بيت لحم- معا- أثارت العودة التدريجية لطلبة المدارس في فلسطين، شكوك ومخاوف حول إمكانية سير العملية التعليمية بشكل سلس ودون تعثر بسبب تفشي وباء كورونا، وإلى جانب ما بدَر من مخاوف وقلق لدى الأهالي والهيئات التدريسية وصانعي القرار على حد سواء، تساءلت معا حول الأثر النفسي لانقطاع الطلبة عن مدارسهم، ومدى قدرتهم على التأقلم مع الواقع الجديد الذي يدمج بين مفهومي التعليم الوجاهي والتعليم عن بعد؟
يقول مسؤول اللجنة المهنية في نقابة الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في بيت لحم، أ. عايد حوشية، إن الطلاب سيعانون خلال الأيام الاولى من الدوام المدرسي حالة من الاكتئاب، وكأن الطالب ذاهب الى عالم جديد مختلف، فهو سينفصل عن الروتين الحياتي اليومي الذي تأقلم معه خلال فترة الحجر المنزلي.
وأضاف، لـ معا، أن الطلبة سيواجهون صعوبة بالتأقلم مع الدوام المدرسي وصعوبات بالتعلم ونسيان المعلومات التي درسوها في السنوات السابقة، مما سيشكل صعوبة ببناء معلومات جديدة وسيشكل تحد جديد للمعلمين للتنسيق ما بين اعادة زرع المعلومات القديمة وبنائها وتطويرها من خلال ربطها بالمعارف والمعلومات الجديدة.
ونوّه حوشية، الى انه في ظل استمرار انتشار وباء كورونا فإن الطالب سيتوقع بشكل دائم تعطيل الدوام، وعودته الى المنزل ويعزز ذلك ظهور إصابات بالمرض في مدرسته مما سيساهم بتشتيت الطالب ويفقده الاهتمام والتركيز بالمعلومات التي سيتلقاها.
وقال حوشية: إننا سنلاحظ ازدياد القلق بين الطلاب جراء خوفهم من الإصابة بفيروس كورونا أو نقل العدوى لزملائهم في حال اصابتهم، مما سيؤدي الى تدني الصحة النفسية للطالب والتي تعد أهم جوانب التنمية الاجتماعية والمعرفية وجزءا أساسيا من صحتهم العامة، ولها علاقة تفاعلية مع الصحة البدنية.
وأشار هنا، إلى القلق الذي سيساور الاهل من اصابة ابنهم بالفايروس عبر تعرضه للعدوى من زملائه أو المعلمين، أو تعرض الطفل الى التنمر من قبل زملائه في حال اصابته بالمرض.
تحول الدراسة من وجاهية الى الكترونية:
بعد تضرر الجانب الاكاديمي بسبب الجائحة، بحثت بعض الدول عن وسائل تساعد على التكيّف مع الواقع الجديد، وتفادي ضياع العالم الدراسي، فأطلقت فلسطين مبادرات عدة للتعلم عن بعد، ويبدو أن الحاجة إليه تزداد، في ظل التزام الناس بيوتهم للوقاية من الوباء العالمي الجديد.
وفي هذا الشأن يقول مسؤول اللجنة المهنية في نقابة الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في بيت لحم: إن هناك صعوبة بالإبقاء على حماس المشاركة وتركيز الطلبة ولا سيما طلبة المرحلة الثانوية، فالطالب لا يذهب إلى المدرسة لتعلّم الرياضيات والعلوم وحسب، ولكنه يذهب ليقيم علاقات اجتماعية ويطورها ويتعامل مع أقرانه، ويطور من مهاراته الاجتماعية، ولذا من الضروري الحفاظ على التواصل مع المدرسة بأي وسيلة لازمة.
وفي نظرة مستقبلية لما قد يسببه الانقطاع عن الدراسة بسبب كورونا، توقع حوشية أن هذا الانقطاع سيؤثر ذلك على سوق المهارات المكتسبة للطالب، فسوف يكون لذلك اثر على الصعيد الاجتماعي وعلى المهارات (التركيز/ الانتباه) مما سينعكس على الاداء بشكل سلبي خاصة عند خوضه في سوق العمل، مما يرفع نسبة الأخطاء التطبيقية.
وشدد حوشية على دور أولياء الأمور وخاصة الوالدين والأسرة، داعيا إلى "توجيه قدر كبير من العون الذي تقدمه وزارات التعليم عبر وسائط الإعلام الجماهيري، إلى الأهل أيضاً، فينبغي الاستفادة من الرسائل الموجهة عبر الإذاعة والتلفزيون والرسائل النصية القصيرة، في تزويدهم بالنصائح والمشورة التي تعينهم على تقديم دعم أفضل لأبنائهم".