رام الله- معا- قال الدكتور عاطف أبوسيف، وزير الثقافة: إن إطلاق قناة الثقافية على التلفزيونات التفاعلية، يأتي استجابة للحاجة الماسة لتجميع المحتوى الرقمي الفلسطيني وتوثيقه وتوفيره في قناة واحدة.
وأوضح أبو سيف، أن هناك حاجة كبيرة لوجود قناة ثقافية، تعنى بالشأن الثقافي الفلسطيني، بحاضره وماضيه من أجل أن تحكون معيناً للأجيال القادمة وتساهم في تعزيز الوعي والهوية الوطنية وتطوير الذات معرفياً.
وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية قد أطلقت قناة "الثقافية" الشهر الماضي ضمن استجاباتها لتداعيات الحجر المنزلي وضرورة توفير مواد ترفيهية وتوعوية للمواطنين، تعينهم على قضاء أوقاتهم خلال الحجر.
وأكد أبو سيف، أن إطلاق القناة بقدر ما كان حاجة ماسة خلال الحجر وكان جزءاً من تدخلات الوزارة ضمن نشاطات أخرى مثل برنامج "طلال ثقافية" وبرنامج "التعليلة" إلا أنه مثل تطبيقاً لرؤية الوزارة حول مستقبل الحياة الثقافية في فلسطين، مضيفاً: هناك فراغ كبير يجب العمل على سد الحاجة فيه، وجود قناة ثقافية يشكل خطوة تجاه مأسسة العمل الثقافي الفلسطيني وتطوير الإعلام الثقافي وحفظ التراث الفني والأدبي والفكري لشعبنا في كافة أماكن تواجده، فلأول مرة يتم انشاء أرشيف إلكتروني لجمع الأعمال الأدبية والفنية الفلسطينية حول العالم وبشكل إلكتروني في مكان واحد، وذلك عبر قناة "الثقافية" التي أطلقتها الوزارة خلال الحجر المنزلي بالتعاون مع التلفزيونات التفاعلية للشركات المزودة لخدمة الانترنت في فلسطين.
وأضاف أبو سيف، أن الوزارة تعمل حالياً على جمع هذا الأرشيف وتوفيره في كل بيت فلسطيني ضمن رؤية الوزارة في نشر الثقافة الفلسطينية ولكافة الأجيال فالثقافة بمكوناتها من أدب ومسرح وغناء وأعمال درامية وأفلام روائية ووثائقية وأعمال شعبية من الفولكور الفلسطيني وصولاً إلى الكوميديا لا يجب أن تكون نخبوية أبداً بل جزء أساسي من حياتنا.
وحول "الثقافية" أيضاً أوضح الوزير أنه لم يحدث أن تم العمل على جمع هذه الأعمال لكن وفي كل مراحل العمل الوطني وتأسيس السلطة والدولة يكون هناك أولويات، والآن أولويتنا احتضان جميع هذه الأعمال وتوثيقها ونشرها للجمهور الفلسطيني لاسيما للجيل الشاب والذي من الصعب الوصول إليه بدون الوسائل التكنولجية الحديثة، عدا عن أن القناة تخدم مجتمع المثقفين والفنانين بشكل مباشر عبر الترويج لأعمالهم وعرضها واتاحتها لهم من أجل شحذ تجاربهم وتوفير الأعمال الفلسطينية في الداخل والخارج، الأمر الذي من شأنه المساهمة في تطوير تجاربهم بالتأكيد عدا عن تشجيعها وتحفيزها.
ولاقت قناة "الثقافية" ترحيباً كبيراً في الأوساط المختلفة سيما أن المواد المعروض عليها رغم توفرها على الانترنت إلا أنها موزعة بين عشرات المواقع، وشكل تجميعها في مكان واحد مثل حفلات فرقة العاشقين وبعض الأفلام الفلسطينية والأغاني فرصة للمواطنين حتى يشاهدوا هذه الأعمال ويتفاعلوا معها.
في هذا السياق، قال أبو سيف: دوماً كانت أغاني الثورة والشعر والرواية الفلسطينية مرافقة لكل مراحل العمل الوطني بحيث لا يمكن تذكر مرحلة أو موقف سياسية دون أن نتذكر قصيدة أو أغنية وعلى العكس أيضاً لا يمكن أن نتذكر قصيدة دون أن تدفعنا للحديث عن تلك الحقبة وأبرز الأحداث والمواقف السياسية، وكل هذا يقودنا لأهمية ودور الثقافة في الوقوف في الأزمات ودوماً كان ومازال للأديب والفنان دور مضيء في حياة المجتمعات لاسيما المجتمع الفلسطيني في صراعه الطويل والمرير على الرواية مع الاحتلال الصهيوني.
وحول منظور الشراكة لدى الوزارة مع الوسط الثقافي والفني من مؤسسات وأفراد قال أبو سيف: يدنا ممدودة دائماً لهذه الشراكة التي تساهم في رفعة الثقافة الفلسطينية وبدونها من الصعب تحقيق الأهداف المنشودة في القطاع الثقافي، نؤمن أن العمل التشاركي عمل يؤتي ثماره دائماً، نقرأ بعناية كل ما يكتب في هذا الاطار ونحاول متابعة كل تفاصيل الحراك الثقافي القائم والدائم وانتاجاته، قد نتأخر أحياناً لظروف خارجة عن إرادتنا لكننا نتابع وندعم وقد اجتمعنا بكل المؤسسات الثقافية خلال الجائحة عبر مكاتبنا في المحافظات.
واستطرد: "التقينا بشكل فردي مع العديد منها، وتواصلنا مع المانحين للقطاع الثقافي ووضعنا أسس ومعايير تتناسب واحتياجات الفنانين والمؤسسات الثقافية، وسنعلن في الايام القادمة عن آلية للتعويض والدعم لهم ضمن امكانياتنا المتوفرة في محاولة لتخطي آثار الكورونا والشلل المؤقت الذي أصاب العمل الثقافي ومثل كافة القطاعات المتضررة في أنحاء العالم".
وأضاف أن الوزارة أعدت دراسة علمية حول هذه الأضرار وخرجت بمؤشرات وتوصيات مبنية على استمارة تم تعميمها على كافة المؤسسات الثقافية والأفراد العاملين في هذا المجال.
وقال أبو سيف إن الوزارة خاضت تجربة استثنائية سيكون لها أثر كبير في آليات العمل وتوجهات الوزارة، وشملت التجربة سد فراغ لدى المواطنين في ظل الحجر عبر الثقافة والفنون، وتنظيم ندوات افتراضية حظيت بآلاف المشاهدين ، ودعمت العديد من الانتاجات لاسيما في مجال مسرح الأطفال والحكايات الشعبية والزجل الشعبي والموسيقيين، وخلال كل ذلك قامت الوزارة بربط الداخل والخارج وأهلنا افي الشتات والمنافي، عبر أجواء من الحب والتآخي والفخر بالابداعات والأعمال الفلسطينية التي تستحق دوماً الدعم والترويج والتحفيز ونشرها على أوسع نطاق.
وختم أبوسيف، إن هذا العمل قام به فريق ربط الليل بالنهار من بيوتهم ومنهم من خاطروا ووصلوا للوزارة ضمن خطة طوارئ ايماناً منهم بالعمل والانتماء وباحساس عالي من المسؤولية اتجاه ابناء شعبنا، وكان من الفريق متطوعون من الوسط الثقافي والفني الذين تابعونا بشكل يومي وقدموا اقتراحاتهم وملاحظاتهم وشاركونا حوارنا وندواتنا والأمسيات الفنية مع الضيوف.