الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الدم يتكلم بعد عشرٍ

نشر بتاريخ: 26/08/2020 ( آخر تحديث: 26/08/2020 الساعة: 13:18 )
الدم يتكلم بعد عشرٍ

الكاتب: محمد مهدي الجواهري

قبل أن تبكيَ النُّبوغَ المُضاعا … سُبَّ من جرَّ هذه الأوضاعا

سبّ من شاء أن تموت وأمثالُك … همّاً وأن تروحوا ضَياعا

سبَّ من شاء أن تعيشَ فلولٌ … حيث أهلُ البلاد تقضي جياعا

داوِني إنَّ بين جنبيَّ قلباً … يشتكي طولَ دهره أوجاعا

ليت أني مع السوائم في الأرض … شرودٌ يرعى القَتاد انتجاعا

لا ترى عينيَ الديارَ ولا تسمعُ … أذني ما لا تُّطيق استماعا

جُلْ معي جولةً تُريك احتقار … الشعب والجهلَ والشقاءَ جِماعا

تجدِ الكوخَ خالياً من حُطام … الدهر والبيتَ خاوياً يتداعى

واستمع لا تجدْ سوى نَبضاتِ القلب … دقَّت خزفَ الحساب ارتياعا

فلقد أقبلت جُباةٌ تسومُ الحيَّ … عنفاً ومهنةً واتضاعا

إنَ هذا الفلاّحَ لم يبقَ إلا َّ … العِرضُ منه ، يُجِلّه أن يباعا

بعد عشر مشت بِطاءً ثقالا … مثلَّما عاكست رياحٌ شِراعا

عرّفَتْنا الآلامَ لوناً فلونا … وأرتنا المماتَ ساعاً فساعا

اختبرنا ، إنَّا أسأنا اختباراً … واقتنعنا ، إنا أسأنا اقتناعا

وندِمنا فهل نكفّر عمَّا … قد جنينا اجتراحهً وابتداعا

لو سالنا تلك الدماءَ لقالتْ … وهي تَغلي حماسةً واندفاعا

ملأ الله دُورَكمْ من خيالي … شبحاً مرعباً يَهُزّ النخاعا

وغدوتمْ لهول ما يعتريكمْ … تُنكرون الأبصار والأسماعا

تحسبون الورى عقاربَ خضراً … وتَرَوْن الدُّروب ملأى ضِباعا

والليال كلحاءَ لا نجمَ فيها … وتمرّ الأيام سوداً سِراعا

ليتكمْ طِرتُمُ شَعاعاً جزاءً … عن نُفوس أطرتموها شَعاعا

بالأماني جذّابةً قُدتُموها … للمنّيات فانجذبنَ انصياعا

وادعيتم مستقبلاً لو رأته … هكذا لم تضع عليه صُواعاً

ألهذا هَرقْتُموني وأضحى … ألفُ عرض وألف مُلكُ مُشاعا

أفوحدي كنتُ الشَّجاعةَ فيكمْ … أولا تملكون بعدُ شُجاعا

كلُّ هذا ولم تصونوا رُبوعاً … سِلتُ فيها ولم تُجيدوا الدفاعا

إنّ هذا المتاعَ بخساً ليأبى الله … أن تفصِدوا عليه ذراعا

قلْ لمن سِلتُ قانياً تحت … رجليهِ وأقطعته القُرى والضيِّاعا

خَبَّروني بأن عيشة قومي … لا تساوي حذاءك اللماعا

مشت الناس للأمام ارتكاضاً … ومشَيْنا إلى الوراء ارتجاعا

في سبيل الأفراد هُوجاً رِكاكاً … ذهب الشعب كلُّه إقطاعا

طعنوا في الصميم من يركُن … الشعبُ إليه ونصبَّوا القُطَّاعا

شحنوهم من خائنِ وبذئٍ … ومُريبٍ شحنَ القِطارِ المتاعا

ثمّ صبوهمُ على الوطن المنكوب … سوطاً يلتاع منه التياعا

خمَدت عبقريةٌ طالما احتيجتْ … لتُلقي على الخطوب شُعاعا

وانزوت في بُيوتها أدباءٌ … حَطَمت خِيفةَ الهوان اليراعا

ملءُ دور العراق أفئدةٌ … حَرَّى تَشكِّى من الأذى أنواعا

وجهودٌ سُحِقن في حينَ … ترجِّتْ منها البلاد انتفاعا

فكأنَّ الاحرار طرّا على هذي … النكايات أجمعوا إجماعا

اثأري أنفساً حُبسن على الضيم … وكيلي للشرّ بالصاع صاعا

واستعيني بشاعر وأديب … وأزيحي عمَّا تَرينَ القِناعا

لا يُراد الشعورُُ والقلمُ الحرّ … إذا كان خائفاً مُرتاعا

هيَّجوا النار انها أهونُ الشرّينِ … وقعاً ولا تَهيجوا الطباعا

إنَّ هذي القوى لهُنَّ اجتماعٌ … عن قريب يهدّد الاجتماعا

عصفت قوَّةُ الشعوب بأرسى … أمم الأرض فاقتُلِعن اقتلاعا

أنهِ هذا الصراع يا دمُ بين الشعب … والظلم قد أطلت الصراعا