السبت: 28/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأصيل لمفهوم السُخرية والمُفارَقة في الآداب والفنون..

نشر بتاريخ: 16/07/2020 ( آخر تحديث: 16/07/2020 الساعة: 22:57 )
تأصيل لمفهوم السُخرية والمُفارَقة في الآداب والفنون..

د. المتوكل طه

الحياة هي المفارقة الأولى والأخيرة، وفي قلب المفارقة تشعّ السخرية بمرارة وفكاهة وجنون. أي أن السخرية هي روح المفارقة وشرايينها ونسغها.

والمقصود بالسخرية هنا ما يدعو للتعجب أو الذهول أو المفارقة أو الضحك أو المفاجأة أو الاستخفاف أو التعرية والتشهير.. ولعل هذا ما يجيب - بشكل أولي- عن سؤال: لماذا المفارقة؟. ولعل هذا ما دفع "اناتول فرانس" ليقول ان "عالماً بلا مفارقة يشبه غابة بلا طيور"(1) أي أن المفارقة جزء طبيعي في الحياة ، ومكوّن أساس من مكوناتها الطبيعية.

أما متى وجدت المفارقة، فباعتقادي أنها وجدت مع الإنسان حيث "حصلت الاستجابة إليها قبل ان يطلق عليها اسم، وقبل أن يوجد لها مفهوم، وأما الكلمة فقد كانت موجودة قبل ان تُطبّق على المفهوم" (2) أي كانت المفارقة في اللحظة التي وقع فيها أول امر غير محتمل الحدوث أو بشكل أدق، غير مألوف. بمعنى ان المفارقة وجدت في الوقت الذي أشار فيه الإنسان إلى الفرق بين ما يُنتظر حدوثه، وبين ما يحدث فعلاً، ثم بدأ الإنسان يتنبّه إلى أنه كلما ازداد الفرق كبرت المفارقة (3) أما ميادين المفارقة فهي ساحات الحياة البشرية، وفي كل نأمة أو حركة أو كلمة تحمل روح المفارقة، وبالذات فإن (المجالات المهمة التي سرعان ما تثير المفارقة هي.. المجالات التي يودع فيها أكبر رصيد عاطفي: الدين، والحبّ، والأخلاق، والسياسة، والتاريخ، وسبب ذلك بالطبع أن هذه المجالات تتميز بانطوائها على عناصر متناقضة: الإيمان والحقيقة، الجسد والروح، العاطفة والعقل، الذات والآخر، ما يجب وما هو واقع، النظرية والتطبيق، الحرية والحاجة) (4).

ما هي المفارقة:

لأن كل ما لا تاريخ له يمكن تعريفه – كما يقول نيتشه – فإن المفارقة التي لم يعرف لها تعريف أو تاريخ نظري، يمكن وضع غير تعريف لها. وبالفعل تراكمت المفاهيم التي حاولت أن تفسّر المفارقة وأن تحددها بتعريف شامل، الأمر الذي جعل مفهوم المفارقة "غامضاً، غير مستقر، ومتعدد الأشكال". فكلمة "مفارقة" لا تعني اليوم ما كانت تعنيه في عصور سابقة، ولا تعني في قطر بعينه كل ما يمكن ان تعنيه في قطر آخر، ولا في الشارع ما يمكن أن تعنيه في المكتب ولا عند باحث ما يمكن ان تعنيه عند باحث آخر" (5).. وهذا متوقع وطبيعي، لأن لكل عصر أو قطر أو مجموعة خصوصية تختلف بالضرورة عن غيرها، وهذه الخصوصية تشمل كل المعطيات والبناءات، وتجادلها حول ما تفرزه داخل ذلك العصر أو القطر أو المجموعة أو حتى الافراد، لما بينهم من فوارق وتباين في المشارب والمواقع والتوجهات، وعليه فإن التعريف القديم للمفارقة – قول شيء والايحاء بقول نقيضه – قد تجاوزته مفاهيم اخرى، فالمفارقة قول شيء بطريقة تستثير لا تفسيراً واحداً بل سلسلة لا تنتهي من التفسيرات المغيّرة" (6) والمفارقة، كذلك أصبحت تعني "صيغة بلاغية: الذم بما يشبه المدح، أو المدح بما يشبه الذم". (7)

وللمفارقة أشكال عدة (البلاغية، والاستخفاف بالذات، وهزء المفارقة، والمفارقة بالتشابه، والمفارقة غير اللفظية، والمفارقة الدرامية، وغرارة المفارقة، والمفارقة غير الواعية، ومفارقة تنمّ عن نفسها، ومفارقة الأحداث، والمفارقة الكونية، ومفارقة التنافر، والمفارقة المزدوجة، ومفارقة مسرحية، والمفارقة الرومانسية) (8).

ولكن علينا ان ندرك ان تعدد أشكال المفارقة، ورحابة معانيها يجب أن يغرينا في أن نسحب – بشكل آلي – مفهوم المفارقة على كل ما يشبه المفارقة أو يلامسها، كما أن "ليست كل طريقة في قول شيء لتعني غيره تعدّ مثالاً على المفارقة".. وبعبارة أخرى، فإن العلاقة بين المظهر والحقيقة ليست علاقة تشابه أو لاتشابه أو تعادل، بل إنها، كما يقول "شفالييه"تضاد (أو تعارض أو تناقض أو تباين أو تنافر أو عدم اتساق)" (9). ذلك لأن الميزة الأساس في المفارقة هي تباين بين الحقيقة والمظهر (10)، ولأن "المفارقة ليست مسألة رؤية معنى "حقيقي" تحت آخر "زائف"، بل مسألة رؤية صورة مزدوجة.. على صفحة واحدة" (11)، لإظهار شدة التضاد وابراز عمق الاختلاف بين الصورتين، حيث الضدّ يظهر (حسنة) الضدّ.

أما وظيفة "المفارقة" فهي " وظيفة إصلاحية في الاساس، فهي تشبه أداة التوازن التي تبقى الحياة متوازنة بخط مستقيم" (12)، حيث أن المفارقة تقوم بإعادة التوازن للكاتب/ الشاعر من خلال تنفيسه أو تفريغ ما بجعبته .. مثلما تعيد للمجتمع من خلال التعبئة العامة التي تقوم بها (مادة) الكاتب/ الشاعر، بوساطة ما تحدثه من التنوير والتثوير، بأساليب التحقير أو الكشف أو الموازنة.. ما يؤدي إلى الفعل والتحرك.. والتغيير.

غير أن للمفارقة والسخرية وظائف هامشية أخرى تحدثها، منها الضحك وخصوصاً إذا كانت سخرية أو مفارقة هادفة، لكنه ضحك آني يترك مرارة أو أثراً في النفس، ليتراكم بمساعدة الواقع الخارجي الموضوعي.. فيحدث التغيير.

و"فرويد" الذي يرى " أن المفارقة (الهادفة) تكون شديدة القرب من النكتة.. وتقع بين الأصناف الدنيا من الكوميديا.. فهي تحدث لذة كوميدية لدى السامع.. وهي في ذلك تشبه النكات التي (تطلق اللذة بالتخلص من المكبوتات)" (13)، لم يركز على الجانب (التعبوي) الذي تقوم به المفارقة الهادفة، وركز على الجانب (التنفيسي). وهذا يقودنا إلى نظريتي المحاكاة (أرسطو) والتغريب (برتولد بريخت)، إذ تهدف الأولى لمصالحة الفرد مع مجتمعه، فيما تهدف الأخرى لتعبئته بهدف تغيير الواقع (14).

المفارقة والسخرية:

لعل السخرية والمفارقة من جنس واحد، لأن روحاً واحدة هي التي تمدهما بالحياة، غير أن السخرية تعتمد على التضخيم والمفاجأة، وعلى الكلمة والحركة أكثر من غيرهما، لكن كليهما يصدر عن موقف نفسي واحد، حيث أن السخرية ترتكز على المفارقة، أو أن المفارقة هي أحد أشكال السخرية، مثلما ان المفارقة تتخذ شكلاً أو اسلوباً لها، بمعنى، من الصعب أن نفصل ذرات السخرية عن ذرات المفارقة لأنهما من طينة واحدة. ولعل التعريف الذي سأسوقه هنا، للمفارقة، يصلح تماماً ليعرّف السخرية.

مما لا شكّ فيه أن هناك بعض حقب تاريخية تولد لغة المفارقة، فهذه اللغة وليدة موقف نفسي وعقلي وثقافي معين. وتعرف المفارقة بأنها استراتيجية قول نقدي ساخر، وهي في الواقع تعبير عن موقف عدواني، ولكنه تعبير غير مباشر يقوم على التورية. والمفارقة هي طريقة لخداع الرقابة (15).

وأعتقد ان السخرية هي "أدب" العامة والخاصة. أما المفارقة فهي "أدب" الخاصة أكثر منهما للعامة من الناس، وهذا ما يفسر طغيان وانتشار السخرية، في حين ان المفارقة لا تشيع شيوع السخرية والنكتة والفكاهة، هذا بالرغم من ان المفارقة "تستخدم على السطح قول النظام السائد نفسه، بيد أنها تحمل في طياتها قولاً مغايراً له. وتستخدم المفارقة في نهاية المطاف عندما تفشل كل وسائل الإقناع، ويخفق النقد الموضوعي فعندئذ تظل المفارقة هي الطريق الوحيد المفتوح أمام الاختيار. والمفارقة لعبة عقلية من أرقى أنواع النشاط العقلي واكثرها تعقيداً "(16).

إلا أن السخرية، كأداة مقاومة شعبية ثقافية ضد القمع والاضطهاد والقهر الاجتماعي والسياسي تصبح – كفن شعبي – أكثر إضاءة في وجدان الجماهير، وأكثر تفجّراً لمعاناتها وشقائها وأحلامها المقتولة، وهي بذلك "تواجه الاحتلال اليومي بتفاصيله الدقيقة ويستخدم هذا الفن في التوعية الاجتماعية والسياسية، ضمن قاعدة شعبية – فلكلورية مشهورة: إذا كبرت مصيبتك اضحك عليها.. وهو ضحك مسؤول، إذا جاز التعبير، "فيه من البكاء المرّ ما فيه، محبوساً إلى حين "(17).

السخرية والفكاهة:

تتقاطع السخرية والفكاهة في إثارة الضحك. لكن (ضحك) السخرية خشن ومرّ ولاذع ومتشفٍ، في حين ان (ضحك) الفكاهة صافٍ ناعم متعالٍ، لأن السخرية فنٌ يختلف عن الفكاهة اختلافاً جوهرياً، فالسخرية تهدف إلى المواجهة والتعبئة والتغيير، في حين "تترفع" الفكاهة لتبقى عمق الموقف الرسمي "الارستقراطي" (18) فالنكتة بالنسبة للحاكم أو لرأس أي بنية اجتماعية ثرية أو متسلّطة، لا تعدو كونها وسيلة ترفيه وترويح عن النفس الغاصبة المستبدة، عدا عن أن الطبقات (العليا المُرفّهة) جعلت من الطبقات (الدنيا الفقيرة) مادة نكاتهم ولهوهم.. بل تعدوا ذلك بأن سمعنا عن عدد من الامراء والحكام الذين استعانوا (ببهلوان) في قصورهم بهدف اللهو والهزل والمجون والتسرية عن نفوسهم، حتى أن النكات الجنسية، التي يبدو الأغنياء والحكام بعيدين عنها ويمجّونها، نجدها أكثر ما نجدها، لديهم، بل إنهم غارقون إلى حدّ الانفلات في استغلال النساء جسدياً. ولهذا قام الفقراء والمسحوقون بالردّ على فكاهة القصور بسخرية الجوع والقهر والاضطهاد والانتقام "، وقاومت الطبقات المسحوقة ضحك حكامها بوسائلها المحدودة والمحاصرة بظروف القهر والعبودية، فانفجر ضحك "شعبي" مغاير تماماً لضحك "الملوك".

إن ضحك "الضحية" بذلك، يختلف جذرياً عن ضحك "الجلاد". فالضحية تقاوم وتعبئ ضحكتها بمضامين التمرد والتململ والثورة، بينما يكرس الجلاد حالة اللهو فحسب "(19)، ومن هنا ولدت النكتة السياسية ضد الحكام والسلاطين ورموز القهر والتجويع، وامتدت النكتة لتتناول كل مصادر الاضطهاد والخلل والقمع والإذلال، ولهذا اندفعت النكتة الشعبية من الحرمان والقهر والجرح "لا لترش عليه السكّر كما يفعل الإقطاعيون والبرجوازيون، أو لتزيد من اتساعه كما يفعل الإمبرياليون، بل تعمل على كشفه وتعريته – حتى لا يلتئم على غش – وتحرّض بالمقابل، على جذرية علاجه. فهي لا (تلعب بدمها) ولا (تضحك على نفسه) وإنما تفجر في الضحك طاقات التناقض للثورة "(20).

ظلّ ان أشير إلى ان ثمة فكاهة (طاهرة، حسنة النيّة)، وهي تلك التي تكون بين الأهل والاصدقاء، بهدف الضحك والمزاح والدعابة والظرافة وتحبيب الذات وتقريبها من الآخرين.

صاحب المفارقة/ الساخر:

قد نتفق على أنه ليس بوسع كل إنسان أن يصبح ساخراً أو صاحب مفارقة، لما يحتاجه ذلك من حساسية وإدراك ودقة ملاحظة وذكاء وقدرة على البداهة وامتلاك الموهبة، عدا عمّا يكتسبه في حياته من معلومات ودربة وخبرة تصقل كل ذلك وتؤصله. و"أن (من يمتلك مفارقة جوهرية، يمتلكها طوال النهار)، فهو لا يتصف بالمفارقة بين وقت وآخر أو في هذا الاتجاه أو ذاك، بل يحسب الوجود بمجمله (يقع في باب المفارقة) وهو لا يتخذ المفارقة أبداً لكي ينال الإعجاب باعتباره من أصحابها" (21)، تماماً كالساخر الذي يمتلك السخرية طوال النهار، فممثلي الكوميديا، والعديد من الذين نعرفهم يتفردون بهذه القدرة على السخرية والإضحاك طوال الوقت.

المفارقة، السخرية، والفكاهة في الأدب:

لم ينتبه الدارسون – على ما أعلم – إلى أهمية المفارقة والسخرية في الآداب إلاّ حديثاً. ففي أوروبا – التي سبقتنا في النهضة وتأصيل النظريات الأدبية خلال العقدين الماضيين – لم تظهر كلمة "المفارقة" في اللغة الإنكليزية حتى العام 1502، رغم ان الإنكليزية كانت غنية بعبارات مألوفة مثل: يسخر، يهزأ، يغمز، يتهكم، يحتقر … الخ، وظلّت هذه الكلمات حاضرة في الاستعمال اليومي حتى القرن السابع عشر ما ساعد في الإبقاء على "المفارقة" كلمة أدبية، ولم يتطور مفهوم المفارقة في أوروبا إلاّ في القرن الثامن عشر، حيث" كانت المفارقة طريقة في معاملة خصم في جدال، أو خدعة لفظية في جدل بأكمله، ثم صار ينظر إليها صيغة "بلاغية" بالدرجة الأولى، خلال ما يزيد على مئتي سنة. لقد صار تعريف الكلمة: (قول المرء نقيض ما يعنيه) أو (أن تقول شيئا وتقصد غيره) أو (أن تمدح لكي تذمّ وتذم لكي تمدح) أو (سخرية وهزء). ثم صارت تستخدم لتفيد التظاهر، حتى ما لا ينطوي منه على مفارقة، أو تخفيف القول، أو المحاكاة الساخرة "(22).

أما أدبنا العربي فمليء بالمفارقة والفكاهة وشيء من السخرية، بدءاً من المفارقة الدرامية في قصة "الجرو" ابن كليب الذي واجه عمّه – وهو لا يدري انه عمه – الزير سالم في المعركة، ومروراً بفكاهات العرب التي تعبئ أمهات كتبنا التراثية الموسوعية (23)، وبمفارقات المتنبي وسخريته من كافور (24)، والمقامات وما مّيزها من فكاهة ومفارقات وسخرية (25)، والفن الشعبي "الكراكوز"، وخيال الظلّ ومسرح العرائس الذي كان سائداً في البلدان العربية قبل ظهور السينما والتلفاز والإذاعة، والتي عملت على تعميم الهزل والفكاهة والقصص الساخرة ودفعتها إلى كل بيت (26). وانتهاء بفن الكاريكاتير المعاصر الذي غطّى صفحات الصحف والمجلات بما يحتقن به من سخرية ومقاومة، ولعل الفنان المرحوم ناجي العلي كان من أبرز مبدعي هذا الفن الساخر المعتمد على الكلمة والصورة المشوهة والمميزات الخاصة للأشخاص، وكذلك بما احتوته أعمال الأدباء والشعراء العرب والفلسطينيين منهم خاصة، من مفارقة أو سخرية مرّة لاذعة (27)، وكذلك بما احتواه الشعر العامّي (الشعبي) العربي من دفقات ساخرة، ذلك لأن اللغة المحكية تحتوي على الكثير من المصطلحات والتراكيب اللغوية الساخرة السائدة، والتي تكثّف السخرية والفكاهة بلغة أقرب ما تكون من نفسية عامة الناس وأدبياتهم الشائعة.

وقد يكون الشاعر المصري احمد فؤاد نجم من الشعراء الشعبيين القلائل، الذين اعتمدوا السخرية والنكتة والمفارقة في قصائده التي شاعت مغنّاةً بصوت الشيخ إمام (28)، وأشاعت روحَ التحريض، والهزء من الحاكم ومؤسساته، معتمداً على المثل الشعبي والقول السائد والنكتة الشائعة الجارحة. أثبتت قصائد نجم أنها الأقدر على التأثير والفاعلية والحضور، مثلما عملت على إثارة الضحك المسؤول المجابه المضاد.

********************

الهوامش

د. سي. ميويك، المفارقة وصفاتها، ترجمة عبد الواحد لؤلؤة (موسوعة المصطلح النقدي) ط 2 1987 جامعة اليرموك/ الأردن ص 18.

المصدر السابق ص 27.

المصدر السابق ص 64.

المصدر السابق ص 66 وما بعدها.

المصدر السابق ص 19.

المصدر السابق ص 43.

المصدر السابق ص 28.

المصدر السابق ص 20 – ص25.

المصدر السابق ص 45 وما بعدها.

المصدر السابق ص 44.

المصدر السابق ص 56.

المصدر السابق ص 16.

المصدر السابق ص 57 وما بعدها.

انظر كتابي، دراسات في الأدب واللغة، منشورات مع الناس، ط1 القدس 1991، ص 123 وما بعدها.

سيزا قاسم، المفارقة في القص العربي المعاصر، مجلة فصول، المجلد الثاني، العدد الثاني (يناير، فبراير، مارس) 1982، القاهرة ص 143.

المصدر السابق ص 143 وما بعدها.

علي الخليلي، نافذة، مجلة الفجر الأدبي – القدس، العدد 44 أيار 1984 ص 7.

عليل الخليلي، النكتة العربية (انفجارات في الأرض اليابسة) منشورات دار الأسوار – عكا – تشرين الأول 1979 – الطبعة الأولى ص 50.

المصدر السابق ص 49، وللتوسع انظر ص 19، ص 48، ص 49، ص 109.

المصدر السابق ص 90 وما بعدها، للتوسع انظر ص 95.

د. سي. ميويك، المفارقة وصفاتها ص 41.

د.سي. ميويك، المفارقة وصفاتها ص 29، للتوسع انظر ص 28.

انظر احمد بن محمد عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، تحقيق دكتور عبد المجيد الترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان ط3 1987، تلمس بوضوح المساحة الكبيرة التي احتلتها الفكاهة والسخرية والمفارقة في حياة العرب، ففي الجزء الثاني ص 299 – ص302 وفي باب الكناية والتعريض في طريق الدعابة، نجد أن هذا الباب يحتوي على العديد من المفارقات المضحكة. أما باب النوادر والملح في الجزء الرابع فنلتقي ألطف الملَح والنوادر وادعاها للضحك ص 67 – ص 73، ونجد الجزء السادس يعجّ، تحت باب نوادر من الشعر، بالسخرية الفاضحة الَفكِهة، وبالتحديد قصة الاخطل والأعور بن بنان ص 232، ويكاد يكون الجزء الثامن اكثر إحاطة من غيره بقصص السخرية والفكاهة والمفارقة وبالذات، حديث المجّرد ص 98 – ص 101 وهو حديث كله مفارقة ساخرة جداً، ونوادر أشعب ص 134 – ص 136، ونوادر أبي محمد الأعمش ونوادر محمد بن مطروح الأعرج وأبي يعقوب الخريمي والأصمعي وأبي زيد وعامر الشعبي ونوادر أبي دلامة ص 136 – ص142، وكذلك باب المضحكات (ص 142 – ص 146)، وفتاوى أبي ضمضم ص 147 وما بعدها.

هذا عدا عما احتوته دواوين العرب من فكاهة ومفارقات وسخرية، كديوان أبي نواس الذي قال:

"قل لمن يبكي على رسم درس واقفاً ما ضرو لو كان جلس"

وغيره من الشعراء

انظر: الشيخ ناصيف اليازجي، العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب، دار القلم، بيروت/ لبنان، دون تاريخ، تلاحظ، أول ما تلاحظ، أن المتنبي كان (يمتلك المفارقة طوال النهار) فلا تكاد قصيدة من قصائده تخلو من مفارقة أو سخرية وهذه أمثلة من ديوانه:

.. يا أيّها اللّقبُ المُلقى على اللّقب ص 9.

مَنْ ضاق الفضاءُ بجيشه حتى ثوى فحواه لحدٌ ضيّق ص 23

ولقد بكيتُ على الباب ولمّتي مُسوّدةٌ ولماءِ وجهي رونق ص 23.

قبولُك منَّه منٌّ عليه ص 85

فُقْرُ الجهولِ بلا قلبٍ إلى أدبٍ فقر الحمار بلا رأس إلى رسن 171

يُدَفّنُ بعضُنا بعضاً وتمشي أواخرنا على هام الاوالي ص 274.

.. فرُبّما صَحّت الاجسامُ بالعِللِ ص 353

.. فُمنْ فرّ حرباً عارَضَتْهُ الغوائلُ ص 394

فجاءت بنا إنسانَ عينِ زمانِه و خلّتْ بياضاً خلفها ومآقيا ص 474

تَفضحُ الشمسَ كلما ذُرّتِ الشمسُ بشمس مُنيرةٍ سوداءِ

ان في ثوابِكَ الذي المجدُ فيه لضياء يُزْري بكلّ ضياءِ ض 479

وتُعجبني رجلاكَ في النعلِ إنّني رأيتُكَ ذا نعلٍ إذا كُنتَ حافيا

وانك لا تدري ألونك أسود من الجهل أم قد صار أبيض صافياً 543

انظر كتابي، دراسات في الأدب واللغة ، منشورات مع الناس ط 1 القدس 1991 ص 64 – ص 71.

انظر: علي الخليلي، النكتة العربية ص 132 وما بعدها.

ومن هذه الأعمال بعض أشعار مظفر النواب وخاصة "وتريات ليلية" ونجيب سرور، ونازك الملائكة التي قالت في قصيدة "يحكى ان حفارين": (طالما شوهدا يحفران / يحفران، يظلان في لهفة يحفران / وهما الآن فوق الثرى ميتان). ورواية اميل حبيبي "المتشائل" ومسرحيته "لكع بن لكع" (انظر كتابي، دراسات في الأدب واللغة ص 129 – ص 140) وكذلك مجموعة توفيق زياد القصصية "حال الدنيا" والتي كرّسها للنقد السياسي والاجتماعي معبأة بالسخرية والشفافية (راجع علي الخليلي، النكتة العربية ص 145)، وكذلك ما جاء في ديوان "الحماسة" الجزء الثاني، لسميح القاسم (منشورات دار الأسوار – عكا، شباط 1979)

كيف الحال؟

كيف القلب

بومب!

عال العال!

يا ابن العم

يا قفة هم

إن تسأل عن صحتنا فالصحة زفت

كل الأشياء هنا أكثر من زفت

إلا الشارع

فكثير من حفر وقليل من زفت

العيشة زفت في زفت

لكني لا أتمنى الموت

التابوت العادي

أغلى من كل الدخل الشهري ص 47 و ص 48.

ولعل دواوين محمود درويش لا تخلو من بعض مفارقة أو سخرية، فهو الذي يقول "أنا أعلى من الشعراء شنقاً" ص 70 أو "وحثّ السير إلى بلد فقدناه بحادث سير" ص 72 (محمود درويش، حصار لمدائح البحر، منشورات الأسوار – عكا وعربسك، الطبعة المحلية الأولى 1984).

ويبدو أن الشاعر عبد اللطيف عقل، في ديوانه (قلب للبحر الميت الصادر عن مؤسسة بيسان للصحافة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى تشرين الثاني 1990 نيقوسيا) يصرّ على المقابلة – وهي كل من أشكال المفارقة، وهي توازي تراكيب والفاظ متعاكسة في المعنى – وذلك في قوله:

… ونافذتان

مشرعتان كالذكرى أو النسيان ص 22.

أو في قوله:

وفي شفتيه ابريقان من خلّ ومن عسل ص 54.

وفي قوله

بكل ذكاء وكل غباء

أقول لكم ص 29

وفي قوله

آخ يا ترياق أيامي ويا سُمّي ص 30.

انظر: أحمد فؤاد نجم – بيان هام، غناء الشيخ إمام، منشورات دار الفكر الجديد، القدس العربية المحتلة آذار 1978، نقلاً عن ديوان "عيون الكلام" لاحمد فؤاد نجم، القاهرة 1976، فهذا الديوان الشعبي الذي يفجر الضحك المُرّ والغضب في النفس، يبعث السخرية والألم ويبرز مفارقات الواقع (المقلوب) في عصر الانفتاح، وبالذات قصيدة ( البِتاع ) و(اللّي حاصل في الحواصل) ص 98 – ص 103 وقصيدة (بيان هام، هنا شقلبان محطة اذاعة حلاوة زمان) ص 50 – ص 57، وقصيدة (ضليلة فوق راس الشهيد) ص 79 وما بعدها، وقصيدة (جيسكان ديستان) ص 107 وما بعدها. وقصيدة (يا خواجة يا ويكا) ص 93 وما بعدها.