غزة-معا- طالب خبراء اقتصاديون واجتماعيون وصحفيون وممثلو منظمات أهلية بضرورة تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الحكوميةوغير الحكوميةمن أجل العمل على تخفيف الآثار السلبية للجائحة على القطاعين الاقتصادي والاجتماعي.
ودعوا، خلال ورشة نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قاعة ريف المدينة بعنوان "الانعكاسات السلبية وتداعيات جائحة كورونا على الوضعين الاقتصادي والحماية الاجتماعية في قطاع غزة"، بالشراكة مع مؤسسة "فريدريشايبرت" الألمانية الى ضرورة إطلاق برنامج لحماية الفقراء بهدف توفير الحماية والرعاية والأمان الاجتماعي، يقدم المساعدات للأسر الأكثرفقراً والفئات المهمشة في المجتمع،وصولا إلى تطوير شبكة أمان اجتماعية.
وتناول مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في الغرفة التجارية في مدينة غزة الدكتور ماهر الطبّاع في ورقته المتعلقة بالوضع الاقتصادي القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بجائحة كورونا.
وقال الطبّاع إن القطاع السياحي يعتبر من أكبر القطاعات المتضررة وبلغت نسبة توقفه 100% مضيفا أن عدد العاملين في الأنشطة ذات العلاقة بالقطاع السياحي في قطاع غزة يبلغ نحو 8,700 عامل.
وأوضح أن قطاع النقل والمواصلات تضرر أيضا، حيث توقف بنسبة 80% بسبب توقف الجامعات والمدارس ورياض الأطفال، بالإضافة إلى قلة حركة المواطنين داخل القطاع، وتضرر ما يزيد عن 3,000 عامل يعملون في هذا القطاع.
وأشار إلى أن 10 آلاف عامل في القطاعات الإنشائية والورقية والهندسية والمعدنية والخشبية والألمونيوم فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة. كما أوقفت شركات المقاولات أعمالها، باستثناء المشاريع الطارئة، مما أدى إلى تعطيل نحو 200 شركة مقاولات ونحو 10 آلاف عامل. وفي قطاع التعليم الخاص ورياض الأطفال تم إغلاق 700 روضة أطفال،و 53مدرسة خاصة،و365مركزا تعليميا خاصا، مما أدى إلى تضرر أكثر من 5,000 عامل في هذا القطاع.
ولفت الى أن القطاعات التجارية المختلفة شهدت تراجعا ملحوظا، حيث انخفضت قدرتها الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 60 إلى 70%، بسبب انعدام القدرة الشرائية، وتوجه المواطنين إلى القطاعات الأكثر احتياجا، التي تمثلت في المواد الغذائية، ومواد التنظيف والوقاية، والمستلزمات الطبية.
وأشار الطبّاع إلى أن التوقف الاقتصادي أدى إلى تعطل ما يزيد عن 45 ألف عامل عن العمل، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي تكبدها أصحاب المنشآت الاقتصادية، وكذلك القطاع الزراعي.
وقال إنه استنادا الى البنك الدولي فإن الاقتصاد الفلسطيني، الذي شهد معدل نمو بنسبة 1% فقط عام 2019، سينكمش بنسبة 7.6% على الأقل خلال عام 2020، وسيتعزز الانكماش أكثر مما توقعه تقرير البنك الدولي نتيجة عودة أزمة المقاصة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أنه وفقا للمفهوم الوطني للفقر فقد بلغ معدل الفقر بين سكان قطاع غزة وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية 53%، ومعدل الفقر المدقع 33.8% وفق آخر إحصاءات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، علما أن خط الفقر للأسرة المرجعية بلغ 2470 شيكلاً، وخط الفقر المدقع بلغ1974شيكلاً، فيما توقع البنك الدولي أن ترتفع نسبة الأسر الفقيرة إلى 64% في قطاع غزة، وبلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر 68%، أي نحو1.3مليون نسمة، بينما يعتمد 80% من السكان على المساعدات الغذائية.
واعتبر أن التدخلات المحلية والدولية الهادفة لتخفيف وطأة الوضع المعيشي في قطاع غزة في ظل جائحة كورونا كانت محدودة للغاية ولا يوجد لها أي آثار تنموية، مضيفا أن من أبرز التدخلات المحلية على صندوق وقفة عز، الذي تم تأسيسه في الضفة الغربية بهدف تركيز الجهود الوطنية للمساهمة في مواجهة تداعيات أزمة كورونا في فلسطين، غياب قاعدة بيانات رسمية حول المتضررين، وتشكيل مجلس إدارته من 30 شخصية جلّها من الضفة الغربية.
وأوصى الطبّاع بضرورة استعادة الوحدة واللحمة الفلسطينية بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، والاستعانة بكل الخبرات والطاقات، وضرورة دعم المشاريع الريادية في قطاع تكنولوجيا المعلومات ودعم مشاريع العمل عن بعد والتعليم عن بعد.
من جانبه، قال الباحث سعيد أبو غزة في ورقته حول التداعيات السلبية للجائحة على الحماية الاجتماعية إن الجائحة زادت عدد الفقراء والمعوزين، بخاصة قطاع عمال المياومة والاقتصاديات الصغيرة والصغيرة جداً، نظرا لعدم وجود سياسات حماية لهم.
وأضاف أبو غزة أن منظومة الحماية الاجتماعية لا تغطي كل المناطق الفقيرة والمهمشة بمكوناتها كافة، فضلا عن قلة أو ضعف الخدمات الطبية من طواقم طبية ومعدات، وضعف الكادر المدرب للتعامل مع الأزمات والطوارئ، ومنظومة الأمن الغذائي، وهشاشة الاقتصاد المحلي، وعدم وجود سياسات فعالة تحمي العمال وتؤمن مستحقاتهم التعويضية، وكذلك عدم وجود دخل أساسي مضمون لائق لغير المشمولين في برنامج الحماية الخاص أمثال عمال المياومة وكبار السن في جميع القطاعات الاقتصادية.
كما تركت الجائحة آثارا سلبية، من بينها عدم القدرة على تغطية جميع الفقراء والمهمشين على الخدمات الاجتماعية في المجال الصحي والأمن الغذائي، وارتفاع معدلات العنف الأسري والتمييز الواضح بين الجنسيين، وعدم قدرة الفقراء والعمل على الوفاء بالالتزامات والديون، ما جعلهم عرضة للملاحقة القانونية.
وأوصى أبو غزة بضرورة إقرار قانون للضمان الاجتماعي، وتجنيب سياسات الحماية الاجتماعية التجاذبات السياسية، وتحسين المنظومة الصحية من ناحية الكوادر البشرية والتجهيزات الطبية، وخلق قاعدة بيانات موحدة لكل العاملين في قطاع الخدمات الاجتماعية، منعاً للازدواجية.
كما أوصى بتعزيز التنسيق والعمل التكاملي بين مقدمي الخدمات الاجتماعية لضمان الوصول لأكبر شريحة من المستهدفين لضمان حياة كريمة لهم، وبناء نظام حماية اجتماعية شامل متكامل قائم على الاستثمار في الفئة المستهدفة، ووضع سياسات تحمي عمال المياومة وتضمن حياة كريمة لهم في أوقات الأزمات من استغلال أرباب العمل.
وطالب أبو غزة بتطوير نظام برامجي لإدارة الأزمات وجهوزية التعامل مع الحالات الطارئة، مثل جائحة كورونا، ورسم خطط حماية اجتماعية وطنية طويلة الأمد ومستدامة، واستراتيجية، توضح أدوار مختلف الجهات الفاعلة والمعنية للاستجابة للطوارئ، فضلا عن وضع آليات استهداف الحماية الاجتماعية تحسن نطاق التغطية الشامل للمناطق والفئات المستهدفة بهدف تقليل الأخطاء، ودعم سياسات نظام الحماية الاجتماعية في القطاع الاقتصادي الخاص.
وكان مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا افتتح الورشة، التي حضرها عشرات المسؤولين والنشطاء في منظمات أهلية وصحافيين.
وقال الشوا إن منظمات المجتمع المدني، وما تزال، تمد يدها للشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص وغيرها لمواجهة الجائحة وغيرها من التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن الجائحة فاقمت معاناة الفئات المهمشة والفقيرة، بخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة والنساء والأطفال، وتعطلت القوى العاملة، فيما فقد الشباب عملهم، وتأثر تعليمهم بشكل سلبي.
وأوضح أنه لا توجد حتى الآن أي اجراءات أو تعليمات واضحة حول المسيرة التعليمية، على رغم أن المدارس من المتوقع أن تفتح أبوابها بعد أسابيع قليلة.
بدوره، قال مدير برامج مؤسسة "فريدريشإيبرت" الألمانية في قطاع غزة الدكتور أسامة عنتر أن الأوراق البحثية التسعة، ومن بينها الورقتان اللتان تمت مناقشتهما خلال الورشة، ملائمة جدا للعمل مع الشبكة خلال فترة الجائحة.
وأضاف عنتر أن الجائحة ضربت مختلف مناحي الحياة في فلسطين، وطالب بوجود قانون للضمان والحماية الاجتماعي، مشددا على أنه لو كان القانون مقرا أثناء فترة الجائحة لتوفرت حماية أفضل لمختلف الفئات، خصوصا الفئات الهشة والضعيفة والفقراء.