الأحد: 17/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

شرائح إلكترونية في أدمغتنا قريباً؟

نشر بتاريخ: 26/08/2020 ( آخر تحديث: 26/08/2020 الساعة: 17:05 )
شرائح إلكترونية في أدمغتنا قريباً؟


بقلم: د. صبري صيدم

ما أن أعلن العالم رسمياً، وعبر منظمة الصحة العالمية عن اعتبار كورونا وباءً عالمياً، بدأت التكهنات والتوقعات، والمقالات والدراسات، والأفلام والافتتاحيات، تناول الموضوع وفق زوايا عدة، كانت وما زالت المؤامرة إحدى أركان ذلك النقاش.

وتشتمل عناصر المؤامرة المزعومة على نظريات عدة منها، تقاسم موارد العالم بين مراكز القوى، والسعي لتقليص عدد سكان المعمورة، أو الاستعداد لحرب جرثومية بين الصين وأمريكا، أو الهيمنة على اقتصاد العالم بإرادة ماسونية، أو تصنيع علاجٍ يدر مالاً طائلاً على دولٍ بعينها، أو تركيع الاقتصاد العالمي باستفادة أمراء الحرب، مقابل انهيار صناعات واقتصادات منافسة لهم، أو التأثير في أسعار النفط الخام والذهب والسياحة، أو الدفع باتجاه تقسيم الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها الكثير من صنوف التآمر والتدمير المزعومين وصولاً إلى الحديث عن عودة المسيح المنتظر.

ومع تصاعد وتيرة الطرح المرتبط بالمؤامرة، تعزز الحديث أيضاً عن إحكام الرقابة المطلقة والسيطرة الحثيثة على بني البشر، حتى تداول الناشطون أفلاماً قصيرة ركزت على دور التكنولوجيا في مراقبة المجتمعات، والتحكم بحياتها وإحكام الرقابة عليها، في ربط واضح بين التكنولوجيا الجرثومية ودور التقانة في السيطرة على الناس، وأنماط حياتها وطبائعها وإدارة شؤونها، حتى قامت إحدى المحطات التلفزيونية بإعداد تقرير مصور عن شركة سويدية، تعتزم تصنيع شرائح إلكترونية تزرع خلف الكف وتساهم في تعريف الآلات المختلفة على الإنسان، بما فيها تحديد موقعه وهويته وملفه الصحي والتعليمي والعدلي والاقتصادي والأمني، دونما الحاجة إلى بطاقات ووثائق وسفر وجهد.

وفيما بدا أنه أشبه بضرب من ضروب الخيال، فقد اقترحت الشركة تجربته على عينة متطوعة من البشر للتعريف «بفائدة الشرائح» حسب الشركة.

وفي تطور لافت في هذا الاتجاه، أشارت إحدى الصحف البريطانية في السابع عشر من الشهر الحالي إلى ولادة مادة عضوية تفاعلية، تحقق الترابط المطلوب بين الذكاء الاصطناعي والعقل البشري، وفق عرض شيق قدمته الجمعية الأمريكية للكيمياء، أمام المعرض الافتراضي العلمي 2020، وصولاً إلى تحقيق المواءمة الإلكترونية المطلوبة بين تقنيات الرجل الآلي والإنسان.

وقد شكل التعامل الآدمي مع الإلكترونيات المصنعة، تحدياً كبيراً للعلماء، بسبب التفاعل الفيزيائي السلبي مع الأنسجة الآدمية، وهو ما يتسبب بتشويش ملحوظ للشارات الكهربائية المتدفقة من الحواسيب إلى العقل البشري وبالعكس، وهو ما استطاع باحثو جامعة ديلوير تجاوزه عبر تجربة مركبات بلاستيكية متنوعة، تحقق توافقاً بين معدات إلكترونية دقيقة وصلبة مع الدماغ المكون من أنسجة عضوية وأملاح وعناصر حية، حيث عثر العلماء على ضالتهم، وهي مادة تعرف بالبيدوت، التي كانت تستخدم في عزل بعض القطع الإلكترونية ومنع تأثرها بالشحنات قاطبة، سالبة كانت أم موجبة.

وقد حقق هذا الاكتشاف وفق فريق البحث نجاعة التواصل بين المعدات التقنية المختلفة والعقل البشري، مع العلم أن المادة المكتشفة تمتلك خصائص وميزات أخرى، إذ تمكن أيضاً من تحويل طوب المنازل إلى مخازن للطاقة لقدرتها الفائقة على إغلاق الثقوب بإحكام ونقلها للكهرباء.

وقد استخدمت المادة المبتكرة مع مجموعة من الخلايا الجذعية لتحفيز نمو الشرايين مع إمكانية اكتشافها للمراحل المبكرة من الأورام على اختلافها، إضافة إلى تحديد المشاكل الدماغية ونقل العلاج اللازم لمواقع الخلل داخل الدماغ. ومع تحقيق هذا التكامل بين الآلة والإنسان داخل أعضاء الجسم البشري، فإن الآفاق العلاجية والرقابية والتحكمية، لن تعرف الحدود وصولاً إلى قدرتك على تحميل محتويات الكتب والموسيقى والأفلام والأدوية والعلاجات إلى الدماغ مباشرة، إضافة إلى مقاومة الأمراض المزمنة والتشوهات الوراثية، وربما الوصول إلى ولادة ما يعرف بالعقل الخارق والإنسان المعجزة وغيرها، مما كان خيالاً وحلماً ذات يوم.

فهل نقول شكراً للتكنولوجيا ذات يوم أم نلعن تطورها؟ وهل نحضّر عقولنا للشرائح الذكية؟ أم نبقي على حالنا كما عرف البشر أجسامهم؟ الأيام القليلة المقبلة ستشهد الإعلان رسمياً عن ولادة الشريحة الآدمية، وعندها سيبدأ نقاش آدمي جديد قد لا ينتهي.

[email protected]