بيت لحم– معا- حذر عيسى قراقع، الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين والخبير في شؤون الحركة الوطنية الأسيرة، من مؤامرة تستهدف عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، الذي اختارته حركة "فتح" في مؤتمر السابع عضواً في لجنتها المركزية.
وقال قراقع: إن المؤامرة متشعبة وخطيرة، وتحمل أبعاداً كيدية، وتُوجت بإقدام إدارة سجن جلبوع الذي يقع في غور بيسان بنقل الأسير يونس وبشكل تعسفي ومفاجئ من مكان اعتقاله في قسم "4" إلى سجن مجدو، ولربما في زنزانة انفرادية، حيث انقطعت أخباره منذ تاريخ النقل الذي تم قبل ثلاثة أيام، مناشداً القوى والمؤسسات الحقوقية وقيادة السلطة واللجنة المركزية لحركة "فتح" الاصطفاف خلف يونس، والقيام بحملة جدية لإفشال هذه المؤامرة وإنقاذه، لأنها قد تستهدفه جسدياً وسياسياً إلى حدٍّ ما، والمؤامرة يجب أن لا تمر، ويجب أن يعرف مدبروها أن يونس ليس وحده، ولا يمكن الاستفراد به، ويجب العمل على إلغاء قرار نقله التعسفي وإعادته إلى غرفته في سجن جلبوع بشكلٍ سريع.
وكان أسرى معتقل "جلبوع" شرعوا منذ أربعة أيام بخطوات احتجاجية، رداً على نقل عميد الأسـرى من معتقل "جلبوع" إلى "مجدو".
وأوضحت هيئة الأسرى نقلاً عن ممثل الأسرى في قسم (4) في المعتقل وضاح البزرة أن الخطوات التصعيدية تمثلت بإغلاق قسم (4)، وهو القسم الذي كان يقبع فيه يونس، كما أرجع الأسرى وجبة طعام، وأغلقوا أمس الجمعة جميع أقسام السجن باستثناء قسم 3، لافتةً إلى أن ما قام به أسرى "جلبوع" من خطوات احتجاجية يأتي رفضاً للحركة الاستفزازية التي قامت بها إدارة السجن المتمثلة بنقل الأسير يونس بشكل مفاجئ ومن دون أي أسباب تستدعي لذلك.
وأضافت أنه من المتوقع أن تُعقد جلسة حوار تضم ممثلي الأسرى في "جلبوع"، للمطالبة بإعادة عميد الأسرى يونس إلى المعتقل، وفي حال فشلت جلسة الحوار فإن الأسرى سيستمرون بخطواتهم التصعيدية، والجلسة لم يحدَّد موعدها، ولكن ستُعقد في أقرب وقت بعد مرور عطلة السبت اليهودي، حيث تتجمد كل النشاطات لإدارة السجون.
وقال نادي الأسير في بيان له إن عملية النقل المفاجئة للأسير يونس ما هي إلا إجراء قمعي، واستهداف واضح له، معبراً عن خشيته من أن تكون عملية نقله لعزله انفرادياً، خاصة أن إدارة السجون ومنذ مطلع هذا العام استهدفت مجموعة من الكوادر التنظيمية لحركة "فتح"، عبر عمليات النقل المتكررة والعزل.
وأشار قراقع إلى أن الأسير كريم يونس أحد الأسرى المستهدفين من إدارة السجون الإسرائيلية، وسبق أن عزلته عديد المرات، وتضاعفت هذه الممارسات بحقه بعد اختياره عضواً للجنة المركزية لحركة "فتح" في مؤتمرها السابع الذي عُقد في مدينة رام الله بشهر تشرين الثاني من عام 2016، مؤكداً أن هذا الاستهداف لقادة وكوادر "فتح" الذين يرفضون رفضاً مطلقاً أي تعامل مع إدارة السجون من شأنه أن يؤدي إلى ذر الرماد في العيون.
يُشار إلى أن الأسير يونس من بلدة عارة في أراضي عام 1948 دخل عامه الـ(38) على التوالي في سجون الاحتلال مطلع هذا العام، وهو محكوم بالسّجن المؤبد، وجرى تحديده لاحقاً لمدة (40) عاماً.
ووفق تقرير أصدره نادي الأسير الفلسطيني، فإن كريم يونس اعتُقل في 1983، وحكم عليه بالسجن المؤبد الذي حدد فيما بعد بـ40 عاماً، وقد كان يفترض أن يتم الإفراج عنه خلال الدفعة الرابعة وفق التفاهمات التي أبرمها الرئيس محمود عباس مع الحكومة الإسرائيلية والتي تقضي بالإفراج عن كافة الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقيات أوسلو، ولكن حكومة الاحتلال تنصلت من الإفراج عن الدفعة الرابعة التي كانت تتضمن 30 أسيراً، منهم 14 أسيراً من الداخل الفلسطيني وهم الأقدم في السجون.
يعتبر كريم يونس رمزاً لنضال الحركة الأسيرة في السجون، ورفض أي ابتزاز أو مساومة أو أي عملية تمييز وفصل بين الأسرى من الداخل أو بقية الأسرى من الضفة والقدس وغزة، مؤكداً أنهم مناضلون فلسطينيون ناضلوا وضحوا من أجل فلسطين وحريتها. ومن أبرز مواقفه خلال محاولة إسرائيل فرض الضغوطات السياسية والابتزاز على القيادة الفلسطينية في فترة تعليق الإفراج عن الدفعة الرابعة ومطالبة إسرائيل من القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وبشرعية المستوطنات وغيرها من المواقف المرفوضة فلسطينياً، قال كريم يونس إنه مستعد لقضاء مائة عام أُخرى في السجون، ويرفض استخدامه كوسيلة ضغط سياسي على القيادة الفلسطينية على حساب الحقوق الأساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني".
ولد كريم في 24/ 12/ 1956 لأسرة فلسطينية تنتمي للوطن وتعشق الأرض والقضية، ودرس المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ثم انتقل للناصرة ليحقق النجاح في الثانوية العامة، وتمّ اعتقاله خلال دراسته الجامعية، وتنقّل بين السجون مكرساً شخصيته النضالية والوطنية، فرفض الخضوع لابتزاز ومساومات إدارة السجون والمخابرات لعزله عن الحركة الوطنية الأسيرة في السجون.
ويُعدّ كريم من أبرز قيادات الحركة الأسيرة ورموزها، وقد كان ممثل الأسرى في أكثر من معتقل، وعبّر عن انتمائه وحبه لقضيته في كل المواقف، وكان مناضلاً من الطراز الأول يرفض الاستكانة والاستسلام، بالرغم من أنه هادئ الطبع، وفي الصراع مع إدارة السجن يتفانى في النضال والجهد والعمل من أجل حقوق الأسرى، ويمتلك الكثير من الوعي والخبرة والثقافة التي كرسها في خدمة الحركة الأسيرة وتطوير أوضاعها وقدراتها الوطنية والنضالية والتنظيمية والاعتقالية.
وذكر نادي الأسير أن "الأسير كان في الموقع القيادي الأول في جميع المعارك التي سطرتها الحركة الأسيرة في كافة المراحل في صراعها المرير مع إدارة السجون، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن إلى آخر لم يكن يتأخر عن المشاركة في إدارة دفة الصراع دفاعاً عن الحركة الأسيرة ومكتسباتها".
وأضاف: "يُسجَّل لكريم أنه ناضل بقوة ضد محاولات إدارة السجون بث الفتنة والفرقة والتجزئة بين أبناء الحركة الأسيرة وفصل العلاقة بين أسرى الداخل عن باقي الحركة الأسيرة.
وفي محطات العطاء والصمود "لم يستسلم كريم للأمر الواقع، وتحدى ظروف الاعتقال، وحافظ على صحته حتى لا تؤثر أوضاع السجون على صحته، إضافة إلى أنه تحدى الحكم الجائر وسنوات الاعتقال المريرة من خلال إصراره على مواصلة دراسته الجامعية، فهو يدرس علوم سياسية وصحافة، ويدرس ويشجع الأسرى على كسر أحد أهداف الاعتقال، لأن الاحتلال يريد طمس روح الوعي والثقافة لدى الأسير، ويتمنى أن يتخرج من الجامعة وهو أكبر انتصار على السجن والسجان. يعيش كريم عالم القمع في السجون، فقد مر عنه آلاف الأسرى ومن كل الفئات، وعايش كل حالات القمع والممارسات التعسفية بحقهم، وسقط الشهداء والجرحى، وأُبعد أسرى، وأُصيب آخرون بأمراض كثيرة، وهو الشاهد على سياسة التطرف الإسرائيلي وتصاعد الفاشية والعنصرية ضد الأسرى، حيث تزداد ظروفهم قسوة ومعاناة، وتزداد إجراءات التشديد والانقضاض على حقوقهم.
ولا يزال كريم يتطلع إلى السماء وإلى فجر الحرية مشحوناً بالأمل والإرادة التي لم تكسرها السنوات القاسيات ولا ممارسات القمع الوحشية."القدس" دوت كوم