غزة- معا- شددت فصائل فلسطينية على خطورة التطبيع مع الاحتلال على القضية الفلسطينية، داعية لوضع استراتيجية وطنية تجمع الكل الفلسطيني والعربي من أجل مواجهته، وعزل المتورطين في جريمة التطبيع مع الاحتلال.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، بعنوان: "التطبيع وأثره على القضية الفلسطينية في ظل صفقة القرن ومخطط الضم"، في مقره وسط مدينة غزة، وذلك بحضور نخبة من الصحفيين ووسائل الإعلام.
من جانبه، دعا القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هاني الثوابتة، لإتباع استراتيجية الصمود والتحدي في مواجهة التطبيع العربي مع الاحتلال، موضحاً أن هذه الاستراتيجية تقوم على دعم صمود الفلسطينيين وتصديهم لكل المحاولات الرامية لتمرير التطبيع وجعل الكيان الصهيوني أمراً طبيعياً في المنطقة.
وتابع أن التطبيع ارتبط مع بيئة التسوية السياسية مع الاحتلال، أي مع اتفاقيات أوسلو، حيث بدأ تسجيل اختراق الشعوب العربية عبر الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن حركات التحرر الفلسطينية تواجه التطبيع بشكل ارتجالي دون الاستناد إلى استراتيجيات منظمة، وقال: "هناك حركات مقاطعة عالمية، لكن دون وجود استراتيجية حقيقية بمشاركة كل مكونات الشعب الفلسطيني"، وفق قوله.
وأكد الثوابتة على ضرورة "وجود استراتيجية تقوم على حشد كل طاقات الأمة والشعب الفلسطيني في مواجهة التطبيع"، داعياً لتجريم التطبيع ووصف كل من يطبع مع الاحتلال سواء نظام أو أشخاص أو مؤسسات أو أفراد. وطالب بضرورة اتخاذ خطوات فلسطينية عملية، أبرزها حل ما تُسمى بلجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، وتجريم وملاحقة المطبعين ووضعهم في قائمة سوداء على قاعدة ردعهم.
بدوره، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب: "إن التطبيع هو سلوك خارج عن إجماع الأمة ويشكّل انحرافاً عن ثوابت الأمة والعربي والمسلمين فيما يتعلق بمكانة فلسطين وموقعها".
واعتبر أن التطبيع الحاصل في الوقت الراهن "خروج عن إجماع الأمة في النظر للاحتلال فيما يتعلق باللاءات العربية الثلاثة وهي لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات"، مضيفاً "نحن اليوم تجاوزنا التطبيع، سيّما أنه كان قديماً من يُمارسه فهو عميل أو خائن"، داعياً لضرورة النظر لمن يمارسون التطبيع في الوقت الحالي لنفس النظرة.
ودعا لتشكيل ائتلاف قومي وطني يجمع الكل في العالمين العربي والإسلامي، لمواجهة التطبيع وتجريم المُطبعين، منبهاً إلى أن التطبيع تطوّر الآن ليتخذ أبعاداً سياسية أخرى ضمن محاولات تغيير النظرة لـ (إسرائيل) على أنها شريك وليس عدو يجب مواجهته ومجابهته، مشيراً إلى وجود لإعادة تعريف العدو من عدو لحليف، وأن تكون (اسرائيل) عضواً بجامعة الدول العربية.
وتابع شهاب "ما كان بإمكان العدو التغول في الاستيطان والتهويد ومخططاته لولا أن هناك قبولاً من بعض الأطراف العربية لهذه المشاريع".
وأشار إلى أن صعود اليمين المتطرف كان بفعل الحديث المستمر عن انجازات حزب الليكود المتعلقة بالتطبيع مع الكثير من الدول العربية في ظل العمل على المستوى الدولي لمحاصرة (اسرائيل) وعزلها ومقاطعتها والتحركات المستمرة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة.
وختم حديثه "نحن نعول كثيراً على موقف الشعوب العربية ولجان مواجهة التطبيع في كثير من دول العالمين العربي والإسلامي".
وفي السياق، اعتبر طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن المرحلة الراهنة من أخطر مراحل التطبيع، مضيفاً أنه لم يعد "مطلباً صهيونياً فقط، بل أن بعض الأطراف العربية باتت تجذب عملية التطبيع نحوها".
وبين أن التطبيع أصبح "جزءاً من حراك وعمل سياسي لإقامة علاقة مع المشروع الصهيوني في المنطقة"، وتابع "لذلك فهو نقيض أي مشروع تحرر عربي"، موضحاً أن المرحلة الحالية أصبحت تنتقل من إقامة علاقات سياسية مع العدو إلى محاولة لإعطاء المشروعية السياسية للاحتلال عبر تطبيع الذهن العربي.
وأشار إلى الأعمال الدرامية التي تحاول أن تثبت المشروع الصهيوني باعتباره كيان طبيعي في المنطقة، في مقابل تشويه المقاومة الفلسطينية وضرب الثوابت الوطنية، ومضى يقول: "باتت اليوم هناك محاولات الكذب على شعبنا والمقاومة واختلاق وقائع لا أصل لها لضرب مشروع المقاومة، والأخطر من ذلك التبرير للكيان والتساوق مع مواقفه السياسية".
وتابع النونو أن بعض الأنظمة العربية تريد أن تستجلب الاحتلال لجانبها نتيجة صراعات بينية بين دول المنطقة والاستقواء بالاحتلال على بعضها البعض، و"النتيجة هي تمرير المشروع الصهيوني في المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن "الأولوية في مواجهة التطبيع لنا كشعب فلسطيني، هي تصليب جبهة المقاومة وتعزيزها في داخل فلسطين وخارجها"، مؤكداً ضرورة توحيد الموقف الوطني الفلسطيني، لمواجهة المشاريع السياسية الراهنة وعلى رأسها صفقة القرن ومخططات الضم، مضيفاً "أي اختراق في الجدار الفلسطيني لإعطاء المشروعية للتطبيع يشكل خطورة".
ودعا النونو لضرورة تعزيز الموقف العربي رغم ضعفه في الوقت الراهن، باعتباره خطاً يجب الالتزام به، داعياً للتواصل مع الجمهور العربي بشكل مباشر والأحزاب والشخصيات والعمل على عزل كل الجهات المطبعة وتسميتها باسمها.
وأكد على أهمية تعزيز اعتبار القضية الفلسطينية بأنها المركزية للأمة، إضافة إلى عزل المُطبّعين في الأمة واعتبارهم شواذ على الموقفين العربي العام والقومي.