رام الله - معا- استكمالاً للمشاورات التي تنفّذها المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"، عقد الائتلاف الأهلي لقانون الأحوال الشخصية جلسة نقاش للتقرير المتخصص الذي أعدته "مفتاح" حول إجراءات وسياسات المحاكم الشرعية والكنسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأبرز تحديات النساء والفتيات للوصول للعدالة، ولا سيما في المواد المتعلقة بسن الزواج، والولاية، والطلاق، والحضانة، والأموال المشتركة.
وكشف التقريرمن خلال عرضه عن العديد من القضايا بخصوص منظومة الأحوال الشخصية، حيث تمثلت السياسة التشريعية لمنظومة الأحوال التشريعية بإبقاء التشريعات السائدة من الحقب السياسية السابقة كما هي دون المساس بها، وانعكست تلك التشريعات على واقع المرأة الفلسطينية، من حيث تعددية التشريعات النافذة التي أدت الى تجزئة "المرأة الفلسطينية “بناء على الديانة، والموقع الجغرافي، وبناء على الواقع السياسي، وأثر مضمون التشريعات والاحكام القانونية على الإجراءات المتبعة من قبل المحاكم الشرعية لتنفيذ احكام القانون، التي تؤثر في وصول النساء للعدالة. كما خلص التقرير الى عرض التوجهات والتجارب المحلية والعربية لتطوير منظومة قوانين الأحوال الشخصية.
ولفت التقرير إلى أن تطوير إجراءات التقاضي في المحاكم الشرعية، لا يمكن ان يتم بمعزل عن تطوير قوانين الأحوال الشخصية النافذة، حيث لا يمكن ان تخالف قوانين الإجراءات ومضمون التعليمات والقرارات الصادرة عن قاضي القضاة مضمون قوانين الأحوال الشخصية.
واقترح التقرير العديد من السياسات لتطوير منظومة الأحوال الشخصية، من أبرزها: تبني المشرّع سياسة تشريعية بخصوص آليات تغيير قوانين الأحوال الشخصية النافذة في الضفة الغربية وقطاع غزة، آخذا بالاعتبار مدينة القدس، وإجراء نقاش مجتمعي حول آليات قانون أحوال شخصية موحد قائم على مبادئ المساواة في الحقوق والواجبات والارتقاء بأوضاع الاسرة الفلسطينية، منسجماً في الوقت ذاته مع مضمون اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة،خاصة ما ورد في المادة رقم (16) منها. كما دعا التقرير إلى ضرورة القيام بتعديل قوانين إجراءات التقاضي أمام المحاكم الناظمة لشؤون الأسرة، بحيث تتضمن السياسات التالية:اتباع الإجراءات القانونية المعتمدة للاعتداد بالقوانين، ابتداءً من نشرها في الجريدة الرسمية، ونشر كافة التعديلات اللاحقة عليها. وتقنين الإجراءات المتبعة في القضاياالأسرية . ووجوب إنشاء دوائر للمحاكم الناظمة لقضايا الأسرة في كافة أنحاء الوطن، لتسهيل وصول الكافة اليها، وعدم تحميلهم أعباء الوصول الى العدالة، ومراعاة مبدأ الخصوصية في القضايا الأسرية كمبدأ عام خروجاً على مبدأ علانية المحاكمة، وذلك لطبيعة القضايا التي تنظر بها المحاكم الناظمة لشؤون الأسرة، وتسهيل الإجراءات القضائية في قضايا التفريق أو إنهاء العلاقة الزوجية، انسجاماً مع مبدأ حرية الطرفين في إبرام عقد الزواج وفي إنهائه، ووجوب ربط تقدير النفقة المستحقة لطالبها بناء على الحد الأدنى للأجور، وتسهيل إجراءات الحصول عليها، وتقصير أمد تلك الإجراءات. وتطوير مفهوم تسوية النزاعات الاسرية والوساطة داخل المحاكم الاسرية ومأسسته، وإنهاء ما يسمى بالمحكّمين وآليات عملهم. بالإضافة إلى إعادة النظر في قيمة الرسوم المالية على الدعاوى المتعلقة بالأسرة، وتبني نظام المساعدة القانونية للفئات المهمّشة، والعمل على رفع سن الزواج.
وأعقب عرض التقرير عدداً من المداخلات من قبل المشاركين في الجلسة تضمنت بعض توصياتهم، ومنها: المطالبة بقانون أحوال شخصية موحّد يحفظ للمرأة كرامتها ويعطيها حريتها، من خلال الذهاب إلى قانون مدني عصري، وأن تتوحد النساء الفلسطينيات على موقف مشترك فيما يتعلق بالقضايا المطروحة في قانون الأحوال الشخصية، ووجوب التفريق ما بين منظومة القوانين أو رزمة التشريعات ذات الصلة من جهة، والممارسات من خلال السياسات والإجراءات المتبعة في المحاكم الكنسية والشرعية من جهة أخرى، والتركيز على الفجوات التي تعاني منها النساء من خلال الممارسة العملية على أرض الواقع.
كما تضمنت التوصيات المطالبة بتعديل دستوري في القانون الأساسي إذا أريد التوجه إلى دولة مدنية، وتوحيد جميع القوانين في المحاكم الكنسية بين جميع الطوائف، وتوحيد القانون الشرعي بين الضفة الغربية وغزة، والعمل باتجاه قانون فلسطيني يستند إلى النهج الحقوقي النسوي، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية في كل شؤون الأسرة، وحاجة الائتلاف بجميع أعضائه ومؤسساته إلى المباشرة بوضع رؤيا باتجاه هذا المسار المتوازي مع إجراء إصلاحات بما يتعلق ببنود القوانين المعمول بها والنافذة. ودعوة الائتلاف للبدء بخطوات عملية باتجاه العمل على مسار ما تم التوافق عليه باتجاه قانون فلسطيني، وترتيب لقاء يتم من خلاله إعادة النقاش ووضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بنقاط التوافق ونقاط الاختلاف والسيناريوهات المقترحة، والتعلم من تجارب الدول المحيطة.
بدورها، أكدت السيدة هيثم عرار منسقة الائتلاف الأهلي لقانون الأحوال الشخصية ، على وجوب إعادة الحديث والنقاش في بعض القضايا الأٍساسية التي تم طرحها خلال الجلسة، حيث سيتبع التقرير نقاش لأوراق سياسات عامة انبثقت عن الدراسة، والبحث في قانون أحوال شخصية في فلسطين قائم على النهج الحقوقي ، وعلى مبادئ المواطنة، والمساواة، وعدم التمييز ضد النساء، بالإضافة إلى توسيع المشاركة في الائتلاف الأهلي ليشمل فئات وشرائح مجتمعية أخرى، إغناء لرؤية الائتلاف التي يطرحها حول قانون الأحوال الشخصية.
وأفادت السيدة نجوى صندوقة ياغي مديرة المشروع بأن هذه الجلسة تأتي ضمن تدخلات مشروع "تعزيز مشاركة النساء في بناء السلم والأمن" بدعم من مؤسسة أوكسفام، واستكمالاً أيضاً لجهود "مفتاح" بالتنسيق معالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي يترأس الائتلاف الأهلي لقانون الأحوال الشخصية لإجراء الإصلاحات والتعديلات على قوانين الأحوال الشخصية النافذة والسياسات والإجراءات بشكل متوازٍ مع الجهود الوطنية المبذولة في بلورة قانون فلسطيني يستند إلى النهج الحقوقي النسوي في تناول الأحوال الشخصية وشؤون الأسرة.