رام الله -معا- دعا رئيس الوزراء محمد اشتية الشركاء الدوليين إلى وضع حد لإسرائيل ومنعها من تنفيذ مخططات الضم، وذلك من خلال وضع الثقل الدولي الاقتصادي خلف الموقف السياسي الرافض للضم، مؤكدا ضرورة اتخاذ موقف دولي موحد لمنع إسرائيل من أن تكون فوق القانون الدولي
جاء ذلك خلال كلمة فلسطين في اجتماع مجموعة المانحين (AHLC) الذي عقد على مستوى وزاري، وشارك فيه أكثر من 40 دولة ومؤسسة دولية بحضور عالي المستوى ضم 21 وزيرا، منهم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عبر تقنية الفيديو كونفرنس اليوم الثلاثاء.
ووجهت وزيرة الخارجية النرويجية، رئيسة الاجتماع، ايني اريكسون سورايدي، باختتام الاجتماع تحذيرا واضحا ضد ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية، معتبرة أن أي خطوة في هذا السياق حال تنفيذها ستقوض الجهود للوصول إلى حل الدولتين، وتضر بالسلم والأمن، وتشكل انتهاكا للقانون الدولي.
وأوضح رئيس الوزراء من جانبه "أن خطط الضم لم تعد إعلانا فقط، بل بدأت إسرائيل بتنفيذها على الأرض، من خلال إرسال فواتير الكهرباء بشكل مباشر إلى المجالس البلدية في الأغوار وكذلك أزالت اللوحات التي تشير إلى أن هذه اراضٍ فلسطينية من مناطق الأغوار".
وأكد اشتية أن "الضم لا يشكل فقط انتهاكا للقانون الدولي، بل تدميرا ممنهجا لإمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، وأيضا خطرا وجوديا على مشروعنا السياسي وعلى وجود الشعب الفلسطيني في أرضه، وتهديدا للأمن الإقليمي".
وتابع: "الخطط الإسرائيلية على انسجام تام بما جاء في الخطة الأميركية، هذه الصفقة التي رفضناها كما رفضها العرب والاتحاد الأوروبي وكل المجتمع الدولي، لما تمثله من انتهاك للقانون الدولي وإنهاء لكل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل".
وقال: "في مقابل الإجراءات الإسرائيلية، ننتظر من شركائنا الاعتراف بفلسطين على حدود 1967 مع القدس عاصمة لها، هذه الدولة التي يجب أن تكون ذات سيادة وقابلة للحياة ومتواصلة الأطراف ومستقلة".
وأوضح اشتية أن "إجراءات الاحتلال تفتت الأرض الفلسطينية، فغزة محاصرة، والقدس خلف الجدار ولا يحق للفلسطينيين الوصول لها بحرية، والضفة الغربية تم تقسيمها إلى أراضي أ ب ج، ونطاق أراضينا يتقلص بفعل إجراءات الاحتلال واستمرار بناء المستوطنات وتوسعتها حتى وصل عدد المستوطنين إلى 720 ألف مستوطن، إلى جانب استمرار سياسة هدم المنازل وإطلاق النار من أجل القتل التي ذهب ضحيتها العديد من الأبرياء، اخرهم الشهيدين قعد وحداد".
وقال: "إنه بناء على انتهاكات إسرائيل للاتفاقيات، قررت القيادة الفلسطينية أن تكون في حِلٍ من هذه الاتفاقيات أيضا، إذ لا يمكننا الصمت إزاء ضم أراضينا وتهديد وجودنا وتدمير مشروعنا الوطني، نحن هنا للوصول إلى حل الدولتين وكرامة وحرية شعبنا".
وتابع رئيس الوزراء: "عقولنا وقلوبنا مفتوحة لأي جهد دولي جدي قائم على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونقله من المفاوضات الثنائية التي أثبتت فشلها خلال الأعوام الماضية إلى المتعدد من خلال مؤتمر دولي من أجل فلسطيني".
من جانب آخر، أطلع اشتية الحضور على تجربة فلسطين الناجحة في التعامل مع فيروس كورونا من خلال الاستجابة المبكرة لمنع انتشار الفيروس والتي انعكست بشكل مباشر على انخفاض عدد الحالات والقدرة على السيطرة على المرض، وأشاد بجهود كل الدول التي استجابة لخطة فلسطين وقدمت دعما للقطاع الصحي الفلسطيني ما ساهم برفع القدرة على مواجهة الفيروس.
كما عبر اشتية عن تقديره للنرويج التي حافظت على استمرار هذا الإطار الدولي الداعم لحل الدولتين، كما أشاد بالحضور عالِ المستوى من مختلف الدول والجهات مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد والرباعية الدولية.
من جانبه، قدم وزير المالية شكري بشارة تقريرا استعرض فيه الوضع المالي الفلسطيني نتيجة مروره بعدة أزمات متلاحقة آخرها جائحة كورونا، والتي اضطرت الحكومة للعمل وفق خطة طوارئ متقشفة، وجاء أثرها بارتفاع الفجوة التمويلية إلى نحو 1.4 مليار دولار.
وأجمع المشاركون في الاجتماع على رفض خطط الضم الإسرائيلية باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي وتهديدا لحل الدولتين والسلام بالمنطقة.
وزير خارجية الأردن يحذر من العواقب الوخيمة لأي قرار ضم إسرائيلي
وقال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، إن على المجتمع الدولي منع تنفيذ أي قرار إسرائيلي بضم أراض فلسطينية محتلة حماية للسلام وحماية القانون الدولي.
وحذر الصفدي، في مداخلته خلال الاجتماع، من العواقب الوخيمة لقرار الضم إن نفذ على مسعى تحقيق السلام الإقليمي وعلى العلاقات الأردنية-الاسرائيلية.
وشدد على أنه "على كل من يؤمن بالسلام أن يرفض الضم، وأنه على كل من يريد للصراع أن ينتهي أن يعمل على منع الضم." وقال إن "منع الضم هو حماية للسلام."
وأضاف: "نقف على مفترق حاسم: فإما السقوط في فوضى الصراع وفقدان الأمل وإما إنقاذ السلام الذي يشكل ضرورة إقليمية ودولية."
وأكد الصفدي أنه يجب أن "تكون رسالتنا واضحة: لن يمر الضم دون رد. ذاك أن تنفيذ الضم سيفجر صراعا أشرس، سيجعل خيار الدولتين مستحيلا وسيجعل مأسسة التمييز العنصري حتمية، وسيدمر كل فرص تحقيق السلام الشامل."
وتابع أن الأردن سيظل يقوم بكل ما هو متاح لتحقيق السلام العادل والشامل الذي تقبله الشعوب وتحميه، وسيبقى يتخذ كل ما يلزم لحماية مصالحه.
وأردف: "حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على أساسه مصلحة وطنية أردنية. ونحذر من الانعكاسات الوخيمة لتنفيذ قرار الضم على مسعى تحقيق السلام الإقليمي وعلى العلاقات الأردنية- الإسرائيلية".
وقال إن السلام الشامل خيار استراتيجي فلسطيني وعربي طريقه حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.
وحذر الصفدي من أن أي منحى آخر يمثل تهديدا للسلام وللجميع في المنطقة.
وأوضح أن الأولوية في هذه اللحظة الحاسمة يجب أن تكون منع الضم وإيجاد أفق لإعادة إطلاق المفاوضات لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين والقانون الدولي.
وأضاف: "لن ينمو الاقتصاد وهو يرزح تحت ضيق مخالب الاحتلال. ولن يتحقق السلام عبر ضم ثلث دولة فلسطيني."
وتابع: "نعول على أصدقائنا وشركائنا في المجتمع الدولي بأن يفعلوا ما هو حق وصحيح: إعلان رفض الضم، والتحرك بسرعة وفاعلية لوقف هذا التهديد غير المسبوق للسلام ولإيجاد أفق لإعادة إطلاق المفاوضات."
وقال "يجب أن نقوم معا بكل ما هو ممكن لضمان استئناف المفاوضات لتحقيق حل الدولتين والوصول إلى السلام العادل أساسا لمستقبل إقليمي مليء بالإنجاز والأمل لا الصراع واليأس."
وشكر الصفدي الدول المشاركة على دعمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وقال إنه يتطلع ووزيرة خارجية السويد آن لنده إلى دعم هذه الدول لضمان نجاح المؤتمر الذي ستنظمه المملكتان لحشد الدعم المالي للوكالة نهاية الشهر الجاري.
شكري يحذر من أي إجراءات أحادية تقوض فرص التوصل للتسوية بما فيها خطوة الضم
وحذر وزير الخارجية المصري سامح شكري، من أي إجراءات أحادية تقوض فرص التوصل للتسوية الفلسطينية السلمية المنشودة في إطار حل الدولتين بما فيها أي خطوة لضم أراض في الضفة الغربية.
وأكد، خلال مداخلته في الاجتماع، ضرورة أهمية تحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية عبر دعم كافة المساعي الرامية إلى إعادة إحياء عملية السلام.
وشدد شكري على ضرورة الحفاظ على إستقرار السلطة الوطنية الفلسطينية ودعم وضعها المالي في مواجهة التحديات الراهنة، لا سيما في التعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة فيروس "كورونا" المُستجد.
وشدد على التزام مصر بدعم عمل لجنة تنسيق المساعدات الدولية إلى الشعب الفلسطيني في سبيل تخفيف آثار الظروف الاقتصادية الصعبة، مُستعرضاً الجهود المصرية المستمرة لدعم شعبنا، إضافة إلى مُساندة الدور الذي تقوم به وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
تونس تؤكد موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية
وأكد وزير الشؤون الخارجية التونسي نور الدّين الريّ، موقف بلاده الثابت والداعم لمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة لا سيما حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشّرقية، على أساس المرجعيات المتفق عليها وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السّلام العربية ومبدأ حل الدولتين.
ودعا الوزير الري، خلال مداخلته في الاجتماع، الجهات المانحة إلى مواصلة معاضدتها لجهود الحكومة الفلسطينية من أجل مواصلة دعم المؤسسات الوطنية والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، خاصة في ظلّ تفشّي جائحة كوفيد 19 العالمية، التي زادت في تعميق معاناة الشعب الفلسطيني وتردّي ظروفه المعيشية القاسية أصلا جرّاء الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العدوانية وحجزه لعائدات الضرائب الفلسطينية.
كما جدّد التأكيد على أهميّة الرفع من مستوى الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لتخفيف الأزمة المالية المزمنة التي تعاني منها الوكالة.
وحذّر من التهديدات الإسرائيلية المستمرة بتنفيذ خططها غير القانونية بضمّ أجزاء من الأرض الفلسطينية، داعيا المجموعة الدولية للتحرك العاجل للتصدي لهذه الخطوة التي تشكل تهديدا جديّا للحقوق الفلسطينية ومبدأ حلّ الدّولتين، وتقوّض آفاق تحقيق السّلام العادل والشامل.