الكاتب: المتوكل طه
***
وأعطتهم الاتفاقياتُ القبّةَ الذهبية وأعطتنا الحسرة.
إنه الدواء الفاسد الذي خلّصه من الموت، لكنهم أعادوا حقْنه بذات الدواء الذي خلّصه من الحياة!
وما زالت الخراتيت تتصارع على مزبلة الخنزير.
وتبقى الكلمة الوحيدة المُناسبة : الخيبة.
هذا ما تستحقونه ؛ الوَهْم الكاذب.
لكنّي سأظلّ مع القلائل الذين يحفظون الأغنية ويُعلّقون الخنجر الأرضي في رقابهم.
***
لقد رأيته، لقد رأيته، لقد ألقى فَرْش العجين إلى بيت النار، وظلّ الناس يتضورون قهراً، فجفّ الحبَق!
وكانوا أسراباً تملأ الأفق، من المذبحة إلى الخيمة.
ضعفاء، مساكين، لا حول لهم ولا قوة، عاجزون، مقيّدون.
لا.. لا! لقد وضعوا أنفسهم على هذه المنصّة، فليهبطوا إلى السماء.
وهتفوا: عاش الوميض الذي سيسحبنا إلى الهاوية.
***
لا سلام عليكم.
مباشرةً سأدخل إلى الموضوع..
ما هي الفكرة؟
لم يبقَ من الخنجر الأرضي سوى المجاز..
ولقد رأيت الفرس، والحصان الغريب يفرد جناحيه فوقها.. لقد انتحبت حتى فاض العشب العسلي، لكنها أَخْفَت النشوة.
خذوا الطحين والملابس البالية.. واتركوا لنا بلادكم!
***
الغول الكامن وراء الجبل يخشى النار ويهرب منها.. تلك التي تحرس حظائرنا وتنير بيوتنا! ومع هذا أطفأنا جذوتها.. ورحنا نبكي على رمادها!
***
عضو الجسد السادر في الميوعة أو الجعجعة أو الهدوء المشبوه.. واحد!
يتعدّد بالمركبات والحسابات والقصور، ويحرص على وجبات الشيطان، ويدعو شعبه إلى الصيام.
هو شبه رقم، طاش من بين الصفوف، ولم يحمل معه سوى رغبات أولاده الساذجين السعداء! ويجهش، حين يهرف بالشكوى، ليؤكد من حيث لا يَعي، أنه ذيلٌ أو مسخ! ويؤمر المرآةَ أن تعترف بأناقته.. لكنها دائمة الغبش، بسبب رذاذ كلماته الكريهة، وفزع الزئبق من هول ما يكذب.
***
أحاول أن أكون لطيفاً، مثل الناس في زمن "السلام"، على رغم اعتقادهم أن الرصاص هو الذي يفوز في الحرب.
ينبغي أن أسرق اللحم من عرين الأسد..
ومع كل هذا الكلام المعدنيّ، ما زلتُ لطيفاً، مثل والد العريس؛ يطعم الضيوف ويرحّب بالغرباء، ويحبّ الغناء، ويربت على كتف الطفل الذي كسر نافذة بيته، بحجرٍ لاهٍ.
***
ما زلت أقبع في بيت التراجيديا، والسّراج في رأسي.
أصرخ بأنّ الكارثة آتيةٌ لا محالة، لكنني بعيدٌ عنهم، ولا يطيب لهم، وهم يرقصون، أن أُنغّص عليهم هالات الكوميديا، فيغلقون دوني نوافذهم ويزجرونني.. وها أنذا في منفاي الجديد؛ أُنادي وأبكي..
وأبقى وحدي.
***
أنتَ مَنْ يحدّد ما ستحصل عليه من حظٍّ جيّدٍ أو سيّئ. وعليك أن تدفع الثمن إذا أردتَ أن تعيش بشروطك. وصِدْقك ليس تجمّلاً على العالَم، فهو الذي يجعل قلبك أكثر نوراً وأقلّ أعباءً. والتغيير الكبير لا يأتي في يومٍ واحد، حتى إن الغابة تحتاج إلى وقتٍ لتنمو.
ثمّ ماذا أيها الحكيم؟
.. أحتاجُ إلى العَبَث.
***
هذا الضياع مُرتبٌ كالدوران..
***
السقوط ليس كارثة! فلولا التفاحة لما عرفنا الجاذبية، ولولا الغيث لما ابتلّت شفاه الكوكب، ولولا تلك الليلة التي تلقّفتني فيها الذئبةُ، حين سقطتُّ مغشيّاً عليّ من فتنة العروس، لانهمر الماءُ في السفينة فأغرقها، لكنه طفح بالماء من تحتها.. فَرَاحت إلى مينائها بسلام.
***
نسيتُ المشهد؛
كيف تمدّد الياسمين المطمئنّ بانتظار أن يوزّع وهجَه الناعم في الظمأ المنفلت.
وكيف تسلخ جلدها، ويكون الجزّار هو الذبيحة الناضحة.. بجموحٍ ونسيان؟
ومتى أرعد البرق، واكتفت الموقدةُ بالنعاس؟
نسيتُ، وأذكر جيّداً أنني نسيت!
***
لم تصلني بطاقةُ الدعوة للمشاركة في حفل زفاف العِنّين! لأنه يريد مُهرّجين وبهلوانات.. يتقافزون، ويتغنّون بفحولته، ويدعون له بالخَلَف الصالح.. وهو يعلم جيداً أن ليلته المُقبلة صعبة.. ولن ينجو من الارتخاء المُحْرِج والبكاء العاجز.
***
أن تؤمن بشيءٍ ما.. أمر.
وأن تتحقّق من خلال هذا الشيء.. أمرٌ آخر.
ثمة مسافة؛ هي المفارقة أو الاغتراب.
***
صِيغ المُبالَغة تُعطي وزناً كبيراً للأكاذيب.. فأكثِروا من البساطة!
***
القضبان تعرفهم ألفاً ألفاً..
والظلام يخجل من فتيل الروح.
***
أكثر من تسعمئة مطبٍّ والأجنّةُ عُراة.. ورائحةُ الظهيرة قاسية.
وما زلنا على فوّهة الكراهية
العميقة
البعيدة
القديمة
الجديدة..
***
النخاسة والمحْظِيَّات والسّبائك وخدعة النبيذ والعصابة المتخفّية وطيْش الفَراش والعبث مع الطبيعة.. أسلاكٌ عارية، تُضيء يديك قبل أن تتركهما فَحْمَتَيْن.. هشّتين.
***
لا مكان لرقمٍ مشؤوم! ثمة تلميذٌ خائن، ونبيٌّ مخذول.
ولا وجود لطائرٍ تُنكره! هناك عينان واسعتان، وعميان لا يبصرون.
***
انظُروا!
مع كل هذا.. يدير لنا ظَهره.. وينام!
***