رام الله- معا- اطلقت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، حملة "صدى" لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، لينتشر ويرتد الصوت مدوياً في فضاء الوطن وفي كافة المنازل والمؤسسات وفي الشوارع والأزقة.
وشملت الحملة أنشطة وفعاليات ضغط ومناصرة متنوعة، وتستهدف الكل الفلسطيني وتجمع النشطاء المؤثرين/آت من هيئات ومؤسسات وأفرادا نساء ورجالا وأطفالا وشبابا.
وركزت الحملة على انشطة إعلاميّة لرفع الوعي المجتمعي والمسؤولية المجتمعية لإدانة الجناة ووقف ممارسات العنف ضد النّساء والفتيات الفلسطينيّات في الريف والمدن والمخيمات وأينما تواجدن سواء داخل الأسرة كفضاء خاص، او في المجتمع كفضاء عام.
وطالبت جمعيّة المرأة العاملة الفلسطينية للتنميّة الكل الفلسطيني بالتّكاتف وتعبئة الجهود لتحقيق مطلب الحركة النسوية الحقوقية والمتمثل باقرار مسودة قانون حماية الأسرة من العنف وبشكل فوري ووفق رؤية مؤسسات المجتمع المدني القائمة على المساواة والعدالة.
وقالت الجمعية في بيان لها، اليوم الاربعاء، "لا تزال النساء والفتيات الفلسطينيات يواجهن التمييز والقتل وسوء المعاملة والاستغلال، وخاصة في ظل استمرار غياب الحماية القانونية؛ الأمر الذي يعكس عدم توفر الإرادة السّياسية لدى السّلطة الفلسطينية لإنفاذ التزاماتها وفق القانون الأساسي، والمعاهدات الدّولية التي تُعنى بالمساواة بين الجنسين، وتحّتم عليها مناهضة كافة أشكال العنف من خلال ضمان بيئة قانونية ومجتمعية توفر الأمان والأمن الانساني للنساء والفتيات. يأتي ذلك في ظل سياق احتلالي يُصَعد من قمعه وانتهاكِه لحق الشعب الفلسطيني متعمدا تصفية حقوقه الوطنية في تقرير المصير والحرية والعيش بكرامة، عبر إستمراره بتمرير "صفقة القرن"، وما يرتبط بها من سياسات ضم للقدس، وعبر محاولاته الحثيثة لضم 30% من أراضي الضفة الغربية الى الكيان الصهيوني؛ يترك هذا الواقع آثارا مدمرة مضاعفة على حياتنا كنساء وفتيات، كوننا نواجه تمييزا وعنفا مبنيا على النوع الاجتماعي في ظل موازين علاقات القوة غير المتساوية ووفق الهندسة الاجتماعية الأبويّة في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة".
واشارت الى ان هذا العنف المركب المتعدد المستويات والأشكال، ياتي مع استمرار تفشي جائحة كورونا وكنتيجة لحالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة الفلسطينيّة بتاريخ 5 آذار، وفرض حالة الحجر البيتي ومنع التّنقل بين المحافظات ووجود الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتعليق العمل في المحاكم، وتعميق التنمر والتنميط في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل اقصاء النساء من عضوية لجان الطوارئ المركزية والمحلية، ومن المشاركة في الاعلام الرسمي وغير الرسمي، إضافة الى تواجد العائلات في مساحة جغرافّية ضيقة ومحددة في ظل انعكاسات الجائحة على الحياة الاقتصادية التي اتسمت بالهشاشة وبإدخال قطاعات واسعة لا سيما النساء الى دوائر الفقر، وتحت وطأة الاعمال المنزلية التي تقوم بها النساء. كافة هذه العوامل تتفاعل معا مرسخة منظومة العنف ضد المراة.
واشارت تقارير المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية الى زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي وازدياد محاولات الانتحار في المجتمع الفلسطيني. فقد أظهر تقرير خاص أصدرته وزارة التنمية الاجتماعية نهاية شهر نيسان ارتفاعا ملحوظا لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وخاصة في شهر آذار حيث بلغ عدد الحالات التي تم توثيقها رسميا خلال هذا الشهر نحو 37.5% مقارنة بنحو 16.6% من إجمالي الحالات. كما أشارات التّجربة اليومية والممارسات التمييزية التي تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في مرحلة الطوارئ، إلى ازدياد حالات العنف والتّمييز الاجتماعي وفق المعطيات الكمية للحالات التي تواصلت أو تم الاتصال بها من قبل جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، ومركز الإرشاد القانوني والاجتماعي ومؤسسة سوا ومركز الارشاد في بيت لحم. حيث قدم التقرير التّحليلي لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية بعنوان" العنف ضد النساء في الأراضي الفلسطينية في ظل جائحة كوفيد-19" للفترة الواقعة من 22 آذار -21 آيّار 2020” تحليلا شاملا لنتائج عمل الاخصائيات في الجمعية خلال هذه الفترة، حيث عملت من خلالها على تقديم 1983 استشارة، استفاد منها 1834 شخص ( 1743 اناث و 91 ذكور)، بالإضافة إلى تقديم 1322 جلسة إرشاد هاتفية ل 924 شخص (719 اناث و23 ذكور). لقد تبين من خلال الاتصالات الهاتفية أن أكثر من 70% من النساء اللواتي تم تقديم الاستشارات الفردية لهن قد تعرضن للعنف من الأزواج سواء كان العنف نفسيا بنسبة 27% أو لفظيا بنسبة 32% أو جسديا بنسبة 26% أو اقتصاديا بما يقارب 9% أو اجتماعيا بنسبة 4%. كما كشف العمل الميداني أن 30% من النّساء المعنفات قد تعرضن للعنف من قبل أفرد العائلة الآخرين ومنهم الأب والأخوة وعائلة الزوج.
واضافت "أما في الفترة الواقعة من 27 ايار وحتى 5 اب 2020، فقد عملت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية على تقديم 901 استشارة، استفاد منها 871 شخص (845 اناث، 26 ذكور)، بالإضافة الى تقديم 733 جلسة ارشاد هاتفية ل 342 شخص (336 إناث، 6 ذكور) ، حيث تبين من خلال الاتصالات الهاتفية ان اكثر من 63% من النساء اللواتي تم تقديم الارشاد الهاتفي الفردي لهن قد تعرضن للعنف من الأزواج سواء كان العنف نفسيا بنسبة 28% أو لفظيا بنسبة 23% او جسديا بنسبة 39% او اقتصاديا بما يقارب 2% او اجتماعي بنسبة 3% او الكتروني بنسبة 3% او جنسيا بنسبة 2%. هذا بالاضافة الى ما نسبته 48% من النساء اللواتي تم تقديم الاستشارات لهن عبر الخطوط المساندة قد تعرضن للعنف من الازواج سواء كان العنف نفسيا بنسبة 31%، او لفظيا بنسبة 29%، او جسديا بنسبة 30%، او اقتصاديا بما يقارب 5%، او الكترونيا بنسبة 3%، او جنسيا بنسبة 1%، او اجتماعيا، بنسبة 1%".واشارت نتائج المسح الأولي للعنف ضد النساء الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تشرين الثاني لعام 2019 إلى انتشار وحدة تأثير العنف القائم على النوع الاجتماعي. حيث تعرضت 60٪ من النساء سواء للعنف على أيدي أفراد جيش الاحتلال العسكري أو المستوطنين، كما أن نسبة النساء اللواتي تعرضن لأحد أشكال العنف (جسدي، نفسي اقتصادي ..) من قبل أزواجهن لمرة واحدة على الأقل 29%، كان أعلاها العنف النفسي الذي طال 57% من النساء، والعنف الاقتصادي 36.2% والعنف الاجتماعي 27.6%، يليه الجسدي 18% ثم الجنسي 9%. ووفقا لذات التقرير، تشير النتائج أيضا إلى انخفاض في نسبة النساء المتزوجات أو من سبق لهن الزواج اللواتي تعرضن لشكل من أشكال العنف (27% في عام 2019) مقارنة بحوالي ( 37% في عام 2011). حيث لم يكن هذا التغيير الإيجابي المحدود ممكنًا لولا الجهود المتراكمة للحركة النسوية وللمؤسسات الملتزمة بالقضاء على العنف ضد المرأة. في حين أن الانخفاض في الأرقام يشير إلى حدوث تغيير إيجابي طفيف بالنسبة للنساء والفتيات في فلسطين.
وقالت "وعليه، فإن عدم توافر السبل المتاحة للنساء للوصول للعدالة ولحلول تسهم في القضاء على العنف وإيجاد سبل وخيارات آمنة لهن مدعومة بالحماية القانونية يمثل أحد العوامل التي تساهم في إعادة إنتاج العنف المبني على النوع الاجتماعي ليرسم وعيا مشوها لا يحترم معايير منظومة حقوق الإنسان وتحديدا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان-فيينا 1993 والذي يعتبر حقوق المرأة حقوق إنسان غير قابلة للتأويل ولا التجزئة، واتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة، وخطة منهاج العمل لمؤتمر بيجين 1995".
وتابعت "استنادا الى أهمية التراكم النضالي لمواجهة التمييز ضد المرأة الفلسطينية والذي تقوم به الجمعية منذ بدايات التسعينات من القرن الماضي ولا تزال، سواء عبر برامجها التوعوية والتعبوية أو عبر جهودها التنظيمية للعديد من حملات المناصرة والضغط، وعبر التحرك التشبيكي والتنسيقي مع المجتمع المدني وتحديدا مع "منتدى المؤسسات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة"، تم طرح قضية العنف على طاولة الحوار المجتمعي مما ساهم في بلورة سياسات واستراتيجيات للحكومات الفلسطينية المتعاقبة لمعالجة جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي، إلا أنه لم يتم انفاذ الغالبية العظمى من بنودها نتيجة غياب حاضنة قانونية تحمي النساء والفتيات من العنف. إن استمرار جرائم القتل والتحرش الجنسي والعنف بكافة اشكاله تؤكد على أن نهج الإصلاح الجزئي والتجميلي لنص هنا او هناك في منظومة القوانين البالية التي يزيد عمرها عن ثمانية عقود، لن يجلب الحق في حياة آمنة للنساء والفتيات، ويكشف جريمة الاستمرار في تعذيبهن من قبل النظام السياسي الذي ينتهك العقد الاجتماعي ويوسع تحالفاته مع البنى الذكورية العشائرية على حساب سيادة القانون".