ايها الليل انتظرهم قليلا ليلتقوا مع جميلاتهم في حواري المدائن الصامتة ارغاما وامنحهم القليل من الموت قبل ان تعلن عن موعدهم مع النوم الابدي في كهوف مكفهرة باردة، فروما هادئة كهدوء الموت ، وعاصمة الجن والأنس اضحت خالية من روادها وانطفأت انوراها ، وام المدائن تأن حزن بليغا ، فالله سيعلن عن موتهم ايضا وارادة البسطاء من ارادة الرب وهم التواقون لإغفاءة ولو قليلة على اكتاف الحبيبة ، والخنساء ستطأطىء رأسها احتراما واجلالا للثكالى اليتامى الضائعين الهائمين على وجوههم ، ورقعة الجغرافيا المسماة بالوطن ستظل كما هي دون ان تختفي الجبال ، وقلاع البحر ستسستقبل الاساطيل من جديد بصرف النظر عن المنتصر وذاك المهزوم ، والبحر ستظل امواجه تلاطم اسوار القلاع العتيقة العصية على نابليون وسيرجع يجرجر اذيال الهزائم …. وللنصر وجهان … والرقيق والسبايا هم سادة وسيدات القبائل المهزومة على اطراف القبائل المتناحرة وتاج كسرى سيتوج الرأس المعممة بالوشاح الاسود وصغار القوم باطراف المدائن سيحاولون ان يعتلوا اسطحة منازلهم مكبرين مهللين متضرعين للرب بان يحمي عرينهم ….
هي حكاية القهر مرة اخرى تلك المكررة المتكررة بذات الفصول ، وهي عنجهية الأخر بصرف النظر عن هذا الاخر ومن يكون ، وهي عنصرية النوع والجنس والدين ، وهي طفولية الثوار الجدد القاعدون على اريكة التنظير العبثي ، وهي تصفية الحسابات العبثية لكل من يحاول ان يتمنطق بالاقوال الكبيرة …
في ظل ارتباك المشهد في معمعان التيه والوباء والخوف تتكور المدينة على ذاتها ، وتحاول ان تظل بالعربية ناطقة ، وان تمارس القليل من لهوها خارج الحسابات الزمنية الممنوحة ، وان كان اللقاء مع اسوارها الشامخة بالحب والمُتصدية لأعتى لغات الكره ، خلسة ، والكل يتأمر عليها حتى هؤلاء المتغنين بها وبفجرها وليلها ، وحراسها عند الاطراف يشكون الظلم والاهمال والجوع والقهر ، وهي التي تأن تحت وطأة الاغتصاب اليومي لبهاءها وتستصرخ عاصمة السراب المحاذية لها في محاولة لإنقاذها من الفراغ والإفراغ والتفريغ ، ويهوذا المتربص بالأمكنة يعبر مدججا بالحقد على تاريخ درب الالالم ، وعبيد العم سام ما زالوا بانتظار اللحظة المؤاتية للعبور الى حواري الخوف وحسم الفعل في المدائن التي ظنت انها حضارية الطابع مؤمنة بايقونتها ، فجاء من يكشف الحقيقة وينيط اللثام عن واحدة من اقبح المشاهد الراهنة حيث انكشاف الجوع والخوف من الكل ، سقطتت مدائن وازقة الفقراء ، ومن يعتبرون انفسهم وكلاء الرب على الارض يمارسون الكثير من تشويه صورة الفقراء الذين كانوا ان قالوا (اللا) في وجه من قال (النعم) المغلظة … وارتباك المعادلة اضحت واضحة ..
فإن كنت ممن يقف بوجه الديكتاتور فأنت حتما مع سياسة قطع الرؤوس والذبح من الوريد للويد ، والمدائن أنينها صارخا في جعجعة الوباء العابر للحدود ، حيث بات التخبط سيد الموقف اللحظي ... والكل في التيه غارق ...
وشيوخ الصحراء الناطقين بلغة الضاد، قد يحتجون ، حيث انهم ربما يحرجون من عدم الاستقبال واغاثة الملهوف.
ونحن هنا بارض التين والزيتون نعرف حق المعرفة ماهية اللحظة وما يعني السقوط المدوي لكل القيم الاخلاقية التي سيتبعه السقوط للانسان، وسقوط الانتظار والأمل يصبح سراب ليُصار الى تهجين والتدجين والتطويع وفق ارادة من يقامر بلعبة الموت ….
ايها القاعدون المنتظرون أساطيل ريتشارد قلب الاسد الذي تستدعونه لسحق اطواق ياسمين المدائن الحائرة التائه ، تكبيراتكم لن تعلو وستكتشفوا عاجلا ان الفرنجة سيتساقطون على اسوار القلاع المحصنة الحصينة حامية احلام البسطاء الذين ثاروا على القيصر بروابي ازقة العواصم ، وفقراء الليل يعرفون اتجاهات الريح الشمالية ويعلمون خفايا عشقهم للتراب المجبول بعرقهم ولن يبيعوا احلامهم الصغيرة وسيحددوا بوصلتهم ….. وكسرى وان كان ضجيجه عاليا يعرفون انه مبدع بتجارة الرقيق والبيع والشراء … وبوصلة لا تشير الى ام المدائن العتيقة ( القدس ) مقتنعون انها المشبوهة وتبقى العنتريات الكلامية ثغاء احوى والتجارة الرائجة في ظل عصر حريم السلطان ….
ايها الحطابون البسطاء اوقدوا النيران في خيامكم واعتلوا قمة الجبل ولا تابهوا للغنائم واعلموا ان الموت قادم اليكم فموتوا بهدوء وافسحوا المكان للشيطان بان يسود فهذا ليس عصركم ومن الممنوع عليكم ان تعتاشوا وتحيوا في كنف اطواق الياسمين، انتظروا الموت كما تشتهون ولا تخجلوا من هزيمة القيصر فهو امير الجبناء ولم يكن يوما نبيلا من النبلاء او فارسا يمتطي صهوة اليمامة الزرقاء كان يختفي خلف معاناتكم وبليلكم يتغنى ولا تفرحوا كثيرا لرحيل القيصر فخلف موت كل قيصر قيصر جديد وبالتالي جبان اخر يتاجر باحلامكم ويحاول ان يستصرخ عطفكم …
ايها البسطاء الجالسون في الطرقات الوسخة اطردوا جميلاتكم من المكان حيث انهن سبايا العصر الجديد وعتقوا خمركم فجند الاطلسي سيعبرون المكان وان كانوا بالضاد ناطقين ومخططات (هينبال) لم تجديكم نفعا فقد خانوه جنرالات وامراء الحرب وتجار الليالي …. اعلموا ان تكبيراتهم لن تعلوا بفضل موتكم وقتلكم سيحدد مسار موتهم وقتلهم ونهايات احلامهم …
يا مدينة الوجع حاولي ان تغفي ولو قليلا واهدأي واستكيني وانتظريهم على ابوابك ولتكن الصرخة المدوية هنا حلم المدينة وحراسها ، فللمدائن احلامها المتشكلة من ثنايا العشق والوجع ولها حراس مؤمنين بحلم الاسوار الشامخة ….
هنا التناقض الذي بات عنوان المرحلة وخربشة الموازيين … هنا المحاولة المستحيلة لخلق التوزانات العقلية وفهم ما يمكن فهمه من خلال المعادلة الوجودية للواقع الراهن … هنا حماة القلاع والمعابد المنتشرين بالأزقة ويخوضون المعارك الشرسة بكل لحظات المعايشة اليومية بالفرح والحزن المتأصل بالذات المقدسية ، في محاولة منهم لإستعادة زمام مباردة حراسة احلام المدينة .
هنا حلم المدينة التي تئن وتستدعي التاريخ وموروث ابجديات المنطق بضرورة التصدي لكل اشكال الخراب والتخريب … هنا اصحاب الفخامة والسلاطين والامراء واصحاب الجلالة يقفون على اعتاب المرحلة للدفاع عن كينونتهم في استمرارهم بالسلطة وان دُمرت كل المدائن وروابيها وتغيرت معالمها…. فسارق العرش من ابيه كان قد اخفق بحسم الصراع من خلال البيداء وبالتالي تقاعد مبكرا وافسح المجال للأمير الصغير المطيع للاوامر والعارف بخبايا الدور المرسوم لامارة الغاز وجعجعة الكلام ….
ملوك الطوائف وقياصرة المذاهب وعلى رأسهم ذاك المتربع على العرش رغما وبالتوريث وتعديل الدستور والغاء الشرعية المشرعنة … قاتل الاطفال بالحواري الكل بالانتظار والكل هنا يعني الكل بسطاء وفقراء ومن هم مؤمنين بعدائية للتنين المتغول في بقاع المعمورة بعد ان استباح دجلة وصار الفرات ساحة عراك ….
يا سادة العوالم المنتهية الصلاحية انتظروا الصراخ ضد كل هذا التهليل الاحمق للمقاتلات الاطلسية والقادمة من وراء بحر الظلمات بعد ان صدرت الفتوى من شيخ مشايخ علماء السلاطين الذي استجدى ومازال يستجدي التدخل الاجنبي وكانت منذ زمن قد لبت تل ابيب واستجابت لنداء الشيخ الجليل …. وتظل المدينة الشاكية الباكية بالحلم تتصدر المشهد وانتظارها سيد الموقف ...
هنا الحلم المحروس بالأفئدة ، حيث تصفية الحسابات من بين معاوية والحسين وان كان للتاريخ من كلمة في هذا السياق فهو تأجيج الفتن وان كانت المسميات مختلفة ومتذرعة بشتى الاشكال … هنا ام المدائن التي كشفت عن اللثام واتضح بعدها كل شي حيث ان ما فعلته جماهير حراس حلمها ومنذ البدايات انها فجّرت القيح المتراكم في الدّمل العربي ، وأن المدائن المجاورة لم ولن تعود كما كانت، فقد اضحت هناك مدن بإدارة قياصرة العهر الجديد واخرى بالاحلام تحاول الانتظار .
هنا عاصمة الله على الارض التي تُركت فريسة مباحة تثير شهية كل القوى العابرة للأحلام الصامدة ، وهنا التقاتل والتصالح ما بين القوى الكبرى والعظمي لضمان الحصص في مشاريع التبعية نحو الغرب او قد يكون نحو الشرق والشمال يستعد لنيل حصته الكبرى ….
و هنا ايضا عاصمة السراب حيث ان نظامها الحاكم بامره وبموروثه التاريخي ووفقا لما نشهده وتشهده المرحلة قد عجز ويعجز عن حماية البلاد والعباد من من سطوة الأخر على قوت يوم القابعين بالعلب الأسمنتية .
هنا سيادة الحلم والاعتداء عليه صار المباح في عصر الرويبضات القتلة …. والسيادة حصريا لجموع الفقراء الذين حاولوا ان يقولوا كلمتهم وان كانت كلماتهم قد اضحت في مهب الريح وتلعثمت كل الشفاة الناطقة باسمهم وارتمت باحضان من يحاولون اعتلاء منصات ليست منصاتهم.