصناعي هي الثلث فقط، مما يُشير إلى الحاجة المتواصلة للتوعية العامة بأهمية التنفس الاصطناعي.